فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3050.2
إعلانات


من سجن الكُدية إلى جلبوع

من سجن الكُدية إلى جلبوع

                                             

حسين لقرع

2021/09/07

لم يفاجِئنا قطّ ما كشفته وسائلُ إعلام عبرية عن اتصال مسؤولين كبيرين بأجهزة السلطة الفلسطينية بالأمن الداخلي الصهيوني المعروف بـ”الشاباك” وعرضهما عليه “المساعدة” لإلقاء القبض على المسجونين الفلسطينيين الستّة الهاربين من سجن جلبوع المحصَّن، وإعادتهم إليه مجددا.

لم نُفاجَأ لأنّ سوابق السلطة الفلسطينية في “التنسيق الأمني” مع الاحتلال كثيرة جدا منذ توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993 إلى الآن، فقد ساهمت أجهزتُها الأمنية في اعتقال مئات المقاومين في الضفة الغربية أو حتى قتلهم، بعد أن أرشدت جنود الاحتلال إلى أماكن اختبائهم. وبفعل “التنسيق الأمني”، قُضي على المقاومة تماما بالضفة الغربية منذ سنوات، وأصبح جنودُ الاحتلال وأزيدُ من نصف مليون مستوطن ينعمون هناك بأمنٍ غير مسبوق ويعربدون في أراضي الفلسطينيين كما يحلو لهم.

ومنذ أيام قليلة، التقى الرئيس محمود عباس وزيرَ الدفاع الصهيوني بيني غانتس واتفق معه على أن يقدّم الاحتلالُ قرضا للسلطة لتخفيف ضائقتها المالية مقابل تعزيز “التنسيق الأمني” بين الطرفين، وقد لخّص عاموس غلعاد، رئيس الدائرة الأمنية- السياسية في وزارة الحرب الصهيونية هذا الوضعَ المخزي بقوله: “السلطة الفلسطينية هي جزءٌ من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، والتعاونُ بين السلطة وإسرائيل على مدار السنوات الماضية كنزٌ استراتيجي لإسرائيل لِما تقوم به من دور في إحباط (العمليات الإرهابية) وإفشالِ محاولات تأجيج مناطق الضفّة الغربية، وهو الأمر الذي يُلزِم إسرائيل بالعمل على منع انهيارها اقتصاديا”.

لذلك لا يخامرنا أدنى شكّ في أنَّ الأمن الفلسطيني سيتعاون مع الاحتلال في عملية البحث عن المسجونين الستّة، ولن يتوانى عن تبليغه فور العثور عليهم وإرشاده إلى أماكن اختبائهم، للقبض عليهم وإعادتهم إلى السِّجن مجددا باسم “التنسيق الأمني” الذي تعدّه السلطة “مقدَّسا” ورفضت التخلّي عنه حتى حينما تدهورت علاقاتُها بالاحتلال في السنوات الماضية، وقد افتخر مسؤولوها مرارا بإنقاذ أرواح محتلين صهاينة من خلال إحباط الكثير من عمليات المقاومة في الضفة.

ومع ذلك، فإنّ نجاح عملية هروب المسجونين الستة من سجن الاحتلال المحصّن بشمال فلسطين والمعروف باسم “الخزانة الحديدية” بعد حفر نفقٍ بعشرات الأمتار خلال بضعة أشهر، هو إنجازٌ غير هيِّن للأسرى الستة وللمقاومة، وإهانة للاحتلال، وضربة موجعة لهيبة أجهزته الأمنية والاستخبارية، بعد العملية الفدائية التي نفّذها مقاومٌ بطل منذ أيام على حدود غزة وقتل خلالها قنَّاصا صهيونيا، وهي عملية بطولية لم يتوان متتبّعون عن تشبيهها بعملية هروب مفجّر الثورة وقائدها مصطفى بن بولعيد وعددٍ من رفاقه من سجن الكدية بقسنطينة في نوفمبر 1955، ويحقّ للفلسطينيين في غزة والضفة تبادل التهاني وتوزيع الحلوى احتفالا بها.. لكنّ الأمر لم ينتهِ عند هذا الحدّ؛ إذ لا يزال المسجونون الستّة مطارَدين ولم يبلغوا مأمنهم بعد، ونأمل أن يتمكّنوا من الوصول إلى جنوب لبنان أو سوريا أو غزة، بدل دخول الضفة الغربية أو بلد عربي آخر. وفي جميع الأحوال، تحيّة إكبار وإجلال للمقاومة الفلسطينية وأبطالِها الأشاوس الذين يقدِّمون للعالم كلَّ يوم دروسا جديدة في الصمود والتضحية ويؤكِّدون أنّ المقاومة هي السبيل الوحيد لدحر الاحتلال وتحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، ويُثبتون أنّ تفوُّق جيش العدوّ لا يعني شيئا أمام عبقرية شعب الجبارين وأنَّ احتلالَه إلى زوال.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة