فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3057.57
إعلانات


نحن ضحايا المدرسة الفرنسية في الجزائر

هذا موضوع تاريخي مرت على تنظيمه فترة زمنية تزيد عن خمسة عشر عاما، وهو اللقاء الذي قرره الرئيس الاسبق بوتفليقة ليكون لقاء علميا، وهو الموضوع الذي خصص لتناوله اهتماما بالغا، وقرر أن يكون لقاء علميا يعيشه مع أهل العلم وأستاذة الجامعة.

لقاء يبرز فيه الحوار السياسي والتربوي، وتناقَش فيه القضايا العلمية والتعليمية والجوانب الفكرية التي تهم الرأي العام، وتبحث فيه أساليب البحث التي تطوِّر الجانب الفكري وتعمق الاهتمام بالبحث العلمي، والجانب الذي ركزت عليه المناقشة، هو توجيه الاهتمام الرسمي نحو تشخيص الأوضاع التي عاشتها البلاد في الماضي وعاشتها المدرسة، موضوع الحوار عاشتها في فترة من فترات حياتها الماضية التي فرضها الوضع التاريخي الذي كانت تعيشه المدرسة التي تؤرخ لها في هذا اللقاء المدرسة التي كانت برامجها لا تساير اهتمامات الأمة، ولا تحقق للبلاد ما يرفع شأنها ويطور تفكير أجيالها.

إن هذه الأوضاع هي التي أثارها الرئيس الاسبق في طرحه، وهي أوضاع كانت مفروضة على البلاد، فلم يتحرك الفاعلون من أهل العلم ورجال السياسة ليعالجوا ما يجب معالجته ويبينوا النتائج السلبية لهذا الوضع، والعبارة التي شخصت هذا التاريخ وذكرتها الصحف هي العبارة التي جسدت حقيقة الشعور الذي أبداه الرئيس الاسبق تجاه الوضع التاريخي الذي تم توضيحه وهي ما ردده في تحليله، إنها العبارة الناتجة للواقع التاريخي الذي تردد الجانب الذي يوصف به، وهي الحقائق التي لخصت نتائج المدرسة الفرنسية في الجزائر، العبارة الناطقة سمعناها تتردد في أحاديث المعلقين، ولكننا لم نتأكد إذا كانت ألفاظها صادرة عن الرئيس الاسبق أم هي استنتاج لخصه المعلقون؟ إننا سمعنا العبارة المشخصة واستنتجنا أنها جزء من حوار الرئيس الاسبق، وهو ما أراد التعبير عنه بصيغة محددة، ولكن لم ينقل إلينا الإعلان نص الكلمات التي نطق بها الرئيس الراحل، ولخص بها العبارة في طرحه لمدلولها وهي: “نحن ضحايا المدرسة الفرنسية في الجزائر”.

إن هذه العبارات التي ترددت في أثناء اللقاء كانت ملخِّصة لما عاشته البلاد نتيجة ما قدمته المدرسة الفرنسية في الجزائر، وما أثارته في هذه العبارة هو الذي كتبتُ عنه كلمة ملخصة لما ورد في هذا اللقاء، وضحتُ فيها ما تم تناوله في الخطاب الذي وجهت أفكاره لتحريك وعي الأساتذة والمفكرين ليوجهوا جهودهم لتطوير التعليم، فالعبارات التي انطلق منها الحوار، هي ما تم استخلاصه مما دار في اللقاء مع الأساتذة الذين دعاهم إلى استحضار ما تستطيع الذاكرة استحضاره لمتابعة آثار ما عاشه آباؤنا وأجدادنا وأهلونا في الماضي مع هذه المدرسة، ليفكروا في تصحيح ما نقله التاريخ إليهم.

إن مضمون عبارة “نحن ضحايا المدرسة الفرنسية في الجزائر” التي كانت محور هذا اللقاء يجسد تاريخا عاشته البلاد، هذه العبارة لا نجدها اليوم تتكرر لدى من الذي ينسجم مع ما تريده الأمة، لذا ينبغي أن نصحح الشعور الذي نجده لدى بعض المناقشين لتزول الأحاسيس التي تقدر قيمة الوضع الذي كان قائما، فالتحليل الذي شرّحنا به هذا الماضي هو الذي يجعلنا نسير في الاتجاه الصحيح، وهو الذي يمكّننا من صناعة حاضر ملائم لتوجهاتنا وتهيئة ظرف تجعلها أساسا لبناء مستقبل لأبنائنا.

مضمون عبارة “نحن ضحايا المدرسة الفرنسية في الجزائر” التي كانت محور هذا اللقاء يجسد تاريخا عاشته البلاد، هذه العبارة لا نجدها اليوم تتكرر لدى من الذي ينسجم مع ما تريده الأمة، لذا ينبغي أن نصحح الشعور الذي نجده لدى بعض المناقشين لتزول الأحاسيس التي تقدر قيمة الوضع الذي كان قائما، فالتحليل الذي شرّحنا به هذا الماضي هو الذي يجعلنا نسير في الاتجاه الصحيح، وهو الذي يمكّننا من صناعة حاضر ملائم لتوجهاتنا وتهيئة ظرف تجعلها أساسا لبناء مستقبل لأبنائنا.

إننا حين نتتبع مضمون العبارة التي وصفت الجزائريين بأنهم كانوا ضحايا السياسة التي اتبعتها المدرسة الفرنسية في الجزائر، حين نتتبع هذا، تواجهنا الحقائق التي عاشها بعض الجزائريين، وليس جميعهم، فهل كلمة الضحايا تعني أن الجميع كان محروما من كل شيء؛ من كل ما تطرحه الحياة التي تواجه الإنسان؟ هل كانوا جميعا محرومين من التعليم، ومن إبداء الرأي، ولم يتمكنوا من التعبير عما يؤلم المجتمع، وعن الجوانب التي تعزلهم مما ينفع الإنسان؟ إننا لا نستطيع أن نعمم هذه الصفات التي ذكرت، هذا لا يعني الجميع، بل نجد من لم يحرم من التعلم ومن إبداء الرأي، ومن التعبير عما يؤلم المجتمع، وعن الجوانب التي تعزلهم عما ينفع الإنسان، إننا لا نستطيع أن نعمم هذه الصفات التي ذكرت، هذا لا يعني الجميع، بل نجد من لم يحرم من التعلم ومن إبداء الرأي ومن التعبير عما يضر المجتمع، وعن الجوانب الحياتية التي تعزل الإنسان عما يفيد الإنسان، إننا لا نستطيع أن نعمم هذه الصفات على كل من يعيش في الجزائر، فالجوانب التي ذكرت لا تعني الجميع، هناك من استفاد من ظروف العمل فتعلم ونمّى جانبا من تفكيره، وأتيح له معايشة محيط ثقافي لائق ليكون قادرا على تنظيم حياته.

هذه حقائق فرضت وجودها بكثرة التعلم، وهي التي عزلت البعض عن الدين لم يكونوا محرومين وهم قلة، وهذه القلة هي التي كانت تتحرك وتبدي رأيها الخاص، وهي التي هيأت ليتحرك المجتمع ضد الوضع الذي كانت تعيشه البلاد، هذا نوع من الشعور كان في وجدان الرئيس الاسبق بحسب ما يبدو قبل أن يصبح رئيس دولة حتى ولو كان موافقا على طرحه الموضوع الذي أثاره في الحوار، فقد ردد العبارة التي رآها معبرة عن ماض لم يكن يرضينا، ولكنه كان رافضا التفكير الذي كان يدعو إلى الرجوع إلى التمسك بالسياسة التي كانت متبعة فنية إلى هذا الماضي الذي جعل الجزائريين ضحايا المدرسة التي كانت نتائجها سلبية، وأثار هذا في الحوار كتنبيه إلى الخطورة التي يجب تجنّبها، ووصفه لهذه الخطورة دفع المناقشين إلى ما ينبغي الاهتمام به لتصحيح التفكير وتوضيح الخطأ الذي فهمه الناس مما كانت تهدف إليه هذه المدرسة وهو الذي أثاره الرئيس الاسبق، وناقشه مع الأساتذة.

حينما ندخل بأذهاننا إلى التاريخ نجد أن المسلمين الأوائل قد اهتموا بتعلم اللغات واعتمدوها وسائل لنقل المعارف والعلوم والتجارب التي كانت عند غيرهم، ولكن هذا الاهتمام لم يجعلهم يقللون من شأن لغتهم أو يتنكروا لخصائص حضارتهم، وهذا ينبغي أن يكون شأننا اليوم. ولابد هذا أن نسير عليه لأننا لا نجد في أيامنا هذه مجتمعا يتنكر للغته ولا يوظفها في تلقين المعارف لأبنائه، ويسعى لتعويضها بلغة أجنبية تعين أجياله على معرفة ما يجرى في خارج بيئتهم.

إن الشعور الذي أبداه الرئيس الاسبق تجاه المدرسة الفرنسية وعلّق عليه ليس هو الشعور الذي نجده في وجدانه قبل أن يصبح رئيس دولة، لأن وجوده كرئيس دولة جعله يغير جانبا من شعوره، جعله يقرر الجانب التاريخي الذي عاشته البلاد في الماضي وأثر في شخصية أبنائها وحرمهم من كل ما يفيدهم علميا، وهو ما جعله يتألم ويعبر عن ألمه بهذا الشعور الذي وصف به البلاد بأنها ضحية من الضحايا التي كانت نتيجة السياسة التي نفذتها المدرسة الفرنسية.

لو كان التخلف يقاس بنوع اللغة لكانت المدارس الإفريقية التي تعتمد اللغات الأجنبية من أرقى المدارس، لأن المسألة ليست مسألة لغة فحسب، إنما هي مسألة محيط حضاري وتوجُّه سياسي، وإذا جاز لنا أن نلصق صفة التخلف بلغة المدرسة، فإننا نستطيع أن نصف المدرسة الموجودة في البلدان العربية بأنها مدرسة متخلفة مقارنة بالمدرسة المتطورة في العلم، وليست متقدمة أو متطورة إجمالا، لأنها لا تملك الجوانب التي تجعلها متطورة، لأن كل بلد له محيط خاص، فالتطور لا يرتبط باللغة وحدها.

هذا الوضع حين عرفناه رفضناه ونرفضه اليوم، فرفضُ الرجوع إلى السياسة التي كانت متبعة لا يعني رفض تعلم اللغات الأجنبية كما يُفهم من إلحاح الرئيس الاسبق في كل مناسبة على تعلم اللغات الأجنبية منذ المرحلة المبكرة، ومن تعليقه السلبي على المتشبثين باللغة العربية المعارضين بشدة للمحاولات الرامية إلى التراجع، كما أنجزنا من مكاسب في ميدان تعريب المواد العلمية ومن عدم التبكير بتعلم اللغة الفرنسية لأطفالنا، هذا جانب من الجوانب التي يتجه الاهتمام إليه، وكذلك التوجه عند الكثيرين إلى مواصلة الجهد في ميدان ترقية التعامل مع اللغة العربية في الميدان العلمي، وكذلك إلحاح البعض على توسيع مجالات استعمال العربية في الميدان العلمي وكذلك إلحاح البعض على توسيع مجالات استعمال العربية في ميدان التعليم العالي، وهؤلاء يصفهم البعض بأنهم خياليون وطموحون. نقول لمن يصفهم بهذا الوصف إنهم ليسوا خياليين إنما هم وطنيون واعون بحقيقة المرحلة التي تعيشها البلاد، وإذن، فليس هناك دافع للإلحاح على التفتح على اللغات، لأننا بهذا نجعل موقفنا الفكري معاديا للتمسك بالخصوصيات الوطنية، وفي الحقيقة ليس هناك من يعارض التفتح أو تعلم اللغات، فحضارتنا الإسلامية تدعونا إلى الاستفادة من تعلم اللغات، وكل لسان في الحقيقة إنسان كما عبّر الشاعر، وهذا يؤكد القول المعروف، من تعلم لغة قوم أمن مكرهم واستفاد من تجاربهم وأفكارهم، هذا ما تم استخلاصه من الجانب التاريخي الذي عاشته البلاد. وحينما ندخل بأذهاننا إلى التاريخ نجد أن المسلمين الأوائل قد اهتموا بتعلم اللغات واعتمدوها وسائل لنقل المعارف والعلوم والتجارب التي كانت عند غيرهم، ولكن هذا الاهتمام لم يجعلهم يقللون من شأن لغتهم أو يتنكروا لخصائص حضارتهم، وهذا ينبغي أن يكون شأننا اليوم. ولابد هذا أن نسير عليه لأننا لا نجد في أيامنا هذه مجتمعا يتنكر للغته ولا يوظفها في تلقين المعارف لأبنائه، ويسعى لتعويضها بلغة أجنبية تعين أجياله على معرفة ما يجرى في خارج بيئتهم.

ومن هنا، فإننا نطمئن أنفسنا ونطمئن السامعين بأننا لسنا من الذين يسعون إلى تقزيم المدرسة والسير بها في طرق التخلف، فالتخلف لا يرجع إلى اللغة التي تعتمدها الدولة، إنما يرجع إلى الوجهة السياسية التي تتبعها، فلو كان التخلف يقاس بنوع اللغة لكانت المدارس الإفريقية التي تعتمد اللغات الأجنبية من أرقى المدارس، لأن المسألة ليست مسألة لغة فحسب، إنما هي مسألة محيط حضاري وتوجُّه سياسي، وإذا جاز لنا أن نلصق صفة التخلف بلغة المدرسة، فإننا نستطيع أن نصف المدرسة الموجودة في البلدان العربية بأنها مدرسة متخلفة مقارنة بالمدرسة المتطورة في العلم، وليست متقدمة أو متطورة إجمالا، لأنها لا تملك الجوانب التي تجعلها متطورة، لأن كل بلد له محيط خاص، فالتطور لا يرتبط باللغة وحدها، ولهذا لا نستطيع القول: إن المدرسة التاريخية التي عرفتها المجتمعات الإسلامية ونشطها علماء بارزون وعاشت مجتمعا حضاريا وسياسيا ووظفتها الدولة التي كانت ساندة هذه المدرسة عاشت في مجتمع إسلامي وخرّجت لنا علماء، أمثال ابن رشد وابن سينا وابن خلدون والبيروني، هذه المدرسة لا يمكن وصفها بأنها متخلفة، لأنها اعتمدت لغة المجتمع الإسلامي الذي كان يسيرها وكانت متأثرة بالوعي السياسي الذي كان يحركها والتوجيه الفكري الحضاري الذي كان يوجهها، فاللغة وحدها لا دخل لها في كل هذا.. إن الذي يوجه نشاط المدرسة هو الفكر الفلسفي والوعي السياسي الذي يتبناه المحيط الذي يحدد المسالك التي تسير فيها المدرسة ويضبط وجهتها، ولا يمكن للمدرسة أن تنهض بواجباتها إذا لم يوفر لها المحيط السياسي المواد والوسائل التي توفر لتنشيط رسالتها، وتهيئتها لما ينتظر منها.

إن الذي فُهم من كلام الرئيس الاسبق وهو يحاور الأساتذة، عن العلم والتعلم والمدرسة واللغات الأجنبية: هو أننا ضحايا المدرسة الفرنسية في الجزائر، فهي التي فرضت علينا منهجها الفكري واتجاهها المعرفي النظري، الذي لا يستجيب لطموحنا في المجال التكنولوجي، ولا يفتح أمامنا سبل الاستفادة من تجارب العالم في هذا المجال.

نحن ضحايا المدرسة الفرنسية في الجزائر

عبد القادر فضيل

2023/10/03


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة