فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1633.12
إعلانات


أعطونا طائراتِكم نمنحكم قُففَنا!

أعطونا طائراتِكم نمنحكم قُففَنا!

حسين لقرع كاتب صحافي/ الشروق

2018/12/09

ذكّرنا سعيُ الولايات المتحدة الأمريكية إلى إدانة صواريخ المقاومة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلة الجمعة الماضية، بالبطل الجزائري التاريخي العربي بن مهيدي وهو يُعرَض على الصحافة الفرنسية بعد أن ألقت القواتُ الاستعمارية القبض عليه في أواخر فيفري 1957 بالقصبة، إذ سأله صحافي فرنسي قائلا “ألا تخجلون وأنتم تضعون القنابل في القفف وتفجّرون بها الملاهي والحانات وتقتلون المدنيين الأبرياء؟” فأجابه: “أعطونا طائراتِكم المُقنبلة ودباباتكم نعطيكم قُففَنا”.
الولايات المتحدة تزوّد الاحتلال منذ عقود بآخر ما وصلت إليه مصانعها الحربية من طائرات حديثة وصواريخ موجّهة بالليزر وقنابل مدمِّرة وتيكنولوجيا حربية متقدِّمة… لتساهم بذلك في كل المجازر التي طالت الفلسطينيين، ومع ذلك تستكثر على المقاومة في غزة امتلاك صواريخ بسيطة ذات قدرة تدميرية محدودة معظمها يسقط في أماكن مفتوحة، لذلك سارعت إلى إعداد مشروع قرار أممي لإدانة صواريخ حماس، بل إدانة حتى الطائرات الحارقة ومسيرات العودة بذريعة أنها “أعمال عنف واستفزاز لإسرائيل” كما يلمّح إلى ذلك مشروع قرارها الذي عرضته على الأمم المتحدة، وهذا لتجريد الفلسطينيين من أيّ شكل من أشكال المقاومة وإجباره على الاستسلام للاحتلال، فماذا لو عرضت المقاومة على الاحتلال تبادل صواريخها البسيطة بالترسانة الحربية الأمريكية الضخمة التي يحظى بها؟!
ومن حسن الحظ أن مشروع القرار الأمريكي سقط في الأمم المتحدة بعد أن وقفت ضدّه 57 دولة وامتنعت 33 دولة أخرى عن التصويت، لكن تصويت 87 دولة لصالح القرار أمرٌ يثير القلق فعلا ويدلّ على تراجع منسوب الدعم الدولي للقضية الفلسطينية مقارنة بالسنوات والعقود الماضية.. قرارٌ عنصري متحيّزٌ للاحتلال مثل هذا كان يجب أن لا يؤيّده سوى عدد قليل جدا من الدول وليس قرابة نصف دول العالم، لأنه يُضفي الشرعية على الاحتلال ويجرّم مقاومته، ما يعني أنه انقلابٌ على مبادئ الأمم المتحدة نفسها ومواثيقها التي تكفل للشعوب المستعمَرة حق مقاومة محتليها، فكيف يؤيّده هذا العددُ الكبير من الدول؟!
ومع ذلك، فقد كان للقرار الأمريكي حسنة؛ إذ وحَّد الموقف الفلسطيني مجددا، وفاجأت السلطة الفلسطينية العالمَ بوقوفها القويّ ضد إدانة صواريخ حماس، لتضع بذلك خلافاتها العميقة مع الحركة جانبا وتقف معها ضد العجرفة الأمريكية الصهيونية، وهو موقفٌ تاريخي سيُحسب للسلطة الفلسطينية.
ولابد أن نثمّن أيضا الموقف العربي الإسلامي الموحّد ضد القرار الأمريكي؛ حتى “دول التطبيع” التسع التي ضغط عليها ترامب للتصويت للقرار الأمريكي، رفضت ذلك وصوّتت ضدّه، وهو موقفٌ نشيد به من دون أيّ تردّد أو عقدة، ومهما كانت خلفية هذا التصويت، إذ ينبغي أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت في كل الحالات.
ربما كان سقوطُ القرار الأمريكي انتصارا سياسيا صغيرا تحققه المقاومة بعد انتصارها في “حرب اليومين” قبل أسابيع قليلة، لكن أهميته تكمن في أنه تحقّق بفضل الحاضنة العربية الإسلامية التي توحّدت وأسقطت المشروع الأمريكي، وهو أمرٌ لم نكن نعتقد البتة بأنه سيحدث بالنظر إلى الاختراق الصهيوني الكبير للمنطقة في الآونة الأخيرة. بقي فقط أن يستثمر الفلسطينيون في هذا الحدث ويتّخذوه منطلقا جديدا لتجاوز الخلافات وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية.


تقييم:

1

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة