الميت الحي.. والأحياء الموتى - ل- محمد الهادي الحسني
الرأي
كثير من الناس يحسبهم الناس أحياء، وهم أموات غير أحياء، ذلك لأن الحياة عندهم لا تتجاوز النشوة والشهوة، فلم يعرفوا مبدأ شريفا، فضلا عن أن يدافعوا عنه بالسنان أو باللسان أو بهما معا.. فهم كما وصفهم القرآن الكريم: “يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام”، وإن كان لهم حظ من العلم، ولكنهم لم يؤدوا واجبه من تبليغ وجهاد فهو أيضا كما وصفهم القرآن: “كمل الحمار يحمل أسفارا”.. وياليتهم اكتفوا بـ”القعود” حتى صاروا كـ”القواعد”، ولكنهم راحوا يسخرون ممّن هم أشرف منهم، وأكرم، ويسخّرون ما بين أيديهم من أموال ووسائل للهمز واللمز في شرفاء الأمة، المجاهدين في سبيل الله، المدافعين عن العرض والأرض، بدعوى أن هذا الجهاد لا يجوز لأنه مما لم يأمر به “ولي أمر” المسلمين.. فهل يعدّ من “أولياء أمور” المسلمين من يوالي أعداء الدين، ويتخذهم بطانة، ويخون الله ورسوله والمؤمنين، ويتآخى مع الشياطين بالتبذير؟
وقليل من الناس علم الله – عز وجل- في قلوبهم خيرا، وفي أنفسهم عزة، فأكرمهم بإقامتهم في أشرف ميدان، وهو الجهاد في سبيل الله، وقد يرفعهم فيتخذ منهم شهداء..
من هؤلاء الناس القلّة في وقتنا هذا المجاهد الشهيد يحيى السنوار، رئيس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في غزة.. الذي كان – كما سمعناه- يرجو أن يكرمه الله – عز وجل- بالشهادة، فبلغه الله – عز وجل- ما تمنى.
لقد أخبرنا العليم الخبير أن الشهداء أحياء غير أموات، بل نهانا أن نقول عنهم إنهم أموات “ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء، ولكن لا تشعرون”. ولكن ماذا قال الله عن هؤلاء “العلماء” الخونة؟ قال الله – عز وجل- عن هؤلاء الذين يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم: “واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين”..
فلنتصور هذه الصورة القرآنية “عالم” يقوده الشيطان، وهو الذي يحذّر من هذا الشيطان، سواء كان شيطانا إنسيّا أو شيطانا جنّيا.
ذلك مثل هؤلاء “العلماء.. العملاء” الذين أطلقوا ألسنتهم بالسّوء في رجل أبت عليه رجولته، ودينه، وشرفه أن يقعد مع “القواعد”.. واستكثروا حتى الترحم عليه بل سلقوه بألسنتهم الطويلة وعقولهم القصيرة بكلمة “مستريح ومستراح منه”..
إن عيسى – عليه السلام- قال لله – عز وجل- فيمن أشركوا، واتخذوه وأمه إلهين من دون الله، وهو شرك عظيم “إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم”.
فاقعدوا – أيها الطاعمون الكاسون – مع “القواعد”، واختبئوا خلف “فتاوى” ترضي الشيطان وأولياءه، ولا ترضي الرحمان، لقد دخل السنوار وأمثاله من الشهداء في عقول الفجّار قبل الأبرار، فرحمه الله رحمة واسعة، وثبّت عباده الصادقين على الحق..