فضاءات الاحراز

الاحراز

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
ناصر قطب محمد سليمان
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 52
إعلانات


الفرق بين المرأة التقليدية والمرأة العصرية

الاختلاف الجوهري بين المرأة التقليدية والعصرية
ان ما تنشده المرأة العصرية هو ان يكون لها وحدها الحق في تحديد مصيرها وتقريره، ولا تريد أن تخضع لضغوط المجتمع الذي يسيطر عليه الرجل. وأما المرأة التقليدية فقد قبلت الحياة كما فرضها عليها المجتمع وارتضاها لها.
ولكن المرأة العصرية لم ترض بهذا، فهي تكافح من أجل صياغة حياتها الخاصة بالطريقة التي تريدها وتبتغيها. كذلك فان المرأة التقليدية تميل الى تقبل أحكام المجتمع ولا تمانع في أن تخضع حياتها للمؤثرات الخارجية عن ذاتها، فهي بذلك تسير على نمط الحياة المنزلية ذات السلطة الأبوية، فاذا تقلدت وظيفة قبل زواجها، فانها تكيف نفسها باجراء تعديلات على نفسيتها مما يترتب عليه تعديل سلوكها ومسلكها حتى تتمشى مع واقع الحال. وحينما تتزوج، فإنها تسمح بالتعديل الذي يشمل نمط حياتها، والذي يتحدد بحسب الظروف النفسية لزوجها. وبناء عليه فان تكيفها هذا مع الواقع الجديد مستمد من مؤثرات البيئة، وليس من مؤثراتها الذاتية، أي أنها تكون بمعنى آخر سلبية تتأثر ولا تؤثر. إلاّ أنه على الرغم من هذه السلبية فقد تكون أحياناً انتقائية فتختار العناصر البيئية المحببة لها، وتستخدمها لصالحها بينما تتجاهل غيرها من العناصر التي تنفر منها. انها أذن مسألة اختيار أفضل ما هو متوفر لديها من امكانيات، فاذا كان الزواج لا يحقق آمالها وطموحاتها، فإنها تعمل على تقبل رضا الجوانب الطيبة منه، وفي نفس الوقت تتحمل الجوانب التي تراها غير مريحة لها.
وعلى العكس من ذلك تماماً نجد المرأة العصرية لا تتقبل الحياة، كما هي بل تكافح من أجل تقرير مصيرها، وهذا جزء من فلسفتها الأساسية. فاذا شعرت أنها غير مرتاحة لمستويات السلوك المطلوب من جانب والديها فإنها لا تحاول أن تكيف نفسها سلبياً لهذا الوضع كما تفعل المرأة التقليدية، ولكنها تترك البيت، وتقرر مصيرها طبقا لمعايير السلوك التي تخلفها في ذهنها، واذا لم ترض عن أحوال عملها وظروفه وشروطه، فأما أن تتركه وتطلب عملاً آخر في أي مكان ترى أنه أكثر تناسباً معها، أو تحاول بطريقة أخرى تعديل تلك الظروف. ونفس الشيء ينطبق على الزواج، فلو وجدته غير محتمل بالنسبة لها فإنها تعمل على فصمه، ولا تحاول تكييف نفسها طبقا لمتطلباته لايمانها بان هذا الزواج يرضي تطلعاتها، ولن يحقق غاياتها وأهدافها. أما اذا وحدت في الزواج أمورا طيبة وأخرى سيئة فلن تروض نفسها على الزواج بل يكون قصدها المكافحة من أجل تغيير الأشياء التي تراها سيئة ليكون الزواج بالنسبة لها كله حسناً.
ومن مظاهر الاختلاف الجوهري بين المرأة التقليدية والمرأة العصرية فيما يختص بالزواج، أن الأولى تحاول مطابقة زوجها والسير على نهجه وهداه وارشاداته، وهذا يحتم نمط حياتها، ويقرر رضاها الذاتي. وبسبب هذا التطابق فإنها تشعر بالرضا والسعادة كلما حقق زوجها نجاحاً في حياته، وتقدما في عمله، أنها بهذا تشاركه عاطفياً في كل ما يعمله ويمارسه ويحققه كما لو كانت هي شريكة له في العمل والممارسة والتحقيق.
أما المرأة العصرية فليس عندها شيء من هذا كله. فسعادتها المستمدة من نجاح زوجها تأتي عندها في المرتبة الثانية، ان سعادتها الحقيقية، وفي الدرجة الأولى، تستمدها من ممارستها هي بنفسها العمل والتنفيذ، وبدون ذلك تشعر بأنها سلبية ولا تشعر بالرضا والسعادة عن حالها وواقعها.
إلى جانب حق تقرير المصير تطالب المرأة اليوم بأن يكون لها قولاً فعالاً ومؤثراً في تطور المجتمع الذي تعيش فيه، وتسهم في بنائه، ففي الماضي كان صوت المرأة قليل الشأن لأن رغبتها تتمشى آنذاك مع رغبة زوجها، وكانت آراؤها السياسية مستمدة من آرائه. ولكن هذه الأمور تغيرت اليوم مع ظهور ما أسميناه بالمرأة العصرية التي تستخدم صوتها بشكل مستقل في ترجمة صراعها الداخلي إلى الواقع الخارجي للمجتمع، دون أن تظل سائرة خلف الرجل أو مستترة في ظله.
وتطالب المرأة العصرية اليوم بممارسة نشاطات خارج مملكة البيت وهذا ما يمكن تحقيقه اذا ما خففت الأعباء المنزلية عنهن من اهتمام ورعاية بشؤون الأطفال وتدبير المنزل وادارته، الى غير ذلك من أعمال تستنزف كل وقت المرأة التقليدية. فالسعادة في نظرهن ليست في هذه الأعمال، وإنما يمكن تحقيقها بالتحاق المرأة بالمهن والأعمال خارج المنزل، وحتى ما كان منها تجارية كانت في السابق وقفا على الرجال دون النساء، فالأعمال التجارية تكسب المرأة الحركة والنشاط والاحتكاك بكل مستويات المجتمع. ولكن بعض النساء معتدلات في مطالبهن، اذ لا يرون بأساً من التوفيق بين العمل في البيت والعمل خارجه.
وتقول المرأة العصرية أنها تعتبر الحرية ذات قيمة عالية جدا، فهي لذلك تطلب المزيد منها، ولكن الحرية وحدها يمكن أن تولد الحيرة التي بدورها تقيد الفرد، ذلك لأننا نعيش في مجتمع يتميز بأن سلوكنا فيه يسير وفق قواعد وأسس مسلكية محددة. وهذه القواعد أكثر صعوبة على النساء منها على الرجال، والمرأة العصرية في مسيرتها نحو الحرية ترغب في نبذ القواعد والأسس وتريد أن تترك الناس ليصبحوا أحراراً يعملون ما يشاءون بشرط أن لا يتسبب هذا في إيذاء الآخرين. وبذلك يتم انقاذ النساء من العيش المزعج تحت قسوة هذه القواعد والقوانين الاجتماعية التي هي من وضع الرجال.
ويقال بأن المرأة العصرية جاءت بمفهوم جديد للأنوثة يختلف عن المفهوم الذي نادت به من قبلها المرأة التقليدية. وطبيعي أن هذا الموضوع من الصعب الخوض فيه، لأننا لا نملك المقياس الدقيق الذي به نحدد ما نعنيه بالأنوثة. فالأنوثة كما هو شائع لدى الناس هي صفة من صفات المرأة التي تميزها عن الرجل، أي كونها أنثى، وعكسها كون الرجل ذكرا. ولكن المرأة العصرية لها في هذه المسألة وجهة نظر مخالفة، الاّ أنها لم تتمكن من صياغتها الى مفهوم واضح، ولهذا سنحاول حل هذا الغموض اذا ما أردنا فهم المرأة العصرية.
لا شك في أن المرأة التقليدية ترى أنوثتها من خلال تلك الصفات الجسدية والعقلية التي تجذبها الى الرجال وتجذب الرجال اليها، وهذا ما يميزها عن الرجل، أن لها جسم امرأة بكل مغرياته، ولها عقل امرأة مزود بحساسية وقدرة تستشعر بهما ما يحتاجه الرجل، وهي تتفاعل وتستجيب بطريقتها التي زودت بها. ولكن المرأة العصرية ترى أنوثتها بشكل مختلف فهي ترى نفسها كائناً بشرياً أصبح امرأة بطريقة لا خيار لها فيها، قد يكون صدفة، ولذلك ليس في الأمر طلاسم والغاز.
وفي هذا الصدد تقول المرأة العصرية: "إنني نوع معين من البشر يمكنني أن أجعل الرجال سعداء اذا أردت. وفي مقدوري أن يكون لي أطفال إذا رغبت. ومن نواح أخرى، فإنني بشر عادي _لا يختلف عن الرجل _ أريد المشاركة في الحياة التي تجري من حولي".
إن هذا ولا شك مفهوم جديد، فالمرأة العصرية يمكنها جذب الرجال وانجاب الأطفال وفوق هذا وذاك تريد المشاركة في مجريات الأحداث وحوادث العصر الذي تعيش فيه والبيئة التي تحيا عليها والمجتمع الذي تشارك في بنائه.
إن المرأة العصرية تعبر عن آرائها المغايرة عن مفهوم الأنوثة نحو موقفها من الرجال، إنها على حد قولها لا تريد أن تكون الدمية المحبوبة، والسلوى التي يتسلى بها الرجال، ويعبثون اذا ما أرادوا الترويح عن نفوسهم، إنها تشعر بأن هذا الدور الذي خصصه لها الرجل يقلل من شأنها، ويدني من مستواها، ويجعلها دون الرجل مكانة وقيمة.
إن المرأة التقليدية ترتدي ملابسها التي تصممها بطريقة تعبر عن مفهومها للأنوثة، وهي كيفية جذب الرجل اليها، والذي يرى في أنوثتها أكبر سعادة له. أما المرأة العصرية فالأمر عندها مختلف، فتلبس من الملابس ما يشف عن مفهومها المتغير للأنوثة، إنها ملابس تسير بها نحو عالم الرجل، فترتدي ما يرتديه الرجال، وهي بذلك تعبر عن فكرتها التي تنادي بها والتي مؤداها "يمكنك أن ترى بأنني لست مختلف عنك كثيراً أيها الرجل، إنني مخلوق مثلك الا أنني امرأة وأنت رجل، أريد أن أقاسمك من مظاهر الحياة، وافعل كما تفعل أنت".
والمرأة حينما ترتدي البنطال (البنطلون) اذن انما تتشبه بالرجل، تخفي ذلك بالتعليل أنه أكثر راحة لها، وأكثر مناسبة وأشد دفئاً لها، خصوصاً في حالة العمل وفي مهنة تعرضها للأوساخ. ان هذا هو التعليل الذي تتعلل به لشيء يكمن داخل أعماق شعورها. إذ من الصعب أن تقول الفتاة بأنها تلبس هذه الأشياء لتعبر عن تغير مفهوم الأنوثة عنها.
ومما لا شك فيه بأن التعليم قد لعب دوراً رئيسياً في اظهار المرأة العصرية وخلقها، وذلك يجعلها وجهاً لوجه أمام مسألة عدم المساواة الجنسية في مجتمعنا. وطالما ظلت المرأة متمسكة بالتعليم الذي يؤهلها للحياة الاجتماعية الحالية ويجعل منها مجرد انثى للرجل، ويلقي على عاتقها مسؤولية حمل الأطفال وولادتهم، وواجبات المنزل، فليس هناك امكان لها كي تشارك بطريقة واقعية في حياة المجتمع. حتى في علاقاتها الاجتماعية الحالية يكون دورها بسيطاً أقل من دور الرجل، فوظيفتها هي جلب السرور للرجل الذي يفوقها مكانة أو بتعبير أدق آخر أنه دور جنسي لا أكثر ولا أقل. أما لذتها هي فتأتي في الدرجة الثانية. وقد ترك لها الرجل أمر الأطفال وشؤون المنزل وهي تعتقد أنها بذلك مواطنة من الفئة الثانية.. وعلى الرغم من أن في مقدورها أن تحب، ولكن لا تقدر على تعدي هذه المرحلة، فهي لا تستطيع الاتصال بزوجها بأية طريقة حقيقية، لأنه ليس لديها إلا معرفة بسيطة عن العالم من الناحية السياسية والاجتماعية أو فيما يختص بالعمل.
ولكن تعليم هذا العصر غير كل هذه الأمور، فأصبحت المرأة اليوم تدرك كثيراً من شؤون العالم وفي امكانها أن تأخذ مكانها اللائق على أساس من المساواة مع الرجل. إلاّ أنها لا تشعر بالأمان من تعليمها الحالي. وهذه الخطورة تستشيرها أحيانا مما يجعلها تعبر عن آرائها بصورة عدوانية. وترى المرأة العصرية أن نظام التعليم نشأ من زمن بعيد نتيجة استجابة لحاجات الرجل، ولم يأخذ في اعتباره متطلبات النساء وحاجاتهن. وهي تريد أن تكون كالرجل في هذا المضمار. اذ أنه _على حد رأيها _ كلما كان تعليمها قريبا من تعليم الرجل حقق سعادتها وسرورها.
ومن المؤكد أن المرأة تؤثر تأثيراً كبيراً على المجتمع من خلال مشاركتها في المهن والأعمال المختلفة فبالعمل تشعر المرأة أن باستطاعتها تأكيد ذاتها وشخصيتها وبامكانها نيل حقوقها بالكامل كمخلوق بشري، وهي في نفس الوقت تحقق رضاء عاطفياً وتبرز مواهبها خارج منزلها. ولذلك رأينا في الآونة الأخيرة غزواً كاسحاً من قبل المرأة لكافة المهن والوظائف المختلفة، وكان لهذا آثاره الايجابية والسلبية. ففي المقام الأول اكتسبت المرأة ثقتها بنفسها واستطاعت أن تعبّر عن آرائها وتنقل أفكارها الى زملائها من الرجال الذين ازدادوا لها فهماً واحتراماً.
أما النواحي السلبية فان اشتغال المرأة، جرّ عليها كثيراً من المشاكل، منها المنافسة التي زادت حدتها بين الرجل والمرأة، وكذلك فقدت كثيراً من العطف الذي كانت تحظى به من قبل.
وخلاصة القول أن التعليم قد أكسب المرأة عدة نشاطات اجتماعية أعطتها ثقتها بنفسها وأمدتها بالقوة والجرأة في التصريح بآرائها. وبفضل التعليم دخلت المرأة العديد من المهن والنشاطات واستطاعت ان تعبر عن آرائها وقد حققت بذلك نجاحاً يستحق التقدير.

تقييم:

25

4
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة