فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3041.12
إعلانات


عين – فتحة – ألف!/الكاتب / سلطان بركاني

عين – فتحة – ألف!

الكاتب / سلطان بركاني

2021/12/080

خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها العالم الجزائريّ المشهور “بلقاسم حبّة” إلى بلاده ومسقط رأسه، رحّب الأساتذة والباحثون والطّلبة والغيورون على بلدهم ودينهم وأمّتهم بهذا القامة الذي يعدّ بحقّ مفخرة للأمّة الجزائرية والعربية والإسلامية، بإبداعه وتواضعه.. لكنّ ما حزّ في النّفوس هو الهامشية التي تعامل بها الإعلام مع الزيارة، بل إنّ الإعلام المحسوب على التيار العلمانيّ خاصّة تعامل مع الزيارة ببرودة غريبة، حتّى أنّ إعلامية متطرّفة كتبت على صفحتها تستثقل الزيارة وتتساءل عمّا جلبه من أسمته “حبّة” – تصغيرا لشأنه – للجزائر، أم إنّه جاء ليأخذ!
جريرة البروفيسور “بلقاسم حبّة” عند هذه العلمانية المتطرّفة وأمثالها، أنّه لا يتنكّر لهويته ولا يستغلّ المكانة التي وصل إليها للتقليل من شأن الدّين، ولم يسجّل اسمه في طابور المتبتّلين في محراب الفرنكوفونية. بل على النّقيض من ذلك، فهو يرى أنّ الفرنسية لم تعد اللغة المفضّلة للعلماء والباحثين، ولا يكاد يسمع بها في مراكز البحث العالمية.. ولا يزال الناشطون على مواقع التواصل يتداولون كلمة للبروفيسور يذكر فيها أنّه طُلب منه مرّة أن يلقي محاضرة علمية له في فرنسا باللغة الإنجليزية.
هؤلاء العلمانيون، لا يرفعون رأسا بمن يرفض تطويع العلم وتسخيره لخدمة الأجندات العلمانية العربية، بل ربّما لا أكون مبالغا لو قلت إنّ العلمانيين العرب -خاصّة- لا يرفعون رأسا بالعلم النّافع، إلا ما ظنّوه يخالف الدّين ويحرج المتشبّثين بشرائع دينهم وشعائره، من النظريات التي سرعان ما يثبت خطؤها أو خطأ دعوى معارضتها للدّين.
بعض هؤلاء العلمانيين يظهرون الاهتمام بتتبّع أخبار العلوم والاختراعات، لا لشيء إلا ليثبتوا دعوى كاذبة خاطئة مفادها أنّ العلمانيين -بكسر العين- يحتفون بالعلم والتطوّر والعمل للمستقبل على عكس الإسلاميين الذين يتشبّثون بالتراث والماضي، وهي الدعوى التي يكذبها واقع العلمانيين الذين لا هم في العير ولا في النفير؛ لا هم سلكوا طريق العلم وسجّلوا بصماتهم في ميادين الاكتشافات والاختراعات، ولا هم تمسّكوا بدينهم وقيمه التي تدعو إلى إعمار الأرض والنّظر في الآفاق.
العلمانية لا تُنطق بكسر العين، إنّما بفتحها، اشتقاقا من “العالم”، فأصلها “عَالمانية” خفّفت إلى “عَلمانية”، وهي في جذورها الغربية (Secularism) لا علاقة لها بالعلم، إنّما علاقتها بالدنيوية واللادينية، أي إنّ لها علاقة بالدّنيا والعالم في مقابل الآخرة والدّين، ومجمع اللغة العربية عند تعريفه للعلمانية قال: “العَلمانية مشتقة من العَلْم بمعنى العَالم أو الدنيا، والعَلماني هو خلاف الديني أو الكهنوتي” (المعجم الوسيط).
وكان الأديب المصريّ المعروف زكي نجيب محمود، كتب مقالا في جريدة الأهرام بتاريخ 17/ 12/ 1984م، عنوانه “عين – فتحة – عا” نبّه فيه الكتاب والأدباء إلى أنّ نطق “العلمانية” أو كتابتها بكسر العين خطأ فاحش، وأنّ الكتاب الذين يردّون على العلمانيين باعتبارهم ممثّلين للعلم، مخطئون في الجهة التي يناظرونها ويوجّهون إليها الكلام، لأنّه لا صلة للعلمانية بالعلم، إلا من باب أنّ العلمانية تدعو إلى إصلاح الدّنيا، والعلم أهمّ الضروريات الموصلة إلى هذه الغاية.
العلمانية تجعل العالَم – أو الدنيا – مصدرا ومعيارا للحقّ والصّواب؛ فما رآه النّاس حقا فهو كذلك، وما اتّفقت أغلبيتهم على تصنيفه باطلا فهو باطل! ولا اعتبار لديهم للقيم الدينية ولا حتى العقلية والعلمية في كثير من الأحيان! فإذا رأت الأغلبية أنّ الشّذوذ والإجهاض والزّنا والعري حقوق محترمة، فينبغي أن تصنّف كذلك، بل ويجرّم من يجرّمها استنادا إلى الدّين أو الفطرة أو العلم أو العقل! فمهما أجمعت الأديان على ذمّ خيار ما، ومهما أثبت العلم ضرره، فإنّ العلمانية لا ترفع بذلك رأسا ما دام “العالم” يراه حقا محترما!


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة