فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3065.62
إعلانات


الإنابة إلى الله وقت الشّدائد...

28 فيفري2022

الإنابة إلى الله وقت الشّدائد...

اسلاميات 28 فيفري 2022 (منذ 12 ساعة) الشّيخ عبد المالك واضح*

موصى ب

إنّ ممّا ينبغي على المسلم أن تكون تصرّفاته وحركاته لربّه، وليست تحرّكات طائشة، أو تصرّفات هوجاء، بل يجب أن تكون منضبطة بنور الوحيين، الّذي يعمل عمله في قلوب النّاس وقت الشّدائد، وإذا كان للجوارح أعمال كالصّلاة والصّوم والحجّ، فإنّ للقلوب أعمالًا أعظم من ذلك بكثير؛ وذلك لأنّ عمل القلب ينبني عليه صلاح عمل الجوارح أو فسادها: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ، تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ}.

ومن أعمال القلوب المهمّة عند حصول الشّدائد الإنابة إلى الله: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}، ولمّا امتدح ربّنا داود عليه السّلام قال: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}، ومعنى الإنابة إلى الله تعالى الرّجوع إليه والتّوبة إليه سبحانه: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ}، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}، والقلوب على ثلاثة أنواع: ميّت لا خير فيه، وحيٌّ، لكنّه منشغل عن الآيات معرض عنها، وحيٌّ مستعد، تليت عليه الآيات فأصغى بسمعه، وأحضر قلبه، فهو شاهد القلب ملق للسّمع، فهذا هو الّذي ينتفع.



واعلم رعاك الله أنّ الخوف إذا كان من الله لا من غيره ترتّبت على ذلك نتائج عظيمة أهمّها الطمأنينة الّتي تنزل تلقائيًا في القلب: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، وذكر الله في الآية هو القرآن، والّذي يُعرِض عن القرآن يتزلزل قلبه، وتضطرب معيشته: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي، فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، وإذا طال الخوف على الإنسان واشتدّ به وأراد الله أن يريحه أنزل عليه السّكينة، فاستراح قلبه إلى الرّجاء واطمئن به، وسكن لهيب خوفه، ولذلك كان للعلماء الرّبّانيين أدوار مهمّة في تثبيت النّاس، يقول ابن القيم رحمه الله: كنّا عندما تُزلزل الأمور نذهب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية فنجلس إليه، فما هو إلّا أن نسمع كلامه حتّى ترتاح القلوب وتهدأ النّفوس وتطمئن.

والخوف من الله سبحانه يستوجب أمرًا آخر، وهو عدم الأمن من مكر الله: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ الله بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ}، فهؤلاء الّذين مكروا السّيِّئات عملوها، ودعوا النّاس إليها، وحرّضوهم عليها: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ الله بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ}، وتقلّبهم هو تنقّلهم في الأسفار وغيرها، وتغيّرهم في أحوالهم، ولذلك قال الله في آية أخرى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ، أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}، فالنّاس عندما يؤخذون بالعذاب على أنواع: منهم من يأخذه الله وهو مطمئن نائم، ومنهم من يأخذه الله وهو يلعب ويلهو، ومنهم من يأخذه الله وهو يخاف من وقوع العذاب عليه، ولذلك إذا أخذ الله غيرنا بعذاب وهم نائمون مطمئنون، فنحن الآن في مرحلة نخشى أن يأخذنا الله بعذاب ونحن على تخوّف!!

ومن أهمّ أعمال القلوب: التّوكُّل على الله: {وَعَلَى الله فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول في دعائه وذكره لربّه: “اللّهمّ لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكّلتُ”، وكان يفوّض أمره إلى ربّه حتّى عند النّوم فيقول: “أسلمتُ نفسي إليك، ووجّهتُ وجهي إليك، وفوّضتُ أمري إليك، رَغبة ورَهبة إليك”.

وهذا موسى عليه السّلام لمّا أرسله الله لبني إسرائيل وكانوا في اضطهاد وظلم قال: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}، أي: اجعلوها عامرة بذكر الله؛ لأنّ هذا الّذي يُنجي في الأخطار، وهذا الّذي يُصبِّر النّاس، فماذا قال موسى لقومه؟ وقال موسى لقومه لمن آمن به: {يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِالله فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ، فَقَالُوا عَلَى الله تَوَكَّلْنَا}، ولذلك لابدّ أن يواطئ اللّسان القلب؛ فالقلب متوكّل واللّسان يقول: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، أي: يكفيك ويكفي المؤمنين الّذين اتّبعوك، فهو حسبُك وحسب مَن اتّبعك من المؤمنين.

* مسجد عمر بن الخطّاب، بن غازي - براقي


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة