فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1641.9
إعلانات


يا شعب الجزائر لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون

يا شعب الجزائر لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون

المحرر الأربعاء 22 شعبان 1441? 15-4-2020م

أ.د. عمار طالبي


عندما كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في طريقه إلى الشام، أتاه خبر الطاعون الذي أصاب الشام، فأمر ابن العباس أن يدعو له المهاجرين الأولين، فدعاهم لاستشارتهم، وأعْلمهم بما أصاب أهل الشام من طاعون، فقال بعضهم: معك النّاس وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونرى أنه لا يحسن أن يقدموا على هذا الوباء، ورأى بعضهم: أننا خرجنا لأمر، ولا نرى أن نرجع عنه، فقال: ارتفعوا عني؟ ثمّ أمر بإحضار من كان في الجيش من مشيخة قريش من المهاجرين، مهاجرة الفتح والأنصار، فاستشارهم فأشاروا عليه جميعاً بقولهم: نرى أن ترجع بالنّاس فلا تقدمهم على هذا الوباء، فما كان من عمر إلاّ أن نادى في النّاس أن يركبوا ضعائنهم للرحيل، فاعترض أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وقال: أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفرّ من قدر الله إلى قدر الله.
ثمّ جاء عبد الرحمن بن عوف، وكان غائبا في بعض حاجاته فقال إنّ عندي من هذا علماً، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم – يقول: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه»، فحمد الله عمر ثمّ انصرف (صحيح البخاري، باب ما يذكر في الطاعون من كتاب الطب)، وفي حديث آخر: «فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إلاّ ما كتب الله له، إلاّ كان له مثل أجر شهيد»(البخاري ومسلم)، فالمبطون شهيد، والمطعون شهيد (البخاري)، وأن الطاعون شهادة لكلّ مسلم (البخاري)، ومن السنة الوضوء قبل زيارة المريض، وأن المريض يكره أن يتمنى الموت، ونصحه النّبي -صلى الله عليه وسلم – أن يدعو بهذا الدعاء: «لا يَتَمنَّيَنّ أحدكم الموت من ضرّ أصابه، فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي»(البخاري)، فإذا عاد الإنسان مريضاً فليدع له هذا الدعاء النبوي: «أذْهِب الباس، رب النّاس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلاّ شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما».
كنت أحاور الأستاذ عبد القادر سماري الوزير الأسبق، في شأن ما أصابنا؛ فنصح بخمسة نصائح رأيتها مفيدة:
أولها: الوقاية، فإنهّا الحافظة لصحة الإنسان ووجوده، أوصى بها الدين، بالبعد عن كلّ ضرر محقق أو متوقع، بنص القرآن ?وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ..?[سورة البقرة، الآية 195]، وليست التهلكة خاصة بعدم إنفاق الأموال في الدفاع عن الأمة إذا اعتدى عليها العدو، كما ذهب إلى ذلك بعض المفسرين، وإنما النهّي عن الإقدام على ما يُهلك المرء، أو الأمة وهي مسألة عامة كليّة، وكما يقول علماء الأصول: العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب الذي نزلت فيه الآية.
وجاء علم الطب وأكد هذا تأكيدا قائما على العلم والتجارب العلمية المؤكدة، فأن الإسلام أكد قضية الطهارة، وامتدحها القرآن بأنّ الله يحب المتطهرين، والمسلم يغسل أعضاءه كلّ يوم، ويغسل جسمه كله على الأقل يوما في الأسبوع، ومن منافذ العدوى الأنف والفم، والمسلم في كلّ وضوء يغسل أنفه وفمه، ويسمى تنظيف الأنف بالاستنشاق والاستنثار، وهذا مهم غاية الأهمية، لا نجده دينيا عند أية أمة من الأمم، ولذا نؤكد لإخواننا في المجتمع الجزائري أن يلتزموا بشأن الوقاية بجميع وجوهها، وأساليبها التي نصح بها الأطباء، وأهل السلطة في البلاد بلزوم البيوت، وتفادي الجماعات من أي نوع كانت، وفي أي مكان.
وثانيها: أن يحافظ شعبنا على صحته، فإن الحفاظ على النّفس من أهم مقاصد الشريعة، وأوكدها.
وثالثها: عدم الفزع، والرعب، والحزن، فإنّ ذلك يجعل النفس تنهار، ويزيد في المرض وشدته، فالمسلم ثابت في ميدان الصعاب، تطمئن نفسه، بثقته بالله وقدره، وصبره، وقد بشر الله الصابرين في غير ما آية من القرآن، وأنه معتصم برعايته وحبّه.
إنّ ثبات النّفس وصبرها، والثقة بالله، تعين على الشفاء، وتتغلب على المرض والأوجاع، وعلى المريض قراءة القرآن والدعاء، والاقتداء بالصابرين الصالحين.
ورابعها: احترام الأمة وكلّ أفرادها بما وضع لهم من لزوم البيوت، والنظافة، وخاصة غسل الأيدي باستمرار قبل الأكل وبعده، وفي كل مرة تمس يداه شيئا يخاف منه، والبُعد عن المصافحة والعناق، والتجمع، والخروج إلا لضرورة.
خامسها: إنّ مع كلّ محنة منحة، وكلّ مصيبة لها نهاية، وكلّ محنة وبلاء لا دوام له، وكلّ داء له دواء، ولعلّ الله يلهم العلماء في مخابرهم إلى دواء يقضي على هذا الداء، فالحذر الحذر من الفزع والهلع، والجزع، وإن كانّ الإنسان أحيانا يذهب رشده ويجزع، ولكن ستغلب على هذا بصبره، وثبات قلبه، وإيمانه بالله، والتزامه بالإجراءات التي أمرت بها وزارة الصحة، والأطباء، والمنظمة العالمية للصحة.
سادسها: البحث العلمي، فإنه هو السلاح وسبيل العلاج، ونحن مقصرون في هذا الجانب، وينبغي لجامعتنا ومراكز البحوث عندنا أن تُعْنى عناية جديّة بهذا البحث في كلّ ميدان، وأولها ميدان صحة الأنفس والأبدان، وكما يقول القدماء فإن العلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان، رمزا لأهمية هذين العلمين في الحياة البشرية، وإني أقترح على وزارتي الشؤون الدينية والأوقاف والصحة، إن ضاقت المستشفيات بالمرضى -كما في مدينة البليدة – أن يلجأوا إلى المساجد الكبرى، وهي الآن لا تقام بها صلاة الجماعة، وإعدادها لاستقبال المرضى مؤقتا، لأنّ هذا الداء أخذ ينتشر، ولم تكن المستشفيات قد أعدت لمثل هذا الوباء العالمي الكاسح.
ندعو الله لمرضانا بالشفاء، ولأصحائنا بالوقاية، إنّه قريب مجيب.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة