فضاءات المنتزه

المنتزه

فضاء الموروث الثقافي الشعبي

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
marwan saleh
مسجــل منــــذ: 2013-05-20
مجموع النقط: 16.2
إعلانات


هلا نحب مره

بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ امَنُواْ رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
عن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عله وسلم يقول: قال الله عز وجل: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء»
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى ...
أخي الحبيب المحب «أبا مصطفى» وفَّاك الله من حبه ما أنت به حقيق، وروَّاك من سناه ورحيقه ما تفيض به على محبيك فتكون أهله وهو أهلك.
أما بعد:
فقد كنت وعدتك أن أكتب إليك -وأنت قصي الدار، تتدافع الأشواق في صدرك إلى أهلك وإخوانك وبلدك- شيئاً يخفف عنك بعض ما بك من ضراء الغربة، وملالة البعد، والنأي عن الدار.
فكانت هذه الرسالة، أبت إلا أن تشيع، فيكتب لك بها أجرك مرتين.
أرجو أن تذكرني في ملأ من نفسك وحدها، فقد صار المذكور في ملأ من الناس بحب أخ له يحبه محسوداً، يُخشى من العين عليه، والله يكلؤُكَ بحبك، ويكلأُ حبك بك، ويبقى حبي لك فيه موصولاً بحبك لي فيه.
أبو مالك
(1)
أما علمت -صاحبي- أن الحب والبغض أمران قلبيان، لا يُريان إلا بآثارهما، ولا يُعرفان إلا بما يُلقى منهما على ألسنة الناس، ولا يظهران فيهم إلا من بعد موت من يُكِنُّهما، فالمحب قد يُضْمِرُ ما لا يُظْهِرُ، والميت ليس بيده أن يظهر أو أن يضمر، وكثير هم أولئك الذين لا يعرف منهم حب ولا بغض، من حرص منهم أن يصيب الناس منهم نفعاً فيفرحوا به، أو يُكَفَّ عنهم ضُرٌّ كان يحزنهم يوماً فيحذروه.
إنه بخل مُوَثَّقٌ بحبل متين، لا يكون إلا ممن لم يسمعوا يوماً أن في دنيا الناس سخاء، ورجاء يمر بأطيافه أمام عيونهم في آن لا يكون في الناس إلا اليأس من رجاء، تلقاهم على غير عِدَّة، فتعرفهم من لحن القول، وجرس الصوت، ونظرة العين، حتى إذا ما علموا أنك علمت منهم خفيَّ حالهم، وسيءَ أمرهم، وسريرة صدورهم -لاذوا بحيلة أحدثوها سراعاً، يطمسون بها ما ظهر منهم للناس، حتى لكأن شيئاً مما كان وبان لم يكن ولا وبان ولست والله إخال أن في الناس ناساً برمت بهم نفوسهم أن يكون لهم فضلُ كسبٍ من معروف لا يثقل عليهم حمله، ولا يُسيئهم أثره، ولا يحدث لهم وفيهم إلا خيراً.
(2)
ولو كان الحب شيئاً من صنع الناس، فماذا كان يمكن أن يكون من هؤلاء أكثر من هذا الذي كان؟!
إذاً -والحب شيء خلقه الله، وجعله حسناً، وحبَّبه إلى الناس وأقام وجودهم كله في حياتهم عليه- فلا ينبغي أن يفوتهم فضلُه، وفضلُه ليس عسيراً عليهم نواله، ولا شاقاً عليهم إدراكه، ولا صعباً عليهم الأخذ بأسبابه، إذ هو شيء مودع في جِبلاتِهم، وقد مازه الله سبحانه من ضده -وهو البغض- وأجرى لهم من جميع أقطار نفوسهم أسبابه ودواعيه المُرغّبة فيه، وحذّرهم من الأسباب والدواعي المرغّبة عنه، وما أبقى سبيلاً سالكة إليه إلا وأوضحها، ولا عقبة تحول بينه وبينهم إلا وبيَّنها، فكان فضلاً من ربهم جمعه إلى مُودَع الفطرة، نعمةً سابغةً، مطولةً بندى الإيمان -والخضوع لأمره سبحانه، من غير جحود لها ولا نكران. ولا يكون الحب هنيئاً بهنيء، ولا مريئاً يُمْرِىُ إلا من أهله، وأهله هم الذين يعرفون حكماً شرعياً يُخْضَعُ له ويُستجاب، ولا يضعونه إلا في مواضعه التي لا يخالف عن الحكم الذي فرضه الله سبحانه على عباده، فكان منهم ومنهم.
(3)
أما الذين يرون في الحب سبباً واصِلهم بنفع يرجونه، أو هو مبعدهم من ضر يخشونه، حتى إذا ما كان لهم ما يرجون أو يخشون، أعرضوا عنه، وولوا الأدبار له، حتى نسوه، بل وأبغضوه وكان حقاً عليهم أن لا يكون منهم، بعد أن أُوتوا ما أتوا منه -ألا يكون منهم إلا ما يكون من شكر الله، أن كان لهم بالحب ما كان، وأن يبقى فيهم قائماً على سخط ورضا، ولو أنهم فعلوا ذلك لواروا سوءات نفوسهم التي أضلّتهم عن سواء القصد، بما وجب عليهم من حفظ حق الحب، وأن لا يكون منهم بغض إلا لنفوسهم التي كزَّت الحب وأضجرها تبعته الحسنة اللطيفة، وحسب ما يكون منه مثل هذا خروجاً عن سواء الفطرة ونبالتها.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة