فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1633.12
إعلانات


فلسطين في ميزان الجزائر

فلسطين في ميزان الجزائر

 

عمار يزلي

2021/05/24

 

ما حدث ويحدث الآن في فلسطين المحتلة من تغيُّر في الموازين وتبدُّل التكتيك والاستراتيجية حتى في الضفة وعرب 48، هو عينه تقريبا ما حصل عندنا في الجزائر ما بعد 1945.

ما يحصل اليوم في الأراضي المحتلة كلها، هو بداية نهاية الاحتلال الذي لن يُهزم إلا بالقوة التي ينبغي أن يُعَدَّ لها العدة في كل القطاعات من غزة إلى أريحا إلى الضفة إلى بقية الأراضي المختطَفة جراء نكبة 48. المحتل، لا يمكن دحره ديمقراطيا، بل أن الديمقراطية الشكلية، مضافة إليها توابل “العنصرية الدينية”، التي تُبنى عليها “الديقراطية الصهيونية”، هي سرابٌ ومخدِّر من شأنه أن يُنسي الشعب في جوهر القضية برمّتها والمطلب الأساس الذي هو استعادة الأرض كلها وحق العودة كلها.

ما حصل، حصل عندنا على النحو التالي:

الخلاف بين الاتجاهات السياسية والمرجعية لدى التيار الوطني الاستقلالي عندنا، ولدى الاندماجيين، كان خلافا تكتيكيا وليس استراتيجيا؛ فالأندماجيون لم يكونوا أقل وطنية في واقع الأمر من الوطنيين، غير أنهم كانوا يرون التعامل مع الإدارة الاستعمارية، وسيلة للحفاظ على الهيكل العامّ للكيان الجزائري، خشية الذوبان الكلي في المجتمع الفرنسي، بمعنى أن من لُقبوا بـ”الاندماجيين”، لم يطالبوا سوى بالاندماج السياسي، وهو مطلبٌ لم يكن من السهل تحقيقه، بل إن فرنسا كانت ترفضه بالأساس لغير المسيحيين واليهود، فلم تكن تمنح الجنسية الفرنسية إلا لمن تثبت نيّتُهم رغبتَهم في الانسلاخ و”التطبيع” المسمى “Naturalisation”. أما الاندماج بمعناه السياسي، فكان معناه “حصول الشعب الجزائري على حقوق المواطنة” كأيِّ فرنسي أو يهودي. هذه الحقوق التي كانت ستمنحهم “حق” الترشح والانتخاب والمساواة أمام القانون لو كان فرنسيا، وبالتالي فإن هذا الحق هو طريق التمكين الديمقراطي؛ تمكين الجزائريين من الوصول إلى تسيير أمورهم بتحكيم قوانين الجمهورية الفرنسية. بالمعنى السياسي الاستراتيجي: استخدام وسائل الديمقراطية للوصول إلى السلطة ديمقراطيا، وإلغاء الهيمنة الاستعمارية ديمقراطيا كذلك، مادام أن الشعب يمثل الأغلبية الساحقة ويمكّن للاندماجيين من الفوز الساحق: هكذا، نظريا، كان تصور الاندماجيين للعمل السياسي وللاندماج، اتضح فيما بعد لهم أن هذا مجرّد وهم برتبة غباء.

لقد كان هذا العمل التكتيكي يرتكز في واقع الأمر على معطيات واقعية. غير أن هذا الجناح بقدر ما كان يرى في الممارسة السلمية لدور المواطنة، فإن ثقته شبه المطلقة في الإدارة الاستعمارية وفي قوانينها ومؤسَّساتها، كانت تدفعه إلى تقديم الكثير من تنازلات “حسن النية”. هذا الخطأ الإستراتيجي، هو الذي جعل العملَ التكتيكي يصطدم بإستراتيجيا المشروع الاستعماري الذي برهنت عليه حوادث 8 ماي 1945 والانتخابات العامة لسنة 1947، التي ألغيت بعد فوز الكتلة الوطنية فيها بالعديد من المقاعد رغم التزوير “النيجلان”، الحاكم العام “نيجلن”، الذي أصبح يُضرب به المثل في التزوير. وعليه، سوف نلمس ذلك الاتجاه نحو التجديد لدى جماعة النخبة وأصحاب المواقف “المعتدلة” بعد اقتناعهم أن بأنّ “العمل الديمقراطي” تحت سلطة استعمارية مختلفة مرجعيا ومصلحيا وانتماء عن هذا الشعب وهذا المجتمع، لا يمكن أن يوصل إلا إلى إضعاف الموقف الجزائري وذوبانه ببطء وإزالة كيانه وهويته نهائيا.

هكذا كان تجذر المواقف لدى الاندماجيين عنوانه أحداث 8 ماي 45، كما يجب أن تكون أحداث القدس، بداية تجذير المواقف في الضفة ولدى عرب 48.. وكل العرب والمسلمين، الذين عليهم أن يدركوا أن ما أخذ بالقوة لا يستردّ إلا بالقوة. هذا درسُ الجزائر.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة