فضاءات يوب

يوب

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
enamiyoub
مسجــل منــــذ: 2011-09-09
مجموع النقط: 187.51
إعلانات


المرأة في القرآن الكريم

المرأة في القرآن الكريم(*) ×××××

في الصفحات الأولى منه يروي لنا القرآن الكريم قصة الخليقة، فإذا هي تبتدئ باثنين: أحدهما امرأة. كما ابتدأت قصة الإسلام باثنين: أحدهما امرأة. وفيما يلي بيان مختصر يتناسب والمنهج عن المرأة في القرآن.
منح القرآن الكريم المرأة مساحة شاسعة تليق بها تناولت الحديث عن إنسانيتها ومنزلتها والأحكام الشرعية المتعلقة بها، ووظيفتها الاجتماعية في البيت وخارجه، والدور الذي قامت به بعض الشخصيات النسوية عبر التاريخ في جانبيها: الإيجابي والسلبي. وأفرد لها سورة كاملة هي إحدى (السبع الطوال) وسماها سورة (النساء)، كانت الثالثة من بينها بعد سورتي (البقرة وآل عمران)، اللتين ما كان لهما إلا أن يتصدرا كوكبة سور القرآن بعد فاتحته أو مقدمته المختصرة. كما دافع عنها ونهى عن ظلمها وحرم إيقاع الأذى بها، وسن لذلك بعض التشريعات الضامنة، وترك بقيتها ليتولى النبي صلى الله عليه وسلم بيانها وتشريعها.
من أوائل الشخصيات النسوية التي مجد القرآن سيرتها إلى درجة جعلت بعض علماء الإسلام يقولون بنبوتها، مريم بنت عمران رضي الله عنها، أم النبي العظيم عيسى عليه السلام، الذي نسبه الله تعالى إلى أمه أكثر من (20) مرة في كتابه. واستغرق ذكر قصتها وكراماتها في سورة (آل عمران) وغيرها من السور مساحة واسعة، بل أفرد القرآن لها سورة كاملة سماها باسمها سورة (مريم). هذا وما زالت بعض مجتمعاتنا الإسلامية تخجل من ذكر اسم الأم، فضلاً عن الزوجة والأخت والبنت؛ وكأنه عورة تستر، وزنَمة ينبغي أن تبتر!
كانت المرأة حاضرة أيضاً في مسيرة أبي الأنبياء عليه السلام في شخص زوجته التي خاطبتها الملئكة فقالت لها: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود:73). كما كانت موجودة بقوة في حياة النبي موسى عليه السلام من خلال أمه وأخته وزوجته وأختها.
وتأتي بلقيس ليضرب بها القرآن الكريم مثالاً رائعاً للمرأة الحاكمة الحكيمة، فكانت قصتها مع نبي الله سليمان عليه السلام شاهداً من الشواهد الدالة على السياسة البارعة، ممثلة بامرأة، في تعامل الحاكم مع القوى العالمية وكيفية استثمارها في سبيل نفع شعبه وتجنيب بلده ويلات الحروب والاحتلال.
لم يتجاهل القرآن العظيم دور المرأة في جانبه السلبي؛ لتكتمل الصورة، وهذه هي طريقته الثابتة في تناول سيرة الأشخاص أيضاً، فهو يعرض الإنسان كما هو بجانبيه حتى وهو يتناول بالذكر أفضل الخلق الأنبياء عليهم السلام، وهو ما يفتقده المنهج الشائع اليوم، إذ يعرض سيرة العظماء من جانبها القوي المشرق ثم يبالغ فيه، ويتناسى الجانب الضعيف ويعرض عنه. وذلك من أسباب الخلل التربوي. فكانت امرأة العزيز وامرأة نوح وامرأة لوط عليهما السلام، وكذلك امرأة أبي لهب من شواهد ذلك.

نساء النبي صلى الله عليه وسلم
أما نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد منحهن الله تعالى أعظم المراتب إذ قال سبحانه من ضمن ما قال في حقهن: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) (الأحزاب:32). وإذ شرفهن بتبليغ الوحي فقال في الآية التي بعدها: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) (الأحزاب:34). وقد حفل القرآن بكثير من أخبارهن ومواقفهن وذكر جوانب من العلاقة الرابطة بينهن وبين النبي صلى الله عليه وسلم كزوج وكنبي.
وفي سورة (الأحزاب)، التي هي بحق سورة أمهات المؤمنين، وسورة (التحريم)، وغيرهما من السور، دلائل وبينات على التعامل الكريم، والاستقرار النفسي الذي كان يسود بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ورفرفات السعادة التي كانت تحوطه وتزينه. يكفي أن تقف عند هذه الآية: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) (التحريم:3)! لم يشتد في تأنيب زوجته التي لم تحافظ على سره، ولم يسرد على مسمعها كل الحديث بل اكتفى بما يؤدي المقصود منه وأعرض عن بقيته احتراماً لمشاعرها ومداراة لحيائها وخجلها، ورفقاً بتلك القارورة أن تكسرها لمسة ضغطت عليها أكثر مما تحتمل زجاجتها. وقد يغاضب النبي زوجاته فيكتفي بالانسحاب وترك البيت لهن. ولو فعله واحد منا اليوم لعيروه بأبشع الألفاظ، ونبزوه بأشنع الأوصاف.
يروي البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد سأله ابن عباس رضي الله عنهما عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، اللتين قال الله لهما: (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) فقال: كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصحت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك، فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل). وفي سياق الحديث يذكر سيدنا عمر اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه جميعاً شهراً واعتكافه في مشرُبة (= غرفة)، يقول: فدخلت عليه، فإذا هو مضطجع على رمال حصير، ليس بينه وبينه فراش، قد أثر الرمال بجنبه، متكئ على وسادة من أدَم، حشوها ليف، فسلمت عليه، ثم قلت وأنا قائم: طلقت نساءك؟ فرفع بصره إلي، فقال: (لا ولكني آليت منهن شهراً). والحديث طويل. وفي رواية لمسلم: فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير. فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره. وإذا الحصير قد أثر في جنبه. فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع. ومثلها قرظ (= ورق شجر يدبغ به) في ناحية الغرفة. وإذا أَفِيق (= الجلد الذي لم يُدبغ) معلق. قال: فابتدرت عيناي. قال:"ما يبكيك يا ابن الخطاب؟" قلت: يا نبي الله! وما لي لا أبكي ؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك. وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى. وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار. وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته. وهذه خزانتك. فقال "يا ابن الخطاب ! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟" قلت: بلى.
وهذا ما كان يفعله أحياناً بعض أصحابه حين يتعسر الخلاف بينه وبين زوجه، فيروي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة، فلم يجد علياً في البيت، فقال: (أين ابن عمك)؟ قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني فخرج، فلم يقِل عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: (انظر أين هو)؟ فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: (قم أبا تراب، قم أبا تراب).
وما قيدته هنا إنما هو إطلالة خاطفة، أشرت بها سريعاً إلى مدى اهتمام هذا الدين بشأن المرأة، وحضورها الكبير في صناعة الأحداث ورسم تاريخ البشرية منذ بداية الخليقة إلى زمن تنزل القرآن.
5/12/2013
(*) اقرأ أيضاً:
قانون ( الزوجية ) ودوره في الانسجام الأسري والتطور الاجتماعي
المرأة في مشروعنا1. المرأة والرجل أصل واحد وطبيعة متجانسة


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة