فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3062.75
إعلانات


خصائصُ النموّ الاجتماعي لدى الأطفال قبل المراهقة

خصائصُ النموّ الاجتماعي لدى الأطفال قبل المراهقة

خير الدين هني

2023/09/19

بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، 2023/2024، يحسن بي أن أقدّم هذه الدراسة النفسية والسلوكية، إلى أولياء أمور التلاميذ ونخبة المربين والمدرِّسين، بغية التذكير بوجوب معرفة هذه الخصائص، لأنها تساعد الجميع على فهم طبيعة النمو الاجتماعي وعلاقته بالنمو الانفعالي، لدى أطفال مراحل الطفولة في المدرسة الابتدائية وما قبلها، لكون النمو الاجتماعي يؤدي دورا بارزا في حياة أطفال هذه المرحلة الحساسة من حياتهم، وهي المرحلة التي تُبنى فيها عناصرُ الشخصية الفردية وسماتُها البارزة في الحياة الإنسانية.

والدراسات العقلية والنفسية والوجدانية والسلوكية، والدوافع والميول والرغبات والنزوات والاتجاهات ونظريات التعلّم الشهيرة، ومراحل النمو وخصائصه، وهي الدراسات التي قامت بها مختلف مدارس علم النفس، منذ نشأتها في نهايات القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، (1895/1912)، كلها وجَّهت اهتماماتها بتركيز كبير على هذه المرحلة الحيوية، وأشبعتها بحثا ودراسة واستقصاءً واستقراء من طريق التجربة والمعاينة، لأن الحياة التربوية والتعليمية وأساليب التوجيه والإرشاد والتعليم والتثقيف، كلها تُبني على معرفة مراحل النمو وخصائصه العقلية والنفسية والجسدية.

والنمو الاجتماعي لا يبلغ غايته إلا بالنمو العقلي والجسمي والانفعالي، فالنمو العقلي يمنح قدرات التفكير العليا، والنمو الانفعالي ينمي المشاعر والاحساسات الوجدانية، ويُراد به تلك الانفعالات والمشاعر التي تملأ دواخل الإنسان، وتحرِّكها الدوافع عند التأثّر بمنبهات خارجية، فتستجيب نفس الفرد إلى الميول الوجدانية الشاعرة بالانفعال، ويُعدّ الانفعال استجابة ذاتية، تعبّر عن ردّ فعل لموقف طارئ.

والانفعالات كثيرة وتتطور مع شعور الأطفال بأنفسهم، وتظهر في مشاعر أكثر تعقيداً، مثل الفرح والسرور، والحزن، والألم، واللذة، والخجل، والوقاحة، والمفاجأة، والغبطة، والإحراج، والعار، والشعور بالذنب، والفخر، والتعاطف، والغضب، والتوتر، والخوف والجبن، والشجاعة، والشعور بالاعتزاز والعظمة، والانكسار والدونية والضِّعة والاستسلام والندم… وغير ذلك مما يعبّر به الشخص عن مشاعره الداخلية، كإشباع للرغبة والميول والدوافع، وتصاحب الانفعالاتِ حالاتٌ وجدانية مركبّة، وهي مزيج من المشاعر والإحساسات، والنزعات والنزوات والتغيرات الجسمية والفيزيولوجية.

وإذا كانت الانفعالات حالات شعورية، يعبّر بها الفرد عند التعرض إلى موقف من المواقف المفرحة أو المحزنة، وفي بعض الأحوال يشعر الإنسان بأكثر من انفعال في آن واحد، حينما يتعرَّض إلى موقف يمتزج فيه الحماس بالخوف في آن واحد، على نحو ما يقع عندما يريد أن يركب الطفل في لعبة الأقحوانة مثلا، فهو يشعر بالحماس للركوب كي يستمتع بهذه اللعبة، وفي الوقت ذاته يشعر بالخوف عند الركوب.

والنمو الاجتماعي يتطور ويزدهر بالنمو الانفعالي، ولا ينمو بطريقة انفرادية وانعزالية، وهو ظاهرة نفسية وسلوكية، تظهر عند الأطفال في سنّ مبكرة، إذ يجدون في نفوسهم ميلا قويا ورغبة جامحة من الانجذاب إلى الجماعة للاندماج فيها، والنمو الاجتماعي السوي هو الذي يُحدث التغييرات المختلفة التي تطرأ على علاقات الأطفال مع أفراد أسرهم، ثم تأخذ هذه العلاقة في التوسّع مع أبناء حيّهم، ثم مع رفاقهم في المدرسة، ثم تتوسّع إلى دوائر اجتماعية أكثر اتساعا في المدينة وخارجها، حينما يكتمل نموهم.

ويرتبط النمو الاجتماعي ارتباطا وثيقا، بالنمو الجسمي والعقلي والوجداني والنفسي والانفعالي، فهذه العلاقات التفاعلية تنمو بشكل مُطّرد (سريع) في جميع الاتجاهات، وهي التي تصنع عقل الطفل وكيانه النفسي وشخصيته ووجوده، واكتمال نمو هذه العلاقات وتفاعلها هو من يوسّع علاقات الفرد الاجتماعية، وتأخُّرُ نموها أو تباطؤها يساهم بشكل مباشر في عزلة الطفل وانطوائه، وبُعده عن الاندماج في الجماعة، مما يضرّ بصحته النفسية والسلوكية والعلائقية.

وينعكس هذا السلوك غير السوي، على علاقاته الاجتماعية والتفاعلية والمزاجية، وهذه الحالة غير العادية في النمو، إذا لم ينتبه إليها الوالدان في سنّ مبكرة، أي: أثناء مرحلة الطفولة الأولى (من الميلاد إلى 3 سنوات)، فقد تؤثر على مستقبل أبنائهم في الدراسة والاندماج الاجتماعي، وهذه المرحلة هي أخطر مرحلة تتشكّل فيها شخصية الطفل واتجاهاته العقلية والنفسية والوجدانية.

والمرحلة الأولى للطفولة، تسمى مرحلة الاكتساب، وسبب تسميتها بذلك أنه في هذه المرحلة الأولي، يبدأ الطفل في اكتشاف العادات البسيطة واكتسابها، وأنماط السلوك التي يراها من الأبوين والإخوة وجميع أفرد العائلة، في الحركة والنشاط والتواصل والجلوس والنوم، وفي الأكل والشرب وطريقة الكلام، وغير ذلك من أنماط الحياة البسيطة، ثم تستمر عملية الاكتساب في بقية المراحل الأخرى حتى سن النضج والبلوغ، إذ تكتمل لدى الأطفال عملية الاكتساب، أي: اكتساب العادات والتقاليد والأعراف والنظم والقواعد الاجتماعية التي تحكم المجتمع الذي يعيش فيه.

وهذه المراحل الأولى من الطفولة، هي التي تتشكل فيها شخصية الطفل، وما يترتب عليها من علاقات اجتماعية وسلوكية، لذلك ينبغي على الوالدين مراعاة هذه التنشئة بانتباه كبير، وملاحظة ما يمكن أن يطرأ عليها من اختلالات خطرة، لتدارك الأمر قبل ظهور المشكلة وتفاقم خطورتها، ويعملا -دوما- على توفير الظروف الصحية، من توفير مناخ أسري ملائم للتنشئة السليمة، ويراقبا نمو أبنائهما وحركتهم، ويتابعا أنشطتهم وتطور علاقاتهم الاجتماعية، وبذلك يضمنان لأبنائهما الأجواء النفسية المريحة، كيما يتيحان لهم تطوير علاقاتهم الاجتماعية في أطرها الصحيحة.

خصائص النمو الاجتماعي:

يتطور النمو الاجتماعي، مع تطور النمو الجسمي والعقلي والنفسي والانفعالي، فتطوُّرُ النمو لا يقتصر على تطور جانب واحد دون الجوانب الأخرى، وإنما يسير في اتجاه متكامل بين جميع العناصر التي تشكل كيان الطفل ووجوده، ولذلك فإن لكل مرحلة من مراحل الطفولة، تظهر فيها خصائص في النمو والسلوك تتلاءم مع كل مرحلة، فأطفال العام الأول تظهر لديهم العديد من الأنشطة والمهارات والخصائص الاجتماعية، وكذلك أطفال المراحل الموالية، وسأقتصر على أهم الخصائص لكل مرحلة.

يبدأ أطفال المرحلة الأولى، ابتداءً من السنة الأولى، بتوجيه اهتماماتهم إلى من حولهم، بالاستجابة الاجتماعية البسيطة، فيبدؤوا بالابتسامة عند مداعبتهم من طرف إخوتهم، أو مناغاتهم من قبل الأم أو الأب، ويشعرون بالارتياح حينما يكونون بجانب أبويهما، وفي نهاية العام الأول يبدأ الطفل يشعر بالتوتر والانزعاج حين يرى بعض الأشخاص الكبار غير المألوفين لديه، ولكنه يبدي تفاعلا أكثر مع الكبار، وينظر إليهم بشيء من الريبة والشك والحذر حين يقترب منهم.

أما في العام الثاني، فينقص تفاعلهم مع الأطفال الآخرين، وينمو لديهم الميل إلى اللعب فرديًّا، ولا يميلون إلى اللعب الجماعي، ويحاولون تقليد تصرُّفات والديهم في الحركة والنشاط والصوت والأكل والشرب والنوم، كما يميلون إلى الشجار والخصام، ويستأثرون بكل شيء يقع تحت أيديهم، ولا يسمحون لغيرهم من الأطفال بأخذ أشيائهم أو تملّكها.

أما خصائص السنة الثالثة، فتنمو فيها العلاقات الاجتماعية، إذ تتّسع إلى دوائر اجتماعية أوسع فتشمل العائلة والزملاء، وتظهر لدى الطفل نزعة الإفراط في الأنانية والأثَرَة، وحب التّملّك والاستحواذ على الأشياء، وتنزع نفسُه إلى حب المغامرة والمنافسة مع غيره، بصنع أدوات بسيطة في شكل لُعْبات وأشياء أخرى، لهذا يتعيّن على الوالدين إبعاد الوسائل الخطرة عن متناوله، كالأدوات الحادة والمقص والشفرات والإبر والمخيطات، وكل ما له علاقة بإلحاق الضرر به.

وتظهر لدى أطفال السنة الرابعة، العديد من المهارات الاجتماعية والسلوكية والتفاعلية، ولكي يحققوا احتياجاتهم ورغباتهم الشخصية، يلجأون إلى خلق الأكاذيب للتهرّب من المواقف والمشكلات التي يقعون فيها، وفي هذه السن يظهر لديهم الخيالُ الإيهامي، وهو الخيال الذي يرتكز على الوهم المفرط المتجاوز لحقائق الأشياء، فيتخذون من العصي والدمى وسائل للتسلية والتلهية، ويركب الذكور على العصي ويجعلون يركضون ويَعْدون، ويتوهمون أنها بمثابة أحصنة أو دراجات نارية أو حتى سيارات، ويتفاعلون معها بالصراخ والزمجرة كما تخيلوها، وكما لو أنها أشياء وحقائق موجودة، وتتخذ البنات من الدمى عرائس يزيننها بما يتاح لهن من اللباس ومساحيق التجميل، وينادينهن بألفاظ اللطف وعبارات الود تارة والزجر تارة أخرى، وكأنها عرائس حقيقية.

أما خصائص النمو، لدى أطفال السنة الخامسة والسادسة بوجه أخصّ، فيتحرر فيها الأطفال وتميل نفوسُهم إلى الاندماج مع دوائر اجتماعية أوسع مع أطفال حيّهم، ويشكلون معهم علاقات اجتماعية ينظمون فيها ألعابا، تتجه إلى التفرّد في ممارستها تارة، وإلى اللعب الجماعي تارة أخرى، وما يشغل أطفال اليوم في هذه السن هو لعب كرة القدم، وهي اللعبة التي أصبحت تستهوي الجميع، وفي سن السادسة يصبح الأطفال يعتمدون على أنفسهم، فيذهبون إلى المدارس وحدهم.. وهناك تنشأ علاقة اجتماعية أكثر اتساعا وجديّة، مع رفاق المدرسة التي ينتسبون إليها.

الانفعالات كثيرة وتتطور مع شعور الأطفال بأنفسهم، وتظهر في مشاعر أكثر تعقيداً، مثل الفرح والسرور، والحزن، والألم، واللذة، والخجل، والوقاحة، والمفاجأة، والغبطة، والإحراج، والعار، والشعور بالذنب، والفخر، والتعاطف، والغضب، والتوتر، والخوف والجبن، والشجاعة، والشعور بالاعتزاز والعظمة، والانكسار والدونية والضِّعة والاستسلام والندم… وغير ذلك مما يعبّر به الشخص عن مشاعره الداخلية، كإشباع للرغبة والميول والدوافع، وتصاحب الانفعالاتِ حالاتٌ وجدانية مركبّة، وهي مزيج من المشاعر والإحساسات، والنزعات والنزوات والتغيرات الجسمية والفيزيولوجية.

وفي سن السابعة والثامنة، تظهر لدى أطفال هذه المرحلة خصائص أكثر نموا وتطورا، فتزداد عمليات التواصل مع غيرهم، ويبدأ الأطفال في إدراك علاقة من حولهم من الأشياء، وتنمو لديهم عملية النمو في الملاحظة والتحليل لبعض العلاقات البسيطة واستنتاج ما يمكن استنتاجه من ارتباطات وصِلات اجتماعية وتفاعلية، وهذا ما يجعله يقدر على الاندماج في المدرسة بسهولة ويسر.

أما في سن العاشرة والحادية عشرة، فتبدأ شخصية الطفل في التحرر شبه الكلي، وتتوسع علاقاته الاجتماعية إلى المدينة وخارجها، لأنه أصبح يدرك التجريد بعلاقاته الرمزية، كما تحرَّر من الخيال الإيهامي، إلى الخيال الواقعي، ولكنّه يكون كثير الاستغراق في أحلام اليقظة التي تغذيها الأحلام والآمال والطموح.

هذه أهم الخصائص التي تظهر في مراحل الطفولة، وهي الخصائص التي يجب على الآباء والأمهات والمدرّسين والمربّين معرفتها.

للدراسة هوامش ومراجع.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة