فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1619.56
إعلانات


الـــدرس الــــذي لا يُــنــســى! (3)-- د. موسى عبد اللاوي * /

الـــدرس الــــذي لا يُــنــســى! (3)

المحرر السبت 27 ذو القعدة 1441? 18-7-2020م

د. موسى عبد اللاوي * /

فرفعتُ يدي إلى السماء مبتهلاً متضرعا، منكسراً مستسلماً، ذاكراً داعياً، مناديا قائلاً: يا الله * يا الله *
يامَنْ يرى ما في الضمير ويسمعُ *** أنت المُعِدُّ لكل مـــــا يُتَوَقَّعُ
يا مَن يُرجى للشدائد كلهــــــا*** يامَن إليه المشتكى والمُفْـزَعُ
يا من خزائن رزقه في قول كن ***امنُنْ فإن الخير عندك أجْمَعُ
مالي سوى قرعي لبابك حيلــــة *** فلئن طُرِدْتُ فأيّ بابٍ أقْرَعُ؟!
مالي سوى فقري إليك وسيلــــة *** وبالافتقــار إليك فقريَ أدفعً
ومَن الذي أدعو وأهتفُ باسمه*** إن كان فضلك عن فقيرك يُمْنَعُ؟
حاشا لمجدك أن تُقَنِّطَ عاصيا*** الفضل أجزل والمواهبُ أوسعُ
وجعلتُ معتمدي عليك توكلا*** وبسطتُ كفيّ سائلاً أتَضَـــــرَّعُ
وبحقِّ مَن أرسلْتَهُ وبَعَثْتَـــــــهُ*** وأجَبْتَ دعوةَ مَنْ بـــه يتشفّــعُ
اجعل لنا من كل ضيق مخرجا *** والطف بنا يامَن إليه المرجع]
بعدها هدأت النّفس، واشتغلتُ بالأوراد والأذكار، والتفكُّر في العمر، وما انقضى منه، وما يدَّخره لي الغيب من امتداد أو قِصَر، وهاجت عواصف النّدم مني على التفريط في جنب الله، وتفويت الأوقات في غير طائل، والاحتطاب من حبل الزخارف الفانية، وشيء من الاغترار بالعلم والعمل وبسطة الدنيا، فما وزن كلِّ هذا أمام لدغة الآلام وترقُّب الموت؟!
وتدبرت القرآن الكريم فتراءتْ لي منه المقاصد والمعاني، ها هي آي الذكر الحكيم ماثلة ناطقة خرجت من المصحف، وارتسمت عند طريح الفراش: ?مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ? [الحاقة: 28، 29]، عسى ألا ينطبق باقي الآية على الصادق في حبِّه، المفرِّط في حقه ?لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ? [الصافات: 61].
?أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ? [الزمر: 56].
وقلت لنفسي
لو لم يكن من فوائدِ المحن إلاّ هذه الإنابة الخاشعة لكفى المؤمن، فإن ثقتي في وعد الله، أكثر منها في مهارة القاضي الذي احتار في هذه القضية.. !!
وماذا فقَدتُ إن خرجتُ من محنتي برصيد وافر من الإيمان الصادق، أو غادرتُ الدنيا وأنا مُخبِتٌ منيب، أُحسنُ الظنَّ بربِّي، قد تخلَّيتُ عن المزاعم والادعاءات، ورأيت الحقائق رأي العين، فعرَفت قدري، وأيقنت بحجمي الضئيل، فتخفَّفتُ من الأسباب، وأقبلتُ على معاني التجريد مستغيثا برب الأرباب,، مناديًا ربّي بما يحبُّ سماعه من عباده:
ربي: ?أنيِّ مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ? [الأنبياء: 83].
?لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ? [الأنبياء: 87 ] (يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتك أستغيث).
(إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي).
كما استعذبتُ دعاءَ إخواني لي بظهر الغيب، وأنست به، لَيْتَهُم يذكرونني في صلواتهم؛ لعلَّه في حال عافيتي أذكَّرهم بالله ولو مرة واحدة. لأن المؤمن أمره كلّه خير وليس ذلك لأحد إلاّ للمؤمن..
قلت مرة أخرى مخاطبا نفسي: فانظري ما الذي استخلصتيه من هذه المحنة رحمك الله.
يقول الله تبارك وتعالى:(وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 141].
يتبع…


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة