فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 2946.93
إعلانات


جريمة قتل الجزائريين في مظاهرة 17 أكتوبر 1961

جريمة قتل الجزائريين في مظاهرة 17 أكتوبر 1961

وثائق تفضح مسؤولية ديغول عن جرائم الاستعمار

محمد مسلم

2022/06/07

1970

شارل ديغول

لا تزال تفاصيل الوجه القبيح لفرنسا الاستعمارية لم تنكشف بالكامل، ما دامت السلطات في باريس تتستر على الأرشيف المحفوظ في أقبية وزارة الدفاع. سياسة التقطير في التعاطي مع هذا الملف تبقى سيدة الموقف رغم مرور ستة عقود على الاستقلال، والتزام الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، بالعمل على طي هذا الملف، الذي تسبب ولا يزال في تسميم العلاقات الثنائية.
الجديد في هذه القضية هو رفعُ الرئاسة الفرنسية السرية عن وثيقتين اثنتين تنطويان على الكثير من الحساسية، اطلعت عليهما الصحيفة الاستقصائية الفرنسية الشهيرة “ميديا بار”، تورطان الرئيس الأسبق الجنرال شارل ديغول، في التستر على جرائم ارتكبت في حق الجزائريين الذين تظاهروا في باريس في 17 أكتوبر 1961، مطالبين باستقلال الجزائر، فتم التعامل معهم من قبل الشرطة والجيش الفرنسيين بقسوة منقطعة النظير، تجاوزت حدود الوحشية والإجرام.
الوثيقتان تؤكدان أن قصر الإيليزي وعلى رأسه الجنرال ديغول، كان على علم بكل صغيرة وكبيرة بما حدث على ضفاف نهر السين بباريس، ومع ذلك لم يقم بما يمليه عليه القانون كقاض أول في الدولة الفرنسية، وإن حاول إبعاد اللوم عن نفسه من خلال تحريره رسالة دعا من خلالها إلى محاكمة “المجرمين” عن المجزرة التي راح ضحيتها المئات من الجزائريين، وفق مؤرخين فرنسيين مشهود لهم بالنزاهة، قضوا اختناقا في النهر الباريسي، وقتلاً برصاص الشرطة والجيش الفرنسيين، في مشهد يتناقض وقيم الجمهورية الفرنسية، التي تتحدث عن الحرية والمساواة والأخوة.
ووفق ما جاء في الصحيفة الفرنسية، فإن هذه الجريمة لا تزال تطارد الدولة الفرنسية إلى غاية اليوم، لأنها بقيت من دون عقاب، كما حاول المسؤولون في فرنسا، بداية من الجنرال ديغول إلى أدنى مسؤول في حكومته، التستر عليها، من خلال عدم الإتيان على ذكرها حتى في مذكراتهم، وفق المؤرخين، جيم هاوس ونيل ماكماستر، في كتابهما “باريس 1961”.
كل ما قام به الجنرال ديغول لإبراء ذمته من “جريمة الدولة” هذه، وفق الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة “ميديا بار” لا يتعدى رسالة محررة بخط يده تشير إلى أنه طالب بمعاقبة الجناة، كما تدخل لدى وزير الداخلية روجي فراي، من أجل العمل على مواجهة الانحرافات والتجاوزات التي تقع فيها قوى الدولة المسلحة.
ورغم الرسالة التي وقعها ديغول لمحاسبة المجرمين على جريمة نهر السين، إلا أنه لم تكن هناك متابعات قضائية ولا حساب للقتلة، ولا حتى قرارات فصل من العمل، حيث لم تتم إدانة أي شرطي على الإطلاق، وحتى إن المجرم موريس بابون، مدير الشرطة الذي أشرف على المجزرة وغطى عليها، بقي في منصبه، وكذلك وزير الداخلية روجي فراي.

المدعي العام حذّر من خطورة الإجراءات القانونية ضد المتورطين
وبخصوص الوثيقتين اللتين رفع عنهما الحظر، فالأولى هي عبارة عن مذكرة موقعة بالأحرف الأولى من اسم برنار تريكو، مستشار الجنرال ديغول للشؤون الجزائرية والشؤون القانونية في قصر الإليزيه، ويعود تاريخها إلى 28 أكتوبر 1961، أي بعد 11 يوما من قمع مظاهرات الجزائريين في باريس، وجاء فيها: “أبلغني مدير مكتب حافظ الأختام أن المدعي العام لمحكمة استئناف باريس والمدعي العام بمحكمة السين، جاءا لتحذيره من خطورة الإجراءات القانونية المتبعة بعد وفاة عدد من المسلمين الذين عثر على جثثهم بعد المظاهرات الأخيرة”، في موقف يتعارض ودولة القانون.
كما اعترف مستشار ديغول بأن عدد ضحايا المتظاهرين الجزائريين الذين قتلوا على يد الشرطة والجيش الفرنسيين، بلغ 54 قتيلا، (العدد الحقيقي أكبر من ذلك وفق فيدرالية الأفلان) منهم من أغرق ومنهم من تم خنقه، ومن من قتل رميا بالرصاص”، كما تحدث بيرنار تريكو، عن مباشرة إجراءات قضائية بالمناسبة، من “المحتمل أن تؤدي إلى استجواب بعض ضباط الشرطة للأسف”.

ديغول يوافق على محاكمة المجرمين صوريّا للاستهلاك الخارجي
الوثيقة الثانية وهي عبارة عن مراسلة موجهة للجنرال ديغول وقد استلمها وأشّر عليها، وهي موقعة بتاريخ السادس من نوفمبر 1961، وقد تحدثت عن “اكتشاف جثث عدد من المسلمين الجزائريين في منطقة باريس منذ 22 أكتوبر 1961″، وأحيط رئيس الدولة علما بأن “الادعاء ليست لديه عناصر كافية لدعم المتابعة”، وتضيف الوثيقة: “السؤال الذي يعرض نفسه على الحكومة هو، هل سنكتفي بترك الأمور تأخذ مجراها، وفي هذه الحالة من المحتمل أن تتعثر، أم أن على وزير العدل ووزير الداخلية إبلاغ القضاة وضباط الشرطة القضائية المختصة أن الحكومة تريد أن يلقى الضوء على الموضوع”.
وردا على التساؤل السالف ذكره، يقول بيرنار تريكو، مستشار ديغول: “يبدو من المهم للغاية أن تتخذ الحكومة موقفا في هذا الشأن، مع السعي في نفس الوقت لتجنب الفضيحة قدر الإمكان، وذلك ليعرف جميع المعنيين أن هناك أشياء لا ينبغي القيام بها وأنه لا يسمح لهم بها، أما إذا تصرفنا بطريقة أخرى، فسنبدو كأننا نسمح بأن تطور الشرطة أساليب تم الكشف عن خطورتها الشديدة في السنوات الأخيرة في تشكيلات أخرى”.
وبعد ذلك يسأل تريكو الرئيس ديغول: “هل يوافق على أن يتم التعبير عن وجهة النظر التي تم توضيحها للتو للوزراء المعنيين”، وهنا يرد ديغول بضرورة محاكمة المجرمين، مع تحميل وزير الداخلية مسؤولية ضبط تصرفات الشرطة لكن من دون التفريط في توفير الحماية لها.
غير أنه رغم تأكيد الرئيس الفرنسي على ضرورة محاكمة المجرمين، إلا أن أيا من الجناة لم يتابع قضائيا ولم يفصل من منصب عمله، بداية من وزير الداخلية، ومدير شرطة باريس، المجرم موريس بابون، ليتبين بعدها أن ما قاله ديغول كان من أجل الاستهلاك وفقط.

ماكرون تذكّر ضحايا النازية ونسي فظائع 8 ماي 1945 بالجزائر

تمثّل ذكرى 8 ماي 1945 بالنسبة لإيمانويل ماكرون، تاريخ تحرّر أوروبا من الفاشية. لكن يبدو أن الرئيس الفرنسي يتناسى ما ارتكبته بلاده في ذات التاريخ ضدّ الشعب الجزائري.

ماكرون نشر مساء الأحد 9 ماي 2022، تغريدة على تويتر يقول فيها: “في 8 ماي 1945، تحرّرت أوروبا من الفاشية. ومن مآس إنسانية فظيعة”.

ومن دون أن يشير إلى فظاعة ما ارتكبته فرنسا الاستعمارية بتاريخ 8 ماي 1945، ضدّ عشرات الآلاف من المتظاهرين المدنيين في الجزائر. قارن ماكرون أحداث الأربعينات بالأزمة الأوكرانية.

وتابع الرئيس الفرنسي في تغريدته:”بعد 77 عاما، أصبح السلام في قارّتنا على المحّك. بسبب روسيا، التي قرّرت أن تعتدي وتغزو بلدا مستقلا هو أوكرانيا”.

وقال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في كلمته بمناسبة إحياء ذكرى مجازر 8 ماي، إنّ ما عرفه الجزائريون في ذلك التاريخ “يشهد على مجازر بشعة، لا يمكن أن يطويها النسيان”.

وأضاف:”ستظل (ذكرى 8 ماي) محفورة بمآسيها الـمروعة في الذاكرة الوطنية، وفي المرجعية التاريخية التي أسس لها نضال شعبنا الأبي ضد ظلم الاستعمار”.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة