فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3054.53
إعلانات


مع أحباء الرحمن في مَقْرَأَة القرآن

الرئيسية/على بصيرة/مع أحباء الرحمن في مَقْرَأَة القرآن

على بصيرة

مع أحباء الرحمن في مَقْرَأَة القرآن

2023-09-11

أ.د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

كان يوما مشهودا، يوم السبت الثاني من شهر سبتمبر 2023 الموافق ليوم 17 صفر 1445هـ حيث خرجت فيه مدينة العلمة، هذه الدّرة الثمينة من مدن وطننا العزيز خرجت عن عادتها المألوفة، وتقاليدها المعروفة.

فبعد أن كان يؤمها، في مثل هذا اليوم الأسبوعي، أكابر رجال المال والأعمال ومختلف التجار الذين يشدون إليها الرحال.
وبعد أن كانت محلاتها تزدان بمختلف أنواع الألبسة والأزياء، والأفرشة وألوان الستائر، والأجهزة والغطاء، حل بها كوكبة من صفوة العلماء، وطلاب العلم والإقراء، ومن الحافظين والحافظات، وكوكبة القراء.
لقد أطلت مؤسسة مجمع صنّاع النجاح على مدينة العلمة، فأشاعت فيها الزينة، وأجواء السكينة والخشوع والطمأنينة.
غصت قاعة المحاضرات وسط المقرأة القرآنية بالحافظين للقرآن والحافظات، من مختلف الأعمار والطبقات، فترنم الجميع بشذى القرآن وبيانه، وبعذوبة تلاوة القراءات المختلفة لكتاب الله، وألحانه.
امتزجت أصوات المقرئين برئاسة الشيخ المتميز هارون كيحل والذين معه، امتزجت بإشادة الخطباء والعلماء الذين تعاقبوا على منصة الخطابة، منوهين بتضحيات ومجهودات الحافظين والحافظات والمقرئين والمقرئات، والمحسنين والمحسنات.
فلئن كان البعض يشيد بثقافة السيقان والأقدام، والرقص والقوام، فإن جمعية العلماء تفاخر بثقافة المصاحف والأقلام، وعذوبة التلاوة وفق القراءات بالأحكام.
سبحانك اللهم، سخرت لمدينة العلمة التجارية بامتياز، كوكبة من العلماء، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأحدثوا في العلمة التوازن المفقود، وأعادوا إليها الكنز الإلهي المنشود.
بعثت مقرأة القرآن، إلى كامل الوطن الجزائري برسالة فصيحة وصريحة مفادها أن المقرأة بالمنهج القرآني الذي تبنته هدفها تحرير النفس البشرية بالقرآن، من عبودية التقاليد الموروثة، حتى تغدو هذه النفس حرة من أية عبودية إلا عبادة الله.
لقد أحدث القرآن، في نفسيات المستظهرين والمستظهرات للقرآن، ثورة عميقة ودقيقة جسدت تدريب النفس البشرية على منهجية الثبات على الفطرة السليمة، التي تؤمن بقيمة الحق، وتنحو نحو الخير، وإن في ذلك لوفاء لنداء الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ﴾ [سورة المائدة- الآية 08].
والهدف الأسمى من التعامل مع القرآن يكمن في حفظه حفظا جيدا، وفهمه فهما دقيقا، والعمل بأحكامه عملا عميقا، وغرس تعاليمه في مختلف ميادين الحياة، غرسا خصيبا وعجيبا.
إن الفئة القرآنية التي عشنا معها في يوم الثاني من سبتمبر، مثلث العينة التي عظّم القرآن نفسيتها البشرية، وحصنها ضد الذبذبة، والتبعية، وأنقذها من الوقوع في مزالق الهوى، النابعة من اتباع الغرائزية ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [سورة الكهف –الآية 13].
ففي التكريم الذي خصصته المقرأة، للنجباء والنجيبات من حاملي كتاب الله، دروس ينبغي أن تخضع للتأمل والتحليل، كي يستلهم منها الجميع المواعظ والعبر. ولعل أهم ما نستخلصه منها هو الآتي:
1- السمو بالقرآن، حفظا، وفهما، وتطبيقا، عن حشره في عالم الأموات، والرسو به في عالم الأحياء، لإيقاظ الجميع من الجحود والجمود والسبات، ومن التكسب به إلى اكتساب قيمه وتعاليمه، ومعانيه في الحياة.
2- القيام بعملية تصحيح المفاهيم بالقرآن، وذلك بتنزيل أحكامه على واقع الإنسان بأدق معاني الإنسانية، حتى تغدو المرأة امرأة بحق، والرجل رجلا بحق، فيأخذ كل منهما نصيبه المستحق من الحياة، كما حددها الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [سورة البقرة –الآية 228].
﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [سورة آل عمران الآيتين: 42، 43].
3- أن نسمو بالقرآن إلى دنيا التشريع فنعمل على وضع القوانين والمعاملات في نطاق الأحكام القرآنية المبتغاة.
في ضوء الدروس المستفادة من يوم القرآن، في مقرأة الماهر بالقرآن، نريد أن يستلهم كلّ أبناء وبنات جمعية العلماء الخطة والمنهج، لبناء مقرأة في كلّ بلدية وفي كلّ مدينة شبيهة بمقرأة العلمة.
إن في ذلك إنقاذا لوطننا، ولإنساننا من الوقوع في بهيمية الحضارة المادية التي تحاول أن تذيب فينا معنى إنسانيتا وتعيدنا إلى البهيمية المتوحشة التي تسود فيها قوانين القويّ على حساب الضعيف.
إن القرآن يحارب فينا كلّ ميل نحو آفات الشذوذ، والخمر، والمخدرات والفسوق، والعصيان، ليجعل منا ﴿خيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [سورة آل عمران –الآية 110].
ورحم الله الشاعر العراقي معروف الرصافي في رائعته التي مطلعها:
يقولون في الإسلام ظلماً بأنه  يَصُدّ ذويه عن طريق التقدم
إلى أن يقول:
لقد أيقظ الإسلام للمجد والعلا  بصائر أقوام عن المجد نُوَّم
فما أحلى مجالسة أحباء الرحمن على مائدة القرآن !


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة