فضاءات صفرو(البلدية)

صفرو(البلدية)

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
kinani
مسجــل منــــذ: 2011-01-25
مجموع النقط: 0.6
إعلانات


تعريف بمدينة صفرو

صفرو مدينة صغيرة تقع في سفح جبال الأطلس المتوسط على بعد ثمانية وعشرين كيلومترا جنوب شرق مدينة فاس، هي مدينة قديمة يشهد على عراقتها وأصالتها تراثها التاريخي والعمراني والثقافي الإسلامي واليهودي. هي روضة من رياض المغرب الجميلة وحوض من أحواضه الفاتنة الخلابة، أخاذة بأسوارها العالية، وأحيائها العتيقة، وجنانها وأشجارها الكثيرة ذات الظلال الوارفة، وغاباتها الموحشة، ومغاراتها المأهولة، وعيونها المتدفقة، وشلالها المنهمر وواديها الجارف ومهرجانها العريق. جمالها أشبه بثمرة الكرز يستهوي كل زائريها ويخلب ألبابهم ويحبس أنفاسهم حتى يعبروا عن إعجابهم بها تماما كما يستعبد أهلها وسكانها الذين لا يتركونها إلا بعد أن يقطعوا عهدا على أنفسهم بالعودة إلى أحضانها. «سأرحل من مدينة صفرو إلى قرية فاس» تأسست مدينة صفرو قبل مدينة فاس بكثير حسبما تفيده شهادات تاريخية كثيرة. وأبرز هذه الشهادات ذلك القول المأثور، الذي رُوِي عن المولى إدريس الثاني عندما أطلق أوراش بناء فاس: «سأرحل من مدينة صفرو إلى قرية فاس». وهو قول لا زال يتردد على ألسن أهل صفرو حينما يريدون التباهي بعراقة مدينتهم وأصالتها أمام الفاسيين. ويقول ابن أبي زرع، صاحب "روض القرطاس"، إن هذا السلطان أقام في حي بالمدينة أسماه "دشر حبونا"، واعتراف بجميل سكانه وحبهم له وحفاوتهم به. كان من أهم أسباب قيام هذه المدينة وفرة الماء والكلأ وخصوبة التربة ووجود الكهوف التي اتخذها الصفرويون سكنا لهم في البداية (وبعضهم ما زال يسكنها إلى يومنا)، حيث شجعت هذه العوامل بعض القبائل الأمازيغية المرتحلة على الاستقرار بهذه المنطقة. وبدأت تتشكل الملامح الأولى لهذه المدينة في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي، حيث ظهرت النواة السكنية الأولى على سفح مرتفع قريب من الشلال، سميت فيما بعد بالقلعة. وساهمت تجارة القوافل القادمة من الشمال المغربي والمتجهة نحو تافيلالت وسجلماسة في توسع عمران المدينة. وأصبحت محطة رئيسية لهذه القوافل بعد أن استقر بها بعض التجار اليهود، الذين جاؤوا من واحات الجنوب المغربي، فشيدوا بها ملاحا لا زال قائما إلى اليوم وأقاموا المرافق التجارية. وهكذا، ازدهرت بها الأنشطة الاقتصادية طيلة ما ينوف عن قرنين ونصف. لكن سرعان ما تأثر هذا الانتعاش التجاري بالصراع الدائر بين القبائل المتحاربة التي كان همها هو مراقبة طرق القوافل بغية الاستفادة منها لتمويل مشاريعها التوسعية. ولم تنجُ مدينة صفرو من مخالب هذا الصراع، حيث زحف عليها يوسف بن تاشفين وحررها من قبضة مغراوة الذين احتموا بها بعد أن أحكم سيطرته على سلجماسة وفاس. وانتزعها الموحدون من المرابطين سنة 1141 ميلادية، وذلك لمراقبة طريق القوافل الرابطة بين فاس وسلجماسة. وخلال فترة حكم الوطاسيين والسعديين، عانت المدينة من صعوبات جمة مرتبطة بوضعية البلاد العامة، حيث تراجعت تجارة القوافل بعد سيطرة بني معقل على سجلماسة. شلال صفرو هذه المدينة، التي عرفت باسم "أورشليم الصغيرة" عند اليهود وباسم "حديقة المغرب" عند الفرنسيين وباسم "مدينة حب الملوك" عند سكانها، معروفة بروعة طبيعتها، إذ تتوفر فيها كل شروط المدينة المعاصرة، لكن دون أن تهمل الجانب البيئي. فمجاريها المائية كثيرة، وفي مقدمتها واد "أغاي"، المعروف بشلاله المنهمر في أعلاه. هذا النهر، الذي تحف به أشجار باسقة وحدائق ظليلة، يقسم المدينة إلى جزءين متماثلين تقريبا، تصلهما جسور كثيرة شبيهة بجسور نهر "ثايمز" بمدينة الضباب. واشتهرت كذلك بجمال عمرانها الذي استطاع أن يحافظ على طابعه التقليدي بكل مكوناته الإسلامية واليهودية، وبعلو أسوارها العريضة التي بنيت ذات مرة لتصد التهديدات والغارات الخارجية، وبناياتها البيضاء ذات التصاميم البسيطة. أما القرى والأرياف المجاورة لها كعزابة وسكورة والبهاليل ومزدغة الجرف وصنهاجة وموجو وبني يازغة، فهي امتداد لجمال المدينة الطبيعي والتاريخي. إذ تشتهر هذه الأرياف بزراعة الفواكه كالكرز والتفاح والإجاص والحبوب والخضروات وإنتاج زيت الزيتون. أهل مدينة صفرو معروفون ببساطة عيشهم، حيث يعتمد أغلبهم على النشاط الفلاحي في توفير قوتهم اليومي. ويتوزع هذا النشاط الفلاحي بين غرس أشجار التفاح والكرز والزيتون وزراعة الحبوب كالقمح والشعير والفول والعدس وتربية الأغنام والأبقار. غير أن هذه النشاطات الفلاحية تراجعت كثيرا بفعل الجفاف، مما جعلهم يهتمون بالتجارة والصناعة ودفع ببعضهم إلى الهجرة نحو المدن الكبرى. هم معروفون كذلك بقوة التلاحم والاندماج فيما بينهم، لكن تراهم يذوبون وسط القرويين خلال أيام الخميس (وهو اليوم المخصص للتسوق بالمدينة) أو خلال أيام مهرجان حب الملوك. مهرجان حب الملوك تشتهر صفرو كذلك بمهرجان حب الملوك، الذي ينظم خلال نهاية ثاني أسابيع شهر يونيو من كل سنة. سُنَّ هذا التقليد في هذه المدينة منذ عام 1919 احتفاء بنهاية موسم جني الكرز، وقد بلغ المهرجان دورته السابعة والثمانين خلال هذه السنة. هذه الدورة ستفتتح يوم الجمعة القادم. تتخلل هذا المهرجان احتفالات راقصة وموسيقية بثمرة الكرز، واستعراض موكب ملكة حب الملوك، التي يتم انتقاؤها من بين أجمل الفتيات المترشحات لنيل هذا التتويج. هذا الاستعراض يرافقه أيضا استعراض التراث الثقافي والشعبي العربي والأمازيغي المحلي. وموازاة مع ذلك، تنظم أنشطة رياضية ومسابقات ثقافية وسهرات فنية في بعض ساحات المدينة كساحة باب المقام. غير أن حب الملوك، الذي يحتفى به خلال المهرجان، تراجع كثيرا مع نهاية الستينيات، حيث اقتلعت آلاف أشجاره بما فيها أشجار "البلدي" المعروفة بكرزها الأسود الغني بالمواد السكرية. ورغم أن المصالح الفلاحية بذلت ما في وسعها لإعادة غرس أشجار جديدة، لكنها فشلت في ذلك وبقي ذلك محصورا داخل حدائق المنازل وبعض الضيعات المعدودة على رؤوس الأصابع...............

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة