فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3062.75
إعلانات


عفوًا السيد ‘ساركوزي’؛.. هذه تكفي.// للدكتور.. عبد القادر مزي.../ وهو مشكور....

السلام عليكم عمي ابراهيم هذه مقالة للنشر على صفحة أخبار بلاديكتبهاaek mzi ، في 11 مايو 2008 الساعة: 15:50 م
مـزي عبد القادر(*)
البريد الإلكتروني: mzi_aek@maktoob.com
موضوع للنشر:
عفوًا السيد ‘ساركوزي’؛.. هذه تكفي.
إن فتح ملف جرائم الاستعمار وفضحها قد يحتاج حسب وجهة نظري إلى مئات المجلدات والأقراص المضغوطة والأفلام المصورة لتدوين ما جرى فعلا بالشواهد والأدلة المادية الحسية التي لا تزال حية إلى اليوم.
لكني كمواطن من مواليد سنة 1969 (مرحلة ما بعد الاستقلال)، وإن لم أُعَايِش ما قاساه الأهالي من المطاردة والتنكيل زمن الاستدمار، إلا أنني لا أستطيع أن أغالط نفسي أيها السيد ‘ساركوزي’ الذي ما فتئ يمارس علينا التعمية الإعلامية لتشويه التاريخ الفعلي كواقع مشهود من خلال تصريحاته المتكررة أن دور فرنسا كان تبشيرا حضاريا..
آسف أنا الذي أعرف ‘ديدرو’ و‘فولتير’ و‘روسو’ وغيرهم من رواد فلسفة الأنوار… آسف لأن تلك التباشير التي أعلنتها الثورة الفرنسية شعارا متمثلة في (’الحرية’، ‘المساواة’، ‘الأخوة’) لم تستطع أن تصنع كائنات فرنسية متحضرة بالفعل.
وأحب أن أكتفي هنا ـ بحسب مقام المقال ـ بذكر أربعة شواهد هي إلى اليوم بمثابة نماذج حية تخبر كلَّ مولود من جيل الاستقلال عن الفعل الحضاري الفرنسي، وكنا نأمل أن يزورها الرئيس ‘ساركوزي’ عندما حلَّ بالجزائر ليرى بعين اليقين إن كان لا يعلم علم اليقين ما جرى في حق الإنسان والحيوان والنبات والحجر (عفوا للبيئة). ولأن أشغال السيد الرئيس وانشغالاته كثيرة بحكم خرائط الطرق التي يحضرها لإعادة توسيع النفوذ في العالم العربي الإسلامي، فسأدعوه إلى هذه المأدبة التاريخية لعله يستفيق من سباته ويتخلص من أفكاره التي أسر نفسه داخلها. هي دعوة لك أيها السيد الرئيس لتزور آثار فرنسا الحضارية، وقد اخترت لك عيِّنة جغرافية صغيرة جدا بالمقارنة مع حجم الجزائر وامتداد أراضيها.
إن هذه المنطقة هي ما يسمى اليوم ـ بالمناسبة لم يتغير الاسم ـ بـ’جنين بورزق’، بلدية تقع أقصى الجنوب من ولاية النعامة. أما الشواهد فتكمن في أربعة على سبيل الذكر لا الحصر، وهي:
(1) معتقل من أكبر معتقلات التعذيب والعزل والصفية الجسدية؛ وهو معتقل يعرفه من زاره آنذاك وتعرّف على أحد رواده من أمثال الرئيس التونسي السابق "الحبيب بورقيبة" أو الوطنيين الأحرار شيوعيين كانوا أو إسلاميين (أبناء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) أو مجرّد هُوًّاة استهواهم حب الوطن "الجزائر" كالشاعر "كوش يونسي التبسي" الذي نعرفه من خلال قصيدته التي تروي أحوال المعتقلين، والتي نذكر منها قوله:
”بورزق جنان يالمنفي … إلى قوله: منبع لعذاب يالمنفي
فيه تْلَمّينا يالمنفي
من كل مدينة يالمنفي
… ثم قوله:
الكابران بوقفة يالمنفي
ما عنده عفة يالمنفي
يسب ويشفر يالمنفي
… ثم قوله:
حكام جنان يالمنفي
ليطنا وقبطان يالمنفي
معهم جودان يالمنفي
يقطع لرقاب يالمنفي
يوم يهينونا يالمنفي
لا يحترمونا يالمنفي
أوقات يسبونا يالمنفي
من غير سباب يالمنفي
أعمالهم وحشية يالمنفي
قلوبهم معمية يالمنفي
حكومة فوضوية يالمنفي
(2) بقايا معركة ‘جبل مزي’ أو ‘جبل النار’ بتعبير الجنود الفرنسيين آنذاك؛ الزمان 06/07/08/ ماي 1960 أما المكان فهو تراب الولاية الخامسة التي كانت تحت قيادة العقيد "لطفي"، وتحديدا للمكان "المنطقة الثامنة" بقيادة السيد "محمد بن أحمد عبد الغني"، حيث كانت تتكون قوات جيش التحرير من ثلاثة فيالق: الأول يرأسه "بن عمارة" والثاني فيرأسه "حميدي" أما الثالث فيرأسه "عبد الغني". لقد استعملت القوات الفرنسية الطائرات الحربية محملة بقنابل ‘النابالم’ (Napalm) البكتيريولوجية (Bactériologique) فأتت على كل أخضر ويابس، فصدقني أيها السيد ‘ساركوزي’ إن الصخور الجبلية تحولت إلى ما يشبه بقايا بركان ناري.
(3) خط الأسلاك المكهربة (موريس) المزروع بالألغام المضادة للأشخاص والدواب والآليات الحربية(الدبابات التي أقسم لك أن مجاهدي جيش التحرير لم يمتلكوا واحدة منها). إن خطي ‘شارل’ و‘موريس’ اللذين سُلِّمت خرائطهما لا تغفر لفرنسا الجرائم المستدامة التي ما تزال قائمة ضحاياها مفتوحة إلى اليوم، وهي جرائم إنسانية لا يمكن تعويضها بأي ثمن.
(4) مركب ‘وادي الناموس’ الذي يقع إلى الجنوب الشرقي من ‘جنين بورزق’؛ طبعا لم يكن مركبا للتسلية وإنما مركب مخابر لصناعة وتطوير وتجريب الأسلحة ‘البكتريولوجية’ المدمرة للبيئة، فهو مفاعل نووي أو ما شابه ذلك. وقد شهد شاهد من أهلها (باعتراف من أحد ضيوف الشريط الوثائقي التاريخي الخاص بجرائم التعذيب في الجزائر، والذي بثته يومي: السبت والأحد /11 و 12/ ماي 2008، وهو فيلم بثته القناة الفرنسية: (Public senat/LCP) من إعداد: (Patrick Rotman )). ولا شك أن مصدر إنتاج قنابل النابالم كان ذلك المصنع اللعين.
هذه ليست قصة تسرد تاريخ الجزائر المستعمرة منذ 1830 أيها السيد ‘ساركوزي’ وإنما هي عيِّنات أو ربما شواهد لا يعرف حكايتها حتى الجزائريين أنفسهم لحجم الأحداث عددا أيام الاستعمار. أو ربما كذلك لأن التاريخ لم يكتب بعد والشهادات الحقيقية البعيدة عن المهرجانات الكرنفالية لم تُدَوّن بعد، واللائمة هنا تعود على الذين يشرفون على هياكل وزيارة المجاهدين محليا ووطنيا طبعا، والذين زار كثير منهم ـ حتى الوزراء ـ المنطقة بمناسبة ذكرى "أم المناطق" التي تقام تخليدا لأرواح الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف في معركة ‘جبل مزي’ وغيرها من المعارك التي شهدها المكان.
لكنها شواهد أربعة لا تَقِلُّ إحداها شناعة عن الأخريات… هي شواهد ما تزال حية، نتعلم منها نحن أبناء الجزائر المستقلة درسا أستاذه تاريخ الجزائر نفسه الذي يقول: "إن فرنسا لم ولن تكون متحضرة مع غيرها على الأقل". كما أنها شواهد نفتخر من خلالها ببطولات شعب أبي، وننحني كل يوم.. كل ساعة.. لا بل كل دقيقة وثانية.. عفوا بل مع كل نَفَس... على أرواح أولئك الأبطال الذين نعرفهم من خلال شهادة من بقي على العهد ينتظر من الرجال والنساء كآبائنا وأمهاتنا الذين تنقلوا معهم بين الوديا وفي سفوح الجبال، وقد أحياهم القدر فقط لينقلوا لنا تلك الرسالة الأبدية… التي هي: أن فرنسا هي هي.. . وأرجوا أن تفهم أيها السيد ‘ساركوزي’ أننا لا نريد منك اعترافا، لأننا نعرف ببساطة أنه سوف لن يكون منك. وإنما نريد أن لا تنتظر منا تنازلا أكثر مما يجب، تنازلا يطلب منا أن نعيش بدون ذاكرة ونكون رحماء مع السفاح… فنحن ببساطة لن نكون كذلك ولو مع ‘الحَرْكِي’ الذي هو من أبناء جلدتنا.
عند هذا الحد أتوقف وأترك المجال للمؤرخين فما أنا إلا هاوٍ، لذلك عَلَيَّ الاكتفاء بالقول: "عفوا ‘ساركوزي’… فهذه الأربعة تكفي.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة