فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 2946.93
إعلانات


رسالة عاجلة إلى مانع الزّكاة!.ل أ- د- سلطان بركاني2022/08/01

مع بداية عام جديد؛ يجلس التجار الحريصون على الحلال، لحساب نصيب الزّكاة الواجب في تجاراتهم، ويحصي أصحاب الأموال أموالهم ليخرجوا حقّ الفقراء الذي أوجبه الله في أموالهم.. حقّ لا يمثّل سوى 2.5 %، ينفق صاحب المال أضعافه في الكماليات؛ في لُعب الأطفال وزينة النّساء وجديد الهواتف المحمولة ومصاريف الفُسح والجولات، فضلا عن الأموال التي تنفق في المآكل التي يُرمى نصيب كبير منها في حاويات القمامة، والألبسة التي تتبدّل مع كلّ فصل!

هناك في الأمّة أصحاب تجارات وأموال وزروع يحرصون على أداء حقّ الله كلّ عام طيّبة به نفوسهم.. لكن، مع كلّ أسف، فهؤلاء أصبحوا قلة في زماننا.. وأضحى من يمنعون الزكاة ويتثاقلون في إخراجها يزدادون كثرة عاما بعد عام.. هناك مسلمون يصلّون الجُمعات في المساجد ويصلّون الصّلوات الخمس، لكنّهم لا يخرجون زكاة أموالهم، ومنهم من يخرجها كرها، ومنهم من يتأخّر في إخراجها ويتثاقل، ومنهم من يتخلّص منها فيعطيها غير مستحقيها!

هناك من يحصدون كلّ عام غلّة لا بأس بها من “الفريك” ولا يخرجون زكاتها، وهناك من يحصدون غلّة وفيرة من القمح ولا يخرجون حقّ الله منها.. وهناك من مرّت أعوام على تجاراتهم وهم إلى اليوم يتثاقلون ويسوّفون ويؤجّلون.. وهناك من كنزوا من الأموال الكثير، ولا يسألون عن حقّ الله فيها.. هناك من يتحايلون في إخراج الزّكاة، وهناك من يخرجون بعض الصّدقات وإذا سئلوا عن فريضة الزّكاة قالوا: “والله رانا نصدقوا”!

هكذا يتعامل بعض المسلمين مع ركن الإسلام الثّالث! الزّكاة التي قرنها المولى سبحانه بالصّلاة في 27 موضعا من كتابه، ولم تذكر منفصلة عن الصّلاة إلا في موضعين.. الزّكاة التي قاتل خليفة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أبو بكر الصدّيق مانعيها، وقال: “والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة”.. الزّكاة التي قال الله عن مانعيها: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ (التوبة: 34- 35).

يوجد من عباد الله من يمنع الزّكاة ولا يجد من ينهاه عن هذا المنكر الوبيل! ثمّ نتساءل عن سبب الغلاء؟ عن حبس المطر؟ عن كثرة الأمراض وكثرة الحرائق وحوادث المرور؟ يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: “ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القَطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا” (رواه ابن ماجه).

إنّه ما منع عبد الزّكاة إلا دفع الثّمن باهظا في الدّنيا قبل الآخرة.. حقّ الفقير الذي يرفض صاحب المال أن يخرجه طوعا، سيَخرج من ماله وصحته وصحة أهله وأبنائه كرها.. كم من رجل أصيب في حادث مرور مروّع وخرج منه معاقا لا يتحرّك وهو لا يدري أنّه إنّما عوقب بسبب منع الزّكاة! وكم من صاحب مال منع الزّكاة فتسلّطت عليه الآفات، احترق بيته أو احترقت أرضه، أو سلّط الله عليه اللصوص، ثمّ هو يسأل: لماذا كلّ هذا؟ كم من رجل منع الزّكاة فسلّط الله عليه مرضا خطيرا جعله ينفق أموالا طائلة أضعاف الزّكاة التي منعها، ومن دون فائدة.. كم من مسلم منع الزّكاة فجازاه الله في زوجته التي تسلطت عليه وأهلكت ماله في المحاكم ثمّ كان الفراق والشقاق؟ كم من مسلم منع الزّكاة فسلّط الله عليه أبناءه فأنفقوا المال في الشّهوات واللهو واللعب… يشهد لهذه الحقيقة ما روي في الحديث: “ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة” (رواه الطبراني في الأوسط).

يروي الدّاعية المشهور الشيخ أحمد القطان -رحمه الله- أنه يعرف رجلا غنيا جمع من الأملاك والأموال ما لا يحصيه إلا الله.. لكنه كان لا يخرج الزكاة.. يقول الشيخ: زرته لأنصحه وأذكره بالله وبأنّ الزكاة حق لله يجب أن يخرجه، وأنّها ركن من أركان الإسلام، وأنّها مطهرة للمال حافظة له، جالبة للبركة.. يقول: نصحته ببعض الكلمات الطيبة وخوفته بالله لعل الله يفتح على قلبه فيؤدي الرجل زكاة ماله.. لكنّي فوجئت به يرد عليّ بتهكم وسخرية ويقول: هل تريدني أن أخرج مالي هكذا؟ هل تريدني أن أخرج هذا المال الكثير وأنا الذي تعبت في جمعه؟ خوفه الشيخ من عقاب الله ونصحه وأبلغ له في الموعظة وانصرف وهو يدعو له بالهداية بعد أن أقام عليه الحجة.. يقول الشيخ: بعدها بمدة كنت في زيارة الى سوق السيارات المستعملة، ففوجئت بذلك التاجر يبيع سيارة زوجته في السوق وحالته سيئة جدا من الهزال ونقص الوزن حتى أنّي لم أعرفه إلا بصعوبة.. يقول الشيخ: بعدما خرجت من السوق ذهبت أسال عنه وماذا حصل له، فأخبروني أنه خسر تجارته وأصبح مدينا بديون كثيرة، حتى بيعت أغلب أمواله وأصبح يبيع أملاكه الخاصة من بيت وأثاث وسيارات حتى باع سيارة زوجته وأبنائه.

هذه عقوبة مانع الزّكاة في الدّنيا: خسائر وأمراض وهموم وغموم ومصائب.. أمّا بعد الموت، فالحساب أشدّ والعقاب أنكى.. يقول النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “مَن آتاه اللهُ مالًا، فلم يؤَدِّ زكاتَه، مُثِّلَ له ماله شُجاعًا أقرَعَ، له زبيبتانِ، يُطوِّقه يومَ القيامة، يأخُذُ بلِهْزِمَتَيهِ، يعني شِدْقَيه، ثم يقول: أنا مالُكَ، أنا كَنْزُك”، ثم تلا: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾” (آل عمران: 180).. ويقول النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أيضا: “ما مِنْ صاحِبِ ذهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يؤدِّي منها حقَّها إلَّا إذا كان يومُ القيامةِ، صُفِّحَتْ له صفائِحُ من نارٍ، فأُحمِيَ عليها في نارِ جهنَّمَ، فيُكوى بها جنبُه وجبينُه وظهرُه، كلَّما برُدَتْ أُعيدَت له، في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سَنةٍ، حتَّى يُقضَى بين العبادِ؛ فيُرَى سبيلَه؛ إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار…” (الحديث).

وبعد كلّ العذاب الأليم الذي يلقاه مانع الزّكاة في قبره ويوم القيامة.. إلى أين يُتوقّع أن يكون مصيره؟ يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: “مَانِعُ الزَّكَاة يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي النَّار” (رواه الطبراني).

ألا فاتّق الله يا من وسّع الله لك في رزقك ومتّعك بالصحّة والعافية.. اتق الله واحذر التهاون والمماطلة في إخراج الزّكاة.. احذر التحايل، فإنّ الله يعلم ما في نفسك.. الزّكاة مثل الصّلاة، لها وقت محدّد لا يجوز تأخيرها عنه؛ وقتها يحين بعد مرور 12 شهرا قمريا أي 355 يوما إذا تعلّقت بالتجارات والأموال والذّهب والفضّة والمواشي من غنم وماعز وبقر.. وتجب عند الحصاد إذا تعلّقت بالقمح والشّعير والفريك والفول والجلبانة، ولا يجوز لمن جنى المحصول وتجاوزت الغلّة 6.47 قنطارا أن يظلّ يماطل ويؤخّر إخراج الزّكاة بحجّة أنّه ينتظر أن يبيع الغلّة، أو بحجّة أنّ تكاليف الزّرع والحصاد كبيرة وباهظة، فالله تعالى يقول: ﴿وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾.. ليحسبِ المسلم حسابه، وليخصم تكاليف الزّرع وليخرج حقّ الله، وإن أراد ألا يتعب في حساب التكاليف فليخرج نصف العشر أي 5 %.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة