فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1623.45
إعلانات


هل “نستورد” أطبّاء لإخواننا في الجنوب؟!

هل “نستورد” أطبّاء لإخواننا في الجنوب؟!

حسين لقرع - كاتب صحافي

2018/05/05

دخل إضراب الأطباء المقيمين، وهم طلبة طبٍّ يزاولون دراستهم التطبيقية بالمستشفيات، مرحلة التعفّن إثر توقفهم عن أداء المناوبات الليلية، ودخول إضرابهم شهره السادس وتحوُّلِ شبح السنة البيضاء إلى واقع، وتهديدهم بالاستقالة الجماعية، مع ما يعنيه تنفيذ هذا التهديد من إرباكٍ كبير للمؤسسات الصحية العمومية ولكن ضياع مستقبلهم المهني أيضاً.
لا جدال في شرعية أغلب مطالب الـ15 ألف طبيب مقيم، ومنها التكفل بإسكانهم في المناطق التي يُرسَلون للعمل فيها بالجنوب والهضاب العليا، والجمع بين الأزواج الأطباء والطبيبات، واستفادة الطبيبات من عطلة الأمومة، وغيرها من المطالب التي نؤكد شرعيتها وضرورة تلبيتها…
لكن مطلب إلغاء إجبارية الخدمة المدنية بالجنوب وتحويلها إلى خدمةٍ اختيارية، يثير الكثير من الريبة والقلق؛ فإذا كان سكان الجنوب يشتكون باستمرار، ومنذ سنوات عديدة، من نقص الأطباء المختصين في مختلف المؤسسات الصحية بالمنطقة، برغم إلزامية الخدمة المدنية، فستصبح خاوية على عروشها إذا ألغيت إجبارية الخدمة المدنية، وهذا ما دفع الوزير الأول أحمد أويحيى إلى القول إن الاستجابة لهذا المطلب يعني حدوث “تصحّر طبي” في مستشفيات الجنوب.
واللافت للانتباه أن الأطباء المقيمين يتذرّعون بنقص الإمكانات الصحية بالجنوب للمطالبة بإلغاء الخدمة المدنية، وهذه في الواقع حجة عليهم؛ إذ المطلوب في هذه الحالة أن يطالبوا بتوفير الإمكانات الضرورية لهم للعمل في الصحراء، وليس اتخاذ ذلك ذريعة للمطالبة بالإلغاء التام للخدمة المدنية وترك إخواننا هناك من دون تغطيةٍ طبية.
لقد خلّف رفعُ هذا المطلب والإصرار عليه طيلة نصف عام من الإضراب أسوأ الآثار في نفوس إخواننا في الجنوب؛ إذ فهموا منه أن الأطباء المقيمين يأنفون من معالجتهم، ويتخذون من “نقص الإمكانات الصحية” وعدم التكفل بإسكانهم بالجنوب وغيرها من النقائص، ذرائعَ واهية للمطالبة بإلغاء إجبارية الخدمة المدنية بالمنطقة جملة وتفصيلا!
لا نعتقد أن الحكومة ستُقدم على تلبية مطلب الأطباء المقيمين بإلغاء الخدمة المدنية ولو نفّذ هؤلاء تهديدهم بالاستقالة الجماعية. المسألة تشكّل خطا أحمر للسلطات التي عانت الأمرّين مع سكان الجنوب في السنوات الأخيرة على خلفية ملفيّْ التشغيل في المؤسسات البترولية واستغلال الغاز الصخري، ولا نعتقد أن الحكومة الآن مستعدّة لفتح جبهة جديدة معهم من خلال الاستجابة لمطلب الأطباء المقيمين بإلغاء إجبارية الخدمة المدنية وترك سكان المنطقة من دون تغطيةٍ صحية، فهل ينبغي أن تلجأ البلاد إلى جلب أطباء من الخارج لمعالجتهم، لأن أطباءَها لا يريدون الانتقال إلى الجنوب بذريعة “عدم توفر الإمكانات”؟!
نعلم جيدا أن كلامنا هذا لن يعجب الأطباء المقيمين، لكننا نؤكد أنّ المسألة ليست مهنية بحتة، بل لها أبعادٌ أخرى اجتماعية ووطنية، ويمكن أن تخلف أسوأ الآثار على صعيد وحدة النسيج الاجتماعي للجزائريين، لذلك ندعو إخواننا الأطباء إلى التفكير مليا في حجم الانعكاسات الوخيمة لإلغاء الخدمة المدنية بالجنوب، والتحلي بالمرونة وتجاوز هذا المطلب حفاظا على اللحمة الوطنية، والاكتفاء بما انتزعوه من مكاسب خلال اللقاءات الـ14 التي جمعتهم بالوصاية طيلة ستة أشهر من الإضراب، وقديما قيل: إذا أردت أن تطاع فسَل ما يُستطاع.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة