فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3069.65
إعلانات


طوفان الأقصى.. نصرٌ من الله وفتحٌ قريب

طوفان الأقصى.. نصرٌ من الله وفتحٌ قريب

د. محمد بن قاسم ناصر بوحجام

2023/10/15

اجتياز الخطوط الدّفاعيّة الإسرائيلية، إنزال من السّماء، تقدم برّا، تقدّم بحرا، إحاطة الصّهاينة من كلّ الجهات المحصّنة وغير المحصّنة..إفشال مفعول القبّة الحديديّة، هجوم على قواعد عسكريّة، قتل جنود وأسر آخرين، إشعال نيران في مواقع مختلفة.. هذه حصيلة أعمال تمّت في ظرف زمنيّ قصير في محيط يُوصَف بأنّه منطقة محرّمة عَصِيّة على المقاومة الفلسطينيّة.. إنّه طوفان الأقصى تحرّك فحرّك العالم كلّه معه..
هذه الأعمال أحدثت إرباكًا في السّكان، وزرعت خوفًا وهلعًا فيهم، وأوجدت اضطرابات في المستوطنات، وأدّت إلى اجتياح الفضاءات الآمنة المحصّنة، وقادت إلى الاستيلاء على الأسلحة. نتج عن كلّ ذلك فرار أعداد هائلة من المعتدين على أراضي الفلسطينيين التي تحوّلت إلى بقع استيطانية مغتصبة. كما سبّبت هذه الأفعال الجريئة جمودًا في التّحرّكات، وتعطيلَ الحياة العامّة في محيطات الصّهاينة..
ما هذا الطّوفان يا كتائب عزّ الدّين القسّام الذّراع العسكري لحركة حماس؟ ما هذه الشّجاعة المفرطة، التي قد تعود عليكم بما لا طاقة لكم به، ولا حول لكم لصدّه وردّه يا أعضاء حركة الجهاد الإسلامي؟
من أنتم يا رجال المقاومة حتى تُرعبوا الصّهاينة وتزعجوهم في صباح باكر، في يوم عيدهم وعطلتهم، وهم نيام مطمئنّون على سلامتهم، مرتاحون آمنون في سربهم الذي أخذوه بقوّة القانون؟ من أنتم يا رجال الزّحف الطّوفاني حتّى تكتسحوا مناطق المستوطنين وهم يتباهون باستيلائهم على أراضٍ لا يتمكّن أحدٌ من أن يُخرجهم منها؟ من أين لكم قوّة الهجوم المباغت المفاجئ حتّى تغزوا الإسرائيليين من دون سابق إنذار، وأنتم لا تملكون ما عندهم من عدّة وعتاد، وأنصار ومناصرين لهم في كلّ ما يقومون به من غير حساب؟ من أين لكم أن تغامروا بحياتكم والصّهاينة ضمنوا التّعاون معهم في مخطّطاتهم من المطبّعين والمنبطحين والخونة والمتخاذلين، الذين يقدّمون لهم قيمة إضافيّة في التّنكيل بكم، وتصفيّة قضيّتكم وإرسالها إلى زاوية الإهمال ثمّ النّسيان ثمّ القضاء عليها ودفنها نهائيّا؟ ومن أيّ عالم جئتم حتّى تنقضّوا على فرائسكم في كلّ مكان وتقضّوا مضاجع الآمنين على راحتهم في مساكنهم؟ من أنتم حتّى تتجرّؤوا على شعب الله المختار؟ لماذا لم تحترموا مشاعر هؤلاء الذين يفتخرون بقوّة القبّة الحديديّة التي لا تُقهر ولا تُكسر ولا تَخسر معركتها مع كلّ مهاجم ومقاوم ومُداهِم؟
يا رجال القوّة الضّاربة.. لقد وصلتم حدّا كبيرا في قتل الصّهاينة تجاوز الألف ومئتي قتيل. أليس فيكم رجلٌ رشيد وضمير رحيم على هؤلاء الذين مسّهم منكم ضرٌّ كبير فيدعو إلى كفّ الأذى عن هؤلاء المساكين؟

لابدّ للقهر أن ينتهي، لابدّ للطّغيان أن ينجلي، لابدّ للقبّة الحديديّة أن تنكسر، لابدّ للمدّعي امتلاك القوّة الزائفة أن ينقهر، ويظهر على حقيقته.. وقد انكشفت قوّةُ الصّهاينة الهشّة في وقائع كثيرة أمام المقاومة الفلسيطينيّة، ومنها موقعة طوفان الأقصى الجارف.. لقد نقلت وسائل الإعلام العالميّة المنصفة والمجحفة، الصّديقة والعدوّة.. ما فعله رجال المقاومة البواسل في شرذمة الصّهاينة الأراذل، المتهالكين أمام ضرباتهم؛ قتلا وأسرا وهجوما وإذلالا للقوّة الضّاربة المزعومة للعدوّ الجبان.

أسئلة كثيرة تعرض في الميدان.. حيّرت المفكّرين والمخطّطين لقهركم والقضاء عليكم، وأربكت المتغطرسين والمستبدّين والمتطاولين على إرادة الشّعوب الحرّة الثّابتة في مضمار استرجاع حقوقها المسلوبة، ونسوا أنّهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وغفلوا عن حقيقة أنّ مدمن القرع لابدّ أن يلج إلى المحال الذي يريد الوصول إليه، وغاب عنهم قول أمير الشّعراء أحمد شوقي:
وللحرية الحمراء بابٌ بكلّ يدٍ مدرّجة يُدق
ألم يفقهوا أنّ أولئك الأشاوس رجال حقوق أخذت منهم بالقوّة، وسُلبِت بالقهر، صمدوا في الميدان، وثبتوا في المقاومة، وتمسّكوا بحقّهم.. فكانوا دائم الانتفاضة والثّورة ليسترجعوا ما اغتُصب منهم. كما غاب عن هؤلاء الأنذال الغاصبين أنّ إرادة الشّعوب الحرّة من إرادة الله، يمدّها بالقوّة بعد الإيمان بنصرِهِ مَنْ ينصره، ويتمسّك بحبله المتين، إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم، ولينصرنّ الله من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز. ومن هذا المعنى قول أبي القاسم الشّابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة* فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بدّ للّيل أن ينجلي* ولا بدّ للقيد أن ينكسر
لابدّ للقهر أن ينتهي، لابدّ للطّغيان أن ينجلي، لابدّ للقبّة الحديديّة أن تنكسر، لابدّ للمدّعي امتلاك القوّة الزائفة أن ينقهر، ويظهر على حقيقته.. وقد انكشفت قوّةُ الصّهاينة الهشّة في وقائع كثيرة أمام المقاومة الفلسيطينيّة، ومنها موقعة طوفان الأقصى الجارف.. لقد نقلت وسائل الإعلام العالميّة المنصفة والمجحفة، الصّديقة والعدوّة.. ما فعله رجال المقاومة البواسل في شرذمة الصّهاينة الأراذل، المتهالكين أمام ضرباتهم؛ قتلا وأسرا وهجوما وإذلالا للقوّة الضّاربة المزعومة للعدوّ الجبان.
لقد تمّ أسر جنود الاحتلال في الشّوارع وإنزالهم قسرا من مدرّعاتهم العسكريّة، فكبّلوا واقتيدوا إلى قطاع غزّة والعالم من شرقه إلى غربه يتابع المشاهد العجيبة، ويتأمّل في المناظر الغريبة.
من هذه الشّهادات ومن هذه المشاهد مشهد سحب المقاومين جنديّا من داخل دبّابة، تجمهر حوله النّاس لمشاهدة الواقعة.. قال أحد الحاضرين: إنّ الشّباب أخرجوا جنديّا من الدّبابة، وهو على قيد الحياة. ثمّ تعالت أصوات عالية مبشّرة: إنّه يتمّ الآن تجريف الحدود. ووصف آخر المنظر المفرح المبهج قائلا: فقد اعتلى مقاومٌ جرّافة ومزّق السّياج الإسرائيلي الذي كان يحصّن بلدات غلاف غزّة، وعندها لعلع الرّصاص احتفاء باللحظة المبهجة، واندفع النّاس وراء الحدود لتتعالى الصّيحات حمدا وتسبحا وتكبيرا.
هذا المنظر البطولي يذكّرني بقول شاعر الثّورة الجزائريّة مفدي زكريّاء في قصيدة عصماء، نظمها في عام الانتصارات التي حصلت سنة 1957م في الثّورة الجزائريّة المظفّرة، وعدّت هذه الانتصارات نصرا من الله وفتحًا قريبا للانعتاق من الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي حصل سنة 1962م. مطلع القصيدة:
نطق الرصاص فما يباح كلام* وجرى القصاص فما يتاح ملام
وقضى الزمانُ فلا مردّ لحكمه* وجرى القضاءُ وتمّت الأحكامُ
وسعت فرنسا للقيامة وانطوى* يومُ النشور وجفّت الأقلامُ
(اللّهب المقدّس،ص: 44. عنوان القصيدة: وتعطّلت لغة الكلام، تعدّ 78 بيتا، نظمها الشّاعر احتجاجا وتنديدًا بخذلان منظّمة الأمم المتّحدة القضيّةَ الجزائريّة).
التّاريخ يعيد نفسه، والمقاومة تتشابه، والظّروف تتماثل، وعنوانَا الحدثين يحملان مؤشّرًا واحدًا هو: نصرٌ من الله وفتحٌ قريب.. فكما كانت سنة 1957 بداية البشارات لتحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، كذلك –إن شاء الله– يكون طوفان الأقصى بداية فتح قريب لتحرير الأقصى والقدس وكلّ فلسطين من الاحتلال الصّهيوني. وكذلك يكون فتحا قريبا لتَحَرُّرِ المطبّعين من قيودهم التي تغلّهم عن نصرة القضيّة الفلسطينيّة، والتّحرّر من الخذلان والخيانة والتّقاعس… سيكون -إن شاء الله- طوفان الأقصى فتحا قريبا كصلح الحديبيّة الممهِّد لفتح مكّة. اللهم آمين يا ربّ الفتح المبين والنّصر المكين.
طوفان الأقصى وما حدث فيه يذكّرنا بحرب أكتوبر، الذي تحرّر فيه العرب –ولو مؤقّتا– من عقدة التّفوّق الصّهيوني. معركة العبور وقعت في 06 من أكتوبر 1973م/ 10 رمضان 1393هـ. التي تقدّم فيه الجيش المصري فتخطّى خطّ بَرْليف، الذي كان بعبعا يخيف به الكيان الصّهيوني العرب، وتحدّاهم أن يعبروه، أي اتّخذَه حاجزا وسدّا منيعا يحتمي به من هجوم العرب عليه. فكسر هذا الحاجز.
وطوفان الأقصى حصل يوم السّبت: عيد اليهود: 07 أكتوبر 2023م/ 21 ربيع الأوّل الأنور الأغرّ 1445ه، فرمضان شهر انتصارات المسلمين، وربيع الأوّل شهر ميلاد ناشر نور الإسلام، فكلا الحدثين وقع في أيّام مباركة، عسى أن يأتي بعد هذا الطّوفان الفتحُ القريب بالنّصر المبين من الله العزيز الحكيم العليّ القدير.
في معركة العبور اجتاز المقاتلون خطّ برليف، فأسقطوا دعوى الصّهاينة الحاملة شعارَ التّفوّق الذي لا يقهر، وطوفان الأقصى دفع إلى اختراق قوات حماس السّياجَ المحصّن الذي يحيط بقطاع غزّة، كما أسقط مفعول القبّة الحديديّة المعوّل عليها لحماية ظلم الصّهاينة وغطرستهم، وضمان أمنهم وسلامتهم، فسبحان مغيّر الأحوال، وسبحان الله العادل المنصف النّاصر للحقّ، المنتصر للمظلوم.
علّقت وسائل الإعلام العالميّة المختلفة على طوفان الأقصى، وعدّته حدثا مدوّيا متميّزا، تكون له انعكاسات كبيرة على كثير من المخطّطات والمشروعات التي تُطبخ في مراكز البحوث ودهاليز التّخطيط والاستراتيجيا لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيّين، والسّير مع سياسة الكيان الصّهيوني ومن يشدّ أزره من أعداء المسلمين، ومن يهيّء له أرضيّة التّوغّل في جسم الأمّة الإسلاميّة من المطبّعين والمنبطحين…
من ذلك ما ذكرته صحيفة “لوموند” الفرنسيّة أنّ هذا الهجوم بهذا الحجم الكبير يهدف إلى إعادة خلط أوراق الصّراع مع إسرائيل.. أمّا جريدة “لوفيغارو” فسجّلت أنّ هذا الحدث يمكن أن يحبط إعادة تشكيل الشّرق الأوسط المأمول..

صدق الله العظيم حين قدّم وصفا دقيقا عن هؤلاء الجبناء.. وهو ما نراه في أرض الواقع في كلّ مرّة يتعرّضون فيها لهجوم مهما يكن حجمه: )… وظَنُّوا أَنّـهُمْ مانعتُهم حُصونُهم من الله فَأَتاهُمُ الله مِنْ حيثُ لَـمْ يَـحْتَسِبُوا وقَذَفَ في قُلوبِهُمُ الرُّعْبَ يـُخْربونَ بيوتَهُم بِأَيْديـهم وأيْدِي الـمؤمِنِين فاعْتَبرُوا يَا أُولِي الاَبْصارِ( (الحشر/ 2). وقال فيهم أيضا:) لَا يُقَاتلونَكُم جَميعًا إلّا في قُرًى مُـحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَديدٌ تَـحْسِبُهُمْ جَـميعًا وقلوبَهُمْ شَتَّى ذَلكَ بأنَّهُم قوَم ٌلاً يَعْقِلُونَ ((الحشر/ 14).

الأهمّ من كلّ ذلك أنّ طوفان الأقصى -كما أكّدته التّعليقات المختلفة- أبان عن فشل إسرائيل الذّريع في أكثر من صعيد، خاصّة أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لم تتوقّع شيئا قادما، رغم أنّ هجوما كهذا يتطلّب أشهرا من الإعداد… وُصِفَ الهجوم بأنّه مباغت وكبير ومفاجئ ومزلزل وغير مسبوق.. هو حقّا حدث تاريخي بامتياز.
صدق الله العظيم حين قدّم وصفا دقيقا عن هؤلاء الجبناء.. وهو ما نراه في أرض الواقع في كلّ مرّة يتعرّضون فيها لهجوم مهما يكن حجمه: )… وظَنُّوا أَنّـهُمْ مانعتُهم حُصونُهم من الله فَأَتاهُمُ الله مِنْ حيثُ لَـمْ يَـحْتَسِبُوا وقَذَفَ في قُلوبِهُمُ الرُّعْبَ يـُخْربونَ بيوتَهُم بِأَيْديـهم وأيْدِي الـمؤمِنِين فاعْتَبرُوا يَا أُولِي الاَبْصارِ( (الحشر/ 2). وقال فيهم أيضا:) لَا يُقَاتلونَكُم جَميعًا إلّا في قُرًى مُـحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَديدٌ تَـحْسِبُهُمْ جَـميعًا وقلوبَهُمْ شَتَّى ذَلكَ بأنَّهُم قوَم ٌلاً يَعْقِلُونَ ((الحشر/ 14).
هؤلاء هم المفسدون في الأرض وهذه هي حالهم، فماذا علينا فعلُه أيّها المسلمون؟ هذه ملحمة غزّة التي انطلقت من جديد لتنتصر للكرامة والعزّة، فهل تتلاحم صفوفنا للمشاركة في هذه الملحمة قياما بالواجب؟ هذا طوفان الأقصى تحرّك بقوّة، هل نطوف معه لنساهم في تحرير الأقصى والقدس وفلسطين من الأسر والسّطو والظّلم؟ هذه مبادرة أبطال غزّة، فما هي مباراتنا نحن في مضمار التّضحية والفداء؟ هذا واجب ديني، وهو بالإمكان القيام به، إذا صدقت النّيّات، وتوفّرت الإرادات، وتحرّكت العزائم، فما ذلك على الله بعزيز، وما ذلك على المخلصين ببعيد. والذين جاهدوا فينا لنهديّنهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين..
“شكرا رجال المقاومة، فطوفان الأقصى نصر من الله وفتح قريب بإذن الله تعالى وقوّته.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة