فضاءات جنين بورزق

جنين بورزق

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
حجيرة ابراهيم ابن الشهيد
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 2946.93
إعلانات


بــــــــين شعبـــــــين…الشاعرة والكاتبة / أ. ليلى لعوير /

بــــــــين شعبـــــــين…

المحرر الأثنين 6 جمادى الأولى 1442? 21-12-2020م

الشاعرة والكاتبة / أ. ليلى لعوير /

فكّرت طويلا فيما أكتب هذا المساء، فلم أستطع أن أهرب من وجع القدس وشبابُه يصارع تكنولوجيا الموت بالسكّين ويصرخ في وجه العالم: لا تزال بعضٌ من نخوة العرب هنا، على أكناف بيت المقدس، تكتب تاريخها العميق، وتسجّل حضورها للأجيال بأضعف الإيمان، لتؤكّد أنّ العدوان المنتشي بغفلتنا سيَزُول. سيَزُول، ولو جُنِّدَت له كل تِرْسانات الكون، لأنّ القلوب التي تأبى الذّل، هي وحدها القادرة على تغيير مجرى الحياة، ولنا في نوفمبر ـ الألق الدائم ـ عبرة.
فالشعوب العظيمة هي تلك التي تقاوم، لأجل البقاء، وتأبى عليها نخوتها، بيع الأوطان، والمتاجرة بشرفها، كي ينتشي غيرها، ويُصرّح بعدها، بأنّ انتصَاره، هو بعضٌ من إنجازات الخيانة.
ولذا كان الشباب، وسيبقى، بضاعة الحياة الكريمة، إذا تعلّق الأمر بالوطن، ف: رائد جردات، ودنيا أرشيد، وباسل، وآيات الأخرس وتغريد،.. وغيرهم كثُر، هم في صورة أخرى: العربي بن المهيدي ومصطفى بن بولعيد، وزيغود يوسف، وجميلة بوعزة، وفضيلة سعدان، ومريم بوعتورة… بل كل ما سجّل التاريخ من أسماء مضيئة غابت ليضيء الوطن.
والحديث عن أمثالهم، هو حديث عن النماذج الإيجابية التي فلسفتْ معنى التّسخير الإلهي (وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون) بما يفيد معنى الرّسوخ والتجذّر في الأرض الحرّة، على اعتبار أنّ الأرض المغتصبة لا صلاة فيها إلا بالتّطهير، ومن ثَمّ قاوموا معنى التّهجير الإنساني المفتوح على: أنا وبعدي الطوفان، وأعطوا معنى آخر للحياة، موصولا بقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات دون أرضه فهو شهيد )، لتصبح الحياة بهذا المنطق أرقى، ولذا لا نستغرب تضحيتهم، لأن أبعاد الوطنية عندهم، هي أن يعيش من يأتي بعدهم في أمان، ومن يملك مثل هذه الروح، حقيق به أن يكون رمزا في أذهان الأجيال، إذ شتان بين من يبخل بتمرة وبين من يعطي روحه ثمنا لبقاء كرامة الإنسان، وكرامة الإنسان الحرية.
لطالما أبكتني تسابيحهم، وتصريحاتهم، وعدم اكتراثهم بالموت، ولكن زادني تقديرا لهم، إيثارهم لعزة تحت الأرض، على ذلّ فوقها، وكم مرّة سألت نفسي من أي طينة هم، وأنا أستحضر زغاريد الأمهات الجزائريات، ورباطة جأش الآباء الجزائريين إبّان ثورة التحرير، وهو يُزفّ إليهم نبأ استشهاد أبنائهم، ورؤية الأمهات الفلسطينيات والآباء الفلسطينيين يلبسون نفس الصورة التي تتكرّر بكل التفاصيل، أثناء انتفاضة السكّين وغيرها من الانتفاضات والمقاومات، ليتأكّد لي أنّ الأرض البكر ترفض الرِّجْل الثيّب، فكيف بها إذا كانت أرض فلسطين.
حين أستحضر هذين النّموذجين: الفلسطيني والجزائري تحضر معي كل تفاصيل المقاومة لشعبين أبيّين، قالا: لا، لكل أنواع الذلّ والاستعمار، وأُدرك لماذا يُحْمَلُ العلم الجزائري مع العلم الفلسطيني على السّواء، في أرض المقدس، حيث النَّفَسُ المُوحّد، والحب الكوني الأوحد، لمهبط الرّسالات، نقطة التاريخ المتحرّك في كل الأمصار.
وأدرك معها أنّه، مهما نبش المغرضون في تاريخ أبطالهم، فسيبقى الأبطال، حكاية الروح المجيدة، الّتي تتسامى على كل تشويه، لأنّها ببساطة تلفظ بقايا الطين، وتهنأ هناك بعيشة كريمة حيث البهاء والنّور.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة