فضاءات بشار

بشار

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1619.56
إعلانات


نصائح للأمة… لـمواجهة جائحة الكورونا /د. يوسف جمعة سلامة *

نصائح للأمة… لـمواجهة جائحة الكورونا

المحرر الأربعاء 22 شعبان 1441? 15-4-2020م

د. يوسف جمعة سلامة *

أخرج أبو داود في سننه عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – كان يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ).
هذا الحديث حديث صحيح أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الصلاة، باب في الاستعاذة.
من المعلوم أن الحياة الدنيا دارُ ابتلاء واختبار، فمن سرَّه زمن ساءته أزمان، فالإنسان معرَّض للشدائد حيناً، والفرح والسرور حيناً آخر، وتلك هي سنة الحياة، كما في قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
والإنسان الذي يعمر الإيمان قلبه، يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى دائماً في السراء والضراء، يشكره على نعمائه ويسأله العون وتفريج الكروب، لأن ثقته بالله عظيمة، وأما غير المؤمن فيضعف أمام الشدائد، فقد ينتحر، أو ييأس، أو تنهار قواه، ويفقد الأمل، لأنه يفتقر إلى النزعة الإيمانية، وإلى اليقين بالله.
وبلادنا العربية والإسلامية تتعرض كباقي دول العالم لجائحة (كورونا)، ونحن في ظلّ هذه الأزمة يجب علينا الأخذ بالأسباب والالتزام بالتعليمات، وأن نكون متيقنين أن الله سبحانه وتعالى هو الحافظ والشافي (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)، فالأوبئة تكون ثمّ تهون، وكم مِنْ أوبئة حَلَّتْ ثم اضمحَلَّتْ، وتَوالتْ ثم تَولّتْ، فعلينا أن نكون متفائلين، وأن نثق دائمًا بفرج الله سبحانه وتعالى.
فضل التضامن والتكافل
إنّ السعي على مصالح الناس والعمل على قضاء حوائجهم من أسمى الطاعات وأفضل العبادات وأعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، فقد أمرنا ديننا الإسلامي الحنيف بضرورة التعاون على البرّ والتقوى، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، فإذا ما حلَّ بالمجتمع وَبَاءٌ أو غلاءٌ أو حاجة، فإن الواجب على أفراد المجتمع أن يتعاونوا على سَدّ حاجة المحتاجين ويتكاتفوا لقضاء حوائج الفقراء والمساكين، فقد أثنى رسولنا –صلى الله عليه وسلم- على الأشعريين الذين كانوا في وقت الحاجة يتضامنون فيما بينهم، يتضامن صاحب السَّعة مع المحتاج، كما جاء في الحديث أنّ رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ).
فهذه دعوة للأغنياء والموسرين والتجار والمحسنين، نقول لهم: اليوم هو يومكم، فأنتم مَنْ سترسمون البسمة على الشّفاه المحرومة، وَتُدخلون السرور على القلوب الحزينة، ولكم مِنّا خالص الدعاء بأن يحفظكم الله من كلّ مكروه، وأن يبارك لكم في أموالكم وأهليكم، اللهم آمين يا رب العالمين.
وَبَشِّرِ الصابرين
إنّ الصبر عنوان الإيمان الصادق وبرهانه، ومن المعلوم أن الإيمان نصفه شكر على النّعماء، ونصفه صبرٌ على البأساء والضراء، فالصبر ضياء للإنسان في دنياه وآخرته؛ لذلك فإن جزاء الصّبر عطاء من الله بغير حساب في الآخرة، وهو في الدنيا ضياء في الأحداث، وثبات يُكَفّر الله به الذنوب ويفتح باب الفرج القريب.
ونحن في هذه الأيام والعالم يواجه جائحة (كورونا) بحاجة إلى أعظم زاد، إلى كتاب الله الكريم، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، ورسولنا وقدوتنا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا حَزَبَهُ أمرٌ قال: (يا بِلالُ،أرِحْنابالصَّلاةِ).
إنّ الصبر نصف الإيمان، والتحلّي بالصبر من شِيَمِ الأفذاذ، فاصبرْ وما صبرُكَ إلا بالله، اصْبِرْ صَبْرَ واثقٍ بالفرج، كما جاء في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَنِ الطَّاعُونِ، فَقَالَ: «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِي بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ، وَيَمْكُثُ فِيهِ لاَ يَخْرُجُ مِنَ البَلَدِ، صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيد).
قال الإمام الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث السابق: (… كما اقتضى منطوقه أنّ من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد وإن لم يمت بالطاعون).
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ
أخي القارئ: نحن في هذه الأيام أحوج ما نكون إلى التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء خاشعين مُتَذَلِّلين، أن يكشف عنّا وعن شعبنا وأمتنا والعالم أجمع الوباء والبلاء، فالدُّعاء مَلاَذُ كلّ مكروب وأملُ كلّ خائف وراحةُ كلّ مضطرب، وهو من أعظم العبادات التي ينبغي للمسلم أن يعتصم بها خاصةً في أيام المِحَنِ والشّدائد.
وحقٌ علينا جميعًا أن ندعوَهُ سبحانه وتعالى في الشّدةِ والرَّخاءِ والسَّراءِ والضَّراءِ، ونفزعُ إليه في المُلِمَّاتِ ونتوسّلُ إليه في الكُرباتِ، حينها يأتي مَدَدُهْ ويصِلُ عوْنُه، ويُسْرعُ فرجُهُ ?أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ?(10).
ومن الجدير بالذكر أن كُتب السنة النبوية الشريفة قد اشتملت على أحاديث كثيرة تُسهم في تفريج الهمّ والغمّ والكرب والحزن، منها :
عن أَنَسِ بْن مَالِكٍ -رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم –: (اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ).
وعن سعد بن أبي وقاص –رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم –: (دَعْوَةُ ذِى النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِى بَطْنِ الْحُوتِ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين،»فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ في شيء قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
وعن أَبِى بَكْرَةَ -رضي الله عنه – أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قال: (دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو؛ فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ،لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ».
لذلك يجب علينا أن تكون ثقتنا بالله سبحانه وتعالى عظيمة، فهو على كل شيء قدير.
ما نزل بلاء إلا بذنب… ولا رُفِع إلا بتوبة
من رحمة الله سبحانه وتعالى أن فتح باب الأمل والرجاء أمام المذنبين، ليتوب مسيئهم ويثوب إلى رشده شاردهم، فيدُ الله -عز وجل- مبسوطة بالعفو والمغفرة لا تنقبض في ليل ولا نهار، تنشد مذنباً أثقلته المعاصي يرجو الأوبة بعد طول الغيبة، وَمُسيئاً أسرف على نفسه يرجو رحمة ربه، وفاراً إلى مولاه يطلب حسن القبول، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِه).
إن باب التوبة مفتوح، وإن رحمة الله واسعة، فما عليك أخي القارئ إلا أن تعود إلى محراب الطاعة، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
أخي القارئ: لن تتحقق تلك النتيجة المأمولة في مكافحة فيروس (كورونا) إلا بتكاتف الجميع، والالتزام بكل الإجراءات التزامًا تامًا، فالمسألة مهمة جدًا، فهي حياة أو موت، فلا تهاون في تطبيقها.
نسأل الله تعالى أن يُمتعنا جميعاً بالصحة والعافية، وأن يصرف عنا وعن أمتنا والعالم أجمع الوباء والبلاء، إنه سميع قريب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

* خطيب المسـجد الأقصى المبـارك
وزير الأوقاف والشئون الدينية السابق


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة