فضاءات محمد آيت علو

خبار بلادي

محمد آيت علو

سجل التواصل مع محمد آيت علو

مسجــل فــــي: أكادير (البلدية) | سوس - ماسة | المغرب |
مسجــل منــــذ: 2020-12-29
آخـــر تواجــــــد: 2023-12-26 الساعة 12:56:51
محموع النقط: 14.24

إعلانات


>> محمد آيت علو >> سجل التواصل مع محمد آيت علو

الصفحة: 3 من 4

                                                                                                                                                         الكاتب: محمد آيت علو     *قصيدة شعرية. 

 

                                                                                                                   *حين تسد كل الأبواب                                        *للكاتب محمد آيت علو                                                               

البَابُ: بابُكَ...!

البابُ بابك....

وهَذا القَوْسُ المُتَهالَكُ،

وسَط المَبْنى الأثَرِيِّ،

والأسْوارُ: أَحْجار ٌعَتيقَةٌ،

ومِزْهَرِيَّاتٌ عَلى الجِدَارْ

أَكَاليلُ عِشْقٍ،

نبَتَتْ بيْنَ الشُّقوقِ،

ومن الحنين والشوق

نَبتَتْ على القُرمُودِ الأخْضَر ِ

وَالأَحْمَرِ مِنَ الجَمْرِ

نَبَتَتْ فَوْقْ...!

عُنْوَةً نبَتَتْ،

زَهْراً، عَوسَجاً و زِنْبَقْ...!

²²²²²²²

الفَانُوسُ: فانوسُكَ...!

وهذا الزُّجَاجُ البِلَّوْرِيُّ،

يَترَاقَصُ نَشْوَةً،

ويكْبُرُ في العُيُون ِكَوَرْدٍ تـَفَتَّقْ،

أَوْ نَجْمٍ فِي الأَعَالِي تَأَلَّقْ،

وهَدِير ِالبَحْرِ يُدَوِّي الصُّخورَ،

مِنْ شِدَّةِ العِشْقِ...

يُناغِي في مَدِّ وجَزْرْ

ومِنَ الإرْتِطامِ،

أَمْواجُهُ تتَفَجَّرْ...!

وكأنَّها تَرنُو إلى الحَالِمِينَ

غَرْباً و شَرْقْ،

مَنَاراً ، قوْساً...

منَ الزرْقَةِ والزَّبَدِ الأيْيَضْ

تَشْدُو بِالحُلْمِ المُتَماسِكِ فِينا وَشْماً،

لاَحِبْراً على ورَقْ،

وَشْماً في أجْسادِنا المُشْبَعَةِ...

بالسَّفَرِ البَعِيدِ...!

تَنْطَلِقُ،تَنطلِقُ...

تنطَلِقُ بِلا أَرَقْ.

²²²²²²²

الوقْتُ: وقْتُكَ...!

فَاخْلَعْ نعْلَيْكَ...

وادْنُ، اقْتَرِبْ أَكْثَرْ،

وادْلُفْ،

لِتَصْفَعَ وجْهَ الصَّباحِ فِينا...!

لِتُكَسِّرَ واجِهَتَنا النَّائِمَةَ

على الأمَانِي ِّالعِتاقْ

كَسِّرْها رعْداً،

إعصاراً وَميضاً وبَرْقْ...!

وضَعْ أَشْلاءَك،َ...

وَكأَنْ لاأحَدْ، والْحَقْ...!

إلحَقْ بالحَالِمينَ،

فالكَأسُ بلا قَرارْ...!

طَبعاً...! فَلا أحَد سيُبالي!

لاأحد سيَسأَلْ...!

وحَتَّى وإنْ سألتَني ...!

عنِ الَّذِي سيَكُونُ...!

فلا تسْأَلْنِي عنِ الذَّهابِ والإِيَّابِ،

لا تَسْألْني عنِ الغِيَّابْ...!

لاتسألني عنِ الدِّفء،

عنِ الأحْبابِ، عن السُّهادِ

عنِ الأرَقْ،

عن الانْحِسارِ...

والكُسُوفِ وإدْمَان ِ القَلَقْ،

طبعاً...وَفِي نِهايَةِ الطَّريقِ لَا أحَدْ...!

قَد يَعبُرونْ، سيَسكُنُونَ

القَلْب، ويظِنُّونَ...!

بفُضُولٍ...

سيَذْكُرونَ فِي المَقاهِي والدروبْ...

وبيْنَ الأَحْيَاءْ

فِي هَذِهِ الحيَاهْ،

والَّتِي مَا عَادَتْ حياهْ...!

سيَذْكُرُونَنا في هَذِهِ الحيَاةِ،

الَّتِي خَبَرتْنا جِيراناً أصْدِقاءَ ورِفَاقَ دَرْبٍ،

لمَّا كُنَّا نَتَطارَحُ الهَمَّ كَالأَحِبَّهْ.

سيذْكُرُونَنا لحْظَةَ غَفْوَةٍ...!

سيذْكُرُونَنا...

لَكِنْ ، مُجَرَّد نَقيق سُؤالْ...!

مثلَ شَايٍ باردٍ،

مَنْسِي المَوعِدِ...

والفَرْحَهْ...!

أجلْ! سيَذْكُرونَ... ثُمَّ مَاذا سَيحْدُثْ؟!،

سَنتَمَدَّدُ على الأرضِ

العَراءْ

عَلى الأَرْضِ الباردةِ

الخَلاَءِ

ونَنامْ...

ننامُ بعمق،

ثم يَنْسَوْنْ...!

سيذْكُرُوننَا مُجَرَّدَ نقيق سُؤالْ،

²²²²²²²

ألاحِقُ في الأزِقَّةِ السَّاعاتِ،

فَأَغْدُو خَلْفَها،

هذِهِ الحيَوانَاتِ الجَمِيلَةِ الَّتِي تَحْمِلُ حِقْدَ الإِنْسَانْ،

والسَّاحَاتُ غُولاً في وجْهِي...!

ومِنْ بابٍ إلى بابٍ، أَشْدُو كَحالمٍ،

ــ أنا الَّذي أغْوَتْنِي هَذه الأبوابُ بمَساحيقِهاــ

ضيَّعَتْني خِلالَ تَسَلُّقِ هَاماتِها...!

وجوهاً غَزيرةً تُطْلِقُ عِنانَها للرِّيحْ...!

وها أندا أصْعَدُ هَـــــذي التِّلالْ،

كما أفْعَل كُلَّ يَوْمْ،

والسَّنَواتِ الخَالِيَهْ

كَيْ أتَسَلَّى قليلاً...!

ثُمَّ أقِفُ على قِمَّةِ التَّلَّةِ هُناكَ...!

كَكُرَةِ ثَلْجْ،

أتَحَلَّلُ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدْ،

أتَحَلَّلُ،  وَأَنا كُلِّي عِشْقْ...!

أَتَوقَّدُ جمراً، وأحْتَرِقْ،

أتَحَلَّلُ مِنْ جَمْرِ الشَّوْقِ...

ثُمَّ أتَدفَقْ...!

أتدَفَّقُ، شَلَّالاً زُلاَلاً....!

ماءً عَذْباً فُراتاً

ومِنْ شِدَّةِ البَوْحِ أغْرَقْ...!

ثُمَّ أنْسابُ مِنْ غَيرِ وَعْيٍ،

في مَهَبِّ الرِّيحِ المَجْنونةِ،

تقْذِفُني نَحْو الهَاوِيــَـهْ..!

العَلاماتُ، واللافِتاتُ تُحرِّكُها الرِّياحْ،

وأنا المُتَدحْرَجُ، لاأقِفُ !

تائهٌ في مَهَبِّ الرِّيحِ.

كفِكْرةٍ مُتَحِّررَةٍ،

أهْتِفُ عنْدَ كُلِّ بابٍ ،

أَدُقُّ...،

أصِيحُ: أَيْنَ الإنْسانْ...؟ أَيْنَ الإِنْســــــانْ؟

أينَ الإنْســــــانْ؟

ياأيُّها الأَخْرَقْ...

فلا ألْقى لَديَّ سِوى فَحيحَ سُؤالْ،

حيثُ أَدُوبُ كالجَليدِ أَمامَ النَّارْ،

ثُم أَحْمِلُ غَصَصي الحَرَّى وكُل مَا سَكَنْ،

مِنْ وَحشَةٍ،

من غربةٍ، ومِنْ أرَقْ

مِنْ كَمدٍ  ووَجعٍ، وحَزَنْ،

أَصيرُ جُثةً هامدةً،

تهاوَتْ على الأرْضِ،

تغرَقُ الوَحْشَةُ...،

تَغْرَقْ،

في بِحارِ دماءٍ بريئـــــــةٍ تتعَمَّقْ ....

تغرَقُ، بِلا قَرارْ...!

فلا تُغْريكَ الأسْوارُ، ولا تَهُمُّكَ الأَخْطارُ،

سِوى ثِقْل الهَواجِسِ الإنْسانِيــــــَــهْ.

 

²²²²²²²

     فَتَحْتُ البابَ، فانْدفَعتْ...

رياحٌ قوِيــــــهْ،

غالبْتُها سائراً  باتجاهِ البَحرْ،

أحسَسْت بعَياءٍ،

التفَتْتُ...

رأيتُ إنساناً تفكَّكْ...!؟

رأيتُ خواءً...!

وصياحاً بَل عُواءً...!

ثُم غُولاً فَاغِراً فاهْ...!

ويا لَيْتَني ما رَأيْت ولَا أَبْصرْتُ...!

رأيتُ إنساناً تحَوَّلْ...

سقطَتْ منهُ  الأكُفُّ، والأصابِعْ...!؟

انْهَمرَتِ الأطْرافُ...،

تَخَلْخَلَتِ العُيُونُ والأنْفُ...!

انْسَلَّتِ الأَدْرُعُ،

الْتَفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ ...

ثُم تَبَخَّرَ الجَسَدُ...،

لَمْ يعُد شَيئاً...!

أَحَقا كَانْ...؟!

وهَلْ كَان...؟

دَبَّ في رَحِم الأَرْضْ...!؟

²²²²²²²

خَلْفَ الأَبْوابِ، هُناكَ،...

كانَتِ الفتَياتُ يصْدَحْنَ بالغِناءِ ،

والمُنْتَزَهاتُ والخُضْرةُ!

والحفلاتُ...

وَ الفُروسِيةُ، والزَّغاريدُ الآسِرَهْ!

والماءُ العَذْبُ الزُّلاَلُ ، والرَّوَابِي،

وَالمُروجُ، والغِدْرانُ...!

والرَّوابي الحالمَةُ...

وأعْشاشُ الطُّيُور،

وَالبَلاَبلُ تَصْدَحُ...

وأَجْرانُ الحُبوبِ المُتْخَمهْ،

والنَّوايا الحِسَانْ...

كانَ الإنْسانُ حَقا إِنْسَانْ...!؟

²²²²²²²

وَراءَ هَذا البابِ،

قِطَطٌ لَامعَةُ العُيونِ...!

وَشيءٌ مِنْ بَريقْ...

تَموءُ بيْنَ الخَرابْ،

وأُخرَى هائِجَةٌ تتَقاتَلُ..

بيْن صفائِحِ القُمامـَـــــهْ،

والجُرْذانُ، والغِرْبانُ، والجَماجِمْ،

وهَياكِلُ رُؤُوسٍ ، أَقْبعُ خَلْفَها،

مِثْلَ غُرابٍ في الأَنْقاضِ يَنْعَقْ.

ثُم أسِيرُ في وَحْشَتي...

أسيرُ وحدي

وحدي أسيرُ

أسيرٌ في هذه الحياهْ

والقلبُ يقطرُ أوجاعا على الطريق

طريقي التي طالت

والغم مطبقْ

وبالطريق ألف حكاية

أسير كالأخرقْ

ضارِباً في زَحْمَةِ الأَزِقَّةِ وَالدُّرُوبْ،

وأَنْتَفِضُ ثائِراً كمَوْجِ البَحْرِ

أَوْ  كالثَّلْجِ أَهِيمُ أَمَامَ إِشْراقَةِ شَمْسٍ حَارِقَة

أَدُوبُ في غُرْبَتي..شَلَّالاً

أَتَفَتَّتُ مِنَ المَلَلْ..

أَتلَمَّسُ الطَّريقْ...

وأشتهي

سفراً ورحيلاً

 لكِنْ، سَرْعَانَ

وَكَأَنَّ جسَد الدُّنْيا شُحُوبُ جفَافٍ

في وَدَاعِ الغُرُوب...

فَجْأَةً...!

سُدَّت أَمَامي كُلُّ السُّبُلْ،

شَحَّتْ يَنابيعُ مَائي،

ولَيْلي صَار طَويلاً ثقيلاً،

بَرْدُ الكَآبةِ قاسٍ يَزْحَفْ،

أُوَجِّهُ خُطُواتِي نَحْوَ المَجْهولِ!؟

لا نِهايَةَ لِي، ولا بِدايـــــَــــــــــــــهْ...!؟

لا بِدايةَ لِي، ولا نِهايـــــــــَــــــــــهْ...!؟

فأَكْتشِفُ أن َّكُلَّ الأَبْوابِ:

مُزَيَّفَهْ...،

دَنِيئـــــَـــــــهْ...!

مُهْتَرئةٌ،

وَقاتِمـَــــــــــــــهْ....!

²²²²²²²

ثم هأنذا أجرُّ رِجلا

وأتعثر بالأخرى

    أَتلَمَّسُ الطَّريقْ،

    وأتحرى ...

وأشتهي

سفراً ورحيلاً وأركبُ الوعرا

أعود بعده فجرا

أعود بعده

لا أعرفُ أحدا

أعود أسألُ  ربي سؤدداً

ومددا

أعود أسألُ:

رب يا واحد، يا أحد

لاتكلني إلى أحد

رب لاتحوجني إلى أحد

 واغنني عن كل أحد

يا من إليه المستند

وعليه المعتمد

يا فردُ، يا صمدْ.

²²²²²²²

غيرذَاكَ الباب المُشْرَعَ بالنُّورِ،

محاولَتِي الأخِيرَةُ

لأنْ أَفوزَ فَوْزاً عَظيما...!

وقَدْ هَيَّأتُ للتِّرْحالِ ــ منْ وَجَعِ الفُؤادِ ــ مَراكِبْ،

أَشُمُّ رائِحَة الاخْضِرارِ،

أَشُمُّ رائِحَةَ الطِّينِ تَخْتَلِطُ بِعَبيرِ المَطَرِ

أَسْتَنشِقُ الماءَ الزُّلالَ...

تَتَّسِعُ الرِّئَتانِ،

يَتَّسِعُ القَلْبُ...

يَسْكُننِي النُّورُ مِنْ بِدايَتهِ...!

أَراهُ بِرُوحِي، وبِقلْبي أُبْصِرُهُ...

ويَأْسِرُني...!

يَحْمِلُني إلى آفَاقِهِ الرَّحْبَهْ،

ولَنْ أَخيبْ،

سَيَكُون ُذاكَ البابُ...!

كما صَوَّرَتْهُ مُهْجَتي

فِطْرَتِي..

فِراسَتِي، مَقاماتِي...

هُوَ البابُ الحَقِّ...

إليْهِ أفيءُ ...

                                                                                                     حِينَ تُسَدُّ في الَوَجْهِ كُلُّ الأَبـــْــوَابْ...!    


                 *شراعٌ رابع:- وانسب إلى حضرته ما شئت من عظم.              *من: "أشرعة لمباهج وبركات من نور" 

                *      للكاتب: محمد آيت علو            

 

* قالت حليمة السعدية رضي الله عنها عن طفولة النبي (صلى الله عليه وسلم)" ليس لنا مصباح في الليالي المظلمة إلا وجهه (صلى الله عليه وسلم)".

 

            أكاد أتخيله (صلى الله عليه وسلم) من الأوصاف التي وصلتنا في كتب السيرة، والآثار الصحيحة والمشهورة والكثيرة بذلك من حديث علي وأنس بن مالك، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وعائشة أم المؤمنين وابن أبي هالة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم من أنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون،  وسطا في الطول، ربعة ضخم الرأس، واسع الجبين، مدور الوجه، أزهر اللون، واسع العينين طويل الأهذاب، شديد سواد الحدقة، مفلج الأسنان غزير اللحية، بين حاجبيه اتصال خفيف، وفي جبينه عرق يدره الغضب، عريض الصدر، كبير الكفين والقدمين، خفيف اللحم متماسك البدن، إذا مشى ألقى جسده إلى الأمام وسار في خطو ثابت وقد خفض بصره إلى الأرض، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، طويل السكوت، لايتكلم في غير حاجة، فإذا تكلم أوجز وأبلغ فقد أوتي (صلى الله عليه وسلم)  جوامع الكلم، دمث الطبع دون جفوة ودون رخاوة، إذا التفت التفت جميعاً، وإذا تكلم تكلم من كل فمه وأشداقه، وإذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتصل بها فضرب بإبهامه اليمنى راحته اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، جل ضحكته التبسم، لايغضب لنفسه ولا ينتصرلها، وإنما يغضب للحق وللدين وحينئذ لايقوم لغضبه شيء، ما ضرب خادما ولا امرأة قط، وما ضرب بيده شيئاً إلا أن يكون جهادا في سبيل الله، وكان دوما ذلك الرجل البسيط المتواضع، تراه في بيته يغسل ثوبه ويرقع بردته، ويحلب شاته ويخصف نعله، وتراه يأكل مع الخادم ويعود المريض ويعطي المحتاج، وتراه وقد احتمل حفدته على كتفيه وراح يصلي، وكان الحنان والحب مجسد.

أحب الإنسان والحيوان حتى النبات حنا عليه فكان يوصي بالشجر ألا يقطع، حتى الجماد شمله بحبه، فكان يقول عن جبل أحد هذا الجبل يحبنا ونحبه، حتى تراب الأرض كان يمسح به وجهه متوضئاً في في حب وهو يقول:" تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة"، وتروي السيرة أنه لما كسرت رباعيته وشج رأسه يوم أحد شق ذلك على أصحابه فقالوا: لو دعوت عليهم، فقال: إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون، وكان دائما ذلك الرجل الكريم الذي وصفه أصحابه بأنه ينفق إنفاق من لايخشى الفقر أبدا، وكان (صلى الله عليه وسلم) " المعرفة رأس مالي، والعقل أصل ديني، والحب مذهبي، والشوق مركبي، وذكر الله أنيسي، والحزن رفيقي، والصبر ردائي، والصدق شفيعي، والعلم سلاحي، والجهاد خلقي، وقرة عيني في الصلاة.

قال البراء: ما رأيت من ذي لِمَّة في حلة حمراء أحسن من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقال أبوهريرة رضي الله عنه: ما رأيت شيئاً أحسنَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه، وإذا ضحك يتلألأ في الجدر.

وقال جابر بن سمرة وقال له رجل: كان وجهه (صلى الله عليه وسلم) مثل السيف؟ فقال:لا بل مثل الشمس والقمر، وكان مستديرا.

وقالت أم معبد في بعض ما وصفته به: أجمل الناس من بعيد وأحلاهُ وأحسنهُ من قريب.

وفي حديث ابن أبي هالة: يتلألأ وجهه تلألؤُ القمر ليلة البدر، وقال علي رضي الله عنه في آخر وصفه له: من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته لم أرَ قبلهُ ولا بعدهُ (صلى الله عليه وسلم)، نعم تلك هي صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك هو نعته حيث لا يصل ناعته إلى استيفائه حقه، ففضائله أسمى ما تكون الفضائل وأخلاقه أزكى الأخلاق، فلقد كان يحيي الليل صلاة ودعاء وذكرا، حتى اشتكت قدماه من كثرة الوقوف وتورمت مع أنه قد كان مغفورا له ما تقدم وما تأخر من ذنبه.وفي نفس الوقت كان داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وكان رحمة للعالمين بالمؤمنين رءوف رحيم، فالقرآن خلقه وشريعته وهو "ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"وكانت دعوته خلقية تهدف إلى الخير والعدل والمحبة وتدعو إلى نجدة الفقير واليتيم والضعيف، كان (صلى الله عليه وسلم) يدعو إلى خير الجميع. وكان للرسول (صلى الله عليه وسلم) أصحاب، ورجال حوله، وأتباع آمنوا به وأحبوه وأطاعوه، بحيث لم أجد أية أداة أصدق وأنصع وأسمى أصف بها وضعيتهم وحالهم في صحبة هذا الرسول العظيم، وفي معاملة بعضهم بعضا، إلا بما وصفهم به الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم حيث قال:"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر الجود، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار. وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما"صدق الله العظيم. وكانت سمة المجتمع آنذاك تطبعها الوحدة في القول والعمل، في الحب والبغض، في الخوف والرجاء، والكل يخضع لسلطان الله وشريعته المبلغة بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم. فكان المجتمع يسمى بالمجتمع المسلم، والبلاد بالبلاد الإسلامية والتشريع بدين الإسلام، فلا مذاهب ولانحل ولا طوائف، فالكل معتصم بحبل الله لا يبغي به بديلا "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها". إذن، فلا عملة تتداول في وسط هذه صفته إلا العملة الإسلامية، ولا ألفاظ تنطق إلا ما نص عليها الكتاب والحديث، وهكذا بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)وفي عهد الخلفاء الراشدين، استمرت الحالة على ما كانت عليه: طهر وعفاف وتقوى وصلاح، هذا هو الرسول (صلى الله عليه وسلم) النبي الأمي الشريف الذي قال عنه ربه، هي ما قال لأبي بكر: أدبني ربي فأحسن تأديبي.


                                             *شراعٌ رابع:- وانسب إلى حضرته ما شئت من عظم.                          *من: "أشرعة لمباهج وبركات من نور"  للكاتب: محمد آيت علو 

 

* قالت حليمة السعدية رضي الله عنها عن طفولة النبي (صلى الله عليه وسلم)" ليس لنا مصباح في الليالي المظلمة إلا وجهه (صلى الله عليه وسلم)".

 

            أكاد أتخيله (صلى الله عليه وسلم) من الأوصاف التي وصلتنا في كتب السيرة، والآثار الصحيحة والمشهورة والكثيرة بذلك من حديث علي وأنس بن مالك، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وعائشة أم المؤمنين وابن أبي هالة وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم من أنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون،  وسطا في الطول، ربعة ضخم الرأس، واسع الجبين، مدور الوجه، أزهر اللون، واسع العينين طويل الأهذاب، شديد سواد الحدقة، مفلج الأسنان غزير اللحية، بين حاجبيه اتصال خفيف، وفي جبينه عرق يدره الغضب، عريض الصدر، كبير الكفين والقدمين، خفيف اللحم متماسك البدن، إذا مشى ألقى جسده إلى الأمام وسار في خطو ثابت وقد خفض بصره إلى الأرض، متواصل الأحزان، دائم الفكرة، طويل السكوت، لايتكلم في غير حاجة، فإذا تكلم أوجز وأبلغ فقد أوتي (صلى الله عليه وسلم)  جوامع الكلم، دمث الطبع دون جفوة ودون رخاوة، إذا التفت التفت جميعاً، وإذا تكلم تكلم من كل فمه وأشداقه، وإذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتصل بها فضرب بإبهامه اليمنى راحته اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، جل ضحكته التبسم، لايغضب لنفسه ولا ينتصرلها، وإنما يغضب للحق وللدين وحينئذ لايقوم لغضبه شيء، ما ضرب خادما ولا امرأة قط، وما ضرب بيده شيئاً إلا أن يكون جهادا في سبيل الله، وكان دوما ذلك الرجل البسيط المتواضع، تراه في بيته يغسل ثوبه ويرقع بردته، ويحلب شاته ويخصف نعله، وتراه يأكل مع الخادم ويعود المريض ويعطي المحتاج، وتراه وقد احتمل حفدته على كتفيه وراح يصلي، وكان الحنان والحب مجسد.

أحب الإنسان والحيوان حتى النبات حنا عليه فكان يوصي بالشجر ألا يقطع، حتى الجماد شمله بحبه، فكان يقول عن جبل أحد هذا الجبل يحبنا ونحبه، حتى تراب الأرض كان يمسح به وجهه متوضئاً في في حب وهو يقول:" تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة"، وتروي السيرة أنه لما كسرت رباعيته وشج رأسه يوم أحد شق ذلك على أصحابه فقالوا: لو دعوت عليهم، فقال: إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون، وكان دائما ذلك الرجل الكريم الذي وصفه أصحابه بأنه ينفق إنفاق من لايخشى الفقر أبدا، وكان (صلى الله عليه وسلم) " المعرفة رأس مالي، والعقل أصل ديني، والحب مذهبي، والشوق مركبي، وذكر الله أنيسي، والحزن رفيقي، والصبر ردائي، والصدق شفيعي، والعلم سلاحي، والجهاد خلقي، وقرة عيني في الصلاة.

قال البراء: ما رأيت من ذي لِمَّة في حلة حمراء أحسن من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقال أبوهريرة رضي الله عنه: ما رأيت شيئاً أحسنَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه، وإذا ضحك يتلألأ في الجدر.

وقال جابر بن سمرة وقال له رجل: كان وجهه (صلى الله عليه وسلم) مثل السيف؟ فقال:لا بل مثل الشمس والقمر، وكان مستديرا.

وقالت أم معبد في بعض ما وصفته به: أجمل الناس من بعيد وأحلاهُ وأحسنهُ من قريب.

وفي حديث ابن أبي هالة: يتلألأ وجهه تلألؤُ القمر ليلة البدر، وقال علي رضي الله عنه في آخر وصفه له: من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته لم أرَ قبلهُ ولا بعدهُ (صلى الله عليه وسلم)، نعم تلك هي صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك هو نعته حيث لا يصل ناعته إلى استيفائه حقه، ففضائله أسمى ما تكون الفضائل وأخلاقه أزكى الأخلاق، فلقد كان يحيي الليل صلاة ودعاء وذكرا، حتى اشتكت قدماه من كثرة الوقوف وتورمت مع أنه قد كان مغفورا له ما تقدم وما تأخر من ذنبه.وفي نفس الوقت كان داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وكان رحمة للعالمين بالمؤمنين رءوف رحيم، فالقرآن خلقه وشريعته وهو "ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"وكانت دعوته خلقية تهدف إلى الخير والعدل والمحبة وتدعو إلى نجدة الفقير واليتيم والضعيف، كان (صلى الله عليه وسلم) يدعو إلى خير الجميع. وكان للرسول (صلى الله عليه وسلم) أصحاب، ورجال حوله، وأتباع آمنوا به وأحبوه وأطاعوه، بحيث لم أجد أية أداة أصدق وأنصع وأسمى أصف بها وضعيتهم وحالهم في صحبة هذا الرسول العظيم، وفي معاملة بعضهم بعضا، إلا بما وصفهم به الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم حيث قال:"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر الجود، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار. وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما"صدق الله العظيم. وكانت سمة المجتمع آنذاك تطبعها الوحدة في القول والعمل، في الحب والبغض، في الخوف والرجاء، والكل يخضع لسلطان الله وشريعته المبلغة بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم. فكان المجتمع يسمى بالمجتمع المسلم، والبلاد بالبلاد الإسلامية والتشريع بدين الإسلام، فلا مذاهب ولانحل ولا طوائف، فالكل معتصم بحبل الله لا يبغي به بديلا "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها". إذن، فلا عملة تتداول في وسط هذه صفته إلا العملة الإسلامية، ولا ألفاظ تنطق إلا ما نص عليها الكتاب والحديث، وهكذا بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)وفي عهد الخلفاء الراشدين، استمرت الحالة على ما كانت عليه: طهر وعفاف وتقوى وصلاح، هذا هو الرسول (صلى الله عليه وسلم) النبي الأمي الشريف الذي قال عنه ربه، هي ما قال لأبي بكر: أدبني ربي فأحسن تأديبي.


بين عبق الشرق وسحر المغرب محطات ومحطات أُخر وسفَرٌ ماتعٌ ...ومسافات من جمال الانسانية                                                                                                                                                                                                      *للأديبة الشامية:باسمة العوام.

! قراءة في كتاب " كأن لا أحد... "                                                                       للكاتب : محمد آيت علو                                             

          =====================================

          " كأن لا أحد ...!" ، عنوان مدوّ صاخب ، يأخذك في عالم الخيال، التناقض، الحلم والواقع المرغوب وغير المرغوب، ضجيج داخلي يوهم صاحبه بشيء ما هناك ... أو أحد ما بقربه...والواقع يقول لا ... لا أحد .

كالبحر...تنظر إليه، تراه واسعا كبيرا؛ وكلّما تعمّقت فيه، وجدته أكبر وأوسع ... حكاياته أكثر من رمال شواطئه، ومع ذلك لا أحد فيه يحسّ بوجودك ... وحدك وصراخ الذكريات، وصمت قاتل وسكون وسط الزحام، فأيّ بحر غاص فيه كاتبنا ؟، وأيّة حكايات لفظتها سطوره ؟، ومن هو هذا "الأحد" الذي نام بين الفواصل والنقاط؟، ولم يخرج إلى السطح لنراه؟، بقي هناك يجول في عالم بلا حدود، حرفاً أثقل كاهله تمرد المعنى وبدايات ضاعت فيها كل النهايات....

نفتح باب الكتاب " كأن لا أحد...!"، لنتجول بين صفحاته المئة واثنتي عشر ( ??? صفحة )، والصادرعن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والإتصال في مراكش / المغرب ...

والذي قدم له المرحوم الكاتب والأديب عبده بن خالي فتحدث عن "نصوص منفلتة بمسافاتها الخاصة ، عن عمق الذات الإنسانية وبحثها عن كل أشكال النجاة والخلاص، عن حقيقة انفجاراتك الداخلية وكل التناقضات التي تجعل العالم يضيق أمام عينيك ، حتى يصبح في حجم علبة الثقاب ."

* ثم تأتي مقدمة الكاتب :

" لقد كان قومي مرة مثل رمال الشواطئ ...والآن أناديهم فلاتجيبني سوى الرياح "

" عجبا أن يكون للمسافة كل هذا السحر والجمال ، فهي تجعل حظ الأرض من الشمس الدفء والنور والحياة ... ذلك أن الاقتراب احتراق ، وحتى مع الإنسان ، فإن المسافة تجعل العلاقات بينهم تتوطد وتدوم أكثر .....

والحب يصير عشقا وولهاً بل ويزدان ويزهر ...!".

?? هذا الكتاب " كأن لاأحد ..! " والذي كتب عليه نصوص أدبية ، ليس إلا انفلاتاً عبر المدى في مسافات لاحدود لها وطلاسم تنزف في رحم الزمن، رسائل الأرض تحملها غيوم السماء ، أحلام تمتد نحو الشمس، مسافات تغوص بين النبضة والنبضة تشهقها الحياة في أقصر سفر سرمديٍّ إلى عالم اللازمان وخارج جدران المكان، إلى عالم اللاشيء واللا أحد .

* عشرون مسافة تخطّاها كاتبنا ، وفي كل مرة يأخذنا معه ويتركنا عند النهاية حائرين تائهين نبحث عن مسافة للعودة إلى فلسفة الكينونة وعمق ذواتنا، نبحث عن باب للإنفلات من حياة لا تحمل أيّ معنىً للحياة، نبحث عن ذاك المنسيّ خارج الوجود، عن ضوء في عتمة الفراق يكشف عن روح بلا جسد و جسد بلا روح ...

وتطول المسافات...، ولاشيء غير رائحة الأشياء الراحلة عبرها ونوافذ صدئة لايطرق زجاجها غير عويل الريح....

* عشرون مسافة حملت هذه العناوين :

- وجوه وأفواه، - إلى حين تمطر، - إصبع صغير، - زنزانة لاتضيء،  - كذلك بعد اليوم، - صور رجال جبال، - حائل الاشتهاء، - احتضار حياة، -  طيف ابتسامة، - اختراق محموم، حالة تردد، - ذو الوجه النحاسي، - الطفل الكهل، - كوّة في الغياب، - آلة صماء وإنسان، - نظرة بنظرة، - الإجتماع الأخير،- قناع ممثل، - أيقونات الغفلة، - أخيرا وحدك .

* مسافات تحتاج زمناً أقصر من عمر الألم وأطول من حياة البشر، لتصحيح عالم مشوّه يقبع داخلنا .

حكايات أخرستها الغربة، أوجاع القهر والظلم، الفراق واللوعة، ظلام السجن ووحشة الوحدة وزحمة محطات الذاكرة .

حكايات أوهنها عتب المسافات. أوصدها القدر ونزفها قلم كاتبنا كتلة آلام .

- ويمضي قطار المسافات...عشرون محطة، أولها في عيادة للأمراض النفسية. "وجوه وأفواه تثرثر، وآخرون سيعودون يوماً ولايرون مايثير.." .

وعجوز حاول اكتشاف نفسه في شارع طويل راح ينسحب من تحت قدميه، وأيامه كلها مازالت شتاء ينتظر إلى أن تمطر ...

وفي محطة، تنفتح الزوايا المظلمة في شخصٍ، فيدرك جنوح العالم نحو اللاعبثية، وقلبه يخفق مبتسماً لأصبع ذاك الطفل التي لا ترتفع عن جرس الباب ...وذاك السجين القابع في زنزانة لاتضيء، يحاول ترميم داخله المهجور والخروج نحو النور ....

ونمضي مع كاتبنا، نعبر المسافات، نتوقف في كل محطة لأخذ العبرة وتعلم الحكمة، إلى أن نصل المحطة العشرين " وأخيرا وحدك " ، حيث لا أحد... وكأن لا أحد !

=================================

*هو عالم الإنسان، إذن، وأبعاد تعاطيه مع وجوده والذي عبر عنه الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر بقوله :" للإنسان في تعاطيه مع وجوده أبعاد ثلاثة، ينفعل معها، محاولا فهمها وإدراكها وهي :

? (الذات: وهي علاقة المرء بنفسه، من هو؟ ولم أتى إلى هذا العالم؟ وكيف كان مأتاه ؟ وهل تراني أقدر على معرفة ذاتي أم لا ؟ وإن أمكن ذلك، فبأي وسيلة يكون... ؟ وهل نعرف ذواتنا معرفة مباشرة ؟ أم أننا لانعرفها إلا بالاستدلال عليها... ؟

? ( الغير  : وهو أفق علاقة الإنسان مع نظرائه في الخلق، كيف يراهم...؟، وماهي حدود علاقته معهم... ؟ هل هم جحيم كما ادّعى سارتر في مقولته الأثيرة :" الآخرون هم الجحيم "؟ أم أنّهم " نعيم " كما راهن على ذلك ليفي شتراوس ؟ .

? (العالم  : وهو قضية وجود الإنسان بين الأشياء، ماصنعه بيده، وما وجده مصنوعا له !

وكيف ينظر إلى هذا العالم ؟ وهل لنا رؤية للعالم ؟ وإن كانت فما هي... ؟ .

* بالنهاية: كل هذه الأبعاد وهذه العلاقات المتداخلة والخارجة، محكومة بمفهوم المسافة والتي تشير إلى مدى وعي الإنسان وقدرته على تحديد علاقاته وضبطها والتحكم بها، فكم من أشخاص يقيمون بيننا والمسافة المعنوية بيننا وبينهم هائلة، وموحشة، وآخرون بعيدون ، يؤنسون وحدتنا ويشغلون تفكيرنا.... وكما قال ( أونوريه دي بلزاك ) عن طبيعة الإنسان المترددة بين الوحشة والأنس، وبين العزلة والألفة :" العزلة أمر جيد ولكنك تحتاج لشخص ما لتخبره بأن العزلة جيدة ".

كذلك وصف ( محمد إقبال ) رفقة الآخرين أو بعضهم بقوله :"

مثل شمع الحفل .. في الحفل وحيد ورفيق ".

===================================

*مسافات زمكانية لها سحرها ودهشتها، لابد من الحفاظ على أبعادها حتى لاتنفلت منا وتنسحب من تحت أقدامنا ، ولتعزز ذاك الحب المقدس فينا وتقودنا دوما نحو عالم ناضج تاركين في كل خطوة أثراً لايُنسى .

*هي مسافات جعلنا الكاتب المغربي محمد أيت علو رفاق دربه في عبورها .

حروف رسم بها لوحته المدهشة وترك لنا تلوينها .

نصوص تركها مفتوحة وجعل لنا الشراع لنبحر في مكنوناتها ، ونتنقل عبر محطاتها، حكم وعبارات أنهى بها تلك النصوص، وتركنا نمعن ونتفكر ونتوقف طويلا في محطاتها ونتساءل ...

بينما يُنهي كاتبنا مسافاته بقوله :

" كم هي مليئة بالأسرار والآيات هذه المسافة كما بين العين والقلب، فسبحان المبدع الخلاق ....".

وبين المقدمة والخاتمة كأن لاأحد....!!!!!!!!


 *مسافة إبداعية جديدة:                   *"إلى حين تمطر"                              للكاتب: *محمد آيت علو.

 

                 كانت الفتاةُ الواقفةُ بمظلتها هناكَ تختلسُ النَّظرَ يمنة ويسرة، وتسترقُ السَّمع إلى بعض الجالسينَ على الكراسي الشبه فارغة، المبعثرة في الحافة أمام المقهى تنتظر أحداً غير آبهةٍ بالمارة...

  المارة، لا أحد يعيرُ اهتماماً لأحد في هذا الشارع، غير العجوز الأعور الَّذي غرزَ عينهُ الوحيدةَ نحو طفلٍ بائسٍ ماسح للأحدية، يجلسُ بجوارِ متجرٍ عتيقٍ في الشَّارِعِ الطَّويلِ...

  في الشارع الطويل، اصطفَّتِ الأكشاكُ والأبناكُ وصاغةُ الذَّهبِ والفِضَّةِ وأضواء المحلاتِ والمتاجر والشُّجَيْراتِ القصيرة الَّتي لا تُثمر... وزعيقُ السيارات المسرعة وطابور من الدراجات، والمنبِّهات العصَبِيَّة المزْعِجَةُ والفوضى العارمةُ والصَّخَبُ والأضواءُ، والرَّصيفُ العَريضُ المحاطُ بشجيرات قصيرة وقد امتلأ بالناس والأحذية ذات الكعوب العالية تضربُ الرَّصيفَ بشدة، والأصواتُ والوجوهُ الكالحةُ شاحبةٌ حزينة، وقد صفعتها الظروف...وعلى الرغم من الغيومِ الواعدة وزخات المطرِ الموحية بيوم مشتاةٍ، فقد كان الهواء فاسداً مشبعاً بالسُّمومِ وحزيناً مُتعبا...

    متعب أنا أيضا في هذه الزحمة في متاهات تفكير مشتت، تائهٍ لاقرارَ له، دُنيايَ شوارع لاتنتهي، وليس لها حد، أمشي دون هدف، مثل الوُجوهِ المزدَحِمَةِ التي تمرُّ بخيالي الآن، حادَيْتُ نحو الواجهة الشبه المضاءة فوق الرصيف، لأحتمي من زخات المطر، قرأتُ إعلاتاً عن فيلم سينمائي لوجوه ووجوه، ثم قطعتُ ذلك الشارع الطويلَ المزدحمَ الَّذي يُفضي إلى البحر...

   في البحر، شممتُ رائحته، رائحة البَحْرِ والبَرِّ تتمازجانِ،  عزمتُ على حرقِ القاربِ والمجذافِ كَمَنْ لا ينوِي العودةَ، أو الرجوع إلى اليابسة، أو كقرصان وحيدٍ مَبتُورِ السَّاقِ وبعينٍ وحيدةِ يرقبُ، بلا أملٍ أو حيلةٍ أمامَ شِدَّةِ هَيجانِهِ..يقفُ على رجلٍ يتأملُ المدَى...مثل اللَّوْحَةِ الأثريةِ هُناك في المقْهَى...

  بالمقهى ثلاثةُ أصدقاءَ يجلسونَ، شاعر وحيدٌ بحزمة أوراق وكتاب، وفنانان تشكيليان توأمان يتأملان رسوماتهما، كلهم يتلذَّذون نكهة القُطران، وأمامهم نصوص ولوحات شاخت، تبحثُ عن يدٍ تنشلها من الصَّمْتِ القاتلِ  والضَّياعِ في انتظار من لن يجيءَ...مثل النَّوافِذِ والشبابيك هُناك...

   نوافذ وشبابيك سئمت الوقوف عندها حسناوات يلمحن طيور السنونو في الفضاء كالمعتاد...ويرتقبْنَ من لن يجيء عبر درُوبِ المدينة...

دروبُ المدينةِ تلتَفُّ حول المارَّةِ في هذا اليوم شبه المشتاة...الرذاذُ ينْتَشِرُ في اتجاهِ الشَّارعِ الطَّويلِ الَّذِي يُفضي إلى البحر...مثل المجاري والقاذورات والمياه المتعفِّنةِ الَّتي تَنْسَكِبُ ولا تتوقَّفُ إلا حين تجتمع هناك...حيث حرب البحر ..وحرب المياه...

 لم أَعْهَدْ نفسي سائغاً كالماءِ في تلك الدروبِ الضيِّقةِ والزَّوايا العتيقَةِ والأزِقَّةِ الباردةِ والَّتي سقطَتْ فيها أجسادُ المارة اتباعا..وأنا أجولُ ببَصري كسائحٍ مَلَّ الترحالَ في الدروبِ الضيقَةِ حتى قاع المدينة...

  في قاع المدينة، لم تَكُنِ الفتاةُ الواقفةُ بمظلَّتِها تنتظرُ أحداً، ولم يَكُنِ الشَّارعُ الطَّويلُ يُفضي إلى البحرِ، ولا النَّوافذُ والشَّبابيكُ، ولا الحسناواتُ ولم يكنِ الصَّباحُ مشتاةً... ولم أكنْ أنا بِدَوْرِي أطوفُ بين دروب وشوارع أرجاء المدينة..ولم يكنِ السُّنُونو تطيرُ كما اعتادت ..ولم يرها أَحَد..!!

         كلُّ ماكانَ هو أنَّني كُنْتُ أكتشفُ نفسي في الشَّارِع الطويلِ الَّذي أخذَ ينسَحِبُ من تحتِ قدمي، وأنَّ أيامي هذهِ شتاءٌ عجوزٌ ..إلى حينَ تمطِر...


                                                                                                   كورونا:- يقظتنا بعد سقوط القناع.                         للكاتب: محمد آيت علو.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   هل يكون حقا فايروس كورونا المستجد قد كشف القناع والزيف لقوة وجبروت بعض الدول العظمى وسيطرتها على العالم؟ وهل يمكن اعتبار كورونا المستجد وجها حقيقيا للعولمة، ولصناعة جغرافيا سياسية جديدة لصالح نظام أحادية القطب المسيطر والمستغل؟ أتراه يكون قد كشف حجم الشر في هذا العالم من خلال السباق المحموم نحو التسلح والغزو الاقتصادي لمقدرات العالم كبداية لحرب ثالثه ناجمة عن نوازع الإنسان وحروبه الشريرة وكراهيته للحياة والتعايش والسلام والحرية ؟ أم تراه حصر كل تيارات التفاؤل البشرية التي تفاخرت حتى اليقين بانتصار الإنسان على الطبيعة والبيئة بالعلم والتطور التكنولوجي؟
لم يكن مسموحاً قبل اليوم البوح بما هوعليه العالم، لكنه يباغت على حين غرة ومن دون تمييز لتقلب الحياة رأساً على عقب، لقد نبهت منظمة الصحة العالمية بعد حين وبعبارات صادمة ما يمكن أن يحدثه أو يسببه هذا الوباء على الصعيد الدولي، وكان القطع المبرمج للحدود وللصلات بين الدول والمجتمعات يُنبئنا هذا وكأن أمراً كبيراً ما سيحدث لا حقاً حتماً.
ثم هاهي الحقيقة الصادمة بادية للعيان، ولا أحد يتجرأ على إنكارها، إنه العجز العالمي المنقطع النظير، فيروس لا يُرى، يستيقظ وينبعثُ من رماد الأنقاض ليبعثر كل الأوراق، وليستيقظ الجميع على ضعف وهشاشة دول كنا نعول عليها في إنقاذ العالم إن هو تعرض إلى غزو فضائي، فإذا بها عاجزة كليا تسقط أمام هذا الفيروس المستجد من أول وهلة، بل ويكاد يهزمها على الرغم من كون عائلته معروفة لديهم، وسبق التعامل معه أكثر من مرة، ثم يتجاوز تأثيره حواجز عالم الطب بكل أحواله، لتتعطل المجتمعات والمصالح، وتغلق الحدود بين الدول، وتشل الحركة في جميع القطاعات والمجالات…
إن الإستخدام للفايروسات والجراثيم وغيرها من الكائنات الدقيقه وسمومها التي تسبب إنتشار الأوبئة بين البشر والحيوانات، لايمكن فهمه إلا في إطار السباق المحموم نحو التسلح والغزو الاقتصادي لمقدرات العالم، على أن بعض الخبراء يعتبره بداية الحرب الثالثه الناتجه عن نوازع الإنسان وحروبه الشريرة وكراهيته للحياة والسلام، مما يبعث المخاوف والرعب من مستقبل مجهول للبشريه…ولا نستغرب تصريح رئيس وزراء بريطانيا العظمى حينما قال ” استعدو للخسارة أيها الأحبة والأقارب” ويبدو أن هذه العبارة لم تكن من فراغ عندما يقولها مسؤول دولة عظمى، وهو الخبير بالكواليس وعلى علم بأسرار الأبحاث في الحرب الجرثومية، كما كشفت بعض التقارير المتسربة سابقا عن بعض المقاربات المعتمدة في بعض الدول العظمى والذين لهم علم بما يجري في مختبراتهم التي تستهدف تدمير البشر كحقول تجارب لأسلحة حروبهم القادمة، ولعدة أجيال قادمة…لقد تحول العالم فعلا إلى مرتع يفعل به ما يشاء أشرار السياسة، طغاة العالم أمام فيروس صنعته مختبراتهم عابراً للحدود والقارات، كما أن التجارب السرية مستمرة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وكل الدول العظمى على الإنسان، وإخفاء الحكومة الأمريكية برامج حروبها البيولوجية عن بقية العالم والتي استخدمتها فعلا في حروبها…
هذا وشواهد التاريخ كثيره باستخدام أمريكا للأسلحة الجرثومية ..فقد اتهمت كوريا وبكين في عام 1952م بأن الولايات المتحدة استخدمت أسلحة بكتيرية في الحرب الكورية مستندة على صور ضحايا الحرب، وتحاليل مختبرية وعلى بقايا قنابل جرثومية، ودون نسيان التلوث الإشعاعي الذي أصاب كثيرا من بقاع العالم ولاسيما في الشرق الأوسط…
من هنا جاز لنا التساؤل الذي يفرضه واقع الحال إلى أين يريد هؤلاء المضي بهذا العالم – قادة الدول العظمى وشركاتهم المستفيدة مما يحدث وسباقهم في صناعة التسلح البكتيري والجرثومي والدمار الشامل في غابات الإنسان الشرير – والذهاب بالبشرية والإنسانية.
كما يتضح كذلك أن فايروس كورونا جاء ليكشف سياسات الدول الغنية على حقيقتها، ويرفعها إلى قمّة المفارقات، وكما كان متوقعا، في اختلاطات الوباء بالمرض، أن تتعالى أيضا اتهامات “الحرب البيولوجية” ضد الخصوم المفترضين، ففايروس كورونا بدا عند الكثيرين “سياسيّا” بدرجة قصوى، فأغلب الخبراء يعلقون على السياسة التي انتهجتها سياسة إدارة ترامب حيث قللت التمويل لأبحاث الأوبئة، وساهمت في وقف المبادرات لحماية الأمريكيين من إمكانية الإنتشار الكبير للأوبئة، وقد أغلقت برنامج بحث يدعى “بريديكت” عام 2019، وهو برنامج مختص بتتبع وبحث أكثر من ألف شكل من الفايروسات، وسياسة الإدارة الأمريكية المتجاهلة للاحتباس الحراري للمناخ ، ويمكن تتبع هذا الاتجاه السياسي أيضا عبر المنظومة العالمية التي تقوم في جوهرها، على حرب بيولوجية. بناء على صراعات سياسية أو اقتصادية، وقد وجدنا اللغط وأصابع الاتهام قد ازدادت حدة في الأيام الأولى لانتشار الفايروس…
كما أن كورونا المستجد فيما يبدو هي الوجه الحقيقي للعولمة، وعبر إعلامها المضلل، امتد جسر عولمة الخوف والتهويل، ليساوي بين الدول الغنية والفقيرة، بمن تمتلك الثروات وبمن يجتاحها الفقر، وهذا ليس غريبا على من ابتدع مفهوم العولمة وعمل في سبيله ومن أجله، في تدمير الهويات والخصوصيات المحلية للدول، وسلب القرار الأممي للمؤسسات الدولية السياسية منها والاقتصادية، من خلال سيطرته المطلقة.
مما سبق تتبدى حقيقتنا عارية من كل زيف أوتحريف، كما يتضح غباء الإنسان فوق هذا الكوكب في ظروف هذا الوباء، ولنفقه بالملموس حقيقتنا بعد سقوط القناع، ليسقط جبروت الإنسان المتغطرس المتكبر الجشع، المشبع بالأحقاد والظلم والجحود والتعالي والادعاء وعدم محبة الإنسانية أمام جرثومة صغيرة، فينكشف زيف وعجز الإنسانية وحقارتها، وينكشف الغطاء عن أصلنا وحقيقتنا برمتها، ويتضح بالملموس أن لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، عدا أنّ سيناريوهات الذعر والخوف التي لا تنتهي لتستمر…وذلك بأن لا شيء يضمن لنا بأن الفيروس لن يطور نفسه فلقد دب الرعب في وسط العلماء لأن الفيروس بات قادراً على الانتقال والعودة بتطويرات وسلالات جديدة ولا سيما في الشهور القادمة، نسأل الله أن يدفع عن هذا البلاء.....
من هنا الدعوة التليدة للقيم الإنسانية التي طالما نادينا بها في كتاباتنا وعبر هذا المنبر المتميز...


مشاركة: