فضاءات يوب

يوب

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
enamiyoub
مسجــل منــــذ: 2011-09-09
مجموع النقط: 187.51
إعلانات


لا تكن من أكلة لحوم البشر وأموالهم

بسم الله الرحمـن الرحيم
لا تكن من أكلة لحوم البشر وأموالهم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعــــــــد :
من المعلوم أن الله تعالى خلق الخلق لا لشيء إلا لعبادته قال تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }(الذريات:56) وسنَّ لهم سنن كونية لا تتبدل ولا تتحول فكانت كما قال تعالى { فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً }(فاطر: من الآية43)
وحدَّ لهم حدوداً من الحلال والحرام إلى غير ذلك ، فأباح لهم الحلال ونهاهم أن يتعدوه إلى الحرام ، أحل الله النكاح بما شرعه الله فلا يجوز تعديه إلى الزنا وأحل الطيبات فلا يجوز تعديه إلى الخبائث أحل لهم البيع والتجارة بالحلال فلا يجوز تعديه إلى الحرام ، وهكذا وكما قال الله تعالى {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا }(البقرة: من الآية187) 0
وكذلك حرَّم عليهم الحرام فلا يجوز قربه ، مثال حرَّم الله الربا فلا يجوز علينا أن نقربه ، وكذلك الزنا فلا يجوز قربه وكذلك الخمر فلا يجوز قربه إلى غير ذلك ، فكانت كما قال تعالى { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا } (البقرة: من الآية229)
فمن ضمن الحدود التي لا يجوز قربها الظلم ، قال تعالى في حديثه القدسي " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا " رواه مسلم
وهدد الله تعالى كل من يقربه بعذاب في الدنيا قبل الآخرة ، قال تعالى { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ }(الشعراء: من الآية227) ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا البغي والعقوق " السلسلة الصحيحة
والظلم ينقسم إلى ثلاث أقسام كما بينه صلى الله عليه وسلم حيث قال " الظلم ثلاثة فظلم لا يغفره الله وظلم يغفره وظلم لا يتركه فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك قال الله { إن الشرك لظلم عظيم } وأما الظلم الذي يغفره فظلم العباد أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم وأما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدبر لبعضهم من بعض " صحيح الجامع
فالظلم إذن ثلاث ، فالأول وهو الشرك فالله تعالى لا يغفره إلا بالتوبة الصادقة منه ، قال تعالى { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً } (النساء:48) وظلم يغفره الله تعالى وهو ظلم العباد أنفسهم بارتكابهم بعض المعاصي والآثام وهي دون الشرك فهذا أمره إلى الله إن شاء غفر وإن شاء عاقب إن مات مرتكبه بغير توبة ، والآية السابقة شاهدة على ذلك .
وظلم لا يترك الله منه شيئاً وهو ظلم العباد فيما بينهم فهذا ظلم لا يترك الله منه شيئاً حتى يقتص لضعيفهم من شديدهم وإن كان مثقال حبة من خردل ، قال تعالى { َنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }(الانبياء:47) 0 * وأول ظلم لا يترك الله منه شيئاً هو ظلم الدماء أي سلب حق الحياة للآخرين ظلماً وعدوانا ، وأول ما يحكم بين العباد في الدماء كما قاله صلى الله عليه وسلم والحديث في صحيح الجامع. ‌ وسيكون جزاء من وقع بهذا الظلم كما قال تعالى { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء:93) 0
* وكذلك من الظلم الذي لا يترك الله منه شيئاً " أكل أموال الناس بالباطل وأعظمه أكل أموال اليتامى ظلماً ، قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }(النساء:10)
وأكله بالرشوة والربى والضرائب وغير ذلك ، قال تعالى { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (البقرة:188) * ومن الظلم أيضاً ، كذلك أخذ أراضي الآخرين ظلماً وعدوانا وبشهادات الزور وباليمين الغموس الكاذبة والتي تغمس صاحبها في نار جهنم والعياذ بالله ، روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص " أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الكبائر قال الإشراك بالله قال ثم ماذا قال اليمين الغموس قال وما اليمين الغموس قال الذي يقتطع مال امرىء مسلم يعني بيمين هو فيها كاذب "
و قال عليه الصلاة والسلام " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار" صحيح أبي داود وجاء أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين رواه البخاري ومسلم
وقال أيضاً " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة وإن كان قضيبا من أراك " . صحيح الجامع ، معنى أراك أي قضيب سواك وقال أيضاً " ‌ من أخذ من الأرض شيئا ظلما جاء يوم القيامة يحمل ترابها إلى المحشر " . صحيح الجامع ، فكيف بالذين يأخذون أموال غيرهم من الأخوات وذوات الأرحام ممن خصَّهم الله من الإرث سواء كان مالاً أو أرضاً أو غير ذلك. ومن الظلم أيضاً الاعتداء على الآخرين بالضرب أو الشتم وغير ذلك ، جاء عن جابر رضي الله عنه أنه قال : لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة قال فتية منهم بلى يا رسول الله بينا نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت صدقت كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم " صحيح ابن ماجه فكيف يكون العقاب يوم القيامة ؟ جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت " جاء رجل فقعد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأشتمهم وأضربهم فكيف أنا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل فتنحى الرجل وجعل يهتف ويبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تقرأ قول الله ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين فقال الرجل يا رسول الله ما أجد لي ولهؤلاء خيرا من مفارقتهم أشهدك أنهم كلهم أحرار " أنظر صحيح الترمذي0 وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضرب مملوكه سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة " صحيح الترغيب 0
* ومن الظلم العظيم أيضاً الغيبة والتي أصبحت في هذه الأيام فاكهة المجالس وكذلك الوقوع في أعراض الناس ، قال عليه الصلاة والسلام " الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه ". ‌ صحيح الجامع . الوقوع في أعراض الناس وقذفهم بالزنى وبوصفهم أنهم أبناء حرام ، وأبناء زنى وهكذا ، فهذا قذف وقد هدد الله قاذفه بعذاب أليم ، قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (النور:23) وقال تعالى { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (النور:4) 0
فما عقابهم في الآخرة ؟ جاء عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " صحيح الترغيب 0
* ويا للأسف لم يتوقف الأمر على أكل لحوم البشر بالغيبة بل تعداه إلى السعي بين الناس بالنميمة والافساد بين الأحبة ، نبيكم صلى الله عليه وسلم نفى الإيمان عم المرء إلا إذا أحب لأخيه ما يحب لنفسه ، قال عليه الصلاة والسلام " و الذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير " . صحيح الجامع 0
بل وجعل ذلك شرطاً لدخول الجنة حيث قال " ‌ والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم " صحيح أبي داود 0 فأصبحنا الآن في زمن لا يكاد تجد مسلماً يحب لأخيه ما يحب لنفسه إلا من رحم ربي وقليل ما هم ، بل أصبح الواحد منَّا لسان حاله يقول للآخر يا أخي لا تريد أن تحبني كما تحب لنفسك فدعني وتركني بحالي ،بل لم يتوقف الأمر على هذا فهو لا يتمنى الخير لأخيه ، بل أكثر من ذلك فهو يتمنى لو كانت على أخيه نعمة أن تزول عنه وترحل والعياذ بالله 0
إذن من الظلم الغيبة ، والغيبة عرَّفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " ذكرك أخاك بما يكره " أي وهو غائب ، صحيح أبي داود 0
* ومن يقع في الغيبة وفي الخوض بأعراض الناس فهذا قد نُفِيَ عنه الإيمان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حيث صعد المنبر ونادى بصوت رفيع فقال " يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " صحيح الترغيب وفي رواية " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " صحيح أبي داود 0
* ومن يقع في الغيبة يُعَد من أكلة لحوم البشر وهم أموات بنص القرآن ، قال تعالى { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } (الحجرات: من الآية12) 0 وجاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه مر على بغل ميت فقال لبعض أصحابه لأن يأكل الرجل من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم " صحيح الترغيب 0
* من المعلوم من السنة المطهرة أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، فماذا عن خلوف فم المغتاب ؟ استمع لهذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح منتنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذه الريح هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين " صحيح الترغيب ، فكيف بالذين يغتابون علماء المسلمين ومشايخهم ؟!!
* فماذا عن عقابه ؟ - ذكرنا الحديث السالف الذكر الذين يخمشون وجوههم وصدورهم وكذلك جاء عن يعلى بن سيابة رضي الله عنه أنه عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأتى على قبر يعذب صاحبه فقال إن هذا كان يأكل لحوم الناس ط صحيح الترغيب 0
* وليس العذاب على المغتاب فحسب ، بل وعلى كل من جلس مجلساً يُنال فيه أعراض الناس ويؤكل فيه لحومهم ، وإن كان لم يشاركهم فيما هم فيه ولكنه لم ينكر عليهم مع قدرته على ذلك ، فقد جاء في السلسلة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة فجلد جلدة واحدة فامتلأ قبره عليه نارا فلما ارتفع عنه وأفاق قال على ما جلدتموني قالوا إنك صليت واحدة بغير طهور ومررت على مظلوم ولم تنصره " السلسلة الصحيحة 0
* في مقابل ذلك أنظر كم هو ثواب من يدفع الغيبة عن أخيه المسلم ، استمع إلى حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم " من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار " صحيح الترغيب 0 وقال أيضاً "
من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " صحيح الترغيب 0 وفي رواية " من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا والآخرة " صحيح الترغيب .
* ذكرنا أن الأمر لم يتوقف على الغيبة بل تعداه إلى النميمة وهي أشر ويكفي شؤما لصاحب النميمة أن الجنة محرَّمة عليه ، حيث قال عليه الصلاة والسلام " لا يدخل الجنة قتات . متفق عليه . وفي رواية مسلم نمام " .
وقبل ذلك هناك عذاباً ينتظره يبدأ عند لحظة الأولى لمواراته قبره وعودة مشيعيه ، فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على قبرين فقام فقمنا معه فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه فقلنا ما لك يا رسول الله فقال أما تستمعون ما أسمع فقلنا وما ذاك يا نبي الله قال هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا شديدا في ذنب هين قلنا فيم ذاك قال كان أحدهما لا يستنزه من البول وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة . " صحيح الترغيب 0
* ما تعريف النميمة ؟ النميمة تعريفها هو : الإفساد بين الناس ، يأتي الأول فيقول له : إنَّ فلان يقول عنك كذا وكذا ، ثم يأتي الآخر ويقول له كما قال للأول وقد يكون ما نقله صحيحاً صادقاً به ولكنه ما أراد بذلك إلا الإفساد بينهما فكان جزاؤه أن حرَّم الله عليه الجنة ، استمع لهذا التعريف من نبيك صلى الله عليه وسلم حيث قال " ألا أنبئكم ما العَضهُ هي النميمة القالة بين الناس وفي رواية النميمة التي تفسد بين الناس ] . أخرجه مسلم وفي رواية أخرى قال عليه الصلاة والسلام " أتدرون ما العضة قالوا الله ورسوله أعلم ، قال نقل الحديث من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم " . السلسلة الصحيحة .
* والنميمة حالقة للدين كما أخبر ذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال " وفساد ذات البين الحالقة " صحيح أبي داود وفي رواية للترمذي " هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين " أي تحلق الحسنات ، فكيف ذلك ؟ الجواب نجده عند الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " صحيح الجامع 0 وقال أيضاً " أتدرون ما المفلس إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" . ‌
* في مقابل ذلك أخي في الله أنظر إلى ثواب من سعى للإصلاح بين الناس جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين " أنظر صحيح أبي داود ، ، فالسعي بين الناس للإصلاح فيما بينهم إذا تفاسدوا وتقاطعوا هو أحب إلى الله من صلاة التطوع وكذلك الصيام والصدقة لأن ثواب هذه الأعمال الطيبة محصورة على فاعلها بينما عمل الإصلاح يشمل المجتمع بأسره فبذلك العمل الطيب تعم المحبة والمؤاخاة بين الناس وعدم الاقتتال والمشاجرة فيما بينهم ، استمع لحبيبك النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لأبي أيوب ألا أدلك على عمل يرضاه الله ورسوله قال بلى قال صل بين الناس إذا تفاسدوا وقرب بينهم إذا تباعدوا " صحيح الترغيب وقال أيضاً " ما عمل ابن آدم شيئا أفضل من الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن " السلسلة الصحيحة 0
* ومن الظلم العظيم البهتان ، والبُهْتانُ والكذبُ، معناه أَن يقول فـيه ما لـيس فـيه ، وهو الإفتراء ، وهو الباطل ، أي يفتري أحدهم على آخر كذباً وباطلاً ظلماً وزورا ، وقد حذَّر الله من ذلك مهدداً مرتكبيه بقوله تعالى { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً } (الأحزاب:58) وعقابه جاء على لسان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال " من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج " صحيح الجامع ،
وطينة الخبال هو كما بينه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة منها : إنه صديد أهل النار ، ومنها : إنه عصارة أهل النار ، ومنها : إنه عرق أهل النار ، أي هو مما لا شك فيه إنه عصارة ما يخلفه الجسد بعد حرقه والعياذ بالله ، وهذا المكان هو سجن في أسفل جهنم والعياذ بالله ، قياساً على هذا الحديث " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال " صحيح الجامع. ‌ عافاني الله وإياكم منه ومن كل شيء يقربنا إلى النار .
وأخيرنا : أخي في الله أحذر نفسي أولاً ثم أحذرك مما حذَّر منه محمد صلى الله عليه وسلم صحبه ، وهو إياك ثم إياك أن تطلق العنان للسانك فتتركه دون لجام يحصد يميناً ويساراً فيرديك في جهنم على وجهك فتكون من الخاسرين .
فقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة " صحيح الترغيب ، أي وقاه الله شر لسانه وفرجه .
وقال أيضاً إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا . صحيح الجامع
وقال أيضاً لمعاذ "‌ ألا أخبرك بملاك ذلك كله كف عليك هذا - وأشار إلى لسانه - قال يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " صحيح الجامع
وجاء أيضاً " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار قال الفم والفرج وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق صحيح الترغيب .
وقال أيضاً " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه "
وإلى لقاء آخر نسأل الله لنا ولكم التوفيق وحسن الختام


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة