فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1623.45
إعلانات


الحضارة والوحشية

الحضارة والوحشية

عبد الناصر بن عيسى

2023/10/20

من غرائب ما سمعنا في أيام الحرب الدائرة رحاها على أرض فلسطين، ما قاله رئيس الوزراء الصهيوني نتانياهو، من أنّ الحرب التي يخوضها جيشه الذي لا يُقهر، أمام حماس، هي “حرب شرف، تعني البشرية جمعاء، لأنها حرب بين الحضارة والوحشية”، وقد أعاد هذه المقولة أمام بايدن وبقية رؤساء الغرب، الذين تقبّلوها، وحرّكوا رؤوسهم بالرضا، لأنه نعتهم بـ”التحضر” وغيرهم بـ”الوحشية”.

وإذا كنا قد وجدنا أعذارا نفسية لبعض الإسرائيليين من الذين خرجوا عن ثوب الديبلوماسية وتحوّلوا إلى أصولهم الحقيقية، بنعت أعدائهم بـ”الحيوانات البشرية”، والكذب على العالم بزعم بأن أبطال “حركة الجهاد” هم من قصفوا مستشفى غزة، من باب أن وقع صدمة “طوفان الأقصى” كانت قاسية عليهم، فأفقدتهم صوابهم، فإنّ تقبُّل هذه النرجسية الغريبة لا يمكن السكوت عنه، لأن الذي يعتبر نفسه ومن حالفه “متحضرا”، ويصف غيره بما في ذلك الذين طبّعوا معه بـ”المتوحشين”، لا بدّ وأن نعتبره عدوّا مكتوبا على الجبين إلى يوم الدين.

الأزمات الأخيرة التي عرفها العالم من جائحة كورونا وحرب أوكرانيا والعدوان الصهيوني على غزة، كشفت حقيقة كانت مُغيَّبة أو غير واضحة بشكل كامل عن الغرب، والذي لا يضع الولايات المتحدة الأمريكية في نفس درجة إسرائيل، إما يكذب على نفسه أو فاقد للوعي، فما فعله الرئيس بايدن وبمباركة كل الأمريكيين يجعلك تسمي أمريكا “إسرائيل” والعكس من دون حرج أو خطأ لغوي، حتى إن بايدن اعتبر ما حدث لربيبته في “طوفان الأقصى”، أكبر وأفجع مما حدث لبلاده منذ إثنين وعشرين سنة، وأضعف تلميذ في الرياضيات بإمكانه أن يقول له إن أمريكا فقدت في شهر سبتمبر 2001 ضِعف ما فقدته إسرائيل في أكتوبر 2023، ومع ذلك قال بايدن إن خسارة إسرائيل، 25 مرة أكثر من خسارة بلاده؟!

ما يفعله بايدن مع إسرائيل هو ردُّ جميلٍ لهذا الكيان الذي خطّط ونجح في تخريب العراق وسوريا واليمن وليبيا، وردُّ جميلٍ لهذا الكيان الذي نجح في جرّ إمارات وجمهوريات ومملكات إلى التطبيع المذلّ للشعوب العربية والإسلامية، وردُّ معروفٍ لكيان حرم المسلمين من أولى القبلتين، وهو في الطريق لتهويد مسرى نبي الإسلام، وردّ جميل لكيان احترف الفتنة في المنطقة، فأشعل النعرات العرقية والمذهبية، ونجح في إدخال بلاد آمنة في حروب أهلية لا تنتهي، إلى درجة أن صار رجل دين يُفتي بحرمة الإفطار بتمر بلد إسلامي جار، وينصح بالتمر الذي يُنتجه الإسرائيليون، ورد معروفٍ لكيان زرع جواسيسه في كل مكان، فقتل علماء إيران والعراق ومصر، وسهّل تهجير أدمغة العديد من بلاد المسلمين، وردّ جميل لكيان نشر الرذيلة بين المسلمين، وكلنا نعلم بأنه ممسوخ من القردة الخنازير، ومع ذلك يجد الجرأة في إطلاق صفة “الحيوان” على أسياده.. نعم أسياده من أبناء فلسطين وهو بالتأكيد يطلقها على كل عربي ومسلم، ومن لا تشرق شمسُه من الغرب.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة