فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3041.12
إعلانات


الكاتب العالمي والشاعر العربي الكبير*فاروق جويدة* المحترم- يكتب في الاهرام

أمريكا بين المؤيدين والمعارضين

تعيش أمريكا الآن محنة قاسية لا تتناسب مع سيدة العالم وصاحبة الكلمة العليا فيه.. وقد تجمعت حولها الأزمات ما بين ثورة الطبيعة والمناخ وكارثة كورونا وآلاف الضحايا وعجز الحكومة الأمريكية فى مواجهتها.. وجاء الاجتياح الروسى لأوكرانيا ليكشف العجز الأمريكى فى مجالات أخرى عسكريا واقتصاديا وأمنيا.. وقبل هذا كله أخلاقيا حين تخلت عن شعب خذلته وهو يتعرض لكارثة واكتفت بأن تقدم له الدعم من بعيد..

ـــ إن الشيء المؤكد أن أمريكا قد فقدت الكثير من دورها ليس أمام روسيا فقط ولكن أمام أصدقائها فى أوروبا فلم تعد القوة القادرة على حماية الآخرين.. إن الشيء المؤكد أن اجتياح بوتين لأوكرانيا قد كشف العجز الأمريكى أمام الدب الروسى ورغم خسائر بوتين وقواته إلا أنه استطاع أن يهز بعنف سيدة العالم ويضعها أمام حقائق وحسابات جديدة..

ـــ قد يرى البعض أن الرئيس بايدن لم يكن على مستوى الأحداث فى معركته مع بوتين وأن بوتين كان أكثر وعيا وفهما ودراسة.. وأن التفوق فى دائرة القرار الروسى كان أكثر حسما وأن القرار الأمريكى أصابته حالة من الترهل والضعف فى ظل قيادة لم تكن على مستوى المسئولية.. وفى تقديرى أن الرئيس بايدن لا يتحمل وحده مسئولية ما حدث فى سلطة القرار الأمريكى لأننا أمام تراكمات طويلة من الأخطاء وصلت بأمريكا إلى ما وصلت إليه.. قد تكون فترة بايدن فى الحكم رغم أنها قصيرة قد كشفت خطايا من حكموا قبله..

ـــ إن أخطاء أمريكا قد بدأت يوم أن اقتحمت قواتها فيتنام لتكون واحدة من أكبر الهزائم العسكرية فى تاريخ القوة العظمي.. كانت تجربة حرب فيتنام درساً فى جرائم الحرب والتقديرات الخاطئة.. وللأسف الشديد تكررت صورة فيتنام فى العراق حيث قدمت أمريكا للعالم صورة من أسوأ صور الهمجية والاستغلال.. ولم تتوقف خطايا القرار الأمريكى عند ذلك بل كان احتلال أفغانستان وتدمير كل مقوماته، كانت تجربة أفغانستان استكمالا لجرائم الجيش الأمريكى فى دول العالم.. وفى الوقت الذى كانت أمريكا تحارب فيه فى العراق وأفغانستان كانت تشارك فى ضرب سوريا وليبيا مع قوات حلف شمال الأطلسى مع دول أوروبا.. إن جيوش أمريكا دمرت أوطانا كثيرة وأقامت قواعد عسكرية فى كل دول العالم ليس دفاعا عنها ولكن لاستغلال شعوبها..

ـــ إن أمريكا لم تكتف بالاحتلال العسكرى لشعوب العالم ولكنها حاولت استنساخ أجناس بشرية جديدة من خلال تشويه هويات الشعوب ثقافة ولغة واديانا وفرضت على العالم ثقافات جديدة بل وأديانا جديدة.. كانت العولمة محاوله لاستنساخ النموذج الأمريكى فى السلوك والعادات والفنون وأسلوب الحياة.. لم تنجح أمريكا فى مشروع الاحتلال العسكرى وفشلت فى فرض النموذج الأمريكى من خلال العولمة لتشويه هويات الشعوب واستنساخ بدائل لها.. كل هذه الأخطاء كانت وراء تراجع الدور الأمريكى وانهيار مشروعاتها التوسعية..

ـــ كان البترول من أهم واخطر ما حرصت أمريكا على أن يكون وسيلة للقوة والسيطرة.. لقد وقعت أمريكا فى خطأ فادح حين تعاملت مع دول العالم بشيء من التعالى الذى وصل إلى درجة الاستخفاف بشعوب لها حضارتها وتاريخها.. وكان ذلك سببا فى وجود حالة رفض من شعوب كثيرة للوصاية الأمريكية.. وانقسم العالم بين من يرفضون ومن يؤيدون..

ـــ كان موقف أمريكا من إقامة كيان غريب فى عالمنا العربى وتشريد الشعب الفلسطينى خارج أرضه خطيئة فى حق الشعوب العربية.. خاصة أن الدعم الأمريكى لإسرائيل تجاوز كل الحدود وقسم العالم العربى وخلق من إسرائيل مصدر تهديد للشعوب العربية.. إن الدعم الأمريكى لإسرائيل كان أكبر جريمة فى تاريخ العلاقات العربية الأمريكية..

ـــ لاشك أن أمريكا كانت من أسباب انهيار الاتحاد السوفيتى وكانت وراء تشتيت دوله.. وربما كان ذلك هو الثأر الذى انطلقت منه غضبة الرئيس بوتين ليعيد التوازن مع أمريكا بعد أن جردت الاتحاد السوفيتى من كل قدراته وجعلت روسيا تنزوى فى صفوف العالم الثالث.. إن انتفاضة بوتين ضد أمريكا والغرب ليست وليدة أحداث سريعة ولكنها مخزون من الرفض والغضب وربما الإحساس بالمهانة تجاه سياسة أمريكية فيها الكثير من الابتزاز والمهانة ولذلك كان الرد قاسيا وعنيفا..

ـــ إن الشيء المؤكد أن أمريكا خسرت كثيرا أمام العالم.. وبدأت شعوب العالم تعيد حساباتها وتراجع أخطاء الماضى واكتشفت أن أمريكا لم تعد قادرة على أن تحمى أحدا.. والدليل عجزها أن تنقذ أوكرانيا وهى تترنح أمام روسيا.. وأن أمريكا مصدر الحماية فى البترول قد فشلت أمام روسيا التى استطاعت أن تهز عرش البترول وتقف أوروبا تتسول أمام الغاز الروسي.. أما الدولار الأمريكى فلأول مرة فى تاريخه يخسر المعركة أمام الروبل وأن أهم مكاسب الرئيس بوتين كانت البترول وهزيمة الدولار..

ـــ إن خسائر أمريكا أمام أصدقائها وأعدائها كانت جسيمة.. وإذا أضفنا لذلك هزيمتها فى معركة البترول والغاز كانت أكبر وأن الدولار لم يعد سيد العملات.. وأن على سلطة القرار فى أمريكا أن تعيد حساباتها مع العالم ومع شعبه.. لأن أمريكا لم تعد كما كانت وعليها أن تكون أكثر إنسانية وتتواضع قليلا فقد خسرت الكثير ..

ـــ الخلاصة عندى أن أمريكا الدولة الأولى فى العالم ورئيسة مجلس إدارته لم تعد صاحبة الكلمة الأولى حتى وإن اختلف الناس على ذلك بين مؤيدين ومعارضين.. ولكن أمريكا رغم تراجع دورها سوف تبقى وأن البدائل يمكن أن تحتاج بعض الوقت خاصة إذا كانت الصين أو روسيا..

ـــ إن العالم مازال يحتاج إلى أمريكا, الجيوش التى تجوب البحار والاقتصاد القادر على تحقيق الاستقرار فى العالم والتكنولوجيا التى تنفرد بها والشعب المتعدد الأجناس والألوان والقدرات.. ولكن كل ذلك تنقصه سياسات واعية وحكيمة واحترام للشعوب وحقها فى أن تعيش بكرامة وأن تبقى أمريكا بلد الحريات كما كانت..

ـــ إن أمريكا أمامها خيارات كثيرة إما أن تغلق أبوابها وتترك العالم وتعيش لشعبها أم تصلح أخطاءها أو أن تدافع عما بقى لها من النفوذ والقوة.. والقرار يحتاج إلى قدر كبير من الحكمة والمسئولية.. فى أحيان كثيرة لم تعد أمريكا تؤمن بقيمة الأصدقاء وكثيرا ما تخلت عنهم واستبدلتهم بالعملاء.. ويبدو أنها خسرت الاثنين معا لأنها استعانت بحشود من المنتفعين.. فلا هم كانوا أصدقاء ولا كانوا عملاء ولهذا وقفت أمريكا وحيدة أمام عاصفة بوتين فى أوكرانيا..

ـــ لاشك أن الرئيس بوتين قد وضع أمريكا فى مأزق تاريخى لم تشهده من قبل.. ووضع أمامها خيارات صعبة وعلى القرار الأمريكى أن يختار وإن كان فى كل الحالات لابد أن يدفع الثمن.. إن أمريكا لم تعد أمريكا التى كانت وهناك أمريكا أخرى سوف تخرج وسط هذا الركام..

..ويبقى الشعر

سَيَأْتِى إِلَيْكِ زَمَانٌ جَدِيدٌ

وَفِيٌّ مَوْكِبَ الشَّوْقِ يَمْضِى زَمَّانِي

وَقَدْ يُحَمَّلُ الرَّوْضَ زَهْرًا ندياً

وَيَرْجِعُ لِلقَلْبِ عَطِرٍ أَلَامَانِي

وَقَدْ يَسْكُبُ اللَّيْلَ لَحْنًا شجياً

فَيَأْتِيكِ صَوْتِيٌّ حَزِينٌ الأَغَانِي

وَقَدْ يَحْمِلُ العُمْرُ حُلْمًا وَلِيداً

لِحُبِّ جَدِيدٍ سَيَأْتِى مَكَانِي

وَلَكِن قَلبَكِ مَهْمَا اِفْتَرَقْنَا

سَيَشْتَاقُ صَوْتِى.. وذَكْرَى حَنَانِي

***

سيَأْتِى إِلَيْكِ زَمَانٌ جَدِيدٌ

وَيُصْبِحُ وَجِّهِى خَيَّالًا عَبَرْ

وَنُقْرَأُ فِى الَّليْلِ شُعْرًا جَمِيلاً

يَذُوبُ حَنِينًا كَضَوْءِ القَمَرْ

وَفِيِّ لَحْظَةٍ نَسْتَعِيدُ الزَّمَانَ

وَنُذَكِّرُ عُمْرًا مَضَى وَاِنْدَثَرْ

فَيُرْجِعُ لِلقَلْبِ دِفْءُ الحَيَاةِ

وَيَنْسَابُ كَالضَّوْءِ صَوْتُ.. المَطَرْ

وَلَنْ نَسْتَعِيدَ حكايا العِتَابِ

وَلَا مِنْ أَحَبَّ.. وَلَا مِنْ غَدَرْ

***

أذَا مَا أَطَلَّتْ عُيُونُ القَصِيدَةْ

وَطَافَتْ مَعَ الشَّوْقِ حَيِّرِى شريدَةْ

سَيَأْتِيكِ صَوْتِى يَشُقُّ السُّكُونَ

وَفِيٌّ كُلُّ ذَكَرِيُّ جِرَاحُ جَدِيدَةٌ

وَفِيٌّ كُلُّ لَحْنٍ سَتُجْرِى دُمُوعٌ

وَتَعْصِفُ بِى كِبْرِيَاءَ عَنِيدَهْ

وَتَعْبُرُ فِى الأُفْقِ أَسْرَابَ عُمْرِي

طُيُورًا مِنْ الحُلْمِ صَارَتْ بَعِيدَةْ

وَإِنْ فَرَّقَتْنَا دُرُوبٌ أَلَامَانِي

فَقَدْ نَلْتَقِى صُدْفَةً فِى قَصِيدَةْ

***

سَتُعَبِّرُ يَوْمًا عَلَى وَجْنَتَيْكِ

نَسَائِمُ كَالفَجْرِ سَكْرَى بَرِيئَهْ

فَتَبْدُو لِعَيْنَيْكِ ذِكْرَى هَوَانَا

شُمُوعًا عَلَى الدّرب كَانَتْ مُضِيئَهْ

وَيَبْقَى عَلَى البُعْدِ طَيْفٌ جَمِيلٌ

تَوَدِّينَ فِى كُلِّ يَوْمِ مَجِيئِهْ

إِذَا كَانَ بَعْدَكِ عَنَى اِخْتِيَارًا

فَإِنَّ لقانا وَرَبِيٌّ مَشِيئهْ

لَقَدْ كُنْتِ فِى القِرَبِ أَغْلَى ذُنُوبِي

وَكُنْتِ عَلَى البُعْدِ أَحْلَى خَطِيئَهْ

***

وَإِنْ لَاحَ فِى الأُفْقِ طَيْفُ الخَرِيفِ

وَحَامَتْ عَلَيْنَا هُمُومُ الصَّقِيعْ

وَلَاحَتْ أَمَامَكِ أَيَّامُ عُمْرِي

وَحَلَّقَ كالغَيْمُ وَجْهَ الرَّبِيعْ

وَفِيِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِى الشِّتَاءِ

سَيَغْفُو بِصُدَرِكِ حُلْمٌ وَدِيعْ

تَعَوُّدٍ مَعَ الدِّفْءِ ذِكْرَيْ اللَّيَالِي

وَتَنْسَابُ فِينَا بِحَارُ الدُّمُوعْ

وَيَصْرُخُ فِى القَلْبِ شِئ يُنَادِى:

أَمَّا مِنْ طَرِيقٍ لَنَا.. لِلرُّجُوعْ؟

***

وَإِنْ لَاحَ وَجْهُكِ فَوْقَ الْمَرَايَا

وَعَادَ لَنَا الأَمْسُ يَرْوَى الحَكَايَا

وَأَصْبَحَ عِطْرُكِ قَيْدًا ثَقِيلاً

يُمَزِّقُ قَلْبِي.. وَيُدْمى خُطَايَا

وُجُوهٍ مِنْ النَّاسِ مَرْت عَلَيْنَا

وَفىِ آخِرِ الدَّرْب صَارُوا بَقَايَا

وَلَكِنَّ وَجْهَكِ رَغْمَ الرَّحِيلِ

إِذَا غَابٌ طَيْفًا.. بَدَا فِى دِمَايَا

فَإِنْ صَارَ عُمْرُكِ بَعدِى مَرَايَا

فَلَنْ تَلْمَحِى فِيهِ شِئ سِوَايَا

***

وَإِنْ زَارَنَا الشَّوْقُ يَوْمًا..وَنَادَى

وَغَنِيٌّ لَنَا مَا مَضَى..وَاِسْتَعَادَا

وَعَادَ إِلَى القَلْبِ عَهْدٌ الجُنُونِ

فَزَادَ اِحْتِرَاقًا.. وَزِدْنَا بعَادَا

لَقَدْ عَاشَ قَلْبَيْ مِثْلَ النَّسِيمِ

إِذَا ذَاقَ عَطِرًا جَمِيلًا تَهَادَى

وَكَمْ كَانَ يَصْرُخُ مِثْلَ الحَرِيقِ

إِذَا مَا رَأَى النَّارَ سَكْرَى تَمَادَى!

فَهَلَّ أَخْطَأُ القَلْبُ حِينَ اِلْتَقَيْنَا

وفَّى نَشْوَةَ العِشْقِ صِرْنَا رَمَادًا

***

كُئوسٌ تَوَالَتْ عَلَيْنَا فَذُقْنَا

بِهَا الحُزْنَ حِينًا.. وَحِينًا سُهَادَا

طُيُورٌ تُحَلِّقُ فِى كُلِّ أَرْضٍ

وَتَخْتَارُ فِى كُلِّ يَوْمٍ.. بِلادَا

تَوَالَتْ عَلَى الرَّوْضِ أَسْرَابُ طَيْرٍ

وَكَمْ طَارَ قَلْبِى إِلَيْهَا وَعَادَا!

فَرَغْمَ اِتِّسَاعِ الفَضَاءِ البَعِيدِ

فَكُمٌّ حِنَّ قَلْبِي.. وَغَنِيٌّ.. وَنَادَى!

وَكَمْ لِمَتَّه حِينَ ذَابَ اِشْتِيَاقًا

وَمَا زَادهَ اللَّوْمُ إِلَّا عَنَادَا!

قصيدة "كبرياء" سنة 2003


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة