فضاءات قوص

قوص

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب الشنهوري
مسجــل منــــذ: 2013-10-27
مجموع النقط: 823.73
إعلانات


إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

قال - تعالى - : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) } الحجر

تفسير الآيات:

قوله: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } والمراد بهؤلاء المستهزئين الذين واعد تعالى بكفاية رسوله شرَّهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل، وعدي بن قيس، والأسود بن عبد يغوث كلهم ماتوا بآفات مختلفة في أمدٍ يسير!

وهذا وعْدٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أنْ لا يضره المستهزئون، وأنْ يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل الله تعالى، فإنَّه ما تظاهر أحدٌ بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة!

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ يصلي عند الكعبة، وجمع قريش في مجالسهم، إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جَزورِ آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به، ثم يمهله حتى إذا سجد وضَعَه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه، وثَبَتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلقٌ إلى فاطمةَ - رضي الله عنها - وهي جويرية، فأقبلتْ تسعى، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا حتى ألقتْه عنه، وأقبلتْ عليهم تسبُّهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، قال: (اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد)، قال عبدالله: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر!

وقصة كسرى وقيصر المشهورة مع النبي صلى الله عليه وسلم جديرة بالتأمل، فقد كتب إليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فامتنع كلاهما عن الإسلام، لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأكرم رسوله، فثبَّت الله ملكه، وكسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزأ به، فقتله الله بعد قليل، ومزق ملكه كل ممزق، ولم يبق للأكاسرة مُلك، فكل من أبغض النبي صلى الله عليه وسلم وعاداه، فإن الله يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره، وهذا تحقيق وتصديق لقول الله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ} الكوثر:3.

وينبغي أن يُعْلم أن كفاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ممن استهزأ به أو آذاه ليست مقصورة على إهلاك هذا المعتدي بقارعة أو نازلة، بل صور هذه الكفاية والحماية متنوعة متعددة، قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} المدثر:31.

ولقد كان صلى الله عليه وسلم يضيق باستهزاء المستهزئين وسخريتهم، فقال الله تعالى له: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } أي من الاستهزاء بك والسخرية، ومن المبالغة في الكفر والعناد فنرشدك إلى ما يخفف عنك الألم النفسي { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أي قل سبحان الله وبحمده أي أكثر من هذا الذكر { وَكُنْ مِّنَ السَّاجِدِينَ } أي المصلين إذ لا سجود إلا في الصلاة أو تلاوة القرآن، إذاً فافزع عند الضيق إلى الصلاة فلذا كان صلى الله عليه وسلم إذا أحزنه أمر فزع إلى الصلاة!

وقوله: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } أي واصل العبادة وهي الطاعة في غاية الذل والخضوع لله تعالى حتى يأتيك اليقين الذي هو الموت فإن القبر أول عتبة الآخرة وبموت الإنسان ودخوله في الدار الآخرة أصبح إيمانه يقينًا محضًا.

*مختصر من عدة تفاسير .


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة