فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3045.7
إعلانات


فانظر ماذا ترى.. ؟..   2022-09-05 مداني حديبي/ البصائر

حينما تمكن حب إسماعيل من سويداء قلب ابراهيم – عليهما السلام- ثار الخليل على خليله، وكره المزاحم، فأمره بذبحه، ليس أمرا مباشرا ولكن برؤيا منامية {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} ورؤيا الأنبياء لا يستأنس بها بل هي وحي وفرض
وإلزام، ومع ذلك البصائر ابنه ليؤسس للشورى وحرية الاختيار، فانظر ماذا ترى؟ قال {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}.
لم يستشره لنزهة أو سفر قاصد وإنما ليذبحه، ولا يذبحه رجل حاقد موتور، بل أب حنون عطوف، وليس أي أب، بل الخليل عليه السلام.
وليس أي نبي، بل رمز الرفق والحكمة والحلم في موكب الأنبياء، تدخل ليوقف العذاب عن قوم لوط ليمنحهم مهلة توبة، حتى نزل قوله تعالى اعرض عن هذا.
فكيف يقبل على ذبح مهجة روحه وقرة عينه وفلذة كبده، الطاهر النقي البريئ، بعد طول انتظار وعقم لزوجته وهرم {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ}؟!
وليس أي غلام، بل حليم، لو كان الغلام الذي قتله الخضر استشرافا، لهان الأمر، ومع ذلك استغرب موسى عليه السلام.
قال {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} هكذا على الفور بلا تلكؤ ولا تردد، شعاره عرفت فلزمت، افعل ما تؤمر، لم يقل له يا أبت تأكد من رؤياك، لو استشرت الوالدة، لو جمعت عقلاء عشيرتنا، لو تمهلت قليلا، حتى بين يدي الذبح لم يفقد أدبه ولا ذوقه، يا أبت. قمة الشجاعة والتماسك والأدب، افعل ما تؤمر.
قارن هذا الخلق العالي، بما يحدث من عقوق وإهمال وتخل وسوء أدب مع الوالدين.
جريج العابد نادته أمه وهو يصلي، فقال: أمي أو صلاتي؟ فدعت عليه أمه، فاتهم، وضربه الناس، وهدموا صومعته، فأين من استجاب للذبح لرؤيا، مع من يتقاعس ويتكاسل ويبرر مع واقع واضح بين مرير؟!
أين من بادر وضحى بروحه مع من يتوارى بعيدا بعيدا؟!
{سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، أي أدب سامق هذا؟!
لم ينسب الصبر والتماسك لذاته وعبقريته وخططه بل قيد كل شيء بمشيئة الله وتوفيقه ومنّه وكرمه، وذلك ديدن الأنبياء ينسبون كل حسنة وخير إلى رب العالمين؛ عقيدة وتأدبا وذوقا.
فهذا يوسف عليه السلام لم تكن قوة عفته ذاتية {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ}.
وحبيبنا صلى الله عليه وسلم أدبه ربه فأحسن تأديبه {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً}.
وهذا الخضر {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} قال ابن عطاء: إذا أراد أن يظهر فضله عليك، خلق فيك ونسب إليك.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة