فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1619.56
إعلانات


أين هو الشعب؟ عبد الناصر بن عيسى صحافي..الشروق

أين هو الشعب؟

عبد الناصر بن عيسى صحافي.. ومدير مكتب الشروق الجهوي بقسنطينة

ح.م

2019/07/31

 

الموقف المخزي، الذي قابلت به السلطة والشعب معا، المحرقة التي طالت غابات الجزائر أو رئتها الصغيرة المحروقة في جسد يمتد من الصحراء إلى الصحراء، أكّد أن الحَراك الشعبي الذي تمنيناه بردا وسلاما علينا، وثورة وعي وإحساس بالمسؤولية، ودفاعا عن ثروات البلاد، لم يحقق إلى حد الآن ثماره، وأكد أن الجزائر في حاجة إلى حَراكٍ ذهني وفكري، يضع كل فرد أمام مسؤولياته، حتى لا يبقى المتهمون أو الصامتون عن قول الحق أو الذين يرفضون أن يغيّروا المنكر بأيديهم وبألسنتهم، في موقف الضحايا.
يعلم أهل القانون والقضاة الذين زجّوا بعددٍ من أفراد العصابة في غياهب السجون، بأن الساكت عن الجريمة أو الذي لا يبلّغ عنها، مشاركٌ فيها، ويطاله العقاب مثل مرتكبها، وللأسف، فإنَّه في جريمة حرق الغابات وإبادة الثروة النباتية والحيوانية بهذا الشكل المريع، كلنا متورِّطون، مع سبق الصمت واللامبالاة.
لا أفهم كيف يثور المواطنون على انقطاع الماء والغاز وطلبا لمساحات اللعب وتوفير أماكن الراحة والعمل.. وكل ذلك من حقهم، ولا يثورون على إبادة آلاف الهكتارات من النبات وفصائل من الحيوانات التي خلقها الله لتحيى، فاخترنا لها الهلاك حرقا؟ لا أفهم كيف تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي وعيا لتطالب الناس بمقاطعة شراء السيارات وكل ما غلا ثمنُه في بلادنا، ولا أحد يطالب بمقاطعة شراء الفحم أو أكل الشواء المطهوّ على الفحم، وهم يعلمون بأنه غنيمة الحرب على الغابة؟ لا أفهم كيف ترسل الدولة الطائرات إلى الخرطوم وإلى القاهرة لدعم فريق الكرة، ولا ترسل خراطيم المياه الطائرة لقهر النيران؟ وكيف يتجمَّع الجزائريون بالملايين ليحتفلوا بفوزٍ في لعبة كرة القدم، ولا يعلنون الحداد على غابات منحتهم الجمال والأوكسجين والطيور والحيوانات البرية وآوت المجاهدين والفنانين وكبُرت مع أطفال جرجرة والأوراس ومنحت من لونها لعلم الجزائر، وسلمت روحها لبارئها في جريمة اختلطت فيها النار، بنار اللامبالاة؟
الصمت المطبق إلى درجة العار، الذي تابعت به السلطة والشعب معا عملية الحرق “الممنهجة”، التي حوّلت جرجرة وغابات سكيكدة وبجاية وغيرها إلى رماد، بيّن مدى حقدنا على أنفسنا وعلى أبنائنا، فمن غير المعقول أن تثور كينيا بكل أطيافها من أجل إنقاذ الفيلة وتسنّ قوانين ردعية تُدخل كل قاتل فيل، ضمن دائرة الجنايات، وأن يحمي البرازيليون أدغال الأمازون بقوانين قد توصل من يحرقها إلى الإعدام، ويبقى الجزائريون بأهل القانون والسياسة والأمن وجمعيات البيئة والناس جميعا يتفرَّجون وكأنهم غير معنيين، وكأن هذه الرئة لا تنتمي إلى جسدٍ واحد مصاب بالمرض في كل أجزائه.
قيل قديما إن الأغنام تقضي عمرها كاملا، وهي خائفة من الذئاب وتستأنس بالرعاة، ولكن سكين الذبح يأتيها من الذي كان يرعاها، ويبدو أن الغابات التي استأنست بنا من الصحراء الزاحفة وحاولت أن تحمينا، قد طالتها ثقاب كبريتنا، فكنا نحن الذئب ونحن الراعي الذي أكل شياهه، وبين الشجر المحروق والذئاب التي أكلت الأخضر، حان الوقت لطرح السؤال المؤلم: أين هو الشعب بعد أن عرفنا الإجابة عن مكان الدولة؟


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة