فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3044.84
إعلانات


والحق ما شهدت به الأعداء

د. محمد عمارة | 25-10-2010 23:40 ****المصريون***
والحق ما شهدت به الأعداء!.
منذ اللحظة الأولى لنزول القرآن الكريم ـ بمكة المكرمة ـ .. وعلى امتداد سنوات نزوله ـ بالمدينة المنورة ـ .. كان الإعلان عن أنه "المعجز ـ المتحدي".. و"المتحدي ـ المعجز".. و"الكتاب الذي لا ريب فيه".. لا للعرب وحدهم .. ولا للبشر المعاصرين فقط.. بل للإنس والجن قاطبة، عبر الزمان والمكان.. والأمم والأجناس.. والطاقات والملكات.. وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لقد تحداهم القرآن أن يأتوا بمثله مثلما عجزوا تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله.. فلما عجزوا تحداهم أن يأتوا بحديث مثله.. فلما عجزوا تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، وأن يستعينوا على ذلك بكل من وما دون الله ـ سبحانه وتعالى ـ.. ولما عجز المعاصرون، فقل التحدي المعجز إلى الأبد، فقطع قطعًا جازمًا ومتحديًا بعجزهم عن ذلك عبر الزمان والمكان { فَإن لَّمْ تَفْعَلُوا ولَن تَفْعَلُوا} (البقرة : 24).
نعم!.. ففي سور الإسراء ـ المكية ـ نقرأ { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإسراء: 88)
وفي سورة هود ـ المكية ـ نقرأ {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وأَن لاَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} (هود: 13 ـ 14).
وفي سورة الطور ـ المكية ـ نقرأ { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إن كَانُوا صَادِقِينَ} (الطور : 33 ـ 34)..
وفي سورة البقرة ـ المدنية ـ نقرأ {وَإن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإن لَّمْ تَفْعَلُوا ولَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة: 23 ـ 24).
ولقد اجتمع الفصحاء والبلغاء من قريش، وانتدبوا أحد زعمائهم.. وبلغائهم.. وقضاتهم.. والملقب عندهم "بالعّدْل" ـ لأنه كان أعدل قريش كلها ـ .. انتدبوا "أبو عبد شمس الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم (95ق.هـ ـ 3هـ ـ 535 ـ 622م) ليسمع القرآن.. وليجيب على التحدي.. فذهب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو بالمسجد الحرام ـ وسمع منه سورة "غافر".. فما كان من عدل قريش وقاضيها وزعيمها وبليغها وفصيحها إلا أن شهد ـ وهو على شركه ووثنيته وعصبيته لدى قومه ـ ومع تمسكه بزندقته ـ شهد للقرآن الكريم بأنه ليس من كلام البشر ـ فقال لقومه: "والله، لقد سمعت من محمد كلامًا آنفا ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن .. والله ما هو بكاهن ، فقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه.. ووالله ما هو بمجنون ، فقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته.. ووالله ما هو بشاعر، فقد عرفنا الشعر كله، رَجَزَه وهَزَجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بشاعر.. ووالله ما هو بساحر ، فقد رأينا السُّحار وسحرهم ، فما هو بنَفْثه ولا عُقَده.
والله إن لقوله حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أصله لمغدق ، وإن فرعه لمثمر. وإنه يعلو ولا يُعْلَى عليه .. وما أنتم ـ {يا معشر قريش} ـ بقائلين (فيه) من هذا شيئا إلا وأنا أعرف أنه باطل"!!.
هكذا اقترن "التحدي المعجز" بنزول الكتاب الذي لا ريب فيه.. وكان "العجز ـ المخزي" هو الجواب على هذا التحدي.. وظل هذا "العجز المخزي" قرين أعداء القرآن الكريم، الذين وصلوا القمر ، لكنهم لا يزالون يفرون من مواجهة القرآن الكريم!

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| ابو محمذ | 14/01/11 |
مظاهرات العالم العربي..!



السيد البابلي | 12-01-2011 23:52

بدأ العام الجديد بدخول العالم العربي عصر المظاهرات والاحتجاجات الجماعية العنيفة.

وثبت أن معظم الدول العربية على فوهة بركان ساخن وأن مشاكلها واحدة وقضاياها تدور في نفس الفلك حول البطالة وارتفاع الأسعار.

فالمظاهرات في الجزائر كانت بالغة العنف وتسببت في خسائر للاقتصاد تزيد عن ستة مليارات من الدولارات، والمظاهرات في تونس أجبرت الحكومة على إغلاق المدارس والجامعات حتى إشعار آخر وأوقعت أكثر من 35 قتيلاً، والمسيرات الاحتجاجية في الأردن تسعى لإسقاط الحكومة..

والأمر لا يختلف في بقية الدول العربية التي تنتظر الإشارة والتوقيت اللازم لبروز الاحتجاجات الشعبية.

والأسباب واضحة وراء الغضب الشعبي العربي، فهناك نقص مستمر في الوظائف المتاحة وزيادة هائلة في أعداد العاطلين وعجز عن مواجهة متطلبات الحياة المعيشية في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميًا ومحليًا، ولعجز الدول العربية عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في حاصلاتها الزراعية.

ولأن معظم الدول العربية لا تملك استراتيجيات واضحة للتنمية ولا تستطيع التعامل مع متغيرات العصر بمرونة وواقعية فإنها تستمر في ضخ الدعم لتهدئة المواطنين إلى أن تواجه عجزًا ماليًا في دخلها القومي فتضطر إلى رفع أسعار الخدمات والمواد الغذائية لتواجه الاحتياجات المتوقعة.

وحتى في الدول العربية النفطية فإن الأمر لا يختلف كثيرًا، إذ أن الشكل الظاهري للرخاء والاستقرار يخفي في داخله نيرانًا مشتعلة من الغضب الشعبي والمطالب الفئوية، ولكنه غير قادر عن التعبير عن نفسه أمام الوفرة المالية في اقتصاديات هذه الدول التي تخفي وتحجب وتمنع تفاقم أي مشاكل.

وسوف تمتد مظاهرات الغضب إلى العديد من الدول العربية لأن الاحتجاج على الأسعار وعلى البطالة سوف يكون مقدمة لاحتجاجات أعنف تتناول القضايا السياسية وتثير قضايا أهم مثل غياب الممارسة الديمقراطية والفساد، وتفاوت الدخول وهي قضايا ينظر إليها البعض على أنها السبب الأساسي لعجز هذه الحكومات عن التنمية وتحقيق الرخاء لشعوبها.

إن المواجهة الأمنية لهذه الاحتجاجات سوف تخلق ردة فعل أكثر عنفًا ودموية، ولا حل إلا في العدالة الاجتماعية ومزيد من الحريات والمشاركة الشعبية الفعالة في صنع القرار وتحمل نتائجه وعواقبه.

sayedelbably@hotmail.com


| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | 08/01/11 |

الأرض والأشجار والأفكار !



محمد الرطيان | 07-01-2011 21:07

لا تخن الأرض التي أنبتتك .

(1)
هناك شجرة للزينة فقط .. لا تنتظر منها أي شيء آخر .
وهناك شجرة لا تمنحك سوى الظل .
وهناك شجرة تمنحك الظل ، والمنظر الخلاّب ، والثمار اليانعة .
والبشر مثل الشجر !

(2)
لا تحاول أن تجبر الأرض الصحراوية على أن تقبل البذرة الغريبة
ستكون النتيجة : ثمار مشوّهة !

(3)
الأفكار مثل الأشجار : بحاجة إلى ضوء
الأفكار التي تنمو في الظلام .. أفكار حادة ومتطرفة .. وأحيانا ً قاتلة !

(4)
أحد الأصدقاء جلب بعض البذور من إحدى البلاد البعيدة وأراد أن يزرعها في حديقة منزله..
وكانت النتيجة خروج نبتة صحراوية نعرفها جيدا ً ولم تنمو البذور الغريبة .
هل كانت الأرض تخبأ بذورها انتظارا لزمن اخضر ؟!
أم أن الأرض كانت تدافع عن نفسها وهويتها ضد هجمة هذه البذرة الغريبة ؟!

(5)
بعض الأشجار بلا مبدأ :
غصن منها يشعل النار ويضيء ليلك الحالك .
وغصن آخر يتحول إلى " هراوة " في يد شرطي !

(6)
قلت سابقا ً :
ـ ليس ذنب المطر أن هذا التراب تحول إلى وحل .. ولم يصبح غابة !
ـ لا تحاكموا التفاحة الفاسدة .. وتنسوا الشجرة التي أثمرتها !

(7)
بعض البشر في هذا الزمن يحدث له مثلما يحدث للنباتات عندما يعبث بجيناتها العلماء :
تصبح البرتقالة بحجم البطيخة .. ولكنها بلا طعم !

(8)
عند تاجر العقار : كل أرض هي صالحة للبيع .
مشكلة عندما تعيش في زمن عربي لا تعرف فيه الفرق بين تُجار العقار والساسة !

(9)
الأرض بتتكلم ( عبري ) !
تبا ً للأخطاء المطبعية الفاضحة .. والاعتذار الشديد لسيّد مكاوي .

• مفكر وكاتب سعودي .

alrotayyan@gmail.com

المصريون..

| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | 05/01/11 |
الرضا بما قسم الله ـ الشيخ سعد الفقى



الشيخ سعد الفقى | 05-01-2011 00:37

لن أتراجع ..ولن أستسلم..ولن أنزوى..مهما حاول المُحبَطون إيقافي..مرات عديدة وضعوا المتاريس والعراقيل أمامي .. هذا ما تعودته منهم .. ربما أكون قد تعثرت .. هكذا ظنوا ..إلا أنني في كل مرة .. كنت أتماسك بل وأتمالك.. وقد تعلمت أن القذيفة التي تصيبني .. يجب أن تقوي ظهري ..وتشد من عضُدي .. عَقِب كل عَثرة .. كان النهوض .. وكنت في كل مرة .. أقوى من ضرباتهم المؤلمة والقاسية..وكان زادي هو الأمل ..الأمل في وعد الله الذي لا يُخْلَف" إن مع العسر يسراً" .. الأخذ بالأسباب .. ليس أقل من الإمساك به والحرص عليه .. مرة أخرى .. كانت الضربات تأتيني إلا أنها هذه المرة ممن ظننتُ أنهم مني .. وما أكثر العراقيل التي يصنعها الأهل والأقربون .. لماذا ؟؟ الله أعلم..

ورغم أنها كانت ضارية إلا أنها لم توقف مسيرتي ولم ترهبني .. بل ولم تزحزحني.. عما آمنت به وترسخ في قلبي .. ولم الرهبة والإيمان بالله هو المبتغي.. والتوكل عليه وحده هو المُرتجى..فمن اعتمد على غير الله زل ومن اعتمد على ماله قل ومن اعتمد على الله لا زَلّ ولا ملّ ولا قلّ..مرات عديدة كُنت أرى الآخرين وقد تساقطت على رؤوسهم النكبات وكنت قدر الاستطاعة { لا يكلف الله نفساً إلا وُسعها}.. أُجاهد وأُثابر من أجل التخفيف من آلامهم واقتلاعهم من هموم ألمت بهم .. وإن تحملت أنا وحدي الضربات تلو الضربات وتحملت معها نتائجها وتوابعها..وقد أيقنت أن المحن وحدها هي الطريق الأمثل والممهد للمنح وكلما ازداد رصيد الصبر كانت الثمار المرجوة .. مرات عديدة كنت على مقربة من الانزلاق والتهاوي والوصول إلى طريق مسدود.. إلا أنه سُرعان ما كان الفرج {ومن يتق الله يجعل له مخرجا }.. وكم من المرات ذابت الهموم وتلاشت وكنت أجد العطاءَ أضعافاً مضاعفة.. وربما زاد من صبري أنني رضيت بما قسم الله؟؟ .. عن أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
مَنْ يَأْخُذُ عَنّي هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِن أو يُعَلّمُ مَنْ يعلم بهن ؟".

فقال ابو هُرَيْرَةَ: فقُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ الله.

فَأَخَذَ بِيَدِي فعَدّ خمساً وقال:

"تكن اعبد الناس اتّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ،

وَارْضَ بِما قَسَمَ الله لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النّاسِ،

وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً،

تُحِبّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِماً، واحب للناس ما

ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب..

المصريون*

| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | 03/01/11 |

آه يا ندل!



عبد السلام البسيوني | 03-01-2011 00:50

آسف جدًّا مقدمًا إذ أتحدث اليوم عن الأنذال، وطبعًا سيادتك تعرف من هو النذل يا قارئي العزيز! ولو أردت أن أذكِّرك، وأثير خيالك لقلت إنه: الذي يأكل خير صاحبه، ويتوسع في الاستفادة منه، فإذا احتاجه هذا الصاحب، هرب ببساطة، أو تخلى عنه، أو ربما باعه، وساوم عليه لينال أكبر سعر ممكن، فإذا ذكّره صاحبه بما بينهما قال ببرود وسماجة:

انت مين؟ أنا ما اعرفكش، وما تهمنيش!

الندل هو الذي تعطيه، وتكرمه، وتكرر له النفع بعد النفع، والحِباء بعد الحباء، فإذا مالت بك الأيام، أدار لك وجهه، وزوى عنك خيره، وامتعض عند رؤيتك، ورأى أن الدرهم الممسوح خُسارة في جتة سيادتك!

هو الذي يعاملك ويبتسم لك ما دام الدهر مبتسمًا؛ فإذا انتهت مصلحته بحث عنها ربما عند عدوك، بل تكون اللقمة (أطعم) في فمه أحيانًا، إذا كانت من عدوك!

النذل - وكما يقول المصريون اِلندْل - يبيع صاحبه، ويبيع كرامته، ويهين أمه، ويتاجر بامرأته، ويفخر بخيانة وطنه، ويتبجح بالندالة والخساسة، ما دام ذلك يجلب له الفلوس، ويتيح له الربح! وشعاره دائمًا: ندْل ندْل بس أعيش/ آخد على قفايا واعيش/ يقولوا ندل أحسن ما يقولوا الله يرحمه/ فليس في وجهه قطرة دم، ولا في عرضه نقطة كرامة، ولا في قيمه أي مبدأ ثابت! إذ كل شيء عنده (فِلِكْسبل/ إلاستِك/ فور سيل: قابل للبيع والتأجير والإقراض) ما دام هناك من يدفع!

وصحبة الندل أذًى وإهانة، ومجلبة للعار؛ فالصاحب ساحب!

والاضطرار للتعامل معه أشد من وقع السياط وقطع السكاكين، على حد قول أحرارنا في مواويليهم: ضرب الخناجر، ولا حكم النّذِل فيّه! وخسيس قال للأصيل تعالا عندنا خدام!

وهو الذي عناه الشاعر الظريف الذي جمع المستحيلات في أبياته عن الندل حين قال:

والله والله، مرتينِ/ لَحفرُ بئرٍ بإبرتينِ/ ونقلُ بحرين زاخرينِ/ إلى صعيدٍ بمنخلينِ/ وكنسُ أرضِ الحجاز طرًّا/ في يوم ريح بريشتينِ/ وغسلُ فحلين أسودينِ/ حتى يصيرا أبيضين/ ونزع طَوْدين راسيينِ/ وحملُ ثورين باليدين/ ولا وقوفي على لئيمٍ/ يضيع منه حياءُ عيني!

والنذل أسوأ من اللص كثيرًا؛ فهو لص، و(واطي) أيضًا، يحكون أنه التقى نذل مع لص في السوق، فقال النذل للص: علمني السرقة. فقال اللص: بس بشرط، فسأله: وإيه هو الشرط؟ قال اللص: تعلمني النذالة. فرد النذل: بسيطة، وأخذ اللص يعلمه كيف يسرق، فلما انتهى، مرت دورية للشرطة، فزعق الندل: حرامي.. حراااااامييييي!

وقد أشرت من قبل أن النذل يمكن أن يفعل أي شيء مقابل أي شيء، حتى لو فضح أمه!

قرأت أن ثلاثة من الأنذال قرروا أن يقوم كل منهم بعمل، لا يبلغه في النذالة غيره، فساروا في الطريق، وكل منهم يفكر في عمل يجعله البريمو/ المايسترو/ البج بُصّ/ الراس الكبيرة في النذالة.

وفي طريقهم قابلوا عجوزًا متهالكة تتحرك بصعوبة بالغة، فبدؤوا يستعرضوا نذالتهم: أما الأول فقبل أن يسبقه واحد من النذلين الآخرين هجم عليها، وانهال ضربًا وركلاً إلى أن سقطت في بركة من الدماء، تتلوى ولا تجد من ينقذها! فلما أشبع غريزة النذالة في نفسه وقف في زهو قائلاً لصاحبيه: عَجَبْـتِكم؟! هل يتفوق علي واحد منكما في النذالة؟

فكر الثاني سريعًا، وفى لمح البصر هجم على المرأة العجوز، فجردها من ملابسها، وتركها (ملط) كيوم ولدتها أمها، ثم تبسم ضاحكًا، وقال: لعلى الآن قد سبقتك في الندالة؟

هز الثالث رأسه في سخرية، فقالا له بثقة: اخرس انت يا هايف؟! أنت ساكت،لم تفعل أي شيء، هل تعترف بالهزيمة؟ فتبسم ضاحكًا وقال: يستحيل أن يسبقني أيكما يا مغفلان، إن التي فعلتم بها ذلك كله، هي أمي!

والنذل يعرف الأنذال، ويتقوّى بهم، ويكتسب منهم الخبرة، وصدق الشاعر إذ قال:

لكلِّ امْـرِئ شَكْلٌ يقرّ بعَيْنه وقُرَّةُ عينِ النذلِ أَن يصحَب النذلا

وربما زادت النذالة في أهل زمن، حتى يصرخ بعض أحرارها هاتفًا:

هذا زمانٌ ليس فيـــه سوى الجهالةِ والنذالةْ

لم يـرقَ فيه صـاعدٌ ... إلا وسُلَّمُـه النذالـة

وخلق الأنذال دنيء كأخلاق الكلاب، قال الشاعر:

لن تُرضيَ النذلَ إلا حين تُسخطه ... وليس يسخط إلا حين ترضيهِ

ولا يسوؤك إلا حـين تُـكرمهُ ... ولا يسرك إلا حـين تُـقصيهِ!

وبعض الخلائق من المهابيل المتمسكين بمكارم الأخلاق، يرون أن من النذالة: الالتفات للأنذال، والرد عليهم، أو مواجهتهم، حتى قال قائلهم:

إذا سبني نـذلٌ تزايدتُ رفعـةً وما العيـبُ إلا أن يراني أساببـُهْ

ولو لم تكن نفسي عليّ عزيـزةً لمكنْـتُها من كل نـذلٍ تحـاربـه

وقد حاول بعضهم وضع ملامح يمكن أن نتعرف بها على الشخص النذل، ذكر منها التصنت على الناس لسماع أحاديثهم وأسرارهم، أو لرؤية عوراتهم، أو شدة الإلحاح بطلب ما لا يستحق، أو إحراج غيره بما لا يقدر عليه، أو من خلال نكرانه الجميل، ونسيانه المعروف، أو التطاول على أهل الفضل، والتعدي عليهم من غير وجه حق!

وأعتقد أن هناك أشكالاً من النذالة أشد من هذا كثيرًا، وإلا فأين نذالة الأمة حين تتخلى عن إخوانها، وتتركهم للضباع والذئاب، ينهشون وينتهكون ويجتاحون، واقفة ًتتفرج عليهم وهي تأكل وتشرب وتتفسح (وتهيص)؟

تخيل معي (رجل ديك؛ طول بعرض بتياسة) وله أخوات شقيقات وإخوة (لَزَم)

وهجم على بيتهم مجموعة من السفاحين آكلي اللحم البشري، منتهكي الأعراض، ومدمني التعذيب والقتل، وشرب الدماء، وعلم المغيرون بأمر هذا الخسيس، وعراقته في النذالة، فأمّنوه، ومكنوا له، ووعدوه أن يعطوه لقب (أندل أندال الأرض) ويهبوه زجاجة (عصير شرابات معفن على رأي أحدهم) ويُنعموا عليه بنجمة صفيح صدئة، رمزًا لتفانيه وولائه!

فكان الخسيس، المزهو بـ(وطاوته)، شديد الاجتهاد في أخذ أخواته الأبكار بنفسه لمغتصبيهن، وهو يفرك يديه منتشيًا، ويتسمع من وراء الباب صرخات شرفهن، ويرى من خصاص الباب الدماء تسيل منهن، ثم لأنه (ديك) يصرخ في شقيقاته أن يكففن عن الصراخ (بلاش فضايح) ولا يكبِّرن المسألة، فالأمر بسيط، وساعة حظ ما تتعوضش، ويشتم إخوانه الذي يغضبون من سلوكه، ويهددهم بالويل والثبور، ثم هو يستعين بعصابة الوحوش لتفتيش الدار! واستخراج المختبئين عن أعين أعدائهم، ويقترح عليهم دك الغرف التي بها هؤلاء الجاحدون المزعجون، الذين لا يقدِّرون فضله عليهم!

ومن فرط اجتهاده يطلب مع المغيرين مغيرين أعتى؛ ليلقنوا أشقاءه دروسًا في الأدب، ثم هو بعد ذلك يتشدق بفضائل العائلة، وقيمة الأخ، والروابط الأسرية!

(القدس عروس عروبتكم؟!/ فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها/ وسحبتم كل خناجرتم/ وتنافختم شرفًا/ وهتفتم فيها أن تسكت صونًا للعرض/ فما أشرفكم أولاد القحـ... هل تسكت مغتصبة!؟) أولاد الـ..... لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم/ إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم/ تتحرك دكة غسل الموتى أما أنتم لا تهتز لكم قصبة!

وأين نذالة العملاء الذين يتسابقون إلى مباركة الاحتلال، وتبرير التعامل مع الصهاينة، ويقننون النذالة، ويرسمون الخطط لإبقاء أكبر أنذالها أطول مدة ممكنة، ويصنعون التماثيل لفخامته، ويتفننون في كتابة القصائد وإعادة صياغة التاريخ لتبييض وجهه والأذناب الأنذال حوله؟

أين النذالة الأخلاقية التي تبدو جلية عند من يدعي الحب، ويخدع فتاة بلهاء، ثم يسرق عفافها، ويفضحها في المنتديات وعلى شاشات الجوالات، ويوزع صورها بالبلوتوث، أو يهددها بالفضيحة؛ ليظل يستنزفها، ويستبيحها تحت مطارق ضعفها وخوفها ونذالته؟!

وأين النذالة الاجتماعية التي تتمثل في شخص أقدره الله في غفلة من الحق، فهو يستغل وجاهته في دوس الناس، والاستعلاء عليهم بما ليس فيه، خصوصًا إذا كان بلا علم ولا أدب ولا يحزنون؟ فتراه يحرج، ويُذل، ويتكبر، ويتلذذ بحاجة الناس وضعفهم؛ وسحقًا للحاجة التي تقهر الرجال!

وأين النذالة التجارية حين يستغل شخص حاجة آخرين، ليُغلِي عليهم السعر ويرفع ويرفع ويرفع حتى يخرب بيوتهم، ويجعلهم يبيعون ثيابهم، ويضطرهم للخضوع لذل الحاجة، ويفسد على أبنائهم دراستهم ومستقبلهم، لكي يرضَى هذا الجشع لا أشبع الله بطنه!

أو يحتكرسلعة أساسية لا يمكن للناس أن يستغنوا عنها لينتفخ هو، وتتضخم أرصدته إلى حد العجز عن إحصاصئها.. سئل أحدهم: ثروة فخامتك كام، فرد ببرودة لوح تلج: تقصد ثروتي قبل السؤال واللا بعد السؤال!؟

وأين النذالة الوظيفية ونبل زمالة العمل حين يتسلق موظف وصولي تافه أكتاف الآخرين، ويستبيح عطاءهم وإبداعهم، ليصعد هو، ويعلو، ويتسنْـيَر ويتَمدْيَر (أي يصير سِنيَر سْتاف أو مديرًا) دون إمكانية أو مهارة اللهم إلا (بوس الجزم، وألْوَظَة الزُّنَب)؟!

هل النذالة صارت حقًّا مفروضًا، ودعامة وظيفية وأخلاقية في العالم الثالث.. عشر؟

طيب: لماذا أغفلها الإعلان العالمي لحقوق البتاع إذن، ولماذا لم تفكر فيها مواثيق حقوق البتوع؟ سؤال أترك الإجابة عنه للأخ كوفي أنان، وحافظ أبو سعدة، وعبد الروتين، وكل فرقة المعلم يعقوب للطبل البلدي!

يقول الشاعر الدكتور عبد الغني التميمي في قصيدة عن حق المعاصرين في الندالة، واستمتاعهم بها (واسمحوا بالتصرف والاختصار لأنها تودِّي طوكر):

قال لي يومًا صديقي/ وهو مهموم مكدَّرْ/ لم يعد في الناس حرّ يتأثرْ/ أأيادي الناس شُلّت/ وسيوف الناس تُكسرْ؟/ كلهم أضحى قعيدًا/ دونما بأس مخدّر/ قلت: مهلاً يا صديقي/ حينما العزةُ تفقد/ تقذف الأحرارُ في السجن وتجلدْ/ وعلى أفواههم يبنى جدارٌ ويشيد/ ويعودُ المجدُ للعزّى وتعبد/ يصبح الغرقدُ زيتونًا وتينًا/ ويكون التينُ والزيتون غرقدْ/ ويُعدّ النصحُ في السرّ غلوًّا/ بينما يُركع للعُزَّى ويسجد!

يا صديقي حين نُغدرْ/ كل شيء يتغيرْ/ تصبح البسمة جرحًا يتخثرْ/ تصبح اللحظة عمرًا/ ويكون العمر أقصرْ/ تصبح الحية بيدرْ/ وحروف العطف تغدو/ كلُّها أحرفَ جرٍّ/ ويكون الفجر ليلاً/ وظلام الليل أنورْ/ ويكون الجهل علمًا/ ويكون العلم تاريخًا يزّورْ/ ودروس الذل يوميًّا تكررْ/ ويصير الكل جزءًا/ ويكون الجزء كلاًّ/ ويكون العدل بغيًا/ ويكون البغي عدلاً/ وتفيض الأرض جهلاً/ وإله المرءِ ما يهوى/ فهو عبدٌ لهواه ليس إلا/ يا صديقي حين نغدر/ تصبح العزى - وليس الله - أكبر/ كل ما تفعله العزى على الأرض يُبررْ!

حين نُغدرْ/ تصبح العادات شرعًا/ ويكون الشرع منكرْ/ ويكون النذل عنترْ/ تصبح التقوى فجورًا/ وتقيُّ القوم يسكرْ/ وترى بعض رجال/ دون أنف يتكبرْ/ وله طولٌ وعرضٌ/ لكنِ المسكينُ منظرْ/ فقد العزة كالديدان في الأرض/ بل الديدان أقدرْ! عندها/ تصبح الأوطان منفى/ وتكون الدار مهجرْ/ يا صديقي حين نغدرْ/ يصبح المحتل من أوطاننا القطرَ المحررْ! لا تسلني كيف صار العارُ عارًا بثمنْ/ كل ما كان شعارًا قد تغشاه العفنْ/ وغدا الذلِّ وعيشُ الذلِّ في العالم فن/ ويموت الحرُّ لا يحظى بقبر أو كفنْ/ أو يعيش الحرُّ في قيدَيْ صَغارٍ ووهنْ/ هكذا قد غيَّر الناسَ الزمنْ!

--------------------------------

منوعات عن النذالة:

قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها/ وقال الشاعر:

أحب مكارم الأخلاق جهدي... وأكره أن أعيـب وأن أعابـا

وأصفح عن سباب الناس حلما... وشر الناس من يهوى السبابا

وجاء في المثل: صاحب السبع ولو أكلك، ولا تصاحب النذل ولو حملك!

وقال سعيد بن العاص: إن المكارم لو كانت سهلة يسيرة لسابقكم إليها اللئام، ولكنها كريهة مرة، لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها، ورجا ثوابها!

ومن الكائنات النذلة: الضبع الذين يختل ويُفظِع، والخنزير الذي يدعم أنثاه ليسافدها غيره، والصهيوني الذين ينفرد ومجموعة أنذال مثله بصبي دون الحلم، فيجتمعوا عليه ليكسروا عظام مرفقيه وركبتيه وساقيه، والنذل صاحب المنصب الذي يضع ابنه الفاشل مكان أبناء الفقراء اللامعين ذوي التميز والاقتدار، وشايلوك المرابي اليهودي بتاع تاجر البندقية الذي أسلف تاجرًا شابًّا اضطر للاقتراض منه فاشترط أخذ رطل من لحمه إذا تأخر عن سداد الدين. وتأخر الشاب أنطونيو، فطالبه النذل شايلوك برطل من اللحم، وجره إلى المحكمة، وكاد ينجح في قطع رطل اللحم البشري؛ لولا مرافعة فتاة ذكية تنكرت في هيئة محامٍ، وقالت له: خذ رطلاً من اللحم، دون أن تهدر نقطة واحدة من دمائه، وإلا سجنت، فعجز النذل وتراجع..

ومن أشد البشر نذالة النماذج أبو رغال، الذي قاد أبرهة لهدم الكعبة، والرافضي ابن العلقمي الذي قاد المغول لدك بغداد، والمعلم يعقوب الذي تعاون مع الحملة الفرنسية ضد المصريين.. ولن أعد لك قارئي الكريم علاقمة العصر في العراق وأفغانستان وباكستان و...........

صباحك مروءات..

albasuni@hotmail.com


| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | الزوايدة | 02/01/11 |

أول خبر 1\1\2011 م - والمستفيد الفاعل !



عبد الواحد الحسيني | 02-01-2011 00:19

* أول خبر قرأته السادسة والربع صباح اليوم 1\1\2011م هو تفجير أمام كنيسة القديسين في الإسكندرية تسبب في ضحايا بين قتلى وجرحى ، ولم يكن الخبر مفاجأة لي ولا لكثيرين من المهتمين بالشأن العام ؛ خاصة ممن هم أرسخ علمًا ، وقنوات المعرفة أمامهم أكثر بحكم المناصب والإمكانات التي تحت أيديهم ، وإلا - على سبيل المثال - ما طلب الأمن بحسم تقديم مباراة الأهلي والزمالك يومًا واحدًا من 31 إلى 30 ديسمبر 2010م حتى لا يشغله أي شيء عن تأمين ليلة رأس السنة ، والتي يحتفل بها عندنا سائحون وأتباع المذاهب الكنسية الغربية ، ومع ذلك حدث مثل هذا الانفجار ، وظننا أنه لن يكون الأخير - وإن كنتُ على ثقة بلا حدود أن رجال الشرطة المصرية قادرون بتوفيق الله أن يقطعوا الأصابع السوداء والذراع الأسود الذي يتحرك بالدم الأسود الذي يضخه القلب الأسود والضمير الأسود من هنالك وهناك وبعض شرايينه هنا !

* نسبة العمل إلى ما يسمونه " تنظيم القاعدة " عليه تحفظٌ تام من كاتب هذه السطور ؛ فقد اُخْتُرِعت هذه العبارة المعَلَّبة لاستخدامها ساعة اللزوم ، ومن أهدافها الكبرى تشويه الإسلام عمومًا وضرب مفهوم وفلسفة " الجهاد " خصوصًا ؛ فأعداؤنا البعيدون والقريبون والأقرب يعلمون جيدًا أن السلاح ، لا أقول المعادل - لأن من يقول هذا فهو مختل الإيمان بلا شك - الأقوى لمواجهة جميع ألوان الأعداء ، هنالك وهناك وهنا ، هو الجهاد في سبيل الله ، وأعداؤنا يعرفون بامتياز قوة الفتك الأشرس في هذا السلاح في أي مواجهة حضارية واعية بين أصحاب الجهاد وأعدائهم ؛ لذلك هم يستميتون ليل نهار ، وصباح مساء في حذف آيات الجهاد من كل مناهج التعليم في العالم الإسلامي بجهاته الثماني ؛ فانتصاراتهم المتوالية في كل مجال ستظل قائمة مادام الجهاد يرادف الإرهاب في كل وسائل الإعلام هنالك وهناك ثم هنا خاصة !

* إن جهادنا في سبيل الله من أجل حضارة النوع الإنساني كله ؛ يعني على سبيل المثال تحرير عقل ووجدان الإنسان الأمريكي البسيط من غسيل والمخ وتسميم الضمير الذي تقوم به الحكومة الخفية الحاكمة هنالك ، والتي تجعل العيش الأمريكي بلا روح ، معاديا لله بلا وعي ليل نهار ، وصباح مساء ، ويتحركون في الزمان كأن الدنيا بلا آخرة ، وكأن الحياة بلا حساب ، وكأن المستقبل بلا مصير !

* والجهاد في سبيل الله ليس حنجرة عالية وسيفًا وراية مرفرفةً مكتوب عليها " لا إله إلا الله محمد رسول الله " كما تصور بعض الأفلام والمشاهد الساذجة المفتعلة ؛ إن الجهاد في سبيل الله هو استجماع طاقات الأمة كلها في جميع المجالات لنكون أقوياء تعليميًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا داخل إطار من القوة العسكرية داخل الحدود وخارجها ؛ شعارها المقدس : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم "!

* والمجاهدون في سبيل الله بهذا المعنى ليس عندهم حلٌّ ثالث بعد الانتصار أو االشهادة ، الانتصار في المدرسة والجامعة ، والانتصار في الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات ، واللغات والعلوم السياسية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية وممارسة الرياضة - لا الفُرْجة عليها من مدرجات الشتيمة وقلة القيمة - لنكون أمة بحق ، لها مكان ومكانة مستمدة من قوة الواقع لا هيبة التاريخ فقط ؛ خاصة أن الأعداء الجدد لا هيبة عندهم إلا للقنبلة المدمرة والعُمْلَة التي تشتري السلطة والنفوذ ، والنساء والخمور ولوازمهما ، أما المتاحف والحضارات فيدوسون عليها بكعوب البيادة ويطعنونها بالسونكي بلا تردد ولا ندم ، والذين يدوسون ويطعنون هم الذين يتخذون القرار لا أصحاب السترة العسكرية المغسولة أدمغتهم بأوسخ أنواع الغسيل الكيميائي والنفسي .. إلخ .. إلخ ..

* لذا يجب ألا ننسى القاعدة الشهيرة : " ابحث عن المستفيد تعرف الفاعل " حتى نعرف بسهولة من الذي يخطط ويدفع غيره من مرضى العقول والنفوس - كبارًا وصغارًا وأقزامًا - لتنفيذ هذه الجرائم وغيرها من كل ألوان الجرائم كبيرة أو صغيرة ، خفية أو ظاهرة ، وما قطع الكابل البحْري الخاص بالنت منَّا ببعيد ! وبركاتك يا أبا حصيرة !

* إن هنا حالمين بزعامة مصر - ولو سال الدم للرُكَب من أجلها - من خلال مملكة السماء لا من باب السياسة ، ومسالك حياتهم لا تفسير لها إلا دهاليز ودروب السياسية لا خشوع الصلاة ودموع المحبة والإخلاص لله ، وهؤلاء الحالمون بزعامة السياسة يستمدون قوتهم الكبرى من هنالك وراء المحيط ، وهناك وراء البحر ؛ القوة المادية الغاشمة من وراء المحيط ، والقوة الناعمة الحضارية من وراء البحر !

* ويوجد من يحرص على ألا تقوى مصر ولا تضعف ؛ أي بين بين ، فيريدونها قوية ؛ لأنها القوة الرادعة والحامية إذا لزم الأمر وادلهمَّ السواد ، ويريدونها ضعيفة حتى لا تمتد بقوتها الراسخة في مجال الحضارة الإنسانية إلى مساحات يفضلونها أن تكون رمالَ استبدادٍ واستمتاعٍ بالشهوات وشراء أجهزة الحضارة وقشورها لا واحات حرية وكرامة ونهضة حقيقية للإنسان مادةً وروحًا !

* والعجيب أن بعض الفريق الثاني هذا يفعل هذا من خلال قال الله ، وقال الرسول ! من خلال هواهم التفسيري والتأويلي ، ويستخدمون كل وسيلة إغراء وإغواء من مال وإعلام - والإعلام خاصة متأسين مقتدين بأساتذتهم هنالك وهناك - ومناصبَ لتكون مصر محنيةً لا تقع ولا تقوم !

* ونحن هنا لا نتكلم عن الشعوب التي حولنا ؛ فهم رغم كل شيء أفضل كثيرًا من سادتهم وكبرائهم الذين ضلوا السبيل ويُضلون !

* إن تجويع مصر وإمراضها وتعطيشها ، بعد ضرب عقلها وثقافتها وتعليمها وإعلامها وعافيتها هواءً وماءً وغذاءً هي الوسائل الفعَّالة لإسقاطها ولا يتمُّ هذا إلا بإشعال الحريق بين محمد وفاطمة ، وجورج ومارسيل ؛ وهو حلم بريطانيا العظمى في بواكير القرن العشرين ؛ ورهبان وقساوسة كنيستنا المصرية - في بواكير القرن العشرين - كانوا أكثر إخلاصًا لمصر المباركة ، وكانوا أكثر وعيًا بمصالحها العليا ؛ لذا انطلق رصاص الإنجليز لا يفرق بين إنجيل الكنيسة وقرآن المسجد ! واليوم التلميذ وذيله الأسود تفوق تفوقًا ساحقًا على أستاذه ؛ ففي اللحظة التي يراها مناسبة سيقذف بأشباحه كنيسة مصر في العباسية مع مسجد عمرو بن العاص في مصر العريقة ، وسوف يستمتع بكوكتيل الدم الشهيد الأزرق مع الدم الشهيد الأخضر وهو يسيل في شارع بورسعيد الواصل بين مسجد عمرو وكنيسة مصر !

* يا نخبة مصر انتبهوا ، يا كنيستنا المصرية انتبهي ، يا ضمائر العمم السوداء والبيضاء انتبهوا فالطوفان الأسود لا يعرف الله ، ومن ثَمَّ لا يؤمن باليوم الآخر ولا حسابه وعدله وثوابه وعقابه !


| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | الزوايدة | 02/01/11 |
أسئلة أهم من الاستنكار



فراج إسماعيل | 02-01-2011 00:10

مصر كلها غاضبة من التفجير الذي حدث أمام كنيسة القديسين بالأسكندرية وأودى بحياة العديد من الأبرياء الذين كانوا يحتفلون بعيدهم. ومصر كلها تضع يدها على قلبها خشية على وحدتها الوطنية الضاربة في جذور التاريخ، فمن فعل ذلك لا يريد لها خيرا وينفذ مخططا لجرها إلى حرب أهلية تحرق كل شيء ولا تُبقي إلا بلدا متهالكا ميتا منقسما لا يقل عن حالة الصومال أو أوضاع العراق وأفغانستان... لا تأمن على نفسك أو أهلك أو مالك، وتستباح للتدخل الخارجي في ظل الاحتقان الطائفي المتزايد.
لكي نحمي مصر.. يجب أن نخرج من الحالة العاطفية التي تتلبسنا في كل حادث أليم. نخب تستنكر وتشجب. ودعوات للتكاتف وزيارات عائلات الضحايا أو دعوات لتشكيل كردونات من المسلمين لحماية الكنائس في أعيادهم وهو ما نسمعه ونراقبه في هذا الوقت العصيب.
تفجير كنيسة القديسين أخطر من كل ذلك. هو تقريبا أخطر عمل إرهابي تتعرض له وحدة الشعب المصري. لا يستهدف المسيحيين فقط، بل الشعب كوحدة واحدة بدليل دقة اختيار المكان.. والزمان.. والتنفيذ الدقيق.. والعدد الكبير من الضحايا.
كنيسة في قلب تكتل بشري من المسلمين والمسيحيين.. في مواجهة مسجد. كأن المخطط يستهدف في رمزيته جر البلاد لحرب بين الكنيسة والمسجد، أي بين عنصري الوطن إذا ما قام الغاضبون بمهاجمته في ظل حالة الصدمة والحزن والفاجعة التي ألمت بهم. وهو ما حدث بالفعل حين حاول بعض الشباب المسيحي احراقه وقدفوه بالأحجار ولولا التدخل الأمني السريع، لحدث ما لا يحمد عقباه.
اختيار الأسكندرية ينم عن تخطيط دقيق ودراسة سابقة لأحوالها الدينية والاجتماعية.. المدينة محتقنة طائفيا منذ عدة شهور وهي المقر الرسمي للكرسي البابوي، بسبب ما يتردد عن احتجاز الكنيسة لكاميليا شحاتة بعد إسلامها، بينما ظلت الدولة ممثلة في جهاتها الرسمية صامتة دون أن تتدخل فعليا للتحقيق في الاتهام واثبات سلطتها على جميع مواطنيها بغض النظر عن ديانتهم، وكان يمكنها أن تفعل ذلك وتظهر كاميليا والأخريات لأنهن جميعا مواطنات يخضعن لسلطان القانون وحده سواء كن مسلمات أو مسيحيات، وقد ناديت بذلك في أكثر من مقال هنا ونادى به غيري، لأن جهات خارجية ستسعى إلى استغلال هذا الاحتقان وتجنيد من يقوم بعملية حمقاء جبانة لا يمكن أن يكون فاعلها مسلما بأي حال.
الجميع تذكر تهديد القاعدة الذي نسب لتنظيم "دولة العراق الإسلامية" قبل شهرين باستهداف الكنائس والمسيحيين في حالة عدم الافراج عن كاميليا ووفاء قسطنطين. الخطاب الرسمي والإعلامي والأمني وجد راحة في نسبة التفجير إلى "القاعدة".. وقد كتبنا أيضا نشكك في جدية ذلك التهديد وهو ما نتمسك به، لكننا قلنا إن جهات خارجية ستستغله أو تكون هي التي أطلقته لكي تنفذ عملا إرهابيا عندما تتاح لها الفرصة.
وهنا تثار أسئلة لابد من الإجابة السريعة عليها بلا تأخير لأن الأزمة أكبر مما نتخيله عاطفيا ونفسيا..
أولا: هل أصابت الجهات الأمنية حالة استرخاء رغم أن هناك تهديدا خارجيا باستهداف الكنائس المصرية، واحتفالات كأعياد الميلاد هي أكبر فرصة مواتية لتنفيذ ذلك التهديد، فمنذ اطلاقه قبل شهرين لم تمر مناسبة دينية كبرى على الأقباط المصريين تشهد مثل تلك الأعداد من المحتفلين.
ثانيا: هل اُستنفذت تلك الجهات في مهمات سياسية أفقدتها الكثير من التركيز في الأحوال الجنائية وأمن الناس. لقد جاءت الحادثة المفجعة بعد وقت ليس بالطويل على الانتخابات والارهاق الأمني الذي كان سببه رغبة القيادة الحزبية في تحقيق نتائج سياسية معينة. هذا ينطبق بشكل كبير على الأمن في الأسكندرية الذي جند كل قواه لضمان وصول مرشحي الحزب الوطني ولحرمان فئات أخرى؟..
ثالثا: وهذا هو الأهم.. هل هناك جناح أو أجنحة ما زالت تعتقد أن الأزمات والمشاكل تشغل الناس عن قضايا الحرية والديمقراطية، وأن الضغوط العالمية في هذا الاتجاه ستخف أو تنتهي إذا أطل الأرهاب برأسه. إنه ليس اتهاما لأحد أو جهة وإنما للربط بين الكسل الحكومي عن حل مشكلات وعوامل الاحتقان الطائفي من الجانبين، وبين الاعتقاد بأن بقاءها شماعة أو فزاعة يبقي الأوضاع على ما هي عليه؟..
ما زالت الأمور قيد التحقيق.. لكن الذي لا شك فيه أن استرخاء قد وقع، وكارثة كبيرة تعرضنا لها مع الدقائق الأولى لعام 2011 ما كان لها أن تحدث لولا ذلك الاسترخاء، ولولا الاحتقان الطائفي من الطرفين الذي سكتت عنه الحكومة وظلت تتفرج عليه وربما سعيدة به في بعض الأحيان على ما أظن.
اقرأوا معي كيف فاجأتنا الدولة منذ أيام بأن انفلونزا الخنازير بدأت تحصد الناس حصدا.. ثم فاجأتنا بقضية التجسس التي وجهت لها كل وسائل الأعلام القومية والخاصة.. وأخيرا الكارثة الأكبر التي يعني أي استرخاء مستقبلا في مثيلاتها لعب بالنار لا يجوز وغير مقبول إطلاقا إذا كانت هناك بيننا إرادة لاستمرار مصر على قيد الحياة.
arfagy@hotmail.com



| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | الزوايدة | 02/01/11 |
فتنة في مصرأم مؤامرة على مصر؟



السفير د. عبدالله الأشعل | 02-01-2011 00:09

وأخيراً وقعت الكارثة التى حذر منها الجميع، وهى سيارة مفخخة مثل أعمال القاعدة، ومثل العراق ولبنان خلال الحرب الأهلية، وضد كنيسة رئيسية وعشية العام الجديد وقبل أسبوع من عيد الأقباط، ثم تعلن السلطات عن أسفها، وتقوم جماعة من الأقباط فوراً بمهاجمة أحد المساجد، ويسارع الفاتيكان فى أول عمل بعد مؤتمر المسيحيين المشارقة فى الفاتيكان باتهام الحكومة المصرية بعدم قدرتها على حماية المسيحيين فى مصر. المسألة ليست فتنة بين المسيحيين والمسلمين فى مصر كما كان يحلو للسلطة أن تردد، وقد حذرنا مع غيرنا من أن انشغال الحزب الوطنى بتجميع السلطة والثروة وانصرافه عن إصلاح البلاد والاهتمام بقضاياها الكبرى وتحييد الشعب المصرى وتزوير إرادته وامتهان قضائه، أدى إلى امتهان القضاء وأحكامه من جانب الطرف الآخر.

من قام بهذا العمل الذى يؤشر لمرحلة جديدة خطيرة فى مصر؟ ولماذا وماذا استغل هؤلاء حتى يقدموا على هذه المرحلة وما معنى تصريح بابا الفاتيكان، وماهو المتوقع؟

المتوقع أن تتزايد الحوادث من هذا النوع ضد مساجد مصر وكنائسها وضد مبانيها وأمنها ونسيجها الذى حرصوا على تمزيقه ولن تجدى المعالجات الأمنية الهزيلة. لأن الذى قام بهذا العمل هم عملاء الموساد، وكان يجب أن تأخذ السلطة مأخذ الجد التحذيرات التى أطلقناها تعليقاً على كشف الحساب الذى قدمه عاموس يالدين مدير المخابرات العسكرية فى إسرائيل الذى كشف عن إنجازات الموساد فى مصر ومن أخطرها ترتيب الفتنة الطائفية وتمزيق المجتمع المصرى حتى لاتقوم له قائمة. ثم نشرت فى تلك اللحظة معلومات عن تورط مسئولين كبار فى العالم العربى مع إسرائيل والولايات المتحدة بتهم الخيانة العظمى، واستعداد ويكيليكس لنشر هذه التقارير ولذلك لايجوز إهدار الوقت والجهد فى تحقيقات لاقيمة لها فالفاعل هو الموساد وعملاؤه فى مصر، منهم الصغار ومنهم الكبار، ومعنى ذلك أن مصر كلها فى خطر عظيم على وجودها ووحدة أراضيها بعد كل ماهددها من أمور حياتية ومجتمعية ومع ذلك يصر الحزب الوطنى على التآمر على إبعاد المعارضة، فهل كان إبعادها للانفراد بالسلطة والتفرغ لحماية البلاد وحده، أم أن الانفراد قصد به ألا يعكر أحد صفو إدارته "الناجحة" لمصر ولمجتمعها. ومالم يتم البدء الآن فى مراجعة كل ما يتعلق بإسرائيل وأمريكا وتنقية المجتمع المصرى من أصابعهما، وإجراء انتخابات حرة تشرك كل المصريين فى الدفاع عن وطنهم بعد أن تعرض للضياع وإنشاء دولة حرة مستقلة حازمة قانونية عادلة فأظن أن كل مصرى مطالب بالدفاع عن وطنه وعن حقه فى دولة لكل مواطنيها بعد أن احتكرها حزب عرضها لأعظم الأخطار.

مصر بصراحة يمكن أن تنزلق إلى حرب أهلية تقوم على قاعدتى المسلم والمسيحى والغنى والفقير وحينئذ يفر من أشعلوها إلى أسيادهم، فماذا يفعل العقلاء فى مصر بعد تحذير الفاتيكان من عدم قدرة الحكومة على حماية الأقباط؟

أليس ذلك مدخلاً إلى تدخل دولى لحمايتهم، ثم من يحمى المواطن غير القبطى مما يعانيه وأليس مدخلاً لتقسيم مصر مادام أبناؤها غير قادرين على العيش المشترك؟ ألا تشبه دعوة الفاتيكان تحذير بريطانيا لعرابى بأنه غير قادر على حماية الأجانب وأن الاحتلال هدفه توفير هذه الحماية؟

إننى أدعو إلى لقاء عاجل بين عقلاء الأمة من المسلمين والمسيحيين لوضع أسس نظام ديمقراطى يقف وراءه شعب مصر ويسانده العالم بدلاً من السعى إلى توسيع الشقة ونزع الفتنة. مشكلتنا هى الشمولية والغفلة عن مصالح البلاد العليا وحلنا هو نظام ديمقراطى، فالمؤامرة على كل واحد فينا وليس فتنة بين أبناء مصر الذين لم يفرقوا يوما بين أقباطها ومسلميها.

المصريون*

| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | الزوايدة | 02/01/11 |
وداعًا لك يا جنوب السودان



د. طه جابر العلواني | 02-01-2011 00:21

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. وبعد.

فالسودان بلد أحببته قبل أن أزوره بسنين، فقد كنت طالبًا في القاهرة منذ سنة 1953م، ولم تكن الملكيّة في مصر أُلغيت بعد، حيث كان ابن فاروق أحمد فؤاد قد نودي به ملكًا لمصر والسودان كما كان أبوه وذلك بعد إقالة أبيه وترحيله، وتابعت –وأنا طالب عربيّ- قادم من بلد ينظر عربه إلى الوَحدة بين أي بلدين عربيين أو مسلمين على أنّها هدف يستحق أن يضحى من أجله بالغالي والنفيس، وهو في قمة قيم المسلم، عربيًا كان أو غير عربي، فوحدة الأمّة مشتقة من التوحيد، والتوحيد هو المقصد القرآني الأول للنبوات كلها وللكتب السماويّة جميعها، فإيجاد الأمّة الواحدة أمر له قدسيته في قلب أي مؤمن وضمير أي موحد. وقد استقر في ذهني ارتباط مصر والسودان وفي عقلي منذ ذلك التاريخ، وكان يعجبني كثيرًا من يقول: "شمال الوادي وجنوب الوادي"، فمصر والسودان يجمعهما وادي النيل، مصر في شماله والسودان في جنوبه.

ثم بدأت خطوات استقلال السودان عن مصر، وكانت هناك مجموعة من التراكمات التي حدثت عبر عقود، خاصّة بعد احتلال الإنجليز للوادي بشماله وجنوبه، فالإنجليز لأهداف يعرفونها كانوا يتخذون من مصر شرطة لهم في السودان، أو جندًا، أو موظفين، يستعينون بهم وهم يمارسون استعمارهم للسودان واستضعافهم لأهله، ويجعلون هؤلاء الجند المصريين في الواجهة، بحيث ينظر السوداني البسيط لأخيه المصري على أنّه هو من يحتله أو يحتل بلاده، وهو من يمارس اضطهاده والسيطرة عليه، والتهوين من شأنه، وكان هناك إصرارًا على البقاء في إطار الوحدة، وحدة وادي النيل لدى العديد من المخلصين من السودانيين والمصريين رغم كل ذلك. وحينما وقعت ثورة يوليو 1952م كان هناك إصرارًا طيلة فترة رئاسة محمد نجيب الذي كان يُحبه السودانيون حبًا شديدًا على الاستمرار في وحدة مصر والسودان، وحين أُقيل نجيب بالطريقة التي أُقيل بها، وتفرد الرئيس ناصر بالسلطة كانت الضحيّة الأولى لذلك "وحدة الوادي" مصر والسودان، ويبدو أنّ العسكريين بطبيعتهم حين يحكمون ويدخلون في المجال السياسي يفضلون أن يُحكموا السيطرة التامّة على كيانٍ محدد، بحيث لا يخرج عن قبضتهم شيء فيه أو منه؛ لأنّ العقليّة العسكريّة لدى "الانقلابيين العرب" لا تعرف إلا مبدأ القيادة والجنديّة، فمن تبوأ موقع القيادة فلا يرضى من الآخرين إلا أن يكونوا جنودًا فحسب، فلا مجال للشورى إلا إذا كانت تأييدًا ومباركة لما يراه القائد، فالجندي ليس له إلا أن ينفذ، وإذا كان لديه ما يقوله، فليقله بعد التنفيذ، فأوكل أمر متابعة وحدة وادي النيل إلى "الصاغ صلاح سالم"، وظن الصاغ كما ظن البك باشي ... والفريق ... أنَّ السودان عبء، وإذا تخلصت الثورة منه فإنّ ذلك يجعلها أقدر على إحكام سيطرتها على مصر، والتخلص من عبءٍ كبير، وانفصلت السودان عن مصر واستقلت، ومر الأمر على الشعبين والعرب والمسلمين من ورائهم، كأنّ شيئـــًا لم يحدث، ولم ينتبه أحد إلى أنّ في ذلك خطورة على مستقبل مصر وعلى مستقبل السودان معًا، ولما تحول عبد الناصر إلى وَحْدَويّ يدعو إلى الوَحْدة العربيّة نسيَ أو تناسى أنّ سيادته قد فرط في وحدة طبيعيّة لها كل مقومات الوحدة مع بلد ملتصق به، يجمع بينه وبين مصر الماء والتراب والإنسان والتاريخ، والروابط بينه وبين مصر أضعاف الروابط التي تجمع بين مصر سوريّة، فأنشأ وحدته مع سوريّة، ولم يُثر أحد في تلك المرحلة سؤالًا لماذا يُفرطُ في وحدة مصر والسودان ويُحث على وحدة أخرى قبل إعادة بناء الروابط بين شمال الوادي وجنوبه، وحين قامت ثورة الإنقاذ في السودان كان هناك أمل أن يكون من بين أهداف هذه الثورة إعادة بناء وحدة وادي النيل على أسس إسلاميّة سليمة، وخاصّة أنّ مرشد ثورة الإنقاذ أ.د:حسن الترابي السياسي الإسلامي المعروف والإخواني القديم، ذي الثقافة الواسعة الغربيّة والإسلاميّة يدرك أنّ مصير مصر والسودان يتوقف على وحدة الوادي ترابًا ومياهًا وإنسانًا وأهدافًا وسياسةً، وكان المتوقع من ثورة أعلنت انتسابها إلى الاتجاه الإسلامي وتبنيها للإسلام أن تبادر إلى العمل على إعادة توحيد مصر والسودان والعمل على إقناع ليبيا بالانضمام إلى تلك الوحدة، فوحدة كهذه سوف تكون لا في مصلحة البلدان الثلاث وشعوبها فقط بل في مصلحة العرب كلهم والمسلمين كافّة.

وكان من الممكن أن تفتح أمام العقل العربي المجال واسعًا لإقامة وحدة خليجيّة، ووحدة لبلاد الشام والعراق، كان يمكن أن تحمي من سائر المخاطر التي أدت إلى إنهاء العراق وتمزيقه وتهديد كل جيرانه ومن حوله. لكنّ ثورة الإنقاذ اتخذت لنفسها مسارًا آخر، وظنت أنّها -بدلًا من ذلك- تستطيع أن تبني نموذجًا لدولة إسلاميّة حديثة تقدمه للآخرين ليقتدوا بها، ومن المؤسف أن نراها بعد أن دخلت العقد الثالث من سنين حكمها تسلّم بتقسيم البلد إلى شمال وجنوب، وكان السودان كلّه جنوبًا لوادي النيل ومصر شماله، وبدلًا من الوحدة رأينا تمزقًا.

إنّ التسليم بالانفصال مثل الدعوة إليه أو العمل على تحقيقه، وهو في نظر الإسلام خيانة لوحدة الأمّة وجريمة لا تغتفر بقطع النظر عن السياسات والأسباب، ولا أدري كيف سوغت الحركة الإسلاميّة في السودان لنفسها وبأي دليلٍ شرعي تقبلت هذه النتائج حتى أوصلتها إلى هذه النهاية، إنّ أي ثمن يدفعه السودانيون للمحافظة على وحدتهم هو أرخص بكثير من الثمن الذي سيدفعه لهذا الانفصال النكد.

فهذا الانفصال لن تقتصر أضراره على شمال السودان ولا على مصر ولا على العرب ولا على المسلمين، بل سيتعدى ضرره إلى أفريقيا كلها بكل ما تمثل وإلى مستقبل الإسلام فيها، ولو أنّ حكومة الإنقاذ تنازلت عن السلطة أو خسرتها أو حدث لها أي شيء فإنّه أرخص بكثير من ذلك الانفصال النكد، لكنّ شعار آخر خليفة عباسي يبدو لا يزال مسيطرًا على العقل السياسي الإسلامي وغيره، فخليفة بني العباس اللاعب بالطيور والمنشغل فيها كان يقول كلما تقدم التتار خطوة باتجاه بغداد وأخبره الناس بها: كان يقول: "أنا بغداد تكفيني ولا يستكثرونها علي إذا نزلت لهم عن باقي البلاد، ولا أيضا يهجمون علي وأنا بها، وهي بيتي ودار مقامي"، ويبدو أنّ زعماء دولة الإنقاذ شعارهم اليوم الخرطوم تكفيني ولا يستكثرونها عليّ إن أنا تركت لهم الأطراف.

أذكر أنّني حين لقيت بعض المسئولين الإيرانيين على هامش مؤتمر مجمع التقريب في طهران، قلت لهم: لماذا لا تردون الجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى إلى الإمارات، وتكسب العرب والخليجيين إلى جانبكم، ولماذا تصرون على وجوب تسميّة الخليج بالخليج الفارسي، وتجرمون أيّ صحفيّ أو إعلاميّ يقول: الخليج العربي، وتستنكرون قول من يطلق ويقول الخليج فحسب، فقال لي ذلك المسئول المقرب جدًا لمرشد الثورة وللسلطة: لقد ورثنا الجزر الكبرى الثلاثة عن الشاه ولا نستطيع أن نسوغ أمام شعبنا تنازلنا عنها؛ لأنّه سيقول –آنذاك- إنّنا قبلنا ما رفض الشاه، وفرطنا بالوحدة الترابيّة لبلادنا، وهذا ما لا نسمح لأحد أن يصمنا به، والخليج عندنا هو خليج فارس كما هو في التسميات القديمة ولن نتنازل عن هذا، قلت له: ولكنّها عصبيّة قوميّة فارسيّة، فأين هي الروح الإسلاميّة التي كنا نفترض أنّكم استبدلتم بها قوميّة الشاه وفارسيّته، ولما لا تسمونه بالخليج الإسلامي وتنهوا الموضوع؟ فلم يستسغ قولي.

أمّا حكومة الإنقاذ!! فقط سلّمت بانفصال الجنوب السوداني بتلك البساطة. والرئيس البشير حاول أن يعوض الشعب المسكين في السودان وفي مصر وفي العالم العربي والإسلامي عن جنوب السودان بما سماه "تطبيق الشريعة"، ولعل في هذا ترضية للأمة.

كنا نتمنى على البشير والإنقاذيين ومن حوله أن يدرسوا تاريخ بلادهم جيدًا وتاريخ المنطقة من عصر الفراعنة حتى يومنا هذا، فإنّ السودان دائمًا كانت عمقًا استراتيجيًا لمصر، ومصر عمق استراتيجي للسودان، ومن فرط بوحدة الوادي فإنّه يهون عليه تسليم البلاد:

ومن أخذ البلاد بغير حربٍ *** يهون عليه تسليم البلاد

ونحن نرى ونشهد في كل لحظة جريمة التسليم وكيف تتم بسلاسة، وبتدخل أجنبي مباشر لم يستطع أن يستفز من طاقات الأمّة المهدَرة ولو مجموعة متظاهرين في الخرطوم أو في جوبا أو في غيرهما من حواضر العالم الإسلامي ليقول: لا للانفصال.

وإذا كنت أقولها اليوم فوالله ما قلتها إلا لوجه الله، ورغبة فيما عنده، ولئلا يجعل الله منا أمّة من القردة والخنازير ساكتة عن الحق خرساء عمياء عنه.

وأود أن أقول: إنّ هذه النتيجة لم تكن بعيدة عن ذهني منذ التسعينات، وأذكر لقاء جمعني "بمرشد الثورة السودانيّة" السيد حسن الترابي في منزل نائبه السيد إبراهيم السنوسي الذي زرته معزيًا بولده الشهيد، الذي استشهد في جنوب السودان، وكان قادة ثورة الإنقاذ جميعًا في ذلك العزاء يتقدمهم البشير، قلت لأخي الترابي وقد عهدته صاحب فكر: يا أخ حسن إنّ القتال لن يعالج مشكلة الجنوب، وأنّ هؤلاء الشهداء الذين يُقتلون في الجنوب من أبناء الشمال، وتُضفون عليهم صفات شهداء الصحابة، ويروج خطباؤكم على المنابر لمنامات مفتعلة: "فهذا غِسّيل الملائكة" "وذاك رؤي في المنام فسئل عن الصحة والأحوال فقال كذا وكذا وكذا"، هذه أمور قد تنقلب عليكم في المستقبل، فإنّكم لن تستطيعوا استئصال ثورة الجنوب، كما فشل العراقيّون في القضاء على ثورات الأكراد في شمال العراق وبقيت الثورة الكرديّة وسيلة لتأديب الحكومات العراقيّة المتعاقبة، فكلما غضب الغرب من حكومة عراقيّة جلدها بسوط الحركة الكرديّة حتى تستجيب لمطالبه، فتهدأ الحركة وتوقع هدنة حتى خلاف آخر بين الغرب والحكومة العراقيّة، وهكذا قضية الجنوب بالنسبة لكم، فابذل كل جهدك لمعالجة الأمور سلميّـــًا، وإلا فإنّ هذا التحريض على الجهاد سوف يجعل الناس بعد غد حينما توقفون القتال وتذهبون إلى طاولة المفاوضات يحقدون عليك وعلى الحركة الإسلاميّة، ويعتبرونكم قد غرّرتم بهم وقتلتم أبنائهم ثم جلستم تتفاوضون مع قاتليهم.

ولا أنسى يومًا حاول صديق لي أن يجمعني مع العميد الركن عبد العزيز العقيلي -رحمه الله، وحينما وافقت وذهبت مع ذلك الصديق لزيارة العقيلي ومددت يدي لمصافحته ابتسم العقيلي ابتسامة خاصّة وقال: "أريد أن أتأكد أنّ آثار مصافحتك للبارزاني قد زالت من يدك؛ لأسلم عليك، فقد بلغني أنّك التقيت بإدريس البارزاني ورحبت به ويداه وأيدي أبيه وأهله ملوثة بدماء إخوانك الضباط والعسكريين من الجيش العراقي، فقلت له: ربما تجدني أحمل نفس المشاعر لأنّ يديك أيضًا قد صافحت آيادي كثيرة ملوثة بدماء أبرياء الأكراد من نساء وأطفال ومدنيين لا علاقة لهم بالقتال، وجلسنا ولم نستطع التفاهم، ذكرت ذلك للترابي، ولكنّ الترابي كان في وادي آخر، فهو مرشد الثورة وكان ينظر إلى الخرطوم وكأنّها المدينة المنورة في عهد رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلّم- وربما ذهب به خياله إلى نواحي أخرى، ليجد الدولة الإسلاميّة وعاصمتها الخرطوم قد امتدت لتشمل أسيا وأفريقيا وما شاء الله أن تشمل.

قلت في نفسي ما دمت قد فجرت الأمور مع الشيخ فلأذهب بها إلى مداها وليغضب الشيخ، فأنا لن أعود إلى السودان بعد ذلك حتى يخرجوا منها، فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون، فقلت له: بلغني يا أبا صديّق -وهي كنيته التي أحب مناداته بها- أنّك تعتزم استيراد مليون صيني؛ ليزرعوا لك الجزيرة في السودان، فهل هذا الخبر صحيح؟ قال: نعم، قلت: وماذا عن جيرانك وإخوانك المصريين، أليس الأولى أن تأتي بمليون مصري؛ ليزرعوا ويمتلكوا أرضًا هي أرضهم أيضًا كما هي أرضكم، بدلًا من ذهابك إلى الصين، مع اختلاف الثقافة والدين والجذور واللغة وكل شيء، وهل درست الآثار الثقافيّة والدينيّة؟ قال: درسنا كل شيء وأريد شعبًا يستطيع أن يتحدى السودانيين، ويخرجهم من دوائر الكسل التي يعيشون فيها، وما وجدت غير الصينيين في ذهني وسنبدأ بالخطوات العمليّة، وربما نأتي بعشرة آلاف أولًا للتجربة ثم نواصل، قلت له يا أبا صديّق: من الواضح أنّ لديك عقدة من المصريين قد تعود إلى عهد الاحتلال الإنجليزي للوادي جنوبًا وشمالًا، فأنتم تنظرون للمصريين هذه النظرة وهم ينظرون إليكم أيضًا نظرة قد لا تقل عن هذه، فأنت في نظرهم بعمامتك هذه "عم عثمان النوبي" الذي لا يصلح إلا أن يكون بواب عمارة أو سايس جراج. وقد يكون من المفيد لكم ولهم أن يكون هناك مصحات نفسيّة كبيرة تتسع لشعوب البلدين، وذلك بأن يوضع كلٌ من الشعبين في مصح خاص؛ لعمل نوع من إعادة التأهيل والمراجعة النفسيّة، قلتها متضاحكًا ثم عرفت ألّا فائدة من مواصلة الكلام فسكت، لكن الدكتور الترابي لم يسكت بل دعى بعض حوارييه وقال لهم: إنّ الدكتور طه يعيش في أمريكا، وقد بعد العهد بينه وبين المنطقة فخذوه غدًا إلى الجبهة؛ ليرى الجهاد والمجاهدين بنفسه، وأعيدوه إلى الخرطوم بعد أسبوع، فإنّ ذلك كفيل بأن يغيّر نظرته وكثيرًا من آرائه، فقلت له: لقد رأيت في شمال العراق ما يكفي ولا أريد أن أرى في جنوب السودان مآسي مماثلة، وأسافر غدًا أو بعد غد عائدًا إلى أمريكا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.كانوا يسمون ليالي العزاء في الشهداء بليالي أعراس الشهداء، فلا يقولون: إنّنا ذاهبون لنعزي بفلان بل لنشهد عرس الشهيد فلان.

إنّ أي تفكك أو انفصال أو تمزيق لأي بلد موحد ينبغي أن يعتبر جريمة وخطًا أحمر لا ينبغي الاقتراب منه، إذ يكفينا التمزيق الذي حدث على يدي "سايكس بيكو"، اللهمّ إني أبرأ إليك من جرائم التمزيق في العراق، والتفريق القومي والطائفي، وأبرأ إليك من جريمة الانفصال في السودان، ومحاولات الانفصال في اليمن وفي غيرها، وإنّني لأرجو كل موحد لله مؤمن برسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- وكتاب الله القائل: ?وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ? (آل عمران:103) إن الاستبداد لا يأتي بخير أيًا كان مصدره ?كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى? (العلق:6- 7) فما ضر عمر البشير والإنقاذيين لو أقاموا الشورى وأنصفوا الجنوب "جنوب السودان" وشماله، وأقاموا العدل وضربوا للبشريّة المثل في عدل الإسلام وحرصه على الحريات وحساسيته للظلم، وذكّروا الناس بعمر –رضي الله عنه- الذي كان يقول: "لو أنّ جملًا على شط الفرات زلق فهلك ضياعًا، لخشيت أن يسأل عنه عمر لما لم يعبد له الطريق". ربنا لا تآخذنا بما فعل السفهاء منّا وهيئ لهذه الأمّة أمر رشد يعز به أهل طاعتك ويذل به أهل معصيتك، وتعلو فيه كلمتك، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر إنّك على ذلك قدير.

•مفكر إسلامي .. أستاذ أصول الفقه

المصريون*

| حجيرة ابراهيم ابن الشهيد | جنين بورزق | 29/12/10 |

إيران تسئ لصحابة الرسول بمسلسل تلفزيوني



المصريون – (رصد) | 29-12-2010 00:19

يعرض التلفزيون الإيراني حاليًا مسلسل "رسالة المختار" باللغة الفارسية، يتضمن "إهانات لصحابة النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- ومن بينهم الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما"، وهو ما أثار غضب الأزهر الشريف الذي أكّد أنه لا يقبل أي إهانة لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

وأعلن المستشار محمد رفاعة الطهطاوي، المتحدث الرسمي باسم الأزهر الشريف، رفض المؤسسة لأي إساءة تنال من صحابة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وقال في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط: إنّ "الأزهر الشريف لا يقبل أي إهانة لصحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم"، مشددًا على أنه يرفض الإساءة لصحابة رسول الله ولزوجاته.

وطالب المتحدث الرسمي باسم الأزهر الشريف "لجنة تقريب المذاهب بإيران بسرعة العمل من أجل منع إثارة الفتن المذهبية".

وأوْضَح الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أنه "من الأحكام المستقرة في الإسلام التي ليست من اجتهاد أحد من الفقهاء أو غيرهم من علماء الشريعة الإسلامية، تحريم الإساءة إلى أي إنسان سواء كان حاضرًا أو غائبًا أو حيًّا أو ميتًا، وتنطق بذلك نصوص الشرع في القرآن الكريم والسنة الشريفة"، بحسب موقع الاسلام اليوم.

وأشار عثمان إلى أنّ "الإساءة من بعض الشيعة لعبد الله بن الزبير، تفهم عندما نعلم أنهم يسيئون إلى أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- وعبد الله بن الزبير هو ابن أختها أسماء، ولأنه ابن الزبير بن العوام، الذي قامت الحرب بينه وبين علي بن أبي طالب في معركة الجمل، التي كانت بين الإمام علي بن أبي طالب من ناحية، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام من ناحية أخرى".

ومسلسل "رسالة المختار" أو "مختار نامه" يستعرض سيرة وثورة المختار الثقفي المعروف بأبي إسحاق الذي طالب بالثأر لاستشهاد الإمام الحسين في كربلاء عام 61 للهجرة، ويبلغ عدد حلقات المسلسل 40 حلقة.

المصريون.

| حجيرة ابراهيم ابن الشهيد | جنين بورزق | 13/12/10 |
يا جوليان أسانج إنه عالم الأنذال يا عزيزي



عبد السلام البسيوني | 12-12-2010 23:32

هل تذكر قارئي الكريم صورة ذلك الشاب الفلسطيني عاري الصدر الذي وقف في مواجهة مصفحة إسرائيلية ومجموعة جنود إرهابيين صهاينة، مدججين بأسلحة إرهابية، وليس في يده إلا حجر!؟

أتذكر قارئي صورة ذلك العملاق الصيني الذي صورته وكالات الأنباء العالمية في ميدان تيان آن مين في مواجهة صف من أربع دبابات ضخمة، في مثال غير مسبوق للتحدي الفريد، والتضحية المطلقة؟!

أتذكر سيدي تلك الشابة الأمريكية الشجاعة راتشيل كوري، التي رفضت البلطجة الصهيونية، وتصدت بجسدها النحيل الهش للجرافات الإسرائيلية يوم 16? من مارس ?3002 فهرستها عمدًا جرافة إسرائيلية، وهي تحاول بما استطاعت منع المجرمين الإرهابيين الصهاينة، من هدم بيت آمنين فلسطينيين، دون أن تبالي الجرافة بها أو بأحد، ودون أن تطالب بلدها أمريكا بدمها أو تغضب لها!؟

هذا بالضبط حال جوليان آسانج: فارس العصر النبيل/ حامي الظعائن الجديد/ دون كيخوته دي لا ويكيليكس/ ذلك الرجل الأسترالي الأشقر، الذي يقف وحده في مواجهة جرافات الإعلام العالمي الكذوب، الذي يكذب ويتحرى الكذب على الله وعلى عباد الله؛ حتى كنب عند الله كذابًا، ويتصدى وحده لبلدوزرات المخابرات الإرهابية التي تجمِّل القِوادة السياسية، وتقبِّح الدفاع عن الأرض والعرض، ويفضح جرافات التلفيق الإجرامية التي ترفع من شأن تجار المخدرات والبشر والسلاح والبترول، وتضع من شأن الشرفاء والوطنيين والأحرار والبرآء!

وسيموت جوليان أسانج ككل شريف وسط ضباع، لألف سبب وسبب، أقلها نذالة من كان يدافع عنهم، وهم يتخلون عنه ويتهربون منه، وهم على يقين بالتلفيق الذي تم وسيتم ضده، وعلى معرفة بأنه سيقدَّم قربانًا للباطل السياسي، والعهر الإعلامي، والقذر الدبلوماسي، ويجزمون أنهم سيستخرجون له (القطط الفطسانة) ويصفونه بأقبح النعوت، وسيلفقون له سجلاً أشد سوادًا من سجل أدولف بن هتلر الله لا يرده، وعيدي أمين الله يرحمه، وبول بوت الله ينتقم منه، ومانويل نورييجا بتاع بنما الله يعامله بما يستحق!

التهمة جاهزة من كم شهرًا، منذ بدأت تسريباته تقلق التنانين السامة في كهوفها المظلمة السرية المكتومة، وبدؤوا هم تسريباتهم: الجدع مش نضيف! دا مغتصب، ومنحرف جنسيًّا، ومطلوب للعدالة – هذا أول الغيث – وسيعتقل، ويصفى على الطريقة العربية.. سيشنق نفسه في حوض الزنزانة زي سليمان خاطر، وكمال السنانيري، وخالد سعيد! أو سيقتله واحد مجنون، أو متخلف عقليًّا! وتضيع القضية وينسى فاعلها كما نسي قاتل كنيدي، وقاتل بوضياف، وقاتل حسن البنا!

جوليان أسانج: أسد غربي آخر لم تخدعه الديمقراطية الغربية الزائفة، ولا الإنسانية الأنجلو سكسونية المتطرفة، ولا صنم الحرية الأونطة، ولا حواة (جلا جلا) بتوع الإعلام الاستعماري، الذي يجعل الحق باطلاً ويرزقنا اتباعه، ويقلب الباطل نورًا ويرزقنا الاهتداء به، فإذا لم نهتد كما يريد قصفنا باليورانيوم المنضب، والفوسفور الأبيض، والحكام الظلمة!

ولأنه ليس في هذا العالم قاسي القلب مكان للنبلاء والشعراء والفراشات والألوان والقيم والمعالي، فأسانغ مطلوب الرأس.. ولن يعطى الحق في الحياة؛ رغم أنه أوربي وأشقر وحليوة، وكل شيء حوله معروف مرصود: بصمة عينه، وبصمة حمضه النووي، ونوع القهوة التي يفضلها، ومتى يخلد إلى النوم!

آه يا جوليان.. أسمعت ما قال أحمد مطر؟ لا أظن.. فاسمعه مني الآن:

كل ما حولك غادر/ لا تدع نفسك تدري بنواياك الدفينة/ وعلى نفسك من نفسك حاذر/ هذه الصحراء ما عادت أمينة/ هذه الصحراء في صحرائها الكبرى سجينة/ حولها ألف سفينة/ وعلى أنفاسها مليون طائر/ ترصد الجهر وما يخفى بأعماق الضمائر/

أين تمضي ؟ رقم الناقة معروف/ وأوصافك في كل المخافر/ وكلاب الريح تجري ولدى الرمل أوامر/ أن يماشيك لكي يرفع بصمات الحوافر/ خفف الوطء قليلا فأديم الأرض من هذي العساكر!

لا تهاجر/ امض إن شئت وحيدًا/ أنت مقتول على أية حال!

سترى غارًا فلا تمش أمامه/ ذلك الغار كمين يختفي حين تفوت/ وترى لغمًا على شكل حمامة/ وترى آلة تسجيل على هيئة بيت العنكبوت/ تلقط الكلمة حتى في السكوت/ ابتعد عنه ولا تدخل وإلا ستموت/ قبل أن يلقي عليك القبض فرسان العشائر!

أنت مطلوب على كل المحاور/ لا تهاجر!



نعم .. بالديمقراطية يُغتال:

جاهرت رؤوس كبيرة بطلب رأسه وتصفيته جهارًا نهارًا، دون تجمل ولا مواربة ولا دبلوماسية، غير آبهين أن يصفهم أحد بأنهم قتلة أو إرهابيون أو آكلو لحوم بشر! فقط لأنه خرج عن قواعد اللعبة، وقرر أن يكون نبيلاً لا مصاص دماء:

فها هو توم فلاناجان كبير مستشاري رئيس الوزراء الكندى يطالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما صراحة باغتيال جوليان أسانج بأسرع وقت ممكن (أنا لا أمزح، فعلى الرئيس باراك أوباما أن يأمر باغتيال جوليان أسانج عن طريق قاتل محترف، أو حتى من خلال ضربه بطائرة بدون طيار) والسر يا عيني أن قلبه على العرب: (هذه الدول مجاورة لإيران وترغب أن تعيش بجوارها فى سلام، وإن أي صريحات دبلوماسية قالها أي مسؤول عربي عن توجيه ضربة عسكرية لإيران لا يجب أن يتداولها العامة، ومثل هذه المعلومات تعرض الدبلوماسيين العرب للخطر)! شفت ازاي!؟

وليس المحروس الكندي وحده هو العنيف المباشر، فقد طالبت المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب الرئيس الأمريكي سارة بيلين هي الأخرى في صفحتها على الفيسبوك الحكومة الأمريكية بمطاردة جوليان أسانج كأي إرهابي (بمعاييرهم)، باستخدام كل الوسائل الممكنة والضرورية للقبض عليه أو التخلص منه. وافهم ما شئت من عموم قولها: باستخدام كل الوسائل الننكنة والضرورية!

والمدعي العام الأميركي إريك هولدر يبحث في إمكانية جلبه للمحاكمة تحت بند الجاسوسية، والتخابر لصالح كوكب ميرندا، أو دولة تيريرونيا!

والمدعي العام الأسترالي روبرت ماكليلن يحقق في إمكانية محاكمته بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر.

ومستشار رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر دعا إلى اغتياله. هكذا.. رئيس وزراء إرهابي عيني عينك!

والثعلب الروسي الكبير الروسي فلاديمير بوتين لمح إلى أن موقعه مرتبط بعمل مخابرات أميركية!

واعتبر وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس خلال زيارة مفاجئة لأفغانستان أن توقيف أسانج يشكل نبأ سارًّا! والمحاكم جاهزة بأحكامها.. والزنازين مفتوحة، والراجل هايزهق من الدنيا يا عيني، ويعملها ويسافر للآخرة باختياره المحض!

مبادئ فارس العالم الافتراضي:

أكبر عيوب جوليان أسانج أنه - وفي عالم السياسة الذي لا دين له ولا مبادئ – رجل صاحب مبادئ، وروؤية، وفيه إنسانية ورحمة، ويحرص على تعرية الكذب، والبهتان، والتلفيق، والتزييف..

وقد بدأ شغبه مبكرًا؛ منذ كانت «ناسا» تستعد لإطلاق مركبة «أتلانتس» الفضائية، واقتحم شاشات الكومبيوتر داخل «ناسا» وزرع عليها كلمة «وانك» وهي اختصار لاسم تعتمده مجموعة من القراصنة معناه: «ديدان ضد القتلة النوويين Worms Against Nuclear Killers». وكان أسانج واحدًا من 6 قراصنة اعتقلتهم الشرطة بسبب هذه الحادثة في ملبورن.

قال في مقابلة قبل أيام مع مجلة الـ«تايم» إن موقع «ويكيليكس» هدفه «جعل العالم أكثر تحضرًا، والعمل ضد المنظمات الفاسدة التي تدفع الناس في الاتجاه المعاكس».

وعندما أطلق ويكيليكس رسميا، عام 2007، كتب يبرر سبب إنشائه: «لكي نغير بشكل راديكالي سلوك النظام، يجب أن نفكر بوضوح وبجرأة، لأنه إذا كنا تعلمنا شيئا فهو أن الأنظمة لا تريد أن تتغير. يجب أن نفكر أبعد من أولئك الذين سبقونا، واكتشاف تغييرات تكنولوجية تقوينا في طرق التصرف أكثر من الذين سبقونا».

وكتب في المدونة خاصته: «كلما كانت المؤسسة سرية وغير عادلة، تسبب التسريبات خوفا وبارانويا لدى قياداتها وشلتها».

ويفخر أسانج بأن موقعه تمكن من نشر وثائق سرية أكثر من كل الصحافة العالمية مجتمعة. ويقول هازئا بالصحافة على الرغم من معرفته بحاجته إليها: «لا أقول هذا الأمر لكي أقول بطريقة أخرى كم أننا ناجحون.. ولكن كيف يمكن لفريق من 5 أشخاص أن ينشر معلومات عامة يجري كبتها، على هذا المستوى، أكثر من كل صحافة العالم؟ هذا أمر شائن».

ومن أقواله:

• "نريد ثلاثة أمور: تحرير الصحافة وكشف التجاوزات وانقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ".

• «عندما تتوقف الحكومات عن ممارسة التعذيب وقتل الناس، وعندما تتوقف المؤسسات عن استغلال النظام، عندها ربما يحين الوقت لكي نسأل إن كان يجب محاسبة الناشطين في مجال حرية التعبير».

• لأننا نعيش مرة واحدة فلتكن مغامرة إقدام تستنفد كل قوانا، لتكن مع أقران لنا يشبهوننا في عقولهم وقلوبهم ممن نفتخر بهم. ولنجعل أحفادنا يسعدون بآذانهم لسماع بدايات قصصنا ، ولكن لندعهم يرون ثمار أعمالنا بعيونهم وأمامهم في كل مكان.

• الكون كله خصم يستحق المبارزة، لعلي سأصاب بالوهن مع تقدمي بالسن، وأرتضي أن أعمل في مختبر لأشرح للطلاب بعض التجارب، وأتقبل البؤس بلامبالاة وبرودة، ولكن عندما يحمل الرجال وهم في قمة عنفوانهم قناعات وقيمًا فعليهم أن يتصرفوا وفقا لها وينفذوها.

• "هدفنا الدفاع عن التاريخ والضحايا الأبرياء في مواجهة الحكومات السلطوية والفاسدة ، هذا مصدر قوتنا ويستحق المخاطرة، الإنترنت والصحافة الاستقصائية هما أفضل وسيلة الآن لفضح الفساد والانتهاكات".

• "لقد سقطت الديمقراطية الأمريكية، البنتاجون يهددنا أيضا بالملاحقة القضائية بتهمة التجسس واعتقل عددا من المتطوعين الذين يعملون معنا ".

• "ضغطت واشنطن أيضًا على أستراليا وإيسلندا والسويد لكي لا تكون مأوى آمن لنا، مصادر استخباراتية أمريكية وغربية طلبت منا التزام الحذر في تحركاتنا ولذا أنا موجود الآن في لندن بعد أن تلقيت تطمينات من مصادر موثوقة بتأميني ضد الاعتقال أو الاغتيال". (وقد اعتقل فيها المسكين، والخشية أن يصفى)!

• "الاتهامات بالعمل لصالح أعداء أمريكا محض كذب، منذ انطلاق العمل بالموقع قبل 4 سنوات نشرنا وثائق حول 120 دولة ، بل إن الوثائق حول العراق وأفغانستان كانت وثائق أمريكية ومسربة من داخل الولايات المتحدة نفسها"!

التعرية البناءة:

وقد فضح أسانج النفاق والكذب الغربي، وخطاياه الحربية، وعرى سيرك السياسة الذي يقوم على الكذب والتلفيق، ومخادعة العالم لتحقيق أجندة الساسة الدمويين، الذي ملؤوا الأرض شرًّا ووجعًا وأشلاء ضحايا.. حتى قالت الإندبندنت أون صنداي في افتتاحيتها إن 400 ألف صفحة من الوثائق التي استطاع ويكيليكس أن يكشف عنها هي بمثابة لائحة اتهام في محاكم التاريخ لأسوأ القرارات في السياسة الخارجية الأميركية، يواجه فيها بلير تهمة المساعدة والتحريض. (قاتلهم الله أني يؤقكون)

وبدأ الاهتمام الكبير بويكيليكس وأسانج بعد نشره تقريرًا مصورًا يظهر طائرة هليكوبتر أمريكية، وهي تهاجم مجموعة من العراقيين المدنيين وتقتلهم، وكان من بينهم صحفيان يعملان في وكالة رويترز للأنباء.

وقد فضح موقع ويكيليكس الانتهاكات والفساد في أكثر من مائة وعشرين دولة من أبرزها ما حدث في كينيا عندما تم تغيير حكومتها في 2007 بعد نشر وثائق تؤكد تورطها في جرائم فساد وغسيل أموال.

كما فضح الحرب السرية الأمريكية في المنطقة، وكشف العمليات التي قام بها الجنود على أرض العراق. وورد في الوثائق تفاصيل عن مقتل "109.032" شخصًا، منهم "66.081" مدنيًا "32،.984" عدوًا "هؤلاء الذين يصنفون كمتمردين" "15.191"من البلد المضيف "القوات الحكومية العراقية" و"3.771"من قوات التحالف. وغالبية حالات القتل" 66.000" أكثر من "60%" من المدنيين، كما أن "31" مدنيًا كانوا يقتلون كل يوم خلال فترة ست سنوات.

وعن جوانتانامو في 7 نوفمبر عام 2007 نشر "ويكيليكس" وثيقة عن إجراءات التشغيل النموذجية "لمعسكر دلتا". وكانت الوثيقة بروتوكول الجيش الأمريكي بتاريخ 2003، فيما يتعلق بمعسكر الاحتجاز في جوانتانامو ، وكشف نشر هذه الوثيقة عن بعض أنواع الحظر المفروضة على المعتقلين في المعسكر بما في ذلك حجب بعض المحتجزين بعيدًا عن أنظار اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وهو الأمر الذي ظل الجيش الأمريكي في الماضي ينكره باستمرار.

وتفضح الوثائق طريقتهم في إعدام صدام حسين، والدور الطائفي الخبيث لنوري المالكي، الذي كان يدير فرقًا للقتل والتعذيب. والتجاوزات الأمريكية هناك، تلك التي دفعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومتين الأمريكية والعراقية لبدء تحقيقات بشأن تقارير تعذيب وانتهاكات ضد معتقلين عراقيين، على خلفية نشر مستندات عسكرية سرية عن حرب العراق، وذكرت المنظمة أن الملفات السرية المنشورة تتضمن أدلة لتعرض معتقلين للقتل والتعذيب على يد قوات الأمن العراقية، داعية الحكومة (العراقية) لمحاكمة المسؤولين عن هذه التجاوزات.

كما حثت "هيومان رايتس ووتش" الحكومة الأمريكية للنظر إذا ما انتهكت قواتها القانون الدولي بتسليم الآف المعتقلين في عهدتها إلى السلطات العراقية، رغم تحذير المنظمة المعنية بحقوق الإنسان من مخاطر واضحة بتعرضهم للتعذيب."

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط بالمنظمة: "من الواضح أن السلطات الأمريكية كانت على علم بالانتهاكات المنهجية للقوات العراقية، ولكن رغم ذلك سلموا الآلاف من المعتقلين."

وبرر آسانغ نشر وثائق حرب العراق، التي تعد أكبر تسريب لوثائق عسكرية في التاريخ، بهدف كشف الحقائق الخفية حيال حرب العراق، وأن "الهجوم على الحقيقة بدأ قبل الحرب بفترة طويلة واستمر لمدة بعد نهايتها."

وأردف قائلا: "بنشرنا 400 ألف وثيقة تتعلق بحرب العراق، نساهم بكشف التفاصيل الجوهرية للحرب من منظور أمريكي، ونأمل تصحيح جانب من ذلك الاعتداء على الحقيقة الذي وقع قبل الحرب، وخلالها، والذي استمر إلى أن انتهت الحرب رسميًّا."

وتلقي الملفات السرية المسربة الضوء على جوانب مخفية لم يكشف عنها من قبل، مثل عدد المدنيين العراقيين الذين قتلوا، وكيف أن الغالبية العظمى من هؤلاء الضحايا قضوا على أيدي عراقيين آخرين.

وعلى الجانب الآخر، نشرت صحيفة "التايمز" أن الوثائق تكشف "الكثير من التقارير غير المنشورة سابقاً" عن حوادث قتلت فيها القوات الأمريكية مدنيين في نقاط تفتيش أو أثناء عمليات عسكرية، أو بمروحيات هجومية، منها على الأقل أربعة حوادث دموية باستخدام تلك الطائرات القتالية.

وأكد أسانج في مقابلته مع "التايم" أيضا أن لديه وثائق سرية تتعلق ببنوك ومؤسسات مالية دولية كبرى في العالم وأن موقعه سينشرها في الأسابيع المقبلة:" هذا العمل هو استكمال لما يفعله الموقع منذ أربع سنوات، لدينا 10 آلاف وثيقة متعلقة بفضائح بنوك كبرى في الولايات المتحدة ".

وتحدثت الوثائق عن اقتراح مبارك بأن تقوم واشنطن بـ"تقوية الجيش العراقي" ثم تخفيف القبضة عليه فيخرج من الجيش انقلاب عسكري بقيادة "ديكتاتور عادل.. انسوا الديمقراطية فإن العراقيين طبيعتهم شديدة".

السؤال الآن: ماذا سيكون الحال لو كشفت ويكيليكس في وثائقها عن العلاقات العربية الإسرائيلية، وعشق قادتنا المزمن لقادة (العدو الصهيوني) والعلاقات العربية العربية، والمواقف الرسمية من الإسلام.

ماذا لو عرضت الانتهاكات التي حصلت في السجون العربية، وفي أفغانستان، والشيشانن والبلقان، والصومال، وكشمير، وباكستان!

ماذا سيكون الحال لو كشفت الوثائق عن الاتفاقيات السرية، والتمريرات (الوطنية) من تحت الطاولة بتسليم الجمل بما حمل، وبيع الشعوب والأرض، والمستقبل، والحاضر، والماضي؟

ماذا لو كشفوا عن بيعهم الدنيا والآخرة، وبيع كل شيء في المزاد لصالح أبناء الـ......

شكرًا جوليان أسانغ.. ألف ألف شكر.. يا فارس هذا العام بمنتهى الجدارة والاستحقاق!

مشاغبة خفيفة:

تذكر الوثائق وبشكل كبير التعذيب الديمقراطي. وقد أثبتته الوثائق بوصف الجثث وحالة التعذيب الظاهرة عليها وأبرزها: تقطيع الجسد والأوصال والمناطق الحساسة بأدوات خشنة والتمثيل بالجثث وكذلك سلخ الوجه والأطراف بمواد حارقة، وتثقيب الرأس والجسد بالمثقب الكهربائي (الدريل) والذي يستخدم لتثقيب المعادن الصلبة! وأكدت التقارير على معاينة جثث لنساء مغتصبات ومعذبات ومثقب جسدهن بالمثقب ومشوهة الوجه بمواد كيماوية خارقة لإخفاء معالمه ,ويجري قتلهن بعد الاغتصاب والتعذيب وحسب التقرير لدوافع طائفية! ولكن الغريب بالأمر تواطؤ قوات الاحتلال الامريكي ونسف أوكار التعذيب المكتشفة في الأزقة والأحياء كسجون سرية وأوكار تعذيب خاصة بالمليشيات! وكانت تحتوي على منشار كهربائي ومعدات أخرى وجدران ملطخة بالدماء، ويفترض أنها مسرح الجريمةَ

وتؤكد الوثائق أيضا وبوضوح القتل الفوري لقوات الاحتلال للمدنيين أطفال ونساء وكبار السن تحت عنوان "تصعيد القوة" أي إلغاء قواعد الاشتباك والتحول للقتل الفوري، بما لا يتسق مع اتفاقيات جنيف ومعاهدات الحرب الأخرى، وتعد تلك جرائم حرب كبرى! وتثبت الوثائق أيضا حقيقة الدور الإيراني الدموي، الذي يعرفه الشعب العراقي!

وعرجت الوثائق على دور بلاك ووتر وأثبتت جرائمها بالوقت والمكان وعدد الضحايا، كما أكدت الوثائق طائفية أحزاب السلطة وتسخيرها لقانون "الإرهاب" لشرعنه الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها! أمريكا: مسئولية العدوان ومساءلة الجناة:

وقد أضحت أمريكا عاجزة عن المناورة وحسم الحروب العبثية التي شنها بوش وإدارته، وهناك مصالح تقوم على أساس تلك الحروب ذات منحى شخصي لها صلة مباشرة برؤوس الأموال للشركات الكبرى, وتعتبر هذه الحروب حقل تجارب بشرية فعلية، وسوق حر وكبير لتصريف المنتجات، ولم يعد هناك قانون دولي يمنع حروب تلك الشركات، أو هيئة حقوق إنسان تمنع القمع المجتمعي الذي تمارسه أمريكا وحكوماتها وأدواتها السياسية والعسكرية المكتسبة خصوصا بعد توثيق معالم الجرائم ضد الإنسانية في العراق من فضائح التعذيب والاغتصاب الحكومي في السجون السرية والعلنية ، وشيوع ثقافة "اقتل لتعيش" في كافة مناحي الحياة! وقد اعترف "بترايوس " Petraeus وأقر بأن الولايات المتحدة انتهكت معاهدات جنيف والقانون الدولي؟ وطالب الجنرال سانشيز Sanchez- القائد العام السابق لقوات الاحتلال في العراق بتشكيل لجنة نزيهة truth commission للتحقيق في المظالم التي حصلت أثناء إجراءات التحقيق , خصوصا بعد مشاهدة القتل بالركل والعصي والرقص على جثث الموتى من قبل قوات أمنية، مع استمرار ظاهرة الاعتقال بدون محاكمة فيما يسمى "الاعتقال الوقائي preventive detention" كما أن غالبية المعتقلين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة والاهانة والإذلال والاغتصاب، وعند تقديم مرتكبي جرائم الحرب للمحاكمة ستتكشف أدلة وشواهد بشأن حقائق غير مسموح لها بالظهور، ويمكن الحصول عليها من خلال قانون حرية الوصول إلى المعلوماتَ ولعل ويكيليكس سيظهر وثائق أكثر إدانة وخطورة لاحقا، ويفترض أن يبادر مجلس الأمن فورا إلى تشكيل محكمة جنائية وليس المطالبة بالتحقيق فقط، ونشهد في العراق أن الأدوات السياسية الحالية لا تأبه بجرائمها وتعمل دون حياء لتشكيل حكومة من القتلة والمجرمين على جماجم ضحاياها.

*مهند العزاوي.. مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية



*استفدت في معلوماتي من بعض المواقع الإخبارية، فلها الشكر.


المصريون/

| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | 06/12/10 |
القطار الذى ضلّ الطريق



محمد يوسف عدس | 06-12-2010 00:15

فى الآونة الأخيرة يلازمنى حلم ملحّ هو أقرب إلى الكابوس المزعج فأنا دائما فى قطار مسافر أحاول العودة إلى بيتى أو إلى أى مكان آلفه فلا أتمكّن أبدا من الوصول إليه، وعادة ما أستيقظ وأنا أعانى مزيجا من مشاعر الحزن والغضب والحيرة .. إلا أن حلمى الأخير كان أكثر وضوحا وأطول زمنا وأغرب شأنا من سابق الأحلام .. رأيت أننى أركب قطارا كبيرا مع أمّة كثيرة من الناس.. كلهم يريد أن يصل إلى غايته ولكنهم متحيرون جميعا من أمر هذا القطار الغريب وأمر سائقه؛ فلا أحد يعرف وجهة القطار الحقيقية.. إلا سائق القطار وبطانته، هم وحدههم الذين يعلمون وجهة سفر القطار.. ويعلمون فى أى المحطات سيتوقّف.. إنهم يختارون لنا ما يشاءون من محطات للإنزال أو الركوب.. ولا يعبأون بمواعيد الوصول أو مواعيد الإقلاع.. ولا يعلنون عن نيتهم بهذا الخصوص أبدا.. فهم يعتبرون ذلك من أسرارهم الخاصة.. وتسرى شائعات بين الركاب أن عصابة من قطاع الطريق.. قفزوا إلى القطار واستولوا عليه .. هبطوا عليه من حيث لا نعلم كما يفعل الكاوبويز فى أفلام الغرب الأمريكية.



فى هذا القطار ليس كل الركاب من المسافرين .. فعدد كبير منهم جاء بهم قطاع الطريق ليعملوا بين الركاب فى خدمة سائق القطار وبطانته.. بعضهم رجال أشداء غلاظ الوجوه والأكباد.. يقومون كما يدّعون بحفظ الأمن والنظام فى القطار.. وهم مدربون على توقيع العقوبات التى يقررها سائق القطار بنفسه على المتمردين الذين يتجرأون على السؤال: أى سؤال.. حتى ولو كان عن وجهة سفر القطار.. فسوف يتصدى له واحد من الحراس قائلا له: ليس هذا من شأنك .. وإذا كرر السؤال بعد ذلك يُحجز فى قاطرة المعاقبين بالحبس، أما الذين يبدون تذمّرهم من هذا الحال فعقوبتم الإقصاء الفوري، وذلك بسحلهم من أرجلهم وإلقائهم من نافذة القطار.. ليلقوا حتفهم.. وتأكل جثثهم الكلاب الضالة...

وإلى جانب الحراس يوجد فئة أفرادها مدربون على الكتابة والكلام .. مَرَدُوا على النفاق.. يسمّيهم الناس كتبة السلطان، ويصفهم آخرون بالأبواق والإمّعات .. ويسمّون أنفسهم بالمفكرين والصحفيين والمثقفين، ويضْفُون على أنفسهم صفات: المدافعين عن اللبرالية والتقدمية ضد الرجعية والظلامية والتخلف الإسلامى.. من أكثرهم نفاقا وفجاجة واحد أعرفه، أصبح رئيس تحرير صحيفة كبرى.. عندما بدأ حياته الصحفية لم يكن يجيد كتابة جملة عربية واحدة صحيحة ذات معنى .. وكان يكتب له مقالاته زميل له سابق فى الدراسة.. وهو كاتب وصحفى.. ورئيس تحرير مجلة، كانت أنجح مجلة إقليمية فى مصر .. كتب عددا من المسرحيات.. و كتب أفضل سيرة للشيخ شعراوى.. ضمّنها بيئته التاريخية والفكرية فأبدع فى عرضه وأسلوبه، و جمال عباراته .. وكشف عن فهم عميق لتاريخ الفكر فى مصر.. وكان أصغر مدير ثقافة سنّا، وأكثرهم إبداعا.. رحمة الله عليه.. اختطفه الموت مبكرا .. إنه ابن أخى أدعو له بالرحمة والمغفرة .. وهكذا يمضى خيار الناس ليبقى على الساحة شرارهم.. والحثالة..



فهل هذه حالنا الآن..؟!: نشهد بلادنا تتردّى وتهبط كل يوم فى دركات الاستبداد والفساد، والانحطاط فى السياسة والاقتصاد والأخلاق، بينما نحن عاجزون عن أن نمدّ لها يد المساعدة؛ يرهبنا حراس القطار غلاظ الأكباد، ويشوّش علينا كتبة السلطان وأتباعه وأبواقه.. حتى وصلنا فى مسخرة الانتخابات الأخيرة إلى قاع الانحطاط..



انتخابات تم تزييفها، وعرف الناس فى كل مكان بالعالم حقيقة هذا التزييف الفجّ، ولكننا مازلنا نسمع الأكاذيب من كبار المنافقين: أنها تمت بنزاهة وشفافية، وأنها عبّرت أصدق تعبير عن إرادة الناخبين.. الذين منحوا مرشحى الحزب الحاكم أصواتهم بحرية كاملة وحجبوها عن الإخوان المسلمين .. بعد أن اكتشفوا عدم أهليّتهم للثقة..

لا تعجب من هذا الإنكار المستميت للحقيقة من ديناصورات التزوير الذين لا يزالون يعيشون بعقولهم فى عصر متخلف.. بينما يعيش العالم من حولهم عصر ثورة المعلومات وثورة الاتصالات .. و لا يدرون أن ما كان يجرى من عمليات تزوير خارج اللجان وداخلها قد أصبح مطروحا بالكلمة والصورة يشاهده الناس فى أنحاء الدنيا..

لن أتحدث عن شهادة شهود العيان الذين سجلوا شهاداتهم فى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة؛ لن أتحدث عن شهادة المستشار وليد الشافعى رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضو اللجنة العامة للانتخابات بالبدرشين.. الذى تجرأ عليه رجل المباحث فأمر باحتجازه فى اللجنة.. لأنه شاهد وكشف عمليات التزوير التى تتم تحت إشراف المباحث.. ولن أتحدث عن شهادة المستشار أيمن الورداني رئيس محكمة استئناف الاسماعلية والمشرف على الانتخابات الذى تقدم بمذكرة تفصيلية رصد فيها ما شاهده من وقائع التزوير وتسويد بطاقات الانتخاب، وهى جرائم تستوجب وقف المهزلة وإبطال العملية الانتخابية.. ولكن مايسمونه باللجنة العليا للانتخابات تجاهلت مذكرة المستشار واعتمدت نتيجة الانتخابات المزورة، فتقدم بمذكرة أخرى لإعفائه من عمله فى الإشراف على الانتخابات.. وانسحب...

لن أفصّل فى هذه الأدلة فقد حظيت بالتغطية الإعلامية المناسبة وأصبحت على كل لسان.. ولكنى سأعرض لما ذكره لى شاهد عيان رأى بنفسه عمليات التزوير داخل إحدى اللجان الانتخابية.. ولم تتطرق إليه وسائل الإعلام بالنشر.. وأعتقد أن أمثال شهود العيان هؤلاء لا بد أن تهتم بهم الصحافة المستقلة وتنشر شهاداتهم ..

الشاهد أوبالأحرى الشاهدة، هى طبيبة.. وصلت إلى درجة عالية فى السلم الوظيفى، تتمتع بمصداقية رفيعة المستوى، وقوة أخلاقية ومنطقية مشهود لها، علاوة على إصرارها العنيد فى مناصرة الحق، قبلت أن تنوب عن أحد المرشحين تثق فيه، لمراقبة سير العملية الانتخابية فى لجان مخصصة للسيدات .. مقر اللجنة فى إحدى المدارس، بها لجان فرعية أخرى، مخصصة جميعا لحوالي ستة آلاف ناخبة.. كانت الخطة الأمنية من البداية تنطوى على خلق المشاكل والمضايقات للمراقبات حتى ييأسن وينصرفن من اللجان إلى بيوتهن.. ليخلو الجو لعملية التزوير بهدوء.. ومن ثم بدأ ضابط المباحث فى المخاشنة مع السيدات الحاضرات عن مرشحى الإخوان المسلمين، أمرهن بإبراز أوراق التوكيلات الرسمية.. فأخرجت السيدات توكيلاتهن موقعة ومختومة بخاتم النسر، ولكن ادعى ضابط المباحث أن التوقيع غير ظاهر وأن الأختام غير واضحة.. وطلب منهن العودة إلى أقسام الشرطة لاستخراج أوراق جديدة واضحة.. وإلا فلن يُسمح لهن بالدخول.. ولكن لم يستسلم أحد لهذا التهديد.. وأخرجت بعضهن توكيلات من الشهر العقاري تعزز موقفهن .. وجرى جدل كثير ومشادّات كلامية.. وإصرار من جانب السيدات أن الذى له الحق فى النظر إلى هذه التوكيلات هو رئيس اللجنة وليس أحد آخر خارجها..

فلما رأى الضابط أن محاولاته باءت بالفشل، وأن التصعيد لن يجدى فتيلا، وقد يؤدى إلى مشكلات مشهودة ومصورة فى وضح النهار، من جانب الجمهور الكبير المحتشد خارج اللجنة، سمح للمراقبات على مضدد بالدخول..

تقول الدكتورة بدا فى أول الأمر أن عملية الانتخاب تسير بهدوء وفى طريقها الطبيعي حتى حان أذان المغرب.. وهنا حدث انقلاب كامل فى الصورة، وظهر للمسرحية سناريو آخر لا بد أنه كان مُعدّا سلفًا .. فقد أُطفئت أنوار المدرسة فى الفناء الداخلي وصدرت الأوامر بالإخلاء السريع للمكان من وكلاء المرشحين ليتدفق مكانهم عدد كبير من رجال الأمن داخل المدرسة .. ثم جاء دور المراقبات داخل اللجان، حيث أمرهن رجال الأمن بمغادرة المكان فورا.. فرفضن جميعا وأخرجت إحداهن هاتفها المحمول طلبا للنصرة من الخارج، فأسرع ضابط الأمن بلطم يدها بقوة، سقط على أثرها المحمول مكسورا على الأرض، فحاولت زميلتها نفس المحاولة فلقي هاتفها المحمول نفس المصير ..

عندئذ اشتد غضب السيدات وأخذت إحداهن ترفع صوتها عاليا ليكون مسموعا فى أرجاء المدرسة وهى تنصح الضابط أو تعظه عسى أن يستيقظ ضميره.. قالت له : أن ما يفعله مخالف للقانون والدين، وأن الله سيحاسبه على أفعاله .. وأخذت تردد: ألا تخشى الله عندما تقف بين يديه ليحاسبك على هذا التزوير..؟!

ومرة أخرى ييأس الضابط من التصعيد غير المفيد، فيقرر أن يبدأ فى ممارسة مهمته التزويرية أمام شاهدات العيان ورغم أنفهن.. وهكذا شرع ورفاقه، ومعهم رؤساء اللجان فى تسويد البطاقات ووضْعها فى الصناديق. وكانت آخر ورقة تحتفظ بها المراقبات لإعاقة عملية التزوير هى الامتناع عن التوقيع على محاضر تقفيل الصناديق، ولكن يفاجأن بأن المحاضر كانت جاهزة .. وبدأ تشميع الصناديق بالفعل .. وتلحّ الدكتورة على رئيس اللجنة أن يثبت عدد البطاقات التى أودعتها الناخبات فى الصندوق قبل حضور رجال الأمن، ولكنه يجادل بأن هذا غير ممكن.. فهو لا يعرف عدد هذه الأوراق .. كانت الدكتورة متيقظة تماما لما يحدث وقدّرت أن عدد البطاقات المزوّرة التى تم حشوها فى الصندوق يربو على عدد البطاقات الأصلية.. كأن كل شيء كان محسوبًا ومرتّبًا سلفا بإحكام شديد..

ثم جاءت لحظة الحسم النهائية فأُطْفئ عدد آخر من الأنوار ليشعر السيدات بالرعب ويغادرن المكان مذعورات والغضب يغلى فى صدورهن وهن يصحن: حسبنا الله ونعم الوكيل ..! فى هذه الأثناء جاءت سيارة نزل منها عدد من البلطجية وفى سرعة خاطفة حملوا الصناديق تحت إشراف رجل المباحث الهمام وانطلقت السيارة إلى مكان مجهول ...

ثم تعلن اللجنة العليا للانتخابات الفوز الساحق لمرشحى الحزب الوطنى.. و تخرج قيادات الحزب لتعلن أن الانتخابات تمت بهدوء لم يشُبْها أى مخالفات أو انتهاكات.. فى أنزه وأنظف انتخابات شهدتها مصر..!!

تقول السيدة: من بين مجموع الأصوات الحقيقية التى كانت فى الصندوق قبل إدخال البطاقات المزوّرة، لم يكن هناك سوى صوتان اثنان لمرشح الحزب الوطنى، رصدتْهما مندوبة مرشح الحزب نفسها، وتحدثت بذلك من هاتفها المحمول إلى شخص ما بصوت مسموع وهى بادية اليأس، وبالفعل استأذنت وخرجت من اللجنة قبل وصول حملة التزوير الأمنية.. وكل عام وأنتم بخير...

Myades34@gmail.com

المصريون/

| ابراهيم حجيرة ابو اسماعيل | 05/12/10 |
لك يوم يا ظالم ...



د. جابر قميحة | 05-12-2010 00:56

كان كونفوشيوس الفيلسوف والحكيم الصيني يعلم تلاميذه بطريقة عملية ، فيسير بهم في الطبيعة مستخلصا منها دروسا وعظات وتوجيهات ، ويقال إنه قاد تلاميذه في جولة في إحدى الغابات ، وبعد أن توغلوا فيها رأى امرأة تجلس ومعها طفل لا يجاوز العاشرة أمام كوخ من أغصان الشجر ، فسألها أتقيمين هنا من مدة طويلة يا سيدتي ؟ فقالت نعم ، ولم أبرحها بعد أن أكل الأسد زوجي . سألها ومتى كان ذلك ؟ أجابت : بعد أن مزق الأسد ابني الأكبر . سالها الفيلسوف في أسى ظــاهر : ومــــا الــذي يبقيك هنا في هذه الأرض المسبعة ؟ ( أي كثيرة السباع ) . أجابت : يبقيني هنا أنه ليس فيها حاكم ظالم . فالتفت الفيلسوف إلى تلاميذه وقال : " حقا ، فالحاكم الظالم أشد وحشية وقسوة من الأسد الكاسر " .

فالحياة لا تستقر ، ولا تهنأ تحت وطأة الظلم ، ولكن تحت مظلة العدل تكون الحياة الحقيقية الجديرة بالإنسان . وصدق الله سبحانه وتعالى إذ قال : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا " النساء (58)

. وقوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " المائدة (8)



والرسول صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين بالهجرة إلى الحبشة ؛ " لأن بها ملكا لا يظلم عنده أحد " .

ومما يروى عن الخليفة عمر بن عبد العزيز : أن حاكم عكا طلب منه مالا ليبني به سورا يحصن به المدينة في وجه الأعداء ، فوقعَّ على طلبه بكلمتين هما " حصنها بالعدل " .

وهذا يدل على تقدير حكيم ، ونظرة صائبة من الخليفة الشاب لأن ألف حصن وحصن ، وألف جدار وجدار لن تحمي مدينة يعيش أهلها مخلوعي القلوب ، مرعوشي النفوس تحت وطأة ظلم حاكمها ، بل قد يكون منهم من يتحول إلى طابور خامس للأعداء .

وقد فضل الفقهاء ، للمسلم الحياة في ظل سلطان عادل ولو كان كافرا ، لا تحت وطأة حكم مسلم إذا كان ظالما .



وقد ذم الإسلام كل أنواع الظلم كما نرى في قوله تعالى :

"وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " (193) البقرة .

وفوله تعالى :



فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) آل عمران .

وقوله تعالى :



وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) لقمان .

وقوله تعالى :



ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر

وقوله تعالى :



( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) النساء





وقد قال تعالى في حديث قدسي : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن شر الرعاء الحطمَة " .

أي الحاكم الظالم الذي يخرب حياة الناس ويحطم واقعهم وآمالهم ، وهي من جوامع الكلم ؛ لأن كلمة الحطمة لم تطلق في القرآن إلا في سورة واحدة وذلك في قوله تعالى :

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) . سورة الهمزة 1 – 7 .

والظلم أنواع : فهناك ظلم الإنسان لغيره ، وهناك ظلم الإنسان لنفسه ، ويعني أن يظلم الشخص غيره أو يشرك بالله ، فينعكس عليه ذلك عقابا كما نجد في قوله تعالى : " وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) الكهف 35 – 36 .

فكانت النتيجة كما نجدها في الآيتين الأتيتين :



وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) الكهف 42 – 43 .



والظلم خليقة جاهلية ، فكان الجاهليون يفخرون بالظلم بكل أنواعه ، كما نرى في قول عمرو بن كلثوم :

بغاة ظالمين وما ظُلمنا = ولكنا سنبدأ ظالمينا

وتحت وطأة الظلم تختل الطبائع ، وتنهار الأخلاقيات وتنقلب القيم حتى يسمى الباطل حقا ، والحق باطلا . وصدق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إذ قال " يأتي على الناس زمان يكون صالح الحي من لا يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر ، إن غضبوا غضبوا لأنفسهم ، وإن رضوا رضوا لأنفسهم ، لا يغضبون لله ، ولا يرضون لله عز وجل " .

وقد أبرزت هذا المعنى في مسرحيتي الشعرية " محكمة الهزل العليا " على لسان " شخصية التاريخ " إذ يقول :

يا ولدي الطيب هل أضحك ؟

لا أقدر حقا ... لا أقدر

فالضاحك إما فرحانٌ أو شمتانْ

آه ... آه ... هل أبكي ؟

أنا لا يمكنني يا ولدي أن أذرف دمعةْ

فهمو قد نزعوا قنوات دموعي من قاعَيْ عينيْ

لكن بقيت قنوات شعوري لا تنضبْ

وبصيرة قلبي لا تخمدْ

دوما تعمل وتسجلُ حركاتِ الزمنِ ونبضَ الكونْ

وتسجل أيام شعوبٍ تقتاتُ الطينْ

وتهوى الذلَّ ... وتأنفُ أن يحكمها العدلْ

وشعوبٍ ترفض أن تسجد إلا للهْ

تتعشق طعم التضحيةِ

وتموت لتحيا شامخةً

وتريق دماها راضية

كي تنبت أزهار الحبٍّ الباسم في أرض المجدْ

**********

مازلت تسائل يا ولدي

عن اسم زمان الأحداث ... عن اسم العصرْ

مازلت مُصِرّا ؟ ... فلتعلمْ

ذلك عصر البشرِ الوثنِ

عصر الإنسان الساجد للإنسانْ

وإذا ما عبد الإنسانُ الإنسانْ

كان المعبود هو الشيطانْ

والعابد في الدرك الأسفل كالحيوانْ

لا تعجب من حكمي هذا :

فالعقل مهين ... والرأي سجين ... والحكم لعين

واللص الفاجر يدعى خير أمين .

gkomeha@gmail.com

المصريون*

| ابراهيم حجيرة ابو اسماعيل | 04/12/10 |
زغرودة الطلاق ـ إيمان القدوسي



إيمان القدوسي | 03-12-2010 22:20

أطلقت سيدة أردنية في الخمسين من عمرها زغرودة فرح طويلة حين قام زوجها بطلاقها أمام ألف مدعو في فرح ابنتهما ، هل كان زوجا مفتريا إلي هذا الحد ؟ وهل عاشت معه عمرا طويلا حتي صارت ابنتهما عروسا وكأنها تقوم بمهمة فدائية حماية لأولادها ؟ ربما
عموما هي ليست وحدها فهناك بدعة جديدة وهي إقامة حفل طلاق تدعو فيه الزوجة صديقاتها وتحتفل بهذه المناسبة التي تعتبرها سعيدة .

مهما كان سبب الطلاق إلا أنه ظل زمنا طويلا يعد حادثا أليما بالنسبة للزوجة بالذات ، تستقبله بالبكاء علي الشباب المهدر والعشرة الضائعة والبيت الذي عاشت فيه أجمل و أندر لحظات العمر وأكثرها خصوبة وثراء ، والرجل الذي اقترب منها وامتزج دمه بدمها واختلطت أنسابهما وتشكلت في صور الأبناء والبنات ، ثم إنها تتقبل المواساة ممن حولها من الأهل والصديقات ، وتظل فترة تعاني من آثار الصدمة حتي تتمكن من استعادة نفسها وبدء صفحة جديدة.

فهل انقلب هرم الأنوثة فعلا رأسا علي عقب ؟
هذا ما تؤكده دراسة مصرية حديثة تقول أن أولويات المرأة حاليا عكس ما كانت عليه حتي بداية السبعينات ، فقد كانت الأمومة تأتي أولا ثم الأسرة و الزوج ثم العمل ثم الأنوثة والآن انقلب الهرم ، فقد صارت أنوثتها فوق كل اعتبار ـ ربما يفسر ذلك سرعة طلاق الفتيات الصغيرات لمجرد كلمة من الزوج تعتبرها تمس كرامتها ؟ ـ ثم يأتي بعد ذلك عملها ، نلاحظ تلكؤ كثير من الفتيات العاملات في الزواج فهي تؤجل حتي تستقر وترفض كل من أحست أن ظروفه أو شخصيته تحول بينها وبين العمل ، وتقول صراحة عملي يمثل ضمانة حقيقية للمستقبل ولن أضحي به من أجل زواج قد يجلب لي التعاسة أو لايدوم ، أما الأمومة فصارت تمثل عبئا بسبب عدم إعداد الفتاة لتكاليف الزواج .

نحن في مجتمع مأزوم وتسود ثقافتنا حالة من التخبط والارتباك وفي ظل الأزمات تبرز الروح الأنانية الفردية ( أنا ومن بعدي الطوفان ) كما أن قيم الحداثة و أفكارها تسللت إلينا وتغلغلت في النفوس عبر الإعلام و السفر والسموات المفتوحة ، ويخطئ من يظن أن انتشار الحجاب مثلا يعني البعد عن الحداثة ، الأفكار تمر من تحت عقب الباب وتستقر في اللاوعي وتجد صاحبتها مبررات شرعية لسلوكها ، فهناك فرق بين من تصمم علي تحقيق النجاح والفوز لأسرتها مهما ضحت وتحملت ومن تبدو متأففة تنتظر حصولها علي حقوقها الفورية كاملة وإلا أعلنت انسحابها .

المرأة دائما هي ضحية هذا المجتمع المنهك لأنها مازالت الحلقة الأضعف فيه وليس سهلا عليها ذلك التطور في شخصيتها ، الفتاة العاملة مطحونة ولكنها لا تريد التضحية بفرصة عمل لن تستطيع تعويضها وتتردد في الزواج رغم حاجتها الشديدة له ، والزوجة الصغيرة لا تريد الفشل بل تريد الاستقرار والسعادة ولكنها وضعت في موقف لم تستعد ولم تعد له ، تقول سوف أكون ربة بيت وهي لا تعرف أن هذه مهنة ومهنة شاقة للغاية هي تتصور أنها سوف تمكث في المنزل تنعم بالراحة والتدليل مثل أيام العطلات في بيت أبيها ولا تعرف أنها ستمارس سبع صنايع وتعامل طباع وظروف مختلفة ثم تحمل هم الأطفال ومسئوليات رعايتهم وهي مهمة أكثر من صعبة .

هناك فتيات بدأن الحياة الزوجية بخبرات قليلة وواجهن بشجاعة ظروفا صعبة ونجحن نجاحا باهرا والسبب كامن في خصائصهن الشخصية ، فتيات يمثلن نموذجا رائعا للمرأة المسلمة كما يجب أن تكون في كل الظروف ، فتيات مضمونة مثل الجنيه الذهب ، ولأننا لم نعد نتعامل إلا بالجنيه الورق فقد أضافوا له علامة مائية خفية وغير مرئية تميزه عن العملات الزائفة .

هناك ثلاث علامات أيضا تميز الفتاة الأصيلة وهي علامات غير مظهرية ولكن سلوكية ، كما أنها بسيطة جدا رغم تأثيرها الكبير ، هي لا تنشغل بالقيل والقال ولا تهدر طاقتها وعمرها في كلام لا نفع منه وتوفر جهدها لمهامها ، ثم إنها لا تنشغل كثيرا بالجمال الخارجي وحده بل تستكمله بصفات الأنوثة الحقة من حياء وهدوء ورقة وعطاء والعلامة المميزة والتي هي نتيجة لما سبق هي أن لها أهدافا عليا ومنظومة قيم سامية تحيا في ظلها ، تبدو آمنة مطمئنة بشوشة الوجه تشع جمالا وجاذبية ملائكية في سياج من التدين الحقيقي .

هذه الفتاة تتزوج عازمة علي الاستقرار والنجاح مهما كانت الصعاب ، تحمل بين جنبيها روحا لا تعرف المستحيل ولديها يقين في توفيق الله لها ، و هي تعرف قدر زوجها وتحسن إدارة بيتها فتنجح فيما يخفق فيه غيرها ولذلك فهي لا تفكر في الطلاق ولا تهدد به لأنه علي كل حال شهادة فشل اجتماعي و حدث مؤلم المفروض أن يثير الحزن والألم ويدفع الدمع للعين وليس منطقيا أبدا أن نستقبله بالاحتفال والفرح أو أن نطلق الزغاريد تحية له .
Emanelkodosi2@hotmail.com

المصريون.

| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | 04/12/10 |
قِطٌّ نَبَاتِيٌّ...!!



د. مصطفى رجب | 03-12-2010 21:11

كنت لا أملك إلا الضحك الباكي ، أو البكاء الضاحك ، حين أقرأ قصيدة شيخنا العلامة الدكتور محمد رجب البيومي رئيس تحرير مجلة الأزهر ، في وصف قطٍّّ أعمى ، في أحد دواوينه ، كانت القصيدة تثير شفقتي بشدة وشاعرنا يصف مشاعر ذلك القط العاجز عن الحركة ، الذي ينتظر تفضل أهل البيت عليه بالصدقة المتمثلة في طعامه وشرابه وهو المنوط به حراستهم من الفيران والهوام ، ويف شاعرنا بمهارة مشاعر ذلك القط العاجز والفئران تعابثه وتلهو به وتتشفى في عجزه وتمرح من حوله معربدة متلاعبة في استمتاع قاتل بذلته وعجزه .

كنت لا أملك إلا الضحك الباكي ، أو البكاء الضاحك ، حين أقرأ تلك القصيدة ، حتى رزقنا الله تعالى منذ شهور بقطٍّ عظيم الجِرم ، قويّ البنيان ، مهيب الشوارب ، حاد الأنياب ، شرس الأظافر ... لكنه نباتي !! لا يأكل ما يتاح له من لحوم أو أسماك أو أجبان أو حليب ، لا يقترب منها ولا يتذوقها ، ولا يروق له من الطعام إلا النباتات من خيار وبصل وفجل وكرنب وقنبيط وجرجير ومقدونس ويهيم أكثر ما يهيم بالبطيخ والشمَّام !!

رأيته مرة يطارد فأرا على سلم البيت فاستبشرت خيرا وقلت : لقد برئ قطنا من تهمة النباتية وهاهوذا يسترد طبيعة آبائه وأجداده النمورية وسيفترس هذا الفأر اللعين الذي ينغص علينا هو وعائلته حياتنا الهادئة . تتبعته وقد حمل الأر بين أسنانه برقة رقيقة ، وحنو بالغ ، ونزل به عدة درجات حتى ألجأه إلى مبتدأ السلم فحشره في ركن ( زاوية) بين حائطين ، وظل يتلاعب به ومعه ، واستجاب الفأر متخوفا ، ثم مترددا ، ثم متوجسا ، ثم متأقلما ، ثم متفاعلا ... مع صاحبه ، انتظرت أن أرى دماءً تسيل ، وصرخاتٍ تعلو، وأشلاءً تتمزق، وأضلاعا تختلط بأفخاذ ، ودموعا تمتزج بدماء .. فلم أظفر – لنصف ساعة إلا قليلا – بشيء من ذلك . ثم فوجئت بالفأر يدنو من أذني قطنا المهيب وكأنه يستأذن في الانصراف ، فاحتضنه القط المهيب وقبَّله مودِّعا، في حرارة وكأنه يطلب منه تكرير الزيارة ، وسرعان ما عاد إلى مطبخ المنزل يطلب خيارا وجزرا وبطيخا فقد جاع من طول النزال !!

كنت لا أملك إلا الضحك الباكي ، أو البكاء الضاحك ، حين أقرأ تلك القصيدة الفريدة ، فأصبحت أضحك بإحدى عينيَّ وأبكي بالأخرى ، وأنا أرى أمامي رأي العين قطاًّ منزوع الأهمية ، فاقدا لمبررات اقتنائه ، .. حتى كان ما كان مؤخرا من انتخابات تشريعية شهدتها مصر وشهد معها العالم كله على شاشة قناة ( الجزيرة مباشر) كيف كان لديموقراطية الحزب الحاكم المتحكم في مصر أنياب ومخالب تفوق مخالب النمور والضباع ، تفتك بالمعارضين الحقيقيين على قلة عددهم ( حمدين صباحي وسعد عبود ومصطفى بكري وجمال زهران ) فتكا شرسا عنيفا لا يعرف حلالا من حرام ، ولا يقيم للسياسة ولا للأخلاق – ناهيك عن الدين- أي وزن .

ويستبدل بهؤلاء الرجال الرجال [ توكيد وليس خطأ طباعة] أشباه رجال يسميهم معارضين ، ويصنعهم على عينه ، يطعمهم من جوع ، ويؤمنهم من خوف، ويوفر لهم ما شاء هو لا ما شاؤوا هم من أراضٍ ينهبونها ، وأموال يسرقونها ، شريطة أن يتقنوا أدوارهم في تلك التمثيلية المملة السخيفة التي تعيش فيها مصر من عام 1952 حتى اليوم !!!

يقدم لهم ما تسمح به جعبته من فضلات مزايا شريطة أن يكونوا مثل قط آل رجب : نباتيين يقنعون بالخبائث من الطعام كالجزر والفجل والبصل والكرنب ، ويمقتون الطيبات من اللحوم والأسماك .

قطط نباتية ومعارضة نباتية مستأنسة ... !! ما أحلاها من ديموقراطية !!

Mostafaragab2@yahoo.com

المصريون.

| ابو زكرياء ابراهيم | 04/12/10 |
حكاية " الحياكة " !



محمد الرطيان | 03-12-2010 21:06

(1)
وثائق ويكيليكس التي أثارت العالم – ولم تهزه – هي أشبه ما تكون بصحيفة صفراء تعتمد على أخبار الفضائح : فهذا زعيم يعشق ممرضته الشقراء ، وآخر فاسد له علاقات بالمافيا ، وآخرون قلقون من برنامج إيران النووي ... لا جديد ، كلها أشياء نعرفها ، وتُقال كل يوم بشكل أو بآخر .. الفرق : أن بعضها كان يُقال بلغة سياسية ناعمة ، وعبر الوثائق قيلت بصراحة وجلافة دون أن تدهن بأي " كريم " سياسي !
وثائق ويكيليكس : سجادة مهترئة !

(2)
الشيء الوحيد الذي وقفت عنده طويلاً – بين كل هذه الوثائق – هي هذه العبارة المدببة والفاتنة :
( أي ثقافة تصبر عدة سنوات لحياكة سجادة حريرية واحدة ..
لديها ثقافة الصبر لصنع القنبلة النووية ! )
منطق سليم ، وموقف سليم ، طرح عبر عبارة سليمة جدا ً
عبارة رائعة فيها شاعرية وحكمة .. وفيها إنصاف للخصم .
لو كنت رئيس تحرير صحيفة إيرانية لوضعتها في اليوم التالي " مانشيت " في الصفحة الأولى !
عبارة الشيخ " محمد بن زايد " : سجادة فارسية .

(3)
لأستاذنا العزيز " سعيد السريحي " عبارة رائعة : ( الترجمة : سجادة مقلوبة !)
هو هنا يتحدث عن ترجمة النص الإبداعي من لغته الأصلية إلى لغة أخرى ، تلك التي لا تستطيع أن تنقل روح النص والتي تبقى مخبأة في لغته الأصلية .
النص السياسي لا يترجم من لغة إلى لغة .. بل من لغة إلى فعل .
الترجمة عند الساسة : انقلاب !

(4)
لا ينافس السجاد الفارسي سوى السجاد التركي الفاخر .. وكذلك الأمر في السياسة :
ألا تلاحظون في الفترة الأخيرة أن " الطربوش " التركي صار أكثر جاذبية من " العمامة " الإيرانية ؟!
ـ وأين " الكوفية " العربية ؟
ـ ما تزال تـُُنسج في مصنع انجليزي للأشمغة الفاخرة !

(5)
ما الحل ؟
قال الصوت الأول : علينا أن نعود لسجادة الصلاة .
قال الآخر : علينا – قبل هذا – أن نصنع سجادة الصلاة .
قال المشاكس : وعندما ننتهي من صناعتها .. من منكما سيكون " الإمام " ؟!
أهم من السجادة .. السَجّاد .

(6)
السجادة – حتى وإن كانت فارسية فاخرة – في النهاية ستداس بالأقدام !


* ينشر بالتوافق مع " المدينة " السعودية .
alrotayyan@gmail.com

المصريون**

| ابو زكرياء ابراهيم | 02/12/10 |
ما سينشره ويكيليكس عن التزوير؟



فراج إسماعيل | 02-12-2010 14:04

تخيل ما سينشره ويكيليكس الشهر القادم أو العام القادم عن تزوير الانتخابات المصرية يوم الأحد الأسود..
السفير الأمريكي: هناك حالة كراهية شديدة بين المصريين للسيد أحمد عز.. دائما يذكرون اسمه بمرارة وبعد نتائج الانتخابات الأخيرة صاروا يعتبرونه الرجل الأقوى في هيكل توجيه السياسة المصرية، ولم يعد مجرد نموذج لتحالف المال مع النفوذ.. هناك توقعات بصعود أكثر له خلال المرحلة المقبلة.
السفير الأمريكي: بدأ المصريون ينظرون في المرآة أكثر لرؤية أنفسهم بوضوح بعد الانتقادات الموجهة لهم من بعض الأقلام بأن سلبيتهم سبب كل ما يحدث لهم وجرأة عز عليهم.
هناك من يقول إنهم أشبه بالمارد جالس مؤقتا في قمقمه استعدادا للخروج في الوقت المناسب، وهناك من بلغ به اليأس لحد تكرار المقولة المنسوبة إلى عمرو بن العاص - رضي الله عنه – التي حاولت الاستوثاق منها هنا من الأزهر والمحققين فقيل لي إن ابن حجر العسقلاني أوردها بنصها في تحقيقه لكتاب "البداية والنهاية" رغم علمه أن الكتاب قائم في بعضه على الإسرائيليات.. شخصيا لست مقتنعا بأن ابن العاص قالها حقيقة، خصوصا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد أوصى بأهل مصر خيرا ووصفهم بخير أجناد الأرض.
مكتب السي آي ايه في السفارة الأمريكية: يوم الأربعاء بعد إعلان الإخوان والوفد انسحابهما تلقت برامج التوك شو في القنوات الفضائية الخاصة بمصر تعليمات بعدم الحديث في السياسة واستضافة فنانين فقط..
السفير الأمريكي: هناك تساؤلات كثيرة تدور في الشارع حول انخفاض سقف قناة الجزيرة تجاه مصر بعد زيارة الرئيس مبارك لقطر، فرغم الاعلانات التي كثفتها عن لقاء هيكل يوم الخميس الماضي فوجئ المشاهدون باختفائه تماما من خارطة برامج القناة في هذا اليوم، كما جاءت تغطيتها للانتخابات يوم الأحد الماضي كأنها احدى قنوات النيل!
السفير الأمريكي في 28-11-2010: عز قبض على الأمور تماما ووضع الجماعة في الفخ. يجلس الآن في مقر الحزب الوطني بكورنيش النيل مع جماعته ويقود أركان حرب الانتخابات.
السفير الأمريكي في 28-11-2010 الساعة الثانية عشرة ظهرا: الخيوط كلها تبدو أنها تجمعت في يد عز وقد خرج منتشيا لاستراحة قصيرة تناول خلالها قهوته بسكر زيادة على غير عادته فهو يحب القهوة السادة ويموت في النكد ولأول مرة يتبادل النكات بصوت عال مع جهة غير معروفة لنا!
السفير الأمريكي في 28-11-2010 الحادية عشرة مساء: عز تحدث هاتفيا مع "النجل" وبشره بالنتيجة النهائية: الإخوان لم ينجح أحد مبروك لفخامتك.. يومك فُل وطريقك مفروش بالورود إلى قصر القبة!
السفير الأمريكي في 29-11-2010 الساعة التاسعة صباحا: ظهر عز ثائرا وعصبيا إثر إعلان رئيس لجنة الانتخابات في دائرة الحامول الاعادة بين مرشح الوطني وحمدين صباحي وتوجه على الفور إلى الحامول.
السفير الأمريكي: علمنا أن عز تهجم على رئيس رئيس لجنة الانتخابات ووجه له وابلا من التعنيف وطالبه بالتراجع أو التنحي فاختار التنحي.. ثم أعلن عز بنفسه وبجانبه محمد كمال هزيمة الصباحي.
السفير الأمريكي: عز طمعان في شعب مصر ويبدو أنه يمهد لرئاسة "النجل" كمرحلة انتقالية ويعد نفسه ليكون الرئيس القادم بعد وقت قصير من تولي "النجل".
السفير الأمريكي: صحيح أن عز نجح في حرمان الإخوان لكنه أحرج الدولة بطريقة التزوير الفاضحة التي أمر بها أتباعه.
السفير الأمريكي: لا أعرف حتى الآن إذا كانت الدولة قد تفكر في الخروج من هذه الورطة بتنفيذ أي حكم قضائي يصدر ببطلان الانتخابات متخلية عن مقولة سيد قراره أو عن تناحتها الشهيرة تجاه أحكام القضاء!
السفير الأمريكي: بلغنا أن شخصية ما وراء التطلعات الرئاسية المتزايدة عند أحمد عز، فقد فتأت تكرر أمامه الحلم الذي يلح عليها في منامها بأنه سيصبح أمير القوم!
السفير الأمريكي: كان انسحاب الإخوان من انتخابات الإعادة وكذلك الوفد الذي تخلى عن المقعدين اللذين فاز بهما في الجولة الأولى ضربة غير متوقعة لأحمد عز.. القيادة السياسية نصحته بالتفاوض معهما وابرام صفقة حتى تغسل الحكومة جزءا من وجهها.. هناك حالة من الترقب، هل سيقبله الإخوان أو الوفد صفقة معينة تجمل وجه النظام في النهاية؟؟!
arfagy@hotmail.com


المصريون**

| ابو زكرياء ابراهيم | 02/12/10 |
ذلكم الفارس النبيل ...د.عبد الجليل مصطفى



د.سعيد إسماعيل على | 01-12-2010 23:55

عندما دق جرس الهاتف ، وأنا عاكف على عملى العلمى اليومى المعتاد ، جاءنى صوت بدأ بأن عرّفنى بنفسه ،وأنه أستاذ بطب قصر العينى ،اسمه عبد الحليل مصطفى ( هكذا نطق باسمه بغير لقب ) ،ويتابع ما أكتب ،ويُقَدره ،ولذلك فهو يرغب فى أن أشارك فى ندوات يعدها ، هو ومجموعة من زملائه ، دفعا لحركة الفكر الذى يستهدف ،ولو قدرا من النهوض الوطنى ،ودعانى إلى أن أشهد اجتماعا يُعقد بعيادته بباب اللوق .

فى البداية ، عجبت أن يتم اجتماع فى عيادة أستاذ طب كبير ، فعيادات هؤلاء ، تمتلئ بالمرضى ،وطلاب الصحة السوية ، والدقيقة لها ثمن ، غالبا ما يكون باهظا ، وقلت فى نفسى ، ربما يكون الاجتماع قبل أو بعد مواعيد العيادة !

وعندما أبديت خشيتى من أن أضل الطريق ،حيث أصبحت لا أذهب إلى مثل هذه الأماكن منذ سنوات طويلة ، بحكم السن ، فضلا عن فرارى من الازدحام " المخيف" الذى أصبحت القاهرة تعانى منه طوال أربع وعشرين ساعة ، ويوميا ،على وجه التقريب . هذا بالإضافة إلى ألا أجد مكانا " لركن " السيارة .

سهَل الرجل ، ما ظننته صعبا ، فإذا به يتطوع ،ويجئ إلىّ حيث مكتبى ، أو بمعنى أصح " مكتبتى " الشخصية بمساكن أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس ، ليصحبنى ، إلى حيث الاجتماع فى عيادته ،وعرفت من الرجل أنه " يُشَغِّل " عيادته ثلاثة أيام فقط !

بطبيعة الحال ، عجبت لهذا ،وأنا – مثل كل الناس – يعرفون ما يمكن أن يجلبه يوم كامل فى عيادة أستاذ طب كبير بقصر العينى من أموال طائلة ، فكيف يضحى بمثل هذا ، من أجل نشاط تطوعى خِدْمىّ ، يتطلب إنفاقا من المشارك فيه ، ولا يجلب مالا ؟ دارت مثل هذه التساؤلات بينى وبين نفسى ، حيث أصبحت ألمس وأعيش زمنا ، أخشى أن يسألنى شخص أحييه " بالسلام عليكم " ، عما يمكن أن أدفعه له مقابل أن يُكلّف ِنفسه بالرد علىّ :" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته "!!

كنا أول الواصلين ،ولم يكن عامله الخاص قد أتى بعد ، فإذا به يقوم بنفسه بعمل " الشاى " لى ، إلى أن جاء باقى المدعويين .

وهكذا ، لا تمر لحظة إلا وأنا أزداد تقديرا واحتراما لهذا الرجل ، حيث استطاع أن يزرع مزيدا من الثقة فى نفسى ، وأملا ، بأن مصر ، إذا كانت تعيش فترة تردى قاسية ، تكاد تأتى على الأخضر واليابس ،وتملئ بلصوص المال العام ،ومُسََهّلى النهب والسرقة لهم، مصر هذه، لا تعدم أن يكون من بين أبنائها ، بعض من ينذر نفسه للجهد الوطنى التطوعى ، بكل رضا ،وبكل حماس ،وأن الأمة التى تضم بين أبنائها مثل هؤلاء الأخيرين ، يستحيل أن يؤدى بها التردى الحالى إلى أن تموت وتذبل .

ويشاء حظى العاثر ، أن أمر عقب هذا بمحنة مَرَضية قاسية أقعدتنى شهورا ، فانقطع اتصالى بهذه الفئة من الرجال ( الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ).

وللأسف الشديد يبدو أننى لم أستمر عند حسن ظن الرجل بى ، فأواصل المشاركة فى الجهد الوطنى المبذول ، لعِلة شديدة الوطأة فى تركيبتى الشخصى ، حيث أشعر بقصور شديد فى " الحركة " هنا وهناك ،وأفضل العمل كتابة وقراءة فى صومعتى ، مع علمى التام ، بأن القلم وحده ليس هو السلاح الناجع لخوض معارك النهوض الوطنى .

ومن هنا فقد ظللت أتابع – من بعد- جهد الرجل ،وزملائه ، من أعضاء نادى أعضاء هيئة التدريس لجامعة القاهرة ، قبل أن يتم له ما يشبه التأميم ، حيث ظل سنوات طويلة قلعة من قلاع الحرية والديمقراطية والدفاع عن أعضاء هيئة التدريس باعتبارهم فصيل وطنى من فصائل الحركة الوطنية .

كذلك الأمر بالنسبة لما عُرف بحركة (9) مارس التى تسعى إلى التأكيد على مركزية القضية الخاصة باستقلال الجامعة ، حيث يقودها فارس نبيل آخر هو الدكتور محمد أبو الغار ، الذى لم أسعد ، مع الأسف بالتعرف الشخصى المباشر عليه.

إن مثل هذه الحركات والتنظيمات التى توصف بأنها " احتجاجية "، إنما تظهر عندما يكون هناك قصور واضح فى وظائف أساسية لابد أن تقوم بها الدولة تجاه هذه أو تلك من شرائح المجتمع وفئاته .

فبالفعل ، تشكل نوادى أعضاء هيئة التدريس قناة رسمية حرة ، يمكن من خلالها أن يناقش أساتذة الجامعات قضاياهم المهنية ،وكذلك قضايا الوطن ، لكن الدولة تنفر من ذلك إلا إذا كان تحت مظلتها هى !

وهنا يبرز النهج التسلطى الاستبدادى رافعا ذلك الشعار الفرعونى الشهير ( ما أُريكم إلا ما أرى ) ، مع أن عامة الناس - ولا أقول المتخصصين من علماء النفس الذين أثبتوا من خلال عشرات التجارب والمقاييس النفسية ، أن كل إنسان له قدراته واستعداداته وميوله ، التى كثيرا ما لا تتطابق مع غيره – يقولون بما يعكس هذه الحقيقة العلمية ، بعبارات عامية :" صوابعك مش زى بعضها " ، فكيف تنكر الدولة أن يختلف معها عدد غير قليل من فئة هى من أفضل – أو هكذا المفروض – فئات المجتمع ، علما ومعرفة ، فيرون ما لا ترى هى ،ويحبون ما لا تحب هى ،ويرغبون فى عمل ما يحبون هم وما يرغبون فيه ؟!

لاحظ الجهود الحكومية المحمومة التى بُذلت حتى تحولت معظم نوادى أعضاء هيئة الترديس بالجامعات المصرية ، إلى ما يشبه " فروعا " من الإدارة الرسمية لكل جامعة ، ثم افتح بعض ذلك صفحة ما يكتب عن تنظيمات المجتمع المدنى ،وما تلح عليه الدولة نفسها من ضرورة أن تقوم هذه التنظيمات بدورها للنهوض المجتمعى ، وسوف تجد المثل الشعبى الشهير ، يقفز إلى ذهنك " أسمع كلامك أصدقك ، أشوف أمورك أستعجب " ، مما يحق معه أن نطرح تساؤلا ، نترك الإجابة عنه لفطنة القارئ وهو : ما رأيك فى نظام يمارس الكذب على شعبه ؟!!

أما بالنسبة لاستقلال الجامعة ، فعلى الرغم من أن هذا مبدأ قد أصبح من " مسلمات " الحياة الجامعية ونظمها فى مختلف دول العالم ، فإن الدولة التسلطية فى مصر ،وما ماثلها من نظم عربية ، تصر على أن تظل الجامعة " تحت السيطرة " بوسائل شتى.

من هنا ، كان حرص مجموعة الدكتور عبد الحليل مصطفى ، على السعى نحو تأكيد استقلال الجامعة ،ونجحوا بالفعل بالنسبة لأحد مظاهر استقلال ، أن يختفى الحرس الجامعى من داخلها ،ولو أن رأيى الشخصى أن المشكلة ليس فى الحرس الجامعى ، فهم " غلابة " ،إلى حد ما ، بالمقارنة إلى غيرهم من " رجال الأمن "، وإنما المشكلة فى قوتين : إحداهما ظاهرة بتحد سافر ، تتمثل فى مصفحات أمن مركزى تحيط كل جامعة ،مكشرة عن أنيابها ، لكل من تسول له نفسه بحركة احتجاج ،وثانيهما ،قوة خفية ؛من أمن الدولة، تتمرتس داخل لا أقول كل جامعة ، بل كل كلية ،وأحيانا ، داخل كل قاعة !!

وعدما حكم القضاء المصرى العادل ،وفقا للحق ،وأمر بعدم وجود الحرس الجامعى ، يصبح من المهم أن تتم حركة " توعية " بين أبناء المجتمع الجامعى ، بهذا الحكم القضائى ،ووسيلة هذه التوعية أن يطلع على الحكم ، كافة أعضاء المجتمع الجامعى ، أعضاء هيئة التدريس والطلاب .

وهذا ما أراد الدكتور عبد الجليل وبعض زملاؤه أن يفعلوه ، فى الجامعة التى أشرف بالانتماء إليها ، جامعة عين شمس ، فإذا برد الفعل يكون مما شعرت إزاءه بالخجل الشديد ، فما اُريدَ توزيعه ليس منشورا سريا ، بل حكم قضائى ،واجب على الجامعة نفسها أن تنشره بين الجميع ،ويجب أن نشكر الرجل الذى سعى إلى أن يقوم بما يجب أن نقوم به جميعا!

وعندما رأيت صورة رد الفعل المؤسف ، بل والمخجل ، تذكرت سيادة الدكتور أحمد زكى بدر الذى له فضل الريادة فى استخدام قوى مسلحة من خارج الجامعة لا لتتحاور وتناقش ،وإنما لتضرب وتهين من يجرؤ على الكلام المخالف لما تريده السلطة الحاكمة ، أثناء مواسم ما يسمى بانتخابات الاتحادات الطلابية ، حتى يتربى شبابنا على تزييف الإرادة الوطنية ، قبل أن يخرجوا إلى الحياة العملية .

وكم شعرت بأسف شديد عندما سمعت الوزير المسئول عن جامعات مصر ،وهو يناقش المذيع اللامع " محمود سعد " وفق منطق ضعيف للغاية ،ومبررات باهتة ، ويبلغ الذروة باتهامه المذيع العظيم بأنه يبدو مناصرا للمعارضة ؟!

كدت لا أصدق أذنى ،أن يفزع الرجل المسئول عن أرفع مستويات التنظيم التعليمى ، أن يُقَدر مذيع ، رأيا معارضا ! فهل أصبح المعارضون " رجس من عمل الشيطان " ، أم هم الذين يمثلون الضمير الوطنى الحى ؟ لقد تصور وزيرنا الهمام أن محمود سعد ، ما دام مذيعا على قناة تلفزيونية حكومية ، فلابد أن يكون نهجه الدائم هو " المسايرة " ، ولم يدر معالى الوزير أن التقدير الذى اكتسبه محمود سعد ، هو أنه ليس مجرد " مساير " ،وإنما هو يسير وفق ما يمليه عليه ضميره ،ومن هنا أحبه الملايين من المشاهدين ،ومن هنا وجدت الدولة نفسها " مضطرة " أن تتحمل جرأته " فى الحق ..لقد طالت قامة محمود سعد أمامنا أكثر ، وقصرت قامات أخرى ، فلم تبصر أفق الديموقراطية ، الرحب ، الواسع!!

تحية للدكتور عبد الجليل مصطفى ،ومن سار معه على نهج " الصراط المستقيم " ، صراط الذين أنعم الله عليهم بالبصر الصحيح بالمصلحة الوطنية الحقيقية ،ولا " الضالين " ..آمين !

المصريون/

| ابو زكرياء ابراهيم | 02/12/10 |


هنا الدقيق والزيت... أيها المواطن الحر



د. إبراهيم أبو محمد | 01-12-2010 23:51

• ارتبط الليل في حياة الناس بالسكون والنوم، وارتبط النهار بالحيوية والحركة.

• بداية الليل غروب، والغروب يعني النهاية.

• وبداية النهار فجر وشروق، وهذا يعني البداية.

• طبيعة الليل ظلامية ، ويمكن أن يكون فيه قمر يضيئ.

• وطبيعة النهار نور وضياء، ويمكن أن تغيب شمسه، وتخفيها سحب وغيوم محملة بماء المطر الطهور يتنزل غيثا فيغسل الأرض من أدرانها، وينبت الله فيها زرعا وكلأ ويسقي منه أنعاما وأُناسيَّ كثيرا.

• وبما أن النوم قد ارتبط بالليل فمن الطبيعي أن ينام المرء ليستيقظ ويستعيد مع النهار نشاطه وحركته، ومن ثم فالنوم جزء السكون الذي يقابل الحركة في حياة الإنسان.

• والنوم يستغرق 33,33 % من عمر الإنسان عموماً، لكنه يستغرق 100% من عمر أمتنا في الوقت الراهن.

• والليل بسكونه وظلامه يستهوي طوائف أربعة، ثلاثة أذكرها ورابعة أغض الطرف عنها، لأن غايتها علوية وأكتفي فقط بالإشارة إلى أبرز صفاتها حين تتجافى جنوب أهلها عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ، ومن ثم فلن أذكرها هنا لأني لا أحب أن تجاور الطوائف الثلاثة، اللص والعاشق والدكتاتور.

• فاللص يستهويه الليل ليسرق ويستتر في ظلامه بسرقته.

• والعاشق يستهويه الليل ليختلس شيئا من الوصال بمحبوبته في جنح ظلامه بعيدا عن عيون الناس ، فإن ضنت الظروف بمثل هذا اللقاء، فإن العاشق يستحضرها في ذاكرته وخياله ليعيش مٌسَهَّداً في ليله بعشق حبيبته.

• أما الدكتاتور فيستهويه الليل لأنه في ظلامه قد جاءت به المصادفات، وفي ظلامه يحكم ويتحكم، وفي ظلامه يغدر بمعارضيه، وفي ظلامه يقامر في سبيل بقائه بشعبه وأمته ، وفي ظلامه يرهن إرادة الأمة وكرامتها ، وفي ظلامه يُكمِّم أفواه الشرفاء ، وفي ظلامه يملأ جيوبه، وفي ظلامه يملأ سجونه ومعتقلاته، وفي ظلامه يسكن كل شئ تحت تهديد الحديد والنار، وفى ظلامه تنطلق مردة إعلامه لتعبث بالعقول والوجدان، فتعزف على أوتار الفقر والعوز والحاجة ،وتخدع الناس بحديث عن خطط لرفع المعاناة عن الجماهير، وبينما يزداد الناس فقرا تتضخم خزائن الأغنياء المُوالين للطاغية بالمال الحرام ، وفي ظلامه تولَد الأساطير وتنمو الخرافة، وفي ظلامه يتلاعب ترزيةُ القوانين بتفصيل الرداء القانوني الذي يوافق الطاغية، وفي ظلامه يستبد الجهل بأصحابه فيُحلِّون الحرام، ويحرمون الحلال، ويجعلون المعروف منكرا ومحظورا، والمنكر المحظور معروفا ومباحا، وسَداحا ومَداحا.

• وهكذا يعملون بهمة ونشاط ،الطغاة والدكتاتور، ليبقى الليل ويستمر الظلام، لأنهم في ظله يفعلون بالإنسان والأمة ما يحلو لهم .



• وفي زمن اليقظة من حياة أمتنا كان المفهوم هو قتل الفتنة والقضاء عليها في مهدها قبل أن يتطاير شررها ويستفحل ضررها، وقيل في ذلك " الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها".

• أما في زمن النوم والغفلة، زمن النباهة والاستحمار، أو زمن التراجع والانكاسارات فقد تبدل المفهوم وانعكس ليصبح هكذا "الأمة نائمة لعن الله من أيقظها".

• وهكذا بدأ الإنسان يدخل مرحلة الغيبوبة وسط أمة نائمة، طال ليلها وطال نومها، ولم يبق متيقظ فيها إلا المتربصون بها، ينتظرون الفرصة ليجهزوا عليها بعيدا عن عيون من يراقب، ليظل الفاعل مجهولا ولتحفظ أوراق الجريمة وتقيد ضد مجهول.



• والأمة لكي تستيقظ وتستعيد وعيها تحتاج إلى نوعين من الجراحة في عصرها الراهن.

• الجراحة الأولى تتم في عقول ساستنا وضمائرهم، تستأصل منها جرثومتين اثنتين:

• هما: سوء الفهم التقليدي للإسلام ، وسوء النية المبيتة للدعاة إليه والعاملين له ، وهما جرثومتان متوطنتان في عقول وقلوب هؤلاء الساسة حتى توارثوهما جيلا عن جيل، كأنهما مرض وراثي يصعب الخلاص منه إلا بجراحة في العقول والقلوب والضمائر.

• والغريب العجيب أن هؤلاء الساسة يدَّعون الانتماء إلى الإسلام، ولكن كل على طريقته هو، فهو ينتمي إلى إسلام من صنعه هو، يفصِّله تفصيلا، وبمقاسات تلائم ذوقه، وأهواءه ، وطموحاته ، وآماله ، وشهوته في التجبر والاستعلاء والقهر . وهذا هو صحيح الإسلام في نظره..



• ترى من يقوم بهذه الجراحة في عصور هيمنة الأجهزة الجهنمية،؟

• ومن يخبر هؤلاء الساسة أنهم مرضى يحتاجون إلى جراحة عاجلة..؟

• من يقوم بهذه المهمة ؟، من يخترق تلك الأجهزة وتلك الدوائر المغلقة ، والمضروبة حولهم. . ؟



• وأما الجرثومة الثانية فهي:

• جرثومة المذلة بين يديَّ أعداء الله والكارهين لدينه والمتآمرين عليه، تلك الجرثومة التي تدفعهم إلى الهرولة وإراقة ماء الوجه والكرامة على أعتاب الأعداء، وطلب ودهم ومحبتهم بكل وسيلة ممكنة ، ولو كانت على حساب الحقوق ، أو على حساب الشعوب ، أو حتى على حساب العقائد والهوية .



• وهؤلاء الطغاة المصابون بجرثومة المذلة هذه نراهم قد تنمروا واستأسدوا وكشروا عن أنيابهم وتكبروا وبطشوا بمن يخالفهم في الرأي أو يختلف معهم في الفكرة والمبدأ، فالطاغية يريد لكل الناس أن يفكروا بطريقته، أو يتولى هو شخصياً التفكير نيابة عنهم .

• يريد منهم أن يذوبوا في شخصه ، وأن يتحللوا من ذواتهم في ذاته هو .

• فلا وطنية ولا انتماء إلا ما يحدده هو .

• ولا مصلحة للوطن والمواطن إلا ما يحدده هو. ..

• فهو الرمز ، والرأس ، والفكرة ، والمبدأ ، والولاء ، والانتماء ، والقضية ، والمرجعية ..

• وهو الحاضر، وهو الغائب، وهو الماضي والمستقبل ..

• وباختصار يختزل الوطن ، والمواطن ، والتاريخ كله ، والحاضر كله ، والمستقبل كله في شخصه هو.

• فنحن به ، ونحن معه، ونحن منه ، ونحن فيه، وبدونه لا نحن ولا شيء.



• إنْ كنا كذلك فكل شيء على ما يرام، وكل شيء تمام التمام.

• وعندئذٍ فقط، عندما تذوب الأمة كلها في شخص الطاغية، ويتلاشى الجميع في ظله، يتحقق السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، ويتم الإنجاز ويتخلص الشعب من المعاناة وتتم حماية المكتسبات...؟؟

• هذا ما يروجه مردة إعلام الطغاة والدكتاتور في مواقعهم المختلفة بأقوالهم وأقلامهم وأفعالهم، في طول الوطن العربي والإسلامي وعرضه.

• وهكذا يكون لتلك الجرثومة وجهان :

• الوجه الأول وجه يظهر به الطاغية أمام أعداء الله ... يحابيهم ويطلب ودهم ويتمنى رضاهم... ويرتمي في أحضانهم ، ويمسح في بلاطهم ، ويسارع بتنفيذ ما يصدر عنهم من توجيهات لعله بتلك المذلة ينال التأييد والنصر على أعدائه، أعداء الوطن، ودعاة الظلام وخفافيش الليل. كما يروج إعلامهم عمن يخالفهم الرأي أو يرفض أن يبيع نفسه وكرامته وأرضه.

• والوجه الثاني وجه يظهر أمام الرعاع، من أبناء شعبه وكلهم - في نظر الطاغية- رعاع لا تردعهم غير العصا الغليظة ، ولا تردهم غير القوة ، ولا يعرفون مصلحة أنفسهم .

• ماذا يريد هؤلاء؟

• ألم يكفهم فخراً وعزاً أن يفكر لهم ونيابة عنهم السيد السلطان الكبير ذاته، أو حتى أحد معاونيه.. ولو كان تافها ؟

• وأن يعبر هو سيادته بنفسه، لنفسه نيابة عنهم.؟ وأن يختار بعينه البصيرة وببعد نظره من النواب من يراه مناسباً لهم!!! هذا هو العز كله، فماذا يريدون عزا أكثر من ذلك ؟

• تلك هي الديمقراطية الحقيقية: أن نفكر لك نيابة عنك أيها المواطن الحر ، وأن نعبر نحن عن رأيك أنت أيها المواطن الحر !! وأن يتم الاختيار -الحر -بطريقتنا -وعن طريقنا- بالنسبة والعدد الذي نحدده لك أيها المواطن الحر .

• أيها المواطن الحر ،إن الديمقراطيات في الغرب فاشلة، انظر: إنها لا تحقق ولا تصل في نتائجها إلى ما نصل إليه نحن هنا في بلدك الحرة أيها المواطن الحر.

• إن ديمقراطيتنا الحرة المستقلة: تصل في نتائجها 99,999 % فهل يستطيعون في الغرب أن يصلوا إلى هذه النتيجة؟... إننا نتحدى..

• وأنت أيها المواطن الحر.. ألا تؤمن أن ديمقراطيتنا هي المتفوقة؟؟!!!

• وهي الأُولى في الدنيا كلها على ديمقراطيات العالم ‍‍‍‍‍‍‍؟ وبالتالي فهي الأَوْلى بالإتباع والتطبيق.؟

• ثم إن ديمقراطية الغرب بدعة وليست من الإسلام في شيء، وأنت بالقطع وبغير شك عربي- وتدعي أنك مسلم- فكيف تقبلها وتدعو إليها ؟ وكيف تتطلع إليها أصلاً وتتحدث عنها أيها المواطن الحر؟

• وكيف تستطيع أن تمارسها حتى لو جاءت بك الانتخابات الحرة، واختارك الشعب كما تقول؟

• إنها لا تصلح للتطبيق والممارسة في بيئتنا العربية ... إفهم يا هذا إفهم أيها المواطن الحر؟

• إننا أدرى بمصلحتك ، وأعلم بما يفيدك وما يضرك، فدع نفسك لنا .. ونحن نحقق لك ما نتمناه لك، وما نتمناه فيك،.وما نتمناه منك، لا ما تتمناه أنت أيها المواطن الحر .

• فأنت غير ناضج أيها المواطن الحر ، وليست لك تجربة كافية أيها المواطن الحر ... فكن معنا، وكن بنا، وكن فينا، وكن لنا، تربح الكثير وتحصل على الكثير وتفتح أمامك الكثير من الأبواب والمغاليق أيها المواطن الحر .

• أيها المواطن الحر، لدينا هنا الدقيق والزيت، دقيق من قمح أمريكي أصيل ، وزيت من شجرة زيتون مسروقة، إغتصبها لص صديق في وطن محتل، وقد استوردناها خصيصا لك، أعطنا حريتك وكرامتك وخذ الدقيق والزيت، وعِشْ لحظتك هادئ البال، بعيدا عن منغصات التفكير والثقافة والحرية، تلك البدع التي اخترعها أعداؤك لينالوا بها منك . فدعك منها ، وعِشْ مستريح البال بنا ومعنا وفي ركابنا أيها المواطن الحر.



• أما النوع الثاني من الجراحة: فهو يتصل بنفسية وعقل مجموع أفراد وجماهير المواطن الحر، الجماهير التي تحولت إلى دواب لا هم لها، ولا اهتمام لديها إلا الطعام والجنس وشيئاً كثيراً من الثرثرة الفارغة، وضاعت منها في غمرة البحث عن ذلك هويتها وثقافتها ودينها، فلم تعد تسمع إلا نداء البطون، ولم تعد تتحرك إلا لمطالب البيت والزيت وهم الرغيف والمسكن، وتحاول الحصول على ذلك بشتى الوسائل والأساليب ولو كان الثمن من عفة الإنسان وشرفه وكرامته.



• ودعك من قضية الحلال والحرام فقد تلاشى الإحساس بها، ونُسيت تماماً تحت وطأة الحاجة وضغط الحرمان ، ودبت جرثومة الذل في نفوسهم بعد أن غرست أنيابها وبذورها في ضمائرهم، وسيطرت على قلوبهم فجعلتهم يقبلون العيش وسط مهانة العار، ويرضون من الحياة بما لا ترتضيه القطط والكلاب الضالة من بقايا الموائد في ليالي الشتاء الباردة المظلمة.

• وغابت عن حياتهم قيم العزة والعفة وكرامة الإنسان .

• وتراجعت عواطف الإيثار والحب ليحل محلها الوصولية والشللية والنفعية، وقد عبر أحد الزجالين عن هذه الحالة بقوله:

• شيِّلْني وشيَّلكْ، وأنا برضه فرحتلك! وأنا بتاعك يا بيه! وأقدر ما اقدرش ليه! وأنفع ما انفعش ليه!

• وبسقت أغصان الذل في كل ناحية ،بعد أن غرست القيم السلبية الجديدة بذور الطمع في كل بيت ، وفي كل مؤسسة وبين كل شخصين .. حتى ولو ربطتهما أخوة نسب ورحم، مما يستدعي تدخلاً بجراحة سريعة، تستأصل هذا الداء، وتقضي على تلك الجراثيم الفتاكة، وتعيد للإنسان توازنه المفقود، وإنسانيته الضائعة، كما تعيد إليه رشده وحرارة الإيمان فيه .

• تُرى من يقوم بهذه الجراحة غير علماء الأمة؟ وأين هم من هذا الدور؟

• وهل لديهم آليات الخطاب الديني الحي الذي يوقظ في الإنسان شعوره بإنسانيته وآدميته وبالمسئولية ودوره في خلافة الأرض وعمارة الحياة..؟

• إنه لدور كبير، يزداد حجمه وضرورته كلما زادت كثافة الظلمات، واستمر الليل بظلامه ، ويتحتم وجوده كلما زادت شراسة أطباق الشر، تلك التي تمسك بخناقنا وتنتشر فوق البيوت لتجلب إلينا -بالصوت والصورة- أعتى وأشرس ما صنعته شياطين هوليود، وأحدث ما أنتجته عصابات شيكاغو ..

• فمن لهذه الأمة غير العلماء؟ ومن يقود الركب غير العلماء؟ ومن يرفع كفاءة جهاز المناعة لدى الجماهير فيحصِّن الجيل الحالي والأجيال القادمة غير العلماء؟

• ومن يعطي المصل الواقي من جراثيم الأيدز الفكري والثقافي والاجتماعي الذي يفد إلينا مرتديا ثوب الحضارة الحديثة، ومتوشحاً بوشاح النظام العالمي الجديد والعولمة غير العلماء؟

• ومن يحذر الأمة من رياح الخماسين التي تهب عليها محملة بجراثيم الوضاعة والمعصية وفقدان المناعة غير العلماء؟

• ومن يشير إلى الداء، ويصف الدواء، ويحصن المجتمع من سدنة الأيدز ورواد ثقافة التطبيع وسلام المتحضرين، ودعاة تسليم كل المفاتيح للاستعمار الجديد الذين يطبلون له، ويزمرون، ويدعون إليه، ويمهدون له الأرض، ويؤهلون النفوس لقبوله واستقباله والتأثر به ... والتعايش معه، والتكيف مع أهدافه ومطالبه!

• من غير العلماء يفعل ذلك ويقف في وجه هؤلاء؟ من لهذه الأمة يا ترى غير العلماء؟

• إنهم عقل الأمة وإرادتها ..فهل يعود العقل لأداء وظيفته؟

• وهل ستسمع الدنيا مرة أخرى صوتا يشبه صوت العز بن عبد السلام ويحاكي مواقفه حين قرر أن الطاغية لا يجوز أن يحكم لأنه مملوك والشعب حر، والمملوك يجب بيعه في سوق النخاسة ليعود ثمنه لبيت مال المسلمين؟

• وهل يعود قلم الغزالي وعقل ابن تيمية ليبعث الوعي الذى غاب وافتقدناه.؟

• وهل يبعث من جديد سيف صلاح الدين ورجولته ليعيد العزة التى ولت وراحت، ويقيم الفرض ويحرر الأرض ويطهر المقدسات والعِرْض؟

• ذلك كله لا يحدث في النوم ولا يحدث ليلا ، فاستيقظ أيها المواطن الحر.

o

o رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية

? ورئيس إذاعة القرآن الكريم في استراليا

المصريون/


| ابو زكرياء ابراهيم | 30/11/10 |
العودة إلى الإسلام



د. محمد عمارة | 29-11-2010 23:54

لقد بدأ الدكتور منصور فهمي باشا ( 1889 ـ 1959م).. حياته الفكرية برسالته للدكتوراه، التي ذهب إلى باريس سنة 1908م لإنجازها.. وهي الرسالة التي امتلأت بافتراء على صورة المرأة للإسلام.. بل طالت بيت النبوة!.

لكن منصور فهمي باشا كجزء من ظاهرة الإياب إلى الإسلام والعدول عن الانبهار بالغرب في مرحلة النضج الفكري قد عاد وآب ليتخذ مكانه بين الأعلام العاملين في "جمعية الشبان المسلمين".. والكتاب المدافعين عن الإسلام.. حتى لقد كتب المقدمة للعمل الإسلامي الفذ : (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) الذي وضعه العلامة محمد فؤاد عبد الباقي..

وكان منصور فهمي باشا يدرس في الجامعة "فلسفة الجمال".. وعنه كتب فقال: "الجمال كالله، وكالقوى الخفية من حيث أنها لا تُعرف بذواتها ولكنها تُعرف بآثارها.. وهو معرفة "الله أعرف المعارف".. وهو عبد صالح لله، فلا يطلب إليك في حضرته إلا أن تسبح لمولاه!".

*أما الدكتور محمد حسين هيكل باشا.. الذي بدأ حياته الفكرية علمانيًا، يدافع ـ بفروسية ـ عن علمنة الإسلام.. ويبشر بكامل النموذج الحضاري الغربي العقلي منه والروحي.. ثم تحول من "التغريب" إلى "الفرعونية".. إذا به يئوب إلى أحضان الإسلام وحضارته وتاريخه ونموذجه الثقافي المتميز عن النموذج الغربي.. والحي والفاعل في العقل المعاصر والوجدان الفردي والجمعي للأمة.. وليس النموذج الميت الذي انقطعت معه العلائق والصلات - كما هو الحال مع التراث الفرعوني.

*وعلى ذات الدرب - درب الإياب إلى كامل الإسلام ـ كدين ودولة وأمة وحضارة- سار الشيخ علي عبد الرازق.. فبعد أن حمل كتابه الشهير "الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925م دعوى علمنة الإسلام وزعم أن الإسلام مجرد شريعة روحية ـ كشرائع الخالين من الرسل ـ .. وأنه دين لا دولة.. ورسالة لا حكم.. وأن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يؤسس دولة، ولم يرأس حكومة، ولم يكوّن جماعة سياسية، "فهيهات هيهات، لم يكن ثمة حكومة ولا دولة ولا شيء من نزعات السياسة.. ويا بُعد ما بين السياسة والدين.. وأن للمسلمين أن يختاروا لهم أي نمط من الحكومة حتى ولو كانت فاشية أو بلشفية"!!..

علي عبد الرازق هذا.. الذي حمل كتابه "الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925م هذه "البدعة" غير المسبوقة.. قد آب إلى أحضان النموذج الإسلامي ـ في الدين والدولة ـ حتى لقد أعلن سنة 1951م : أن دعوى روحانية الإسلام، وتجرده من السياسة والدولة "هي كلمة ألقاها الشيطان على لسانه.. وللشيطان أحيانا كلمات يلقيها على ألسنة بعض الناس"!.. كما أعلن "أن الإسلام دين تشريعي، وأنه يجب على المسلمين إقامة شرائعه، وحدوده، وإقامة حكومة منهم تقوم بذلك".

هكذا عرفت بلادنا.. وثقافتنا هذه الظاهرة الفكرية والثقافية:

*الانبهار بالنموذج الثقافي الغربي.. وتقليده في مناهجه.. وتطبيقاته.. في نظرياته واتجاهاته.. فيميننا هو اليمين الغربي.. ويسارنا هو اليسار الغربي.. وليبراليتنا هي الليبرالية الغربية.. وشموليتنا هي الشمولية الغربية..أي أن الغرب الحضاري والثقافي قد أصبح ـ عند هذا القطاع من مفكرينا ـ القبلة التي إليها يتجهون وبنموذجها يتعبدون!.. وبنجمها يهتدون!..

* كما عرفت بلادنا ظاهرة الإياب الفكري والثقافي لعدد كبير من هؤلاء الذين انبهروا بالغرب في مطالع حياتهم الفكرية.. فلما نضجوا فكريا.. وأدركوا تميز تاريخنا وإسلامنا وواقعنا عن الغرب الحضاري.. عادوا إلى تبني النموذج الإسلامي في "الفكر" و"التقدم" و"النهوض".


المصريون

| ابراهيم حجيرة أبو اسماعيل | 29/11/10 |

ضريبة الذل



الشهيد : سيد قطب | 29-11-2010 00:42

بعض النفوس الضعيفة يخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة، لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة، رخيصة، مفزعة، قلقة، تخاف من ظلها، وتَفْرَقُ من صداها، "يحسبون كل صيحة عليهم" ، "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة".
هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون.

وإنهم ليحسبون أنهم ينالون في مقابل الكرامة التي يبذلونها قربى ذوي الجاه والسلطان حين يؤدون إليهم ضريبة الذل وهم صاغرون، ولكن كم من تجربة انكشفت عن نبذ الأذلاء نبذ النواة، بأيدي سادتهم الذين عبدوهم من دون الله، كم من رجل باع رجولته، ومرغ خديه في الثرى تحت أقدام السادة، وخنع، وخضع، وضحى بكل مقومات الحياة الإنسانية، وبكل المقدسات التي عرفتها البشرية، وبكل الأمانات التي ناطها الله به، أو ناطها الناس ... ثم في النهاية إذا هو رخيص رخيص، هَيِّنٌ هَيِّن، حتى على السادة الذين استخدموه كالكلب الذليل، السادة الذين لهث في إثرهم، ووَصْوَصَ بذنبه لهم، ومرغ نفسه في الوحل ليحوز منهم الرضاء!

كم من رجل كان يملك أن يكون شريفاً، وأن يكون كريماً، وأن يصون أمانة الله بين يديه، ويحافظ على كرامة الحق، وكرامة الإنسانية، وكان في موقفه هذا مرهوب الجانب، لا يملك له أحد شيئاً، حتى الذين لا يريدون له أن يرعى الأمانة، وأن يحرس الحق، وأن يستعز بالكرامة، فلما أن خان الأمانة التي بين يديه، وضعف عن تكاليف الكرامة، وتجرد من عزة الحق، هان على الذين كانوا يهابونه، وذل عند من كانوا يرهبون الحق الذي هو حارسه، ورخص عند من كانوا يحاولون شراءه، رخص حتى أعرضوا عن شرائه، ثم نُبِذَ كما تُنْبَذُ الجيفة، وركلته الأقدام، أقدام الذين كانوا يَعِدُونه ويمنونه يوم كان له من الحق جاه، ومن الكرامة هيبة، ومن الأمانة ملاذ.

كثير هم الذين يَهْوُونَ من القمة إلى السَّفْح، لا يرحمهم أحد، ولا يترحم عليهم أحد، ولا يسير في جنازتهم أحد، حتى السادة الذين في سبيلهم هَوَوْا من قمة الكرامة إلى سفوح الذل، ومن عزة الحق إلى مَهَاوي الضلال، ومع تكاثر العظات والتجارب فإننا ما نزال نشهد في كل يوم ضحية، ضحية تؤدي ضريبة الذل كاملة، ضحية تخون الله والناس، وتضحي بالأمانة وبالكرامة، ضحية تلهث في إثر السادة، وتلهث في إثر المطمع والمطمح، وتلهث وراء الوعود والسراب ..... ثم تَهْوِي وتَنْزَوِي هنالك في السفح خَانِعَةً مَهِينَة، ينظر إليها الناس في شماتة، وينظر إليها السادة في احتقار.

لقد شاهدتُ في عمري المحدود - ومازلت أشاهد - عشرات من الرجال الكبار يحنون الرؤوس لغير الواحد القهار، ويتقدمون خاشعين، يحملون ضرائب الذل، تثقل كواهلهم، وتحني هاماتهم، وتلوي أعناقهم، وتُنَكِّس رؤوسهم .... ثم يُطْرَدُون كالكلاب، بعد أن يضعوا أحمالهم، ويسلموا بضاعتهم، ويتجردوا من الحُسنَيَيْن في الدنيا والآخرة، ويَمضون بعد ذلك في قافلة الرقيق، لا يَحُسُّ بهم أحد حتى الجلاد.

لقد شاهدتهم وفي وسعهم أن يكونوا أحراراً، ولكنهم يختارون العبودية، وفي طاقتهم أن يكونوا أقوياء، ولكنهم يختارون التخاذل، وفي إمكانهم أن يكونوا مرهوبي الجانب، ولكنهم يختارون الجبن والمهانة .... شاهدتهم يهربون من العزة كي لا تكلفهم درهماً، وهم يؤدون للذل ديناراً أو قنطاراً، شاهدتهم يرتكبون كل كبيرة ليرضوا صاحب جاه أو سلطان، ويستظلوا بجاهه أو سلطانه، وهم يملكون أن يَرْهَبَهم ذوو الجاه والسلطان! لا ، بل شاهدت شعوباً بأَسْرِها تُشْفِقُ من تكاليف الحرية مرة، فتظل تؤدي ضرائب العبودية مرات، ضرائب لا تُقَاس إليها تكاليف الحرية، ولا تبلغ عُشْرَ مِعْشَارِها، وقديماً قالت اليهود لنبيها "يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون" فأَدَّتْ ثمن هذا النكول عن تكاليف العزة أربعين سنة تتيه في الصحراء، تأكلها الرمال، وتذلها الغربة، وتشردها المخاوف.... وما كانت لتؤدي معشار هذا كله ثمناً للعزة والنصر في عالم الرجال.

إنه لابد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الجماعات، وتؤديها الشعوب، فإما أن تؤدى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية، وإما أن تؤدى للذلة والمهانة والعبودية، والتجارب كلها تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها، ولا فكاك.

فإلى الذين يَفْرَقُونَ من تكاليف الحرية، إلى الذين يخشون عاقبة الكرامة، إلى الذين يمرِّغُون خدودهم تحت مواطئ الأقدام، إلى الذين يخونون أماناتهم، ويخونون كراماتهم، ويخونون إنسانيتهم، ويخونون التضحيات العظيمة التي بذلتها أمتهم لتتحرر وتتخلص.

إلى هؤلاء جميعاً أوجه الدعوة أن ينظروا في عبر التاريخ، وفي عبر الواقع القريب، وأن يتدبروا الأمثلة المتكررة التي تشهد بأن ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة، وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية، وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة، وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية، وأن الذين لا يَرْهَبُون الجاه والسلطان يَرْهَبُهم الجاه والسلطان.

ولدينا أمثلة كثيرة وقريبة على الأذلاء الذين باعوا الضمائر، وخانوا الأمانات، وخذلوا الحق، وتمرغوا في التراب ثم ذهبوا غير مأسوف عليهم من أحد، ملعونين من الله، ملعونين من الناس،

وأمثلة كذلك ولو أنها قليلة علىع الذين يأبون أن يذلوا، ويأبون أن يخونوا، ويأبون أن يبيعوا رجولتهم، وقد عاش من عاش منهم كريماً، ومات من مات منهم كريما

* نشرت منتصف يونيو 1952

المصريون/


...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة