فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1633.12
إعلانات


في ذكرى الاستفتاء الذي أعاد السلم والطمأنينة تجربة “المصالحة الوطنية”.. هديّة الجزائر إلى الإنسانية

في ذكرى الاستفتاء الذي أعاد السلم والطمأنينة

تجربة “المصالحة الوطنية”.. هديّة الجزائر إلى الإنسانية

سفيان.ع

2018/09/28

ح.م

رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة,

هكذا أطفأ الرئيس بوتفليقة نار الفتنة وأخرج الجزائر من سنوات الرعب

لم يكن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، محمد بن عبد الكريم العيسى، دبلوماسيّا مجاملا، حين صرّح مؤخرا في زيارته إلى الجزائر بأنّ “سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنيّة شكلت منعطفًا هامًّا في تاريخ الإنسانيّة”، ولم ينطق من فراغ حين أكّد أنه “يجب الاستلهام منها من أجل إحلال الأمن والسّلم في العالمين العربي والإسلامي خاصّة والعالم أجمع عامّة”.

ذلك أن مقاربة التعايش والتصالح التي تبنتها الجزائر، سلطة وشعبًا قبل عشرين عامًا، قد انتشلت البلاد والعباد من نار الجحيم إلى عافية البرد والسلام، بعد سنين عجاف من الدماء والدموع، نزلت خلالها الفواجع والأتراح ببيوت كل الجزائريين، وادلهمّت الحياة في وجوههم، فعاشوا حيرتهم الكبرى في ظل الاستقلال، إذ سكنهم هاجس الخوف على أرواحهم المروّعة، ومزّق أفئدتهم كابوس المستقبل على وطن يحترق بأيدي أبنائه بعد طرد المستعمر المدمّر، حتى لاح فجر الأمن والآمان بقدوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حاملا معه ورود المحبّة للجزائريين في ربيع 1999.

منذ اندلاع الأحداث المأساوية في بلادنا شتاء 1992، على خلفية الأوضاع السياسية والأمنية المتوتّرة التي رافقت توقيف المسار الانتخابي، لم تنقطع أصوات العقلاء ولا بحّت حناجر الحكماء في الجزائر، بضرورة حقن الدماء وتأمين الوطن من ويلات العنف والسلاح، لكنّ النداء الرصين ظلّ مكبوتا وخافتًا تحت هدير التطرف السياسي وأزير “الكلّ الأمني”، لتدفع الجزائر ثمن ذلك الغلوّ والتعنّت أرواحًا بمئات الآلاف، من خيرة قياداتها وجنودها وأعوانها وأبنائها وإطاراتها وشبابها وأئمتها ودعاتها، زيادة عن أضعافهم من الأيتام والأرامل والثكالى والمعطوبين والمفقودين.

أما الخسائر المادية التي قدّرت بملايير الدولارات، نتيجة عمليات التفجير والتخريب والتهديم، التي طالت الشجر والحجر والمرافق في كل مكان، فقد هانت كُلفتها أمام زهق النفوس البشريّة، لتعود البلاد نحو الخلف بعقود طويلة، وهي تغرق في أتون الفتنة، وتعيش تحت وقع الحصار الذي ضربه حولها الشقيق القريب قبل العدوّ البعيد، حتّى بدت “المحروسة” للمراقبين في الداخل والخارج مسرعة الخطى نحو المجهول، تائهة في نفق مظلم دون أفق ولا نهاية!

وحين بلغت القلوب الحناجر، وظنّ الجزائريون بأنفسهم ظنّ السوء، جاءت البشرى بالفرج واليسر، عقب محنة الشدّة والعسر، ليعلو هتاف السلم والوئام والمصالحة بين “الإخوة الأعداء”، بعد فاتورة باهظة من التضحيات الجسام لأجل استعادة الطمأنينة والاستقرار.

13 سنة للعبرة واستخلاص الدروس

اليوم، وبحلول الذكرى 13 لتوقيع ميثاق السلم والمصالحة الوطنيّة، يتذكر الجزائريون بحسرة وفخر كبيرين، كيف كانوا يصارعون لأجل النجاة، وكيف أضحوْا الآن مضرب المثل لفض النزاعات المسلحة عبر أرجاء المعمورة، حينما وفّى الرئيس بوتفليقة بعهد ثقيل قطعه على نفسه أمام الشعب الجزائري شتاء 1999، في أول خروج إعلامي، وقتها صرخ عاليا، من أعماق القلب المكلوم، أنه سينجز ثلاثة رهانات: سيرسم البسمة والأمل على وجوه الجزائريين بتحقيق المصالحة الوطنية، ويعيد للوطن مكانته بين الأمم، وينعش الاقتصاد المشلول.

وفعلا، ما إنْ تقلّد الرئيس المنتخب زمام الحكم، حتّى بدأ فورًا في تنفيذ وعده الخالد، وما هي سوى أربعة أشهر، حتى قدّم قانون الوئام المدني للشعب الجزائري الذي زكّاه عن بكرة أبيه، ما سمح بنزول آلاف المسلحين من الجبال والوهاد، عائدين لأحضان أهاليهم ومجتمعهم.

طبعًا لم يكن من السهل أبدا نسيان الماضي القريب والتعالي على الجراح الغائرة، حتّى أنّ آمال البعض خابت من مصالحة وصفوها بالعرجاء، لكن الرئيس كان واثقًا دومًا في تشبث الجزائريين بالحياة، وقدرتهم على صناعة المستحيل لأجل الوطن، فقال قولته الشهيرة “هذا ما سمحت به التوازنات الحاليّة”، ليفهم الناس أن المصالحة مسار طويل وشاق، لكن قبطان السفينة شقّ طريقه وسط موج عُباب، ولن يرسو بها إلاّ على شاطئ النجاة.

تمضي سنون قليلة ليضرب الرئيس موعدا تاريخيا جديدا للجزائريين مع “ميثاق السلم والمصالحة والوطنية”، وقد هبّوا مرة أخرى هبة رجل واحد يوم 29 سبتمبر من عام 2005 ليمنحوه توقيعًا على بياض لإنفاذها، حتى تكفكف آخر دمعة تجري من مقلة ضحيّة أو مفجوع.

وبمقتضى ذلك، تجاوزت الجزائر عشريتها السوداء والحمراء، بعدما نجحت في تجفيف منابع الإرهاب ودكّ حواضنه الشعبية ورفع الغطاء الديني والسياسي عن أفعاله الشنيعة، وفتحت أبواب العودة لأبنائها من أجل الاندماج الاجتماعي والمهني والمساهمة في ترميم وبناء الوطن.

هذا الاستحقاق التاريخي جعل من تجربة الجزائر الحضارية مقاربة إقليمية وعربية ودوليّة ذائعة الصيت، يتنادى بها الخصوم والوسطاء أينما حلّت الفتنة بالأوطان، ما يضع الجزائريين أمام مسؤولية وطنية قصوى في الحفاظ على ثمارها اليانعة وتثمين مخرجاتها الطيّبة لدفع عجلة التنمية المنشودة واستكمال المنجزات المشهودة.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة