فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3044.84
إعلانات


استقلال اللسان رمز لاستقلال الأوطان

نظمت المدرسة العليا للأساتذة بمدينة ورقلة، عاصمة الجنوب الشرقي الجميلة، نظمت ملتقى علميا هاما يومي 17 و18 /01 /2023 اختارت له موضوعا بالغ الأهمية هو «الاستقلال اللغوي» جاء هذا الملتقى، في إطار الاحتفال بيوم اللغة العربية، وفي ظلّ التحديات التي تواجهها لغتنا الجميلة، في محاولة لطمس هويتنا، والقضاء على رمز سيادتنا ومعتقدنا، ووحدتنا.

وقد كانت هذه المبادرة من هندسة ثلة من أهل العلم، هم المشرفون على المدرسة العليا للأساتذة مثل الدكتور فوزي بن إبراهيم مدير المدرسة، والدكتورة زينة بورويسة رئيسة الملتقى، والأستاذ الدكتور بلقاسم مالكية رئيس اللجنة العلمية، إضافة إلى البصمة التي وضعها الأستاذ إبراهيم بن ساسي حلقة الوصل بين الجامعة وجمعية العلماء.
ولأهمية هذا اللقاء الذي اكتسى حلة علمية في الشكل والمضمون، فقد دعي إليه ثلة من أهل العلم وذوي الاختصاص، يتقدمهم وفد جمعية العلماء المتكون من رئيس الجمعية كاتب هذه السطور، والأستاذ محمد الهادي الحسني الداعية المتميز، والدكتور الشاعر المبدع عبد الملك بومنجل الأستاذ بجامعة سطيف.
كما ازدان الملتقى بثلة متميزة من الباحثين والباحثات من أمثال الدكتور لحسن دحو، و د/نبيل بوعاقبة، والدكتورة سعاد شرفاوي، ود/زكية عرعار، والدكتور حسين الأقرع، والدكتورة سميرة عمر، والأستاذة راضية قرفي، والدكتورة كلثوم مدقن، والدكتورة حميدة بوعروة وغيرهم وليعذرني من لم أذكر اسمه أو اسمها، ومما زاد الملتقى تألقا وإشعاعا، الإقبال الكبير من الطلبة والطالبات مما أضفى على النقاش العلمي جوا خاصا.
حظي اللقاء العلمي، بمختلف الجهود، في محاولة من الباحثين والباحثات، طرح الإشكالية اللغوية في وطننا الجزائر، مع العمل بمنهجية على تسليط الضوء على كلّ ما قد يعكّر صفو السير الطبيعي لمعضلة الإشكال اللغوي.
فبالإضافة إلى إبراز الجوانب المضيئة للعبقرية العربية من خلال لسانها، وتبيان كون العربية لسانا، وليست لغة فقط، مع التأكيد على الجانب الروحي، والمنهجي، والإعجازي، والموسيقي مما أكسب عربيتنا مقومات استقلالها الذاتي، دون إغفال جانبها البياني الصوتي ذي الإيقاع الخاص.
دقق الباحثون وعمقوا دراسة العقبات والأشواك المزروعة محليا وعالميا، في طريق ازدهار العربية، كلغة وطن، ولسان عقيدة، مؤهلة لقيادة الأمة نحو بناء المجتمع الأفضل.
أكدّ الجميع على رمز اللسان، الذي تمثله الهوية بوصفها تَعني وحدة الذات بمفهومها الفردي ووحدة الأمة بمفهومها الثقافي الحضاري، الإنساني.
ومن خلال تشخيص أعراض التأزم اللغوي ألحّ المحاضرون والمحاضرات على كشف المخططات الشيطانية المبذولة للتشويش على الاستقلال اللغوي بضرب الفصحة، ومحاولة القضاء عليها، لصالح لهجات نشاز، كالعامية، التي لا ترقى إلى مستوى الخطاب الإنساني العلمي أو العالمي.
وفي ثنايا التشخيص برز التأكيد على أنّ الاستقلال اللّغوي في ظلّ التحديات السائدة، يبقى مشروعا تحت التأسيس، يبحث له عن دعائم يقوم عليها، تكون مضادة للزلازل، وعن مؤسسين لهذا الاستقلال، يكونون محصنين ضدّ داء فقد المناعة الإيديولوجية أو الوطنية.
ومما تجدر الإشارة إليه أن العاملين في حقل تجسيد الاستقلال اللغوي لعربيتنا، منذ القديم إلى اليوم لم يكونوا عربا بفصيلة الدم، بل كانوا مسلمين بقريحة العقيدة، وجلّهم من العجم، بدءا بابن معطي الزواوي، وابن أجروم، وابن باديس الصنهاجي، وأبو يعلى الزواوي، وعثمان سعدي، وأحمد بن نعمان، ومفدي زكرياء، والقائمة طويلة جدا.
كما أن الدعوى إلى الاستقلال اللغوي في لغة الضاد قد حكمت بتهافت أطروحة الاستعمار ومهندسيه من المستغربين المندسين في ثقافتنا، تحت عناوين مختلفة مما يؤكّد القاعدة الهامة، وهي أن الاستعمار اللغوي هو مطية الاستعمار الفكري، والمقدمة الفاسدة للاستعمار السياسي.
لذلك انتهى المؤتمرون إلى أن من أدق أدوات الحفاظ على الاستقلال اللغوي، وصيانته من عبث العابثين، الحفاظ على القرآن نفسه بوصفه الضامن، لوحدة اللغة، وإبداعها، وثباتها، وإشعاعها ويكون ذلك بتفعيل دور المدارس والكتاتيب القرآنية في تنشئة الجيل الصاعد مزودا، بأدوات الانتماء الوطني، الحضاري المضاد لكلّ تيارات الهدم والتشويش.
إن من شأن هذه الملتقيات أن تعمل على شحذ العزائم وإعداد جبل واعٍ وساعٍ، زاحف بالمصاحف لإخراج لغتنا وحضارتنا من المتاحف.
كما أنّ الأمل معقود، على أن يتحوّل مثل هذا اللقاء العلمي المتخصص إلى ملتقى سنوي يتخذ له عناوين شتى لبحث مظاهر التخلف عندنا، والبحث عن أنجع السبل والوسائل للنهوض بثقافتنا. كما نأمل أن يُستنسخ مثل هذا اللقاء، لتحتضنه جامعات ومؤسسات ثقافية أخرى.
فالتهنئة من الأعماق للقائمين على المدرسة العليا للأساتذة في ورقلة على هذا الإنجاز العظيم، والفضل للمبتدي وإن أحسن المقتدي.

استقلال اللسان رمز لاستقلال الأوطان**

2023-01-30آخر تحديث: 2023-01-30

أ.د. عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة