فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء التربية والتعليم

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3057.57
إعلانات


لماذا اختار الجزائريون لغة القرآن.. صرخة انزهاق الفرنكوفونية

ولأن مجال الصراع العالمي هو هوياتي بالدرجة الأولى، فإن أي توجه نحو النقد إنما يكون من منطق سليم مبني على اختيارات سليمة ومبادئ سامية لا مجرد انتصار لتفكير سامج ساذج ممجوج
وهو ما وقع فيه الفرنسي آلان بن طليلة وفق متطلبات ثلاث وهي ثلاث تبدأ بحرف العين وكلها منطلقات انتقادية في نظره وهي في الحقيقة تؤدي إلى توضيح أفكاره الوضيعة الاستعمارية أولها.
1- العامية: إذا يعتبر أن العامية أو اللغة الدارجة هي التي كان من المفروض أن تكون اللغة الأم في الدراسة والتعليم والتعلم، والحقيقة أن هذه الفكرة هي فكرة استعمارية قديمة، حيث قامت السلطات الاستدمارية عام 1923 بنشر كتب دراسية لتعليم الجزائريين اللغة العامية مثل كتاب “التدريس المتوسط للدارس المتبسط”.
في لغة ممجوجة لا تصلح للتدريس ولا تعليم وهو ما يكشف ومن النظرة الأولى أن القصد من هذا التوجه ليس تثبيتا لهوية الجزائريين وتسهيلا عليهم بل القصد منه إبعادهم عن المصدر الصافي للغة راقية متجذرة ذات أبعاد تاريخية وحضارية واسعة عكس اللغة العامية التي هي لغة تعامل عادي لا تصلح للعلم ولا للتعلم
ثم التوصل في النهاية إلى جعل لغته الفرنسية هي اللغة السائدة الحقيقة في كل المجالات والعجيب أن هذه اللغة رغم ما حققته في الجزائر من أسبقية وتقدم خصوصا في المواد التقنية والعلمية فإن هذا التوجه من طرفه إنما هو في الحقيقة توجس من مستقبل قادم من حيث تمكن الجيل الحالي من فهم اللغة العربية والتفوق فيها والاتجاه إلى اللغة الإنجليزية بدل الفرنسية التي كانت لغة وسيطة
بالإضافة إلى محاولة استرجاع المجد الضائع بأي طريقة ولو كان عن طريق اللغة العامية.
2. العلمانية وعداء الدين: ومن نفس المنطلق كان تركيز ” آلان” على أن القصد من ذلك ظاهريا هو عدم الخلط بين اللغة والدين، لكنه في الحقيقة هو عداء واضح لكل ما يمثل الهوية الوطنية الراسخة من خلال اللغة العربية ودين الإسلام في عداء واضح لكل ما نادى به ابن باديس رحمة الله عليه من عروبة وإسلام، والغاية من فكرة آلان بن طليلة هو الانتقام من العنصر الأصيل في المجتمع الجزائري وهو الدين.
وتوجه بن طليلة في ذلك من خلال اطروحته العلمانية إنما هو ظاهريا القضاء على الدين، والحقيقة أن قصده كما ذكرت هو القضاء على دين الإسلام باعتباره يساهم في تمسك الناس بلغتهم العربية الأصيلة وجذورها التاريخية السامية ومن ثم خوفا على القضاء على اطروحته الاستعمارية البغيضة.
ودعاوى العلمانية بشكل عام أثبتت فشلها الحضاري من خلال بعدها الاستدماري وفشلها في طرح بديل يواكب حقيقة الطرح المنسجم مع المجتمعات القائم على حرية الفكر وحرية التدين والتي اجترت العلمانية بعدائها على دين الإسلام محاربة أهم أفكارها وهو حرية الفكر من خلال الحجر على الفكر الإسلامي في العالم ما جعلها تحمل في ذاتها بذور فنائها وسبيل تدميرها.
3. والجزئية الثالثة في نظر ٱالآن بن طليلة في تدعيم اللغة العامية يحمل معنى العنصرية من خلال دغم اللغات الحضارية التي هي لغات اجتماعية غير مكتوبة لكنها تستقى مفرداتها من الواقع والحاجة وهي لغات فرعية غير موحدة.
وقد ركز خصوصا على اللغة الامازيغية رغم أن الدولة الجزائرية بفطنة وحكمة كانت سباقة لحمايتها وتطويرها والتعامل معها كلغة تخاطبية في المجتمع تفتح باب التفاهم والتحاور والتآلف النفسي والاجتماعي كما أنها تعود بالأثر إلى عمق الحضارة في هذا البلد وحضارتها وهي لا تنافس العربية وليست ضرة لها بل هي مكملة ومنبع حضاري متميز يدل على ثراء المجتمع وتنوعه وتناغمه وتعايشه.
والآن لنطرح السؤال الأهم لماذا اختار الجزائريون لغة القرآن؟
1- لأنها لغة دين الإسلام: ولأن الإسلام هو الدين الخالد ولغته الراقية تسحر الألباب وتأخذ بدقة الكلام لمختلف التعابير والأفكار، فكان اختيارها اختيارا ربانيا بامتياز “وهو يقدر وإليه الأمر” فارتبط الإسلام باللغة العربية، ولولا الإسلام لما كانت العربية ولما أحبها الجزائريون وأقبلوا عليها وجعلوها لغتهم وحافظوا عليها ودافعوا عنها وجعلوها لغة حياتهم وحفظ أسرارهم وأولى لغاتهم في دستورهم.
2- لغة حضارية بامتياز: لأن الحضارة هي تراكم فإن ارتباط الجزائريين باللغة العربية ارتباط حضاري نفسي مبدؤه ارتباط وثيق بكل أمة تتحدث العربية وتتواصل بها وتتفاهم عن طريقها وتتناغم على منوالها، كما أنها امتداد روحي على مدى الزمن يفوق آلاف السنين وتجاوز عديد الحضارات الإنسانية بلغة واحدة موحدة مفهومة من القحطانيين حتى اليوم فلها امتداد يزيد رسوخها في نفوس الجزائريين،
بالإضافة إلى ارتباطها بالهوية التاريخية والمعزة والأنفة والاعتزاز والبداوة التي تميز العرب والأمازيغ وتنعكس في نفوسهم ارتباطا وثيقا بها.
3- الوعاء اللغوي الثري اللغة العربية واحتوائها للغات العامية والعلمية:
وهذا يتجسد في قوة هذه اللغة واستمراريتها وثرائها بالمفردات وتعدد التعابير والمعاني وقوة الطرح والتعبير عن الأفكار والمشاعر وسحر تأثيرها على باقي اللغات في العالم وسهولة تطويعها واستعمالها وتأثيرها وتأثرها وعدم اضمحلالها وقدرتها على استعمال السحر اللغوي اقتباسا ونحتا واشتقاقا ما جعل هذه اللغة باقية بقاء الدين المرتبطة به وبقاء من عشقوا هذه اللغة العربية للأصيلة الراقية وتمسكوا بها وجعلوها حياتهم وحاضرهم ومستقبلهم.
وأخيرا
فإن دعاوى آلان بن طليلة لا تعدو أن تكون صرخة في واد ونفخة في رماد، وهي تدل على عمق الأثر الذي سببه الاختيار الحضاري للغة العربية كلغة مواطنة وشقيقاتها الأمازيغية، واعتبار اللغة الإنجليزية كبديل للتواصل العلمي والحضاري في سبيل الارتقاء والانعتاق من لغة ميتة لا تسمن ولا تغني من جوع، وفي الوقت الذي لا زلنا نقرأ نصوصا ساحرة باللغة العربية لأبي تمام والبحتري يوم لم تكن هناك فرنسية سيأتي اليوم بعد مئات السنين من يتذوق شعرنا ومقالاتنا من إبداعات ابن باديس ولغويات الإبراهيمي إلى شعر آل خليفة ومفدي زكرياء وغيرهم فيما لن تجد في ذلك الحين من يقرأ مقالا لفولتير وموليير وفلوبير وبودلير وهيغو فضلا عن قراءة ترهات آلان بن طليلة إن لم يكن مترجما لغير الفرنسية لأنها تكون يومها فعلا لغة ميتة وكان الأجدر بآلان بن طليلة أن يحترم الأرض الطاهرة التي تشرف بالميلاد فيها واحترام تاريخها العريق بدلا من الخوض في مسائل أكبر منه وأكبر من حضارته ولغته.
والله يحكم لا معقب لحكمه

لماذا اختار الجزائريون لغة القرآن.. صرخة انزهاق الفرنكوفونية

لماذا اختار الجزائريون لغة القرآن.. صرخة انزهاق الفرنكوفونية

: 2023-07-03

بن زموري محمد/


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة