فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3050.2
إعلانات


عهد نصارى نجران

عهد نصارى نجران *
د. محمد عمارة
أنا أتمنى أن يدرس أبناؤنا - فى المدارس والجامعات - الميثاق الدستورى العظيم الذى كتبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سنة 10هـ / سنة 631م، لنصارى نجران، ولكل النصارى عبر الزمان والمكان، وأن يُترجم إلى كل اللغات.. وأن ينشر ويذاع فى الدوائر الجاهلة بسماحة الإسلام وعظمته وريادته ميادين العيش المشترك وحقوق الإنسان، قبل المواثيق التى عرفتها الإنسانية فى القرن العشرين بأربعة عشر قرنًا من الزمان. إن نصوص ميثاق هذا العيش المشترك، وتقنين الحقوق للذين لا يعترفون بالإسلام، وإعلان الحماية لهم ولدينهم ومقدساتهم وأموالهم.. هى نصوص مدهشة حتى للعقل المحتضر فى القرن الواحد والعشرين. بل إنها مدهشة - كذلك - للعقل المسلم الذى لم يفقه هذا التراث وهذه النصوص. لقد استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وفد نصارى نجران باليمن، وفتح لهم أبواب مسجد النبوة، فصلّوا فيه صلاة عيد الفصح، الذى حان حينه وهم بالمدينة، وكتب لهم عهدًا دستوريًا، قرر فيه:
* "لنجران وحاشيتها، ولأهل ملتها، ولجميع مَن ينتحل دعوة النصرانية فى شرق البلاد وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وأعجمها، جوار الله وذمة محمد النبى رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم، وعشيرتهم، وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير.
* لا يُغيَّر أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته.
* وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا.. بما أحفظ به نفسى وخاصتى وأهل الإسلام من ملتى.
* ولا يُحمَّلون من النكاح (الزواج) شططًا لا يريدونه، ولا يُكرَه أهل البنت على تزويج المسلمين، ولا يُضارّ فى ذلك إن منعوا خاطبًا وأبَوْا تزويجًا؛ لأن ذلك لا يكون إلا بطيبة قلوبهم، ومسامحة أهوائهم، إن أحبوه ورضوا به.
* إذا صارت النصرانية عند المسلم - (زوجة) - فعليه أن يرضى بنصرانيتها، ويتبع هواها فى الاقتداء برؤسائها، والأخذ بمعالم دينها، ولا يمنعها ذلك، فمَن خالف ذلك وأكرهها على شىء من أمر دينها فقد خالف عهد الله وعصى ميثاق رسوله، وهو عند الله من الكاذبين.
* ولهم - (النصارى) - إن احتاجوا فى مرمَّة بِيَعهم وصوامعهم أو أى شىء من مصالح أمورهم ودينهم إلى رِفْد - (مساعدة) - من المسلمين وتقوية لهم على مرمَّتها، أن يُرْفدوا على ذلك ويُعاوَنوا، ولا يكون ذلك دَينًا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم، ووفاءً بعهد رسول الله، وموهبة لهم، ومنَّة لله ورسوله عليهم.
* لأنى أعطيتهم عهد الله أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم، بالعهد الذى استوجبوا حق الزمام، والذب عن الحُرمة، واستوجبوا أن يُذَب عنهم كل مكروه، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم".
تلك سطور من بعض مواد دستور الحقوق والعيش المشترك مع الآخر.. كل ألوان الآخر، الذى ارتاد الإسلام ميدانه قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا.. يوم كان العالم غابة ليس فيها مَن يعترف بحقوق الآخرين، فضلاً عن أن يحمى هذه الحقوق.
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
التوحيد والعقل الإنسانى
د. محمد عمارة
17
مايو
2012
07:07 PM
التوحيد الدينى هو المفجِّر لطاقات ومَلَكات الحرية فى الإنسان، فعندما يُفرِّد المؤمن الموحد الذات الإلهية بالعبودية يتحرر- فى ذات الوقت- من العبودية لكل الطواغيت.. فقمة العبودية لله الواحد هى قمة الحرية والتحرير للإنسان، ولذلك كانت شهادة أن لا إله إلا الله إعلان الحرية والتحرير للمؤمنين بوحدانية الله.. ومن الأخطاء الفكرية التى شاعت فى دوائر أصحاب الفلسفات الوضعية والمادية، القول إن الإنسانية قد بدأت تصوراتها واعتقاداتها الدينية بالشرك والوثنية، فلما نضج العقل البشرى انتقل من الشرك إلى التوحيد.. ولقد وقعوا فى هذا الخطأ لإنكارهم الغيبَ والوحى والنبوة والرسالة، ولإرجاعهم كلَّ فكرٍ إلى الأرض وإلى العقل البشرى.. ومن هنا شاع فى دراسات المِصريات والفكر والآثار الفِرعونية قول علماء المصريات الغربيين: إن المصريين القدماء قد عرفوا التوحيد قبل الأديان السماوية!؛ ذلك لأن هؤلاء العلماء - وهم فى الأصل غربيون وضعيون ماديون عَلمانيون - قد وجدوا تراثًا فِرعونيًا موحِّدًا لله، ومنزِّهًا له، فى التراث السابق على عصر الديانات السماوية الثلاث، فنسبوه إلى العقل البشرى، ومن ثم وقعوا فى هذا الخطأ الفكرى الكبير.
وعلى العكس من هذا المنهج الوضعى المادى فى التفكير، يؤمن المتدينون بالديانات السماوية أن الإنسانية قد بدأت بالتوحيد، وليس اختراعًا بشريًا وثمرة من ثمرات العقل الإنسانى، وإنما وحيًا إلهيًا إلى أبى البشر "نبى الله" آدم عليه السلام.. كما يؤمنون بأن التراث التوحيدى والموحد لله عبْر تاريخ الفكر الإنسانى - ومنه تراث التوحيد فى مصر القديمة - إما أنه من بقايا وآثار الأنبياء والمرسلين السابقين، أو أن المبشرين به والداعين إليه هم رسل لم يرد ذِكرهم فى القرآن الكريم - وهم كثيرون: "ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم مَن قصصنا عليك ومنهم مَّن لم نقصصْ عليك"[غافر:78]، ولهذه الحقيقة أوْلَى علماء الإسلام، الذين عرضوا للتأليف فى قصص الأنبياء، اهتمامًا بقصة نبى الله ورسوله إدريس عليه السلام، الذى جاء ذكره فى القرآن الكريم موصوفًا بالصدِّيق "واذكرْ فى الكتابِ إدريسَ إنه كان صِدِّيقًا نبيًا ورفعناه مكانًا عليًا"[مريم: 56،57]، والذى بُعث فى مصر، على عهد آدم عليه السلام، وكان ثالث الأنبياء - بعد آدم وشيث - والذى يقال إنه أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمانِ سنين.. أى أن تراث التوحيد فى تاريخ الفكر المصرى القديم هو من بقايا رسالة إدريس، عليه السلام، التى ظلت تغالب الانحراف إلى الشرك والوثنية، كما أن بقايا ملة أبى الأنبياء - عليه السلام - قد ظلت تغالب الشرك والوثنية فى شبه الجزيرة العربية، وظلت مصدر إلهام للحُنفاء الذين رفضوا الشرك والوثنية حتى بِعثة خاتم الأنبياء، رسول الإسلام، عليه الصلاة والسلام، ومن هؤلاء الحنفاء الموحدين مَن أدرك البعثة النبوية وأسلم، مثل أبى ذرّ الغِفارى.. ومنهم مَن تُوفى قُبيل ظهور الإسلام - مثل عمرو بن نُفيل- ولقد تركت بقايا ملة إبراهيم، وهذا التوحيد آثارًا ملحوظة فى شعر عدد من الشعراء الجاهليين.. وهكذا بدأ التوحيد وحيًا إلهيًا، وليس اختراعًا للعقل البشرى، كما يقول الماديون.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة