فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3072.67
إعلانات


بشائر للنصر، وبشر للنحر

عزمت على أن أعنون كلمتي هذه “جريمة 8 ماي ومجرموها”، ولكنني عدلت عن ذلك لأنني تذكرت ما سمعته من أهلي وسكان قريتي عما وقع من جرائم في تلك الأيام في ناحيتنا وماهو قريب منها من النواحي كبني عزيز، وفرجيوة، وتمانتوت، وجيملة، وتمزقيدة.. فهي جرائم لم يسجل التاريخ أبشع منها، ولم يسلم منها حتى عالم جليل مسّه الكبر، ووهن عظمه هو الشيخ المطيّش بن الشريف.. وأجزم أنني لو وضعتني أمي في تلك الأيام لخرجت من رحمها وأنا مشتعل الرأس شيبا، و”لنطقت” في المهد لعنا لفرنسا والفرنسيين بما أجرموا في حق شعبي وبلدي..
وأما هذا العنوان فقد اقتبسته ممن مسته فرنسا المجرمة بنصب وعذاب، وجرعته العلقم والصبر، أعني الإمام الإبراهيمي، الذي زج به في سجنين تعتبر سجون روما الفظيعة بالنسبة إليهما فنادق من الدرجة الممتازة، مما سبب له أمراضا لازمته إلى أن لقي ربه ولسانه رطب بلعن فرنسا والفرنسيين ومن ألقى بالمودة إليها وإليهم ذكرا باللسان، أو تحريرا بالقلم، أو تقبيلا بالفم..
يجمع أولو الأحلام وأرباب الأقلام من الأعراب والأعجام أن الإمام الإبراهيمي أوتي ثلاثا لم يؤتها إلا قليل، أوتي عقلا مفكرا، ولسانا معبرا، وقلما محررا، ومع ذلك لم يستطع أن يكتب عن هذا اليوم إلا قطعة شعرية، ومقالة نثرية، وما أصابه بقحط وما مسّه من عقم إلا بشاعة ما رآه رأي العين في هذا اليوم وما بعده، وما سمعه من “بقايا البشر من النحر”.. ولكن خاتمة مقال الإمام أفصح وأبلغ في تصوير الجريمة من المجلدات، قال الإمام عن هذا اليوم، وليس الأيام: “فكن من أية سنة شئت، فأنت يوم 8 ماي وكفى، فكل مالك علينا من دين أن نحيي ذكراك، وكل ما علينا لك من واجب أن ندوّن تاريخك في الطروس لئلا يمسحه النسيان من النفوس”، (آثار الإمام الإبراهيمي ج3 ص335).
إن الفرنسيين المجرمين يكذبون إذ يقولون إن “عدد الضحايا الجزائريين ألف وخمسمائة فقط” كأن هذا الرقم قليل، ولكن أحد كبار مسئوليهم وهو آلان سفاري (Alain Savary) شهد في كتابه “القومية الجزائرية و”العظمة الفرنسية” ” المترجم تحت عنوان “ثورة الجزائر”، شهد واعترف أن “مجموع عدد قتلى الجزائريين بلغ خمسة وأربعين ألفا”، (ص42)، وهو يعترف أن هذا الرقم مأخوذ من تقرير فرنسي رسمي أعدته أصغر لجنة في أقصر مدة هي لجنة الجنرال توبير التي شكلها أكبر مجرم هو دوغول.
إن جرائم 8 ماي في خراطة، وقالمة، وسطيف وغيرها من أرض الجزائر تبرهن على معدن الفرنسيين الخسيس وأصلهم الوضيع، وأعمالهم المنحطة، وتثبت أنهم لم يسمعوا عن شيء يسمى المروءة، والذمة، والشرف وإلا كيف يقابلون بالموت من كان سببا في تحريرهم من الألمان. ولم يسلم من الخسّة والدناءة من الفرنسيين حتى من يدّعون ويزعمون أنهم “Humanistes” مثل شارع تيّون، وزير الطيران الفرنسي آنذاك الذي “استرجع ذكورته” من الألمان وأعطى أوامره للطائرات لتقنبل أكواخ آبائنا وأجدادنا.. والأعجب أن كثيرا من الفرنسيين مايزالون إلى اليوم يعتبرون هذه الجرائم “أمجادا”، ويفتخرون بها، لأنهم “صلقع بلقع” من أي شيء يرفعون به خسيستهم.

بشائر للنصر، وبشر للنحر

 

محمد الهادي الحسني

2023/05/07


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة