فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3050.2
إعلانات


البلطجة.. والهزيمة الأخلاقية

البلطجة.. والهزيمة الأخلاقية

حسان زهار كاتب صحافي

ح.م

2019/12/10

من ينهزم أخلاقيا، لن يكون له حظ الانتصار مستقبلا.. وكذلك هو حال بعض البلطجية والمنحطين وعديمي التربية.

في معركة الرئاسيات التي موعدها بعد ساعات فقط، سقطت أقنعة كثيرة، وظهرت للعلن أحقاد رهيبة، كانت تتغطى برداء السلمية، قبل أن تكشف اليوم عن وجهها الحقيقي، وعن همجية لم ير الناس مثلها من قبل على وجه المعمورة، لبشر وما هم ببشر، يقطعون على الناس طريق الانتخابات، بالشتم والتحقير والضرب، وحجتهم في ذلك السعي لبناء دولة مدنية.

شاهدنا خلال أيام قليلة فقط، أثناء العملية الانتخابية في الخارج، ما لم نشاهده طوال تسعة أشهر من الحراك، وقد انتقل البعض من معارضة السلطة إلى معارضة الشعب، ومن رفع شعار السلمية، إلى استخدام أساليب البلطجية، لكنها بلطجية تفتقد لأدنى معاني الرجلة والفحولة، لأنها موجهة للأسف في الغالب، ضد النساء والشيوخ، أو ضد رجال منفردين، قبل أن تحيطهم الكلاب العاوية من كل جانب.

هؤلاء الذين صدعوا رؤوسنا بشعاراتهم الزائفة “جزائر حرة ديمقراطية”، لم يثبتوا لنا اليوم فقط همجيتهم المنفلتة، بقدر ما هم يعيدون تذكيرنا بأن الجينات التي تسري في عروقهم، تمنعهم من امتلاك الأخلاق فترة طويلة، فسرعان ما ينقلبون إلى وحوش كاسرة، توجه كل حقدها ضد المواطن البسيط لا أكثر، بينما يتباكون في المقابل على مظلومية زائفة، بادعاء أنهم ضحايا سلطة غاشمة.

فما الذي يدفع مواطنا للاعتداء على مواطن آخر، فقط لأنه يختلف معه في الرأي؟

ألسنا أمام خيارات سياسية، تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ من الجانبين، ولسنا أمام استقطابات دينية أوعرقية؟

من أعطى هذا المواطن الحق في منع مواطن مثله، ممارسة حقه في الانتخاب، وحقه في الاختبار، وحقه في التفكير، وحقه في أن يكون مختلفا؟

إذا كانت هذه هي الديمقراطية التي يعدوننا بها، فليس أدعى للحق من الكفر بها وبأصحابها، والمشكلة أننا جربناهم في الماضي، جربناهم طويلا وكثيرا، والمرة الوحيدة التي امتلكوا فيها السلطة في التسعينات، بعدما أزاحوا الرئيس الشاذلي، ذبحوا الشعب، وأعلنوا كفرهم البواح بالصندوق.

اليوم أيضا، لا يكفرون بالصندوق فقط، إنهم يكسرون تلك الصناديق الانتخابية ويصورون ذلك على أنه انتصار ديمقراطي! إنهم يمنعون الناس من حريتهم وممارسة حقوقهم، ويصورون ذلك على أنه ثورية وممارسات يقوم بها “الأحرار”.. لكن عندما تضربهم على رؤوسهم عصا القانون، فيتم اعتقال بعضهم، وسجن الآخر، يشرعون في العويل مثل الندابات، ويصرخون، أين حقوق الإنسان؟

فأين الإنسان أصلا في هذه المهزلة التي يمارسها أشباه البشر؟ أين الإنسان حينما يتم الاعتداء على امرأة حرة، وتوصف بـ”العربية الوسخة” لأنها دخلت قنصلية بلدها وأرادت الانتخاب؟

أين الإنسان في جرجرة شيخ مسن بالكاشير، والعبث بصوته وبشيبته، وتصوير ذلك بضحكات تقطر رخصا، وأين الإنسان في إهانة فتيات بنفس الطريقة المبتذلة، لأنهن دخلن مركزا للاقتراع؟

لكن الرد سيكون صاعقا يوم الانتخاب في الجزائر، صاعقا على طريقة ضربة رأس ذاك الخنشلي الفحل، لجرذ من جرذان باريس، فهذه المرة، الشعب هو من سينطح عبيد فرنسا، ويحرق آخر أوراقهم.

الشعب السيد وحده، من يقرر مصيره، بأن يذهب للانتخابات أو يقاطع، ولن يكون لأساليب البلطجة المنتشرة حاليا، سوى إحداث التأثير العكسي، وربما قرر الكثيرون ممن كانوا مقتنعين بالمقاطعة المشاركة والانتخاب انتصارا لكرامة مواطن آخر تعرض للضرب أو الإهانة، فالجزائري خذ منه كل شيء إلا أن تستفزه في رجولته.

لقد انتصر الحراك بداية بسلميته، وها هم جماعات البلطجية داخله، يقودونه إلى هزيمة أخلاقية ساحقة.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة