فضاءات بشار

بشار

فضاء الجمعيات والعمل الجمعوي

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1579.48
إعلانات


ثروة الصحراء الزراعية وصون بيئتها / أ د. عمار طالبي /

ثروة الصحراء الزراعية وصون بيئتها

المحرر الأربعاء 3 ذو القعدة 1441? 24-6-2020م

أ د. عمار طالبي /

استبشرنا هذه الأيام بالعمل الزراعي في صحرائنا، فإن الأرض سواء كانت تلاًّ أو صحراء هي أمّنا، وفضاء وجودنا، وما فيها من حيوانات، ونباتات، مخلوقات وأمم مثلنا، كما قال الله تعالى: ?وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم..?[الأنعام/38]، فالنمل أمة، والنحل أمة، وكل الكائنات التي تدب على الأرض، وتحيا بها وفيها أمم أمثالنا، لها نظامها، وإنتاجها، وفوائدها، في أن تصان، ويحافظ عليها، وبعدم تدميرها والعدوان عليها.
إننا نشاهد اليوم تعاظم الأخطار التي تهدد البيئة، مثل تلوث الماء، والهواء، وندرة المياه، وارتفاع درجة الحرارة، واستنزاف طبقة الأوزون التي تحفظ الأرض، وما بها من كائنات، وتضاؤل الغابات، وهجوم الصحراء على باقي الأرض الخصبة، وهذا كله إخلال بالتوازن في النظام البيئي، وإضرار بالمقومات الحيوية من غذاء، وماء، وهواء، وصحة أبدان وأنفس.
ونحن نرى أن «الفلسفة الإيكولوجية Ecological philosophy»، التي عُنيت بأخلاقيات البيئة، وعلاقة الإنسان بالأرض باعتبارها علاقة أخلاقية، ولكن الفلسفة الغربية اليوم فلسفة تدمير للبيئة، وإفساد في الأرض، والبحر، والجو، وكل الكائنات، ولا همّ لها إلا الإنتاج، والاستهلاك، وفقدت موادعة الطبيعة، والتعايش معها، والتعاطف مع جوانبها المختلفة، فظهر ما نهى القرآن عنه من إهدار القيم، والإفساد في الأرض، كما قال تعالى: ?ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ?[الروم/41]. هذا الإفساد من ارتكاب الإنسان، وعدوانه على مخلوقات الله الأخرى، بما في ذلك مختلف المواد، والمعادن، غير الحية.
والله تعالى جعل نظام الكون نظاما متوازنا، يحكمه قانون الميزان كما قال تعالى: ?وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ، أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ?[الرحمن/7-9]، وقوله: ?..وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ?[الحجر/19].
فهذا التوازن والانسجام بين رفع السماء والأرض والرواسي (الجبال)، والنبات الذي يخضع للميزان، فهو موزون في كل شتى أنواعه في الأرض وأجناسه، وجاء البشر فاعتدى على هذه الأشياء الكونية الموزونة، فأحدث فيها خللا وإفسادا، وهو ما نعانيه اليوم من تلوث هواء المدن، ومياه البحار، والمياه السطحية في الأرض، وينابيعها، بما تقذفه المصانع، والسيارات، والنفايات، بكميات هائلة، تسمّم الأرض، وتدمّر حياة الإنسان، ولعل هذا الذي يهاجمنا اليوم من بلاء الفيروس الذي سمي كورونا، نشأ بسبب سلوك الإنسان مع عناصر بيئته، وانتهاك حرمتها في الصين، وغيرها.
والله بارك في الأرض وقدّر فيها أقواتها للإنسان، ?.. وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ..?[فصلت/10]، و?الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى? (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى??[الأعلى/2-3]، و?وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ..?[يس/39]، و?..وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا?[الفرقان/2]، ?..إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ? قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا?[الطلاق/3]، ?..وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ? ذَ?لِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ?[الأنعام/96]، ?..وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ? ذَ?لِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ?[فصلت/12]، ?..وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ?[الرعد/8]، ?وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ?[الحجر/21]، ?وَالَّذِي نَزَّلَ مِـــــــــــــــنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ..?[الزخرف/11]، ?إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ?[القمر/49].
فكل شيء من الموجودات الحية وغير الحية من السماء والأرض خلق بميزان، وبمقدار، فهي موزونة، مقدرة بموازين ومقادير متسقة، متعادلة سواها الله وقدّر مقاديرها، وهداها إلى وظائفها.
والإنسان مدعو لأن يعمرها وينميها ويحترمها فلا يفسد توازنها، ولا حرثها، ولا نسلها.
فالجزائر اليوم مدعوة إلى عمارة الصحراء وزراعتها وإيقاف امتدادها إلى الشمال، ولا يكون ذلك إلا بزراعة الأشجار، لإنبات غابات تحمي الصحراء، وتوقف امتدادها، وقبل كل هذا، الحفاظ على مياهها، وبخيراتها الكامنة لإنتاج كفايتنا من الغذاء لحياتنا، وحياة الحيوانات التي ينبغي أن نستثمرها كما نستثمر الأرض، إن الأرض أمّنا ينبغي أن نحسن إليها ونحبّها، ونعطف عليها كما نحب، ونعطف على أمهاتنا اللاتي ولدننا وأرضعننا بلبانهن، وعطفهن، وحبّهن، ورعايتهن الرعاية الكاملة.
ندعو مرة أخرى بكل إلحاح أن نستأنف الحزام الأخضر بكل اهتمام ورعاية وجدية، كما هو مسطر من قبل، وكان إيقافه من أكثر العبث.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة