فضاءات بشار

بشار

فضاء التربية والتعليم

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1623.45
إعلانات


قيمة العلم بين الطلبة الثوار ومعتدي برج باجي مختار

قيمة العلم بين الطلبة الثوار ومعتدي برج باجي مختار

المحرر الأثنين 12 شوال 1442? 24-5-2021م

أ.د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/

وتذكرت أيضا يوم الأستاذ الذي كان يلقن الشباب الطلاب فلسفة القيم الأخلاقية والوطنية، فيغرسها في وعيهم، ويعمقها في سعيهم، تذكرت في يوم وفاته الذي يصادف ذكرى يوم الطالب، تذكرت الإمام محمد البشير الابراهيمي الذي أينع غرسه في الطلبة الثوار، يوم خاطبهم بقوله: «إنكم يا –أبناءنا- مناط آمالنا، ومستودع أمانينا، نُعدّكم لحمل الأمانة وهي ثقيلة، ولاستحقاق الإرث، وهو ذو تبعات، وذو تكاليف، و ننتظر منكم ما ينتظره المدلج في الظلام من تباشير الصبح» ( آثار الإمام. ج 3. ص 20).
ولقد صدقت تنبؤات الإمام الإبراهيمي في جيل الشباب، آنذاك – الذي ربّي على القيم الدينية والوطنية، فهجر سلاح العلم المزيف، في 1956 ليتزود بسلاح العلم الصحيح، وهو سلاح الجهاد، لتحرير العباد، والبلاد.
وهكذا سارت قوافل الطلاب الثوار إلى دروب المعركة، وإني لأذكر، بعض زملائي آنذاك، ممن قاسمتهم الحلو والمر، من أمثال الشهداء محمد شُهرة، وأحمد بوزقاق، وعبد الرزاق بالراشد، والطاهر عساسلة، وغيرهم؛ و لكل واحد منهم قصة معي، فصديقي محمد شُهرة، ابن المغير كتب لي من تونس، وهو في طريقه إلى الجبل، يصف لي الروح السائدة، والمعنويات القوية الرائدة، كما أن الشهيد عبد الرزاق بالراشد، قضيت معه ليلة وداع، صحبة الضابط المجاهد سي عبد السلام لمباركية، وقد كان من المقرر أن أصعد معهما إلى الجبل صحبة أخي عثمان بوزقاق رحمه الله، غير أن الضابط سي عبد السلام أبى علينا ذلك، وقال لنا ابقيا، هنا، في العمل الثقافي والمدني وعندما أحتاج إليكما، سأطلبكما، شاء الله أن يستشهد الأخ عبد الرزاق بالراشد في ليلة الصعود إلى الجبل، في اشتباك مع العدو.
ولا أنسى الأخ الشهيد سي بشير بن رابح ابن قرية سيدي خليل، بالمغير الذي قضيت معه هو الآخر ليلة كاملة، في فندق الحمامات، بنهج شارتر بالجزائر العاصمة وكان ثالثنا، سي محمد الأخضر الأخضري السائحي، الشهيد المعروف بالرائد سي المختار.
كنا –إذن- نعيش نشوة الثورة والثوار في ذكرى يوم الطالب ويوم الإمام، إضافة إلى انتصارات المقاومين في بيت المقدس، وفي غزة العزة، الذين كانوا يرسلون إلينا بآذان المسجد الأقصى، على وقع زغردة الصواريخ المنطلقة من أبطالنا في غزة، لدكّ حصون الصهاينة الذين يصيبهم الهلع والإرتباك، وهم في كهوف ومخابئ محصنة، أو من وراء جدر، كان هذا الآذان الممزوج بزغاريد الصواريخ الفاتحة، الغزّاوية يبعث فينا النشوة بالافتخار والانتصار حيث تغيرت معادلة الحرب -لأول مرة- بين قوة الحق، وقوة الباطل.
إن هذه التباشير هي التي نشرت الفرحة في قلوب ووجوه شعبنا، اعتزازا بجيل الطلاب الأحرار ومقاومة غزة الأحرار.
لكن بعض الأشرار، أفسدوا علينا فرحة العيد، وفرحة الجيل الصنديد، وذكرى الإمام المجاهد المجيد، فحوّلوا عيدنا الذي هو في معناه الاجتماعي، كما يقول إمامنا الإبراهيمي، يفيض بالفرح والمرح على الأطفال وباليسر والسعة على الفقراء، فهو أي العيد يوم الأرحام يجمعها على الصلة والبر، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور.
أقول في هذا الجو المفعم بالاعتزاز والافتخار، بجيل الثوار، يخرج علينا الأشرار من برج باجي مختار، ليدنسوا قيمة العلم والمؤسسات ويعتدوا على شرف المدرسات، ويقدموا للعالم صورة، عن فشل المنظومة التربوية، في صيانة القيم والمعاملات، في جنوبنا العريق في أصالته، وطهره والبريء من كل أنواع الموبقات.
إن ما حدث، للمجاهدات، بالطبشور، والقلم والكلمة، من بناتنا المعلمات، هو وصمة عار في جبين مؤسساتنا، الأمنية والاجتماعية والتربوية، حيث لا يَأمَن المواطن على بيته، والتاجر على ذهبه أو زيته، والشريف على شرفه أو بنته.
إن تضعضع الهيكل الاجتماعي في وطننا، بعد أن كان مضرب المثل في النخوة والأنفة وحماية الضمار، مبعثه التسيّب في ردع الأشرار والتهاون في تربية الصغار، و التحلل من مبادئ وقيم العلماء الأخيار.
فلطالما أسررنا وأعلنا بأن القصاص في ردع الجريمة، هو البلسم الشافي، وأن الضرب على أيدي الشرذمة اللئيمة هو الدواء الكافي.. فقد استفحل الداء، وانتشر الوباء، فصار الصغير يضرب معلمته، والكبير يختطف مواطنته والزوج يقتل حليلته، والمجرم يباهي بخليلته فماذا بعد كل هذا الظلام الدامس؟ وهل يبزغ فجر بعد هذا الليل التاعس؟
نريد للعدل أن يأخذ مجراه، و للقصاص أن يحقق معناه، و إذا كان الإعدام هو الحل لاستئصال الداء، «فإن آخر الدواء الكي» كما يقول مثلنا العربي.
ليكن هذا الجرم الشنيع، الذي ذهب ضحيته عفيفاتنا في برج باجي مختار، هو آخر الداء، ولكن بشرط أن نضرب بيد من حديد، على أيدي هؤلاء الأشرار الألداء..
فأيا كان التعاطف الذي أبديناه مع فلذات أكبادنا من المعلمات الشريفات، فإن ذلك لن يعالج الصدمة النفسية التي مُنين بها، والخيبة الاجتماعية التي أصبن بها.
نريد – إذن- للعقاب العادل الذي سينزل على المجرمين، أن يكون رادعا لغيرهم، وضامدا لجراح الضحايا في مثل موقفهم وموقعهم.
ويا من وضعكم الله، في سلطة حماية الوطن، أينما كان موقعكم، اعلموا أن تدنيس شرف الوطن، هو تدنيس لشرفنا جميعا فلنغسل العار، المنوط بحمانا، حتى نعيد للوطن حق الأمانة، وواجب الصيانة. ? وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه? [ سورة فاطر، الآية: 43] ولا نامت أعين السفهاء الأنذال.

طوّقتنا –والله- الحادثات والنازلات والذكريات، فأصابت القلم بالارتباك، والعقل بالانتهاك، والفكر بالشرود والانفكاك.
فعندما أظلنا يوم الطالب، يوم التاسع عشر من مايو عادت بي الذكرى، إلى عهد الدراسة، حين امتزج الحبر بالدم، و الرصاص بالقلم، فتذكرت فلسفة القيم التي سادت شباب ذلك اليوم الذي كان يحترم العلم والعلماء، ويمزج ذلك بالتضحية والفداء.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة