جنين بورزق

 

 

الأشهر كلُّها لله، وأعظمها الأربعة الحرم، ثلاثة متواليات: ذو القِعدة وذو الحِجّة والمحرم، وواحد فرد وهو: شهر رجب
وقد سُمّيت بالأشهر الحرم لِعِظم حرمتها عند الله ، وعِظم حرمة الاعتداء فيها على حرمات الله وحرمات عباده، قال عبد الله ابن عباس رضي الله عنه: «اختصَّ الله أربعةَ أشهر جعلهن حُرُما وعظّمَ حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظمَ»
وأخطرُ الذنوب والمعاصي -بعد الشرك باللهِ – الظلمُ ! وقد حرّمه الله على نفسه وجعله مُحرَّما بين عباده في سائر الأشهر ، و شدّد على تحريمه في الأشهر الحرم فقال سبحانه : {فلا تَظلِموا فيهنَّ أنفسَكُم}[التوبة 36] وقد نهانا عن ظلم أنفسنا، والمراد : ظلم غيرنا بالاعتداء على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ونظيره قوله تعالى: {ولا تاكُلوا أموالَكم بينكم بالباطل}[البقرة 187] وقوله: {ولا تقتلوا أنفسَكم}[النساء 29] لأنه من اعتدى على مال غيره اعتُدِي على ماله، ومن سفك دم غيره سُفِك دمُهُ ؟!
¤ فالواجب على المسلم أن يُنزّل دم أخيه في الدين أو الإنسانية منزلة دمه من حيث صونُه ، ويُنزل مالَ وعرضَ أخيه منزلة ماله وعرضه من حيث صونُه لقول النبيّ صلى الله علبه وسلم : «لا يُؤمن أحدُكم حتّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحٍبُّ لنفسه»
¤ وقد أكرمنا الله برجب وأهلَّه علينا، وهو شهر الله الأصمّ:
1- نسبه الله لنفسه تشريفا وتعظيما
2- وسُمّي برجب، لأنه كان يُرَجَّبُ ، أي: يُعظم ، كما قال الأصمعي
3- وسمّاه النبي صلى الله عليه وسلم بالأصمّ ، لأنه كان لا يُسمع فيه صوت مستغيث، ولا حركة قتال، ولا قعقعة سلاح لأنه مِن الأشهر الحرم كما قال الخليل!
فهو شهر السلم والأمان، «والمُسلم مَن سَلِم المُسلِمون مِن لسانه ويَدِه» كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم
¤ فلنجعله شهرَ إنابة ورَدّ الحقوق لأصحابها ، ولنملأه بفعل الخيرات وقضاء الحاجات استعدادا لشهر التجلّيات، شهرِ رمضان المعظم ، قال الشيخ أبو بكر الورّاق البلخي رحمه الله: شهرُ رجب شهر الزّرع، وشهرُ شعبان شهر السّقي، وشهرُ رمضان شهر حصاد الزّرع !
فاللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبَلِّغنا رمضان يا أرحم الراحمين.

محمد بوركاب