فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3050.2
إعلانات


.. يعود بعد 43 سنة

كان على جيل بكامله أن ينقضي من بعد رحيله، لكي يعود هذه المرة ليس ذكرى عابرة ولا مناسبة صورية.

استذكار ذكرى رحيل الرئيس الراحل المقيم هواري بومدين الـ43 قبل أيام، لم تكن مجرَّد احتفال عابر كما كان يحصل بعد غيابه، رغم أن حتى تلك الاحتفالات التمجيدية والاستذكارية قد قلت إن لم نقل انقطعت كليا في بعض المراحل ما بعد رحيله.

يعود الراحل بومدين هذه المرة ليس في ثوبه ولا في شخصه ولا في خصوصية مرحلته التي قادها مدة 13 سنة، بل في شكل “عودة الروح الوطنية” معه، إن ليست في الاشتراكية أنموذجا سياسيا، لكن في “ديمقراطية شعبية” نهجا، يعتمد أصلا على مشروع وطني طموح ومنهجا قويا لبناء الدولة الوطنية المستقلة والسيدة. هذه هي فلسفة الراحل في البناء الوطني، والتي لم يتخذ من الاشتراكية منهجا سياسيا وإيديولوجيا تطبيقيا إلا لأن الاشتراكية وقتها كانت الخيار الأوحد أمام كثير من الدول التي خرجت من التبعية الاستعمارية واستقلت سياسيا وكان عليها أن تستقل اقتصاديا وسياديا. الاشتراكية التي اختيرت كان خيارا أوحد بالنسبة لنا بعد الاستقلال في عالم مقسَّم إلى معسكرين، إذ كان على الخارج من نير الاستعمار أن يختار بين نظامين: إما العودة إلى نير الاستعمار القديم عبر الخضوع السيادي والاقتصادي والثقافي في غياب برجوازية وطنية يمكن أن يُعتمد عليها كقطاع خاص، أو ترك الرأسمال الأجنبي يعود، ونكون بذلك كما كان يقول الراحل قد “أعدنا إدخال الاستعمار من النافذة بعد أن أخرجناه من الباب”، أو البحث عن منهج آخر يضمن لها السيادة والوصول إلى تنمية مستقلة بعيدة عن الإملاءات والإكراهات؟ فكان علينا من بداية الاستقلال في عهد الرئيس الراحل أحمد بن بلة أن نختار النهج الثاني، الذي كان هو الآخر محفوفا بكل المخاطر والتحديات الدولية والإقليمية والعربية.

يعود الرئيس الراحل بومدين اليوم بعد 40 سنة: منذ يوم تنصيب الرئيس عبد المجيد تبُّون رئيسا منتخَبا ديمقراطيا قبل 3 سنوات. يعود بعد 40 سنة في 17 ديسمبر 2019، في شكل منهج جديد لجزائر جديدة مبنية على العدالة الاجتماعية التي كان الراحل بومدين “يضرب عليها الطاولة” عبر تفجير 3 ثورات اقتصادية: زراعية وصناعية وثقافية. هذا ما نقوله اليوم عما يحدث عندنا ضمن توجُّه “ليبرالي اجتماعي” بدون أن نسميها ثورات، وهي فعلا ثورات بصيغة “إصلاحات ليبرالية”، لكن إصلاحات جذرية التي كنا نسيمها وقت “الثورة” و”المرحلة الثورية ” والفكر الثوري، هنا نسمّيها “ثورات”.

كان الراحل بومدين يبحث في الاشتراكية عن العدالة الاجتماعية والتقليص في الفوارق الطبقية رغم أن المجتمع وقتها لم يكن طبقيا إلى حد كبير. كان معظم الشعب من الطبقة الوسطى ولم يكن الفقر يمثل نسبة قوية إلا من حيث ضآلة البنى التحتية الناجمة عن المخلفات الاستعمارية التي أحرقت القرى وهجّرت السكان ونشرت الفقر والجهل والأمية وحولت الملّاكين الفلاحين إلى “خمّاسين”.

حاول بومدين أن يغيِّر وجه الجزائر عبر فرض هذه الثورات. غير أن العمر خانه ورحل قبل أن ينهي مشروعه الوطني، والذي كان على الرغم من فشل التجربة السوفيتية والاشتراكية بشكل عام، كان عليه لو بقي فرضيا إلى اليوم، أن يغير من وجهته الإيديولوجية كما غيَّر الاتحاد السوفيتي نفسه بنفسه وغيَّرت الصين سياستها الاقتصادية وأدخلت النظام الليبرالي والرأسمالي في نظامها الاقتصادي، مما مكّنها من منافسة كبريات الاقتصاديات العالمية اليوم.

يعود اليوم بومدين في روح سياسية جديدة ليكمل ما بدأه.

.. يعود بعد 43 سنة

عمار يزلي

2022/12/30


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة