فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 3041.12
إعلانات


في ذكرى وفاة الأستاذ محمد الطاهر فضلاء الـمدافع عن مبادئ وأفكــار جمعيـــة العلمـــاء ورجالاتهــــا

في ذكرى وفاة الأستاذ محمد الطاهر فضلاء الـمدافع عن مبادئ وأفكــار جمعيـــة العلمـــاء ورجالاتهــــا

المحرر الأثنين 23 ذو الحجة 1442? 2-8-2021م

أ / الأخضر رحموني/

من منا من لا يعرف الأستاذ محمد الطاهر فضلاء أحد تلامذة الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس، والذي بقي وفيا لمبادئ وأفكار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وكان يتنقل بين المدن محاضرا و معقبا للتعريف بأعمالها الجليلة ومسيرة رموزها الخالدة.. رأيته لأول مرة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بمدينة قسنطينة، وقد جاءها للمشاركة في ندوة فكرية بمناسبة يوم العلم المخلدة لذكرى وفاة الشيخ ابن باديس يوم 16 أفريل 1940، ثم عرفته بمدينة بسكرة خلال المهرجان الشعري محمد العيد آل خليفة، وهو الذي كان العضو النشيط والبارز في اللجنة الأدبية التي قامت بجمع وطبع ديوان الشاعر في حياته بمبادرة من وزير التربية آنذاك الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي. كما كان مشاركا دائما في فعاليات الأيام العلمية المخلدة لذكرى وفاة الشيخ الطيب العقبي، الأولى المنعقدة بمسجد عقبة بن نافع بمدينة سيدي عقبة من ولاية بسكرة، والثانية بدار الثقافة أحمد رضا حوحو تحت إدارة الأستاذ حمزة بلحاج صالح.

كما جاءها يوم تشييع الشيخ محمد خير الدين، وألقى بالمناسبة القصيدة التي كتبها الشاعر الشيخ أحمد سحنون في توديع أستاذه بعد الكلمة التأبينية التي ألقيت من طرف الشيخ علي مغربي، وكانت الجموع تطالبه بإعادة بعض الأبيات الشعرية لتأثرهم العميق بمحتواها وبقوة الإلقاء، وأذكر أنه سلمني القصيدة بخط الشاعر من أجل تصوير نسخة منها، وهو يردد على مسامعي (حافظ على هذه الأمانة الغالية، إنها من تراث جمعية العلماء)، وسلمته بدوري صورة كنت قد التقطتها له في ملتقى الشيخ الطيب العقبي، وقد أعجب بها شاكرا هذا الجميل قائلا: «ستراها مثبتة في أحد كتبي القادمة».
ومن خلال قراءاتي لما كان ينشره في الصحافة، والاتصالات به يمكن القول أن الأستاذ محمد الطاهر فضلاء شخصية ثقافية وإصلاحية وفنية، كان يجذب المستمع إليه بصوته الجهوري القوي، وبلغته العربية الفصيحة السليمة، وبإشارة يديه التي تعلمها من فنون المسرح الذي سكن وجدانه ،حتى أصبح الهواء الذي يتنفسه، ومن خلاله دافع عن المقومات الحضارية للأمة الجزائرية. وسخر حياته للنضال في الميدان الفني حيث يعتبر رائد المسرح الجزائري باللغة العربية.
لا يخشى في قول كلمة الحق لومة لائم، حتى وإن كان من بين المقربين من توجهاته الفكرية والسياسية، كالأستاذ أحمد توفيق المدني الذي قام بالرد على مذكراته في كتابه: (حياة كفاح) بكتاب مماثل اختار له عنوان: (التحريف والتزييف في كتاب حياة كفاح)، وتتبعنا فصول المعركة التاريخية بينهما على صفحات الجرائد الوطنية لتلك الفترة. أو الشاعر عمر البرناوي الذي انبرى للرد عليه في سلسة من المقالات الجريئة بأسبوعية – الشروق الثقافي – حول مواقف الشيخ الطيب العقبي، أو حتى الدكتور أبي القاسم سعد الله بجريدة الشعب.
كما كان من المشجعين للمواهب المبدعة من خلال برنامجه الأسبوعي الإذاعي (مسرح الهواة)، وهو برنامج للتربية والتكوين المسرحي، وكنا نتابع فقراته المتنوعة مساء كل يوم اثنين. كان لا يبخل على أحد بوثيقة يطلبها لإثراء دراسة، خاصة الباحثين الجادين منهم، فقد كان يفتح مكتبته الخاصة لهم، ويزودهم بما يحتاجون إليه، فهو الذي وفر أعدادا من جريدة (الإصلاح) للشيخ الطيب العقبي الى الدكتور كمال عجالي عند إعداده رسالته الجامعية، كما أرسل بنسخ من مجلة (هنا الجزائر) إلى الصديق الأستاذ أحمد بن السائح ليرسلها بدوره إلى الدكتور أبي القاسم سعد الله بطلب منه يوم كان يقوم بإعداد موسوعته (تاريخ الجزائر الثقافي).
كما امتاز بالوفاء لشيوخه،فرغم تقدمه في السن وعلامات المرض الذي لازمه أبى إلا الحضور في الملتقى الدولي الأول المخصص للشيخ محمد البشير الإبراهيمي المنظم في قصر الثقافة بالجزائر العاصمة في سنة 2005. دون نسيان أنه أطلق اسم (باديس) على ابنه البكر- وهو مسرحي وحافظ على تراث والده بعد وفاته – تيمنا بأستاذه الشيخ ابن باديس.


المولد والدراسة
الأستاذ محمد الطاهر فضلاء بن محمد السعيد البهلولي الورتيلاني من آل البهاليل أولاد سيدي يدير أو الحاج شرفاء منطقة القبائل من مواليد قرية (تنبدار) التي تتربع في وسطها زاوية سيدي موسى الوغليسي في بني وغليس دائرة سيدي عيش من ولاية بجاية في 15 جمادي الثانية 1336ه الموافق لـ30 مارس 1918م.
حفظ القرآن الكريم على يد والده الشيخ السعيد أبهلول في زاوية سيدي موسى الذي كان مدرسا بها.
كما أخذ عنه المبادئ العلمية من فقه ونحو وصرف وعقائد.
في سنة 1935 سافر إلى مدينة قسنطينة وانضم إلى طلبة الجامع الأخضر ليتزود من معين الشيخ عبد الحميد بن باديس بالإضافة إلى الشيخ الجيلالي الفارسي والشيخ بلقاسم الزغداني وغيرهم.
كما تتلمذ في مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة التي أخذ منها طريقة التدريس و التدرب على الخطابة والإلقاء بتشجيع من أستاذه الشيخ الفضيل الورتيلاني.
وقد مكث في قسنطينة مدة ثلاث سنوات، ومنها انطلق يعلم بمدارس جمعية العلماء الحرة فعلم بعدة مدارس بالعاصمة منها:
– مدرسة (الهداية) بحي العناصرالتي أسستها الحركة الإصلاحية لجمعية العلماء بتأثير من الداعية الشيخ الطيب العقبي لمدة 06 أشهر.
ومدرسة (النصيحة) بحسين داي لأكثر من سنة، أنشأ خلالها فرقة رياضية باسم (النصر) وفرقة (المنى) للكشافة الإسلامية الجزائرية.
ومدرسة (الشباب) بأربعاء سيدي موسى، ومدرسة (الصادقية) بالمدنية.
الابتلاءات التي عرفها
لم يسلم مترجمنا من مضايقات الاستعمار الفرنسي التي تعددت أزمنتها وأوجهها. ففي المرة الأولى اعتقل يوم 9 ماي 1945 بسجن الحراش، ثم نقل الى وهران ليبقي مدة شهر في معتقل بوخامية، ولم يطلق سراحه إلا في سنة 1946.
واعتقل ثانية في 04 يناير 1959 مدة شهرين، ثم سجن في معتقل برباروس ومنه الى معتقل بني مسوس الى أن أفرج عنه في صيف سنة 1961.
التوجه نحو المسرح
تحول الاستاذ محمد الطاهر فضلاء الى الكتابة المسرحية، وشكل سنة 1943 فرقة أطلق عليها اسم (هواة المسرح العربي الجزائري) ساهم بها في نشر الثقافة العربية عن طريق تمثيل عدة مسرحيات وطنية وتاريخية منها: الصحراء- صلاح الدين – عنتر- بطل قريش- راسيوتين – ليلى بنت الكرامة – الدكتور كمال – زوجة من السماء – دموع الفقراء – الشاعر البطل وغيرها .هذا التوجه نحو التعامل مع النص المسرحي باللغة العربية أدى به الى مواجهة بعض الضغوطات والصراعات مع الجانب المناوئ له.
وانتسب إلى القسم العربي للإذاعة الفرنسية، وبفضل تواجده المميز على موجات الأثير فإنه خدم بذلك الجهد المتنوع قضايا الإسلام واللغة العربية ودافع دون هوادة عن تثبيت عناصر الهوية بما يبثه في الناشئة من حماس وطني فياض.
وبتشجيع من الأستاذ يوسف وهبي – مدير الفرقة المصرية الحديثة سنة 1954 – الذي كان يسعى لاستقبال نخبة من الشباب المسرحي الجزائري وإلحاقهم بمعهد التمثيل العالي بالقاهرة، سافر الأستاذ محمد الطاهر فضلاء رفقة محمد كشرود والباهي فضلاء ونظيرة فضلاء – زوجته – سنة 1954 إلى مصر وانضم إلى فرقة يوسف وهبي، فأخذ عن أعضاء فرقته سلامة الإلقاء وحسن الأداء.
وألف عدة روايات بالعربية، والتي ترجم بعضها إلى اللغة الدارجة المهذبة، كما اقتبس العديد من المسرحيات منها (دكان الأخلاق) عن رواية (أرض النفاق) للكاتب المصري يوسف السباعي، ومثلها في عدة مسارح جزائرية، ونالت إعجاب الجمهور، وكانت محل تقدير الجميع.
كما قدم نماذج من أعماله في مصر وليبيا والمغرب ولندن وباريس.
كتاباته
نشر الأستاذ محمد الطاهر فضلاء عدة محاضرات في مختلف المواضيع، وفي ميادين متنوعة في الصحف والمجلات الجزائرية مثل:البصائر في سلسلتها الثانية والثالثة – الإصلاح – المنار – مجلة هنا الجزائر.
الصحف التونسية: النهضة- الأسبوع – الزهرة- مجلة الكشافة.
الصحف المصرية مثل: مجلة الهلال – مجلة الفن – الأهرام – الأخبار
مجلة حضارة الإسلام – مجلة الموقف الأدبي السورية.
مجلة هنا لندن، ومجلة المستمع العربي الإذاعيتين في لندن.
صوت أمريكا الإذاعية في نيويورك مجلة العرب بباريس وجرائد ومجلات في العقود الأخيرة كالشعب والنصر والجمهورية ومجلة الثقافة.
نشاطه بعد الاستقلال
من أهم نشاطاته العمل ضمن لجنة الأقدمية في وزارة التربية مع الشيخ عبد الرحمان شيبان من أجل تسوية الوضعية الإدارية والمالية للمعلمين الأحرار.
ولما أدمج المعلمون الأحرار في إطار التوظيف العمومي عين أستاذا بالتعليم الثانوي في الثانوية التقنية بساحة أول ماي بالعاصمة.
انتدب إلى وزارة الإعلام والثقافة للإشراف على إدارة قاعة ابن خلدون بالعاصمة مدة ثلاث سنوات.
عين بمرسوم رئاسي حافظا للمكتبة المركزية بقصر الحكومة من جانفي سنة 1974 إلى آخر سنة 1988 وهي سنة إحالته على التقاعد.
أعماله المطبوعة
ألف الأستاذ محمد الطاهر فضلاء كتبا وروايات كثيرة تدور مواضيعها حول النهضة الوطنية، وتصب في خدمة الإصلاح، والإشادة بأعمال رجاله البارزين منها:
– كتاب: قال الشيخ الرئيس الإمام عبد الحميد بن باديس / مطبعة البعث بقسنطينة عام 1968.
– كتاب: الإمام الرائد محمد البشير الإبراهيمي في ذكراه الأولى عام 1966 / مطبعة البعث بقسنطينة عام 1967
– كتاب: الشيخ الطيب العقبي رائدا لحركة الإصلاح الديني بالجزائر / المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية –الجزائر -عام 1985 .
– كتاب: دعائم النهضة الوطنية الجزائرية: الإصلاح الديني – التعليم الديني – جمعية العلماء / مطبعة البعث بقسنطينة عام 1984.
– مسرحية تذكارية: الإمام عبد الحميد بن باديس وأوثان الاستعمار /المكتبة العصرية للأنصاري بيروت لبنان عام 1975.
– كتاب: التحريف والتزييف في كتاب حياة كفاح- مطبعة البعث بقسنطينة عام 1982 .
– كتاب: المسرح تاريخا ونضالا – جزآن- / دار هومة – الجزائر – عام 2000.
-كتاب: الشيخ محمد خير الدين: آثاره ومآثره / دار هومة – الجزائر –عام 2000.
– ديوان: السحر الحلال / دار هومة – الجزائر –عام 2006.
-كتاب: الشيخ السعيد أبهلول الورتلاني في مجموعة من رسائله ومجالسه وفتاويه / دار هومة –الجزائر –عام 2004 -كتاب: مقامات في مقالات، جمع وتصحيح باديس فضلاء / دار هومة – الجزائر – علم 2018.
التكريمات
تولى الأستاذ محمد الطاهر فضلاء مناصب علمية وثقافية كثيرة منها:
– العضوية في اتحاد الكتاب الجزائريين.
– الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعد عودتها لنشاطها في عهد الشيخ أحمد حماني.
– منحته وزارة المجاهدين وسام تقدير المقاوم.
– تسلم شهادة تقدير من رئيس الجمهورية الأسبق الشاذلي بن جديد في أول نوفمبر 1987.
– تم تكريمه من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في يوم الفنان بوهران في 05/06/2000.
– كرمته جمعية الجاحظية برئاسة الروائي الطاهر وطار في 17/02/2000.
وفاته
توفي يوم الثلاثاء 12 جمادي الثانية 1426 الموافق ل 19 جويلية 2005. ودفن في اليوم الموالي بمقبرة سيدي امحمد بالعاصمة. وقد قام بأداء صلاة الجنازة عليه الشيخ الفقيه محمد شارف (إمام و خطيب الجامع الكبير سابقا)، وأبّنه الشيخ عمار مطاطلة – النائب الأول لرئيس جمعية العلماء، والذي تشرف بالتتلمذ معه على الشيخ ابن باديس، ثم تلاه وزير الشؤون الدينية والأوقاف الأسبق الدكتور أبو عبد الله غلام الله بكلمة عرفت بجهوده الإصلاحية والتربوية.
قالوا عنه
قال عنه الشيخ عبد الحميد بن باديس نقلاً عن الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: «تلميذ ناشئ لكنه يتوقد غيرة على اللغة العربية و آدابها ولئن داوم على الدراسة ليكونن منه خير كبير».
قال عنه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: «ظهر لي في الأستاذ محمد الطاهر فضلاء ما ظهر للإمام المبرور، فقذفت به في خضم حركة المدارس، معلما ومنظما ومديرا ومؤسسا، وما استكفيته في عمل من أمر التعليم أو الإدارة إلا كفاني، وبرز على أقرانه في الدعاية للعربية بقوله وفعله».
قال عنه الشيخ عبد الرحمن شيبان: «يكتب الأستاذ محمد الطاهر فضلاء من منطلق مبادئ تشربتها روحه، وارتضاها عقله، واطمأن إليها قلبه، فلا مماراة عنده ولا مجاملة، فيما يراه حقا أو باطلا، وهو في ذلك صارم حتى مع نفسه، بحيث أنه مستعد لمخاصمة قلبه نفسه، لو رآه تجنى وانحرف، وقد سجل ذلك شعرا في ديوانه ‘’السحر الحلال’’.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة