فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1619.56
إعلانات


لا قضاء على الفساد إلا بالكثير من الحكمة والسداد/ أ. محمد العلمي السائحي

لا قضاء على الفساد إلا بالكثير من الحكمة والسداد/ أ. محمد العلمي السائحي

المحرر الأربعاء 23 شوال 1440? 26-6-2019م

من فضل الله علينا، أنه سبحانه وتعالى، نبهنا من غفلتنا، وجعلنا نلتفت إلى ما كنا نحيا فيه من فساد، وقد كنا إلى عهد قريب نعتبر ما كان يجري أمرا طبيعيا تماما، وأن دولتنا من خيرة الدول، فكان حالنا كحال المحكوم عليه بالحبس الانفرادي، الذي تسلل إليه جرثوم خطير أخذ ينخر جسمه من الداخل فأخذت قواه تنحل وجسمه يذوي ويهزل، والكل عَلِم بما حل به إلاّ هو، لأنه لا يملك مرآة تعكس له صورته، حتى يعلم بما طرأ عليه من تغير، ولو أنه تمكن من العلم بحاله، لحمله ذلك على بذل ما بوسعه لتغيير مآله، إذ العلم بالحال شرط لتحسين المآل، وإذن فإن انتباهنا لحالة الفساد التي كنا عليها ولدت لدينا الإرادة للتصدي للفساد، الذي تجلى في الملاحقات القضائية التي طالت الكثير من موظفي الدولة من الوزير إلى المدير، وهو أمر أثلج صدور الكثير من الناس، ورحبوا به أيما ترحيب، لكن الحقيقة التي لا ينبغي أن يغفل عنها الكلّ، هو أن الفساد لا يقضى عليه بمجرد التخلص من المفسدين وحدهم، بل هو يتطلب أكثر من ذلك بكثير، وأعني بذلك أننا مطالبون بحصر أسبابه ومعرفة دواعيه، والعوامل الداعية له والمشجعة عليه، ولو أننا فعلنا ذلك لتبين لنا أن من أهم الأسباب المؤدية للفساد والمحرضة عليه في بلادنا، أننا لم نضبط طرق الكسب المشروع، ولم نسن قانونا يفرض على المواطن أن يبرر لنا كسبه، ويفسر لنا كيف آلت إليه ثروته، مما جعل الأفراد يركزون على الغايات ولا يلتفتون إلى الوسائل في اكتساب أرزاقهم، وبناء ثرواتهم، فاستباحوا أخذ الرشوة والاختلاس، والسرقة، والاتجار بالمخدرات، فانحطت قيمة العمل، وفقد الجهد معناه، ولم يعد محل التقدير الاجتماعي، وحل محله الثراء الفاحش، وبذلك أصبح الذين جمعوا ثرواتهم بركوب طرق غير مشروعة هم محل التقدير والإعجاب، فجرنا ذلك إلى عالم الفساد الذي لا معالم له ولا حدود، وانتشرت عدواه في البلاد وأصابت لعنته الكثير من العباد، وانعكس ذلك على منح الصفقات، وإنجاز المشاريع، وزاد الطين بلّة، أننا شرّعنا من القوانين ما يشجع على الفساد ونهب المال العام، حيث سوَّيْنا في العقوبة بين ناهب المليار، وسارق الدينار، وعليه فإن محاربة الفساد تقتضينا التنقيب عن أسبابه، فبمعرفتنا لها نتمكن فعلا من سد بابه، وقطع الطريق على أصحابه.

فالقضاء على الفساد يتطلب فعلا الكثير من الحكمة والسداد…

فالشاعر الحكيم قد قال قديما:

لا تقطع ذنب الأفعى وترسلها

إن كنت شهما فاتبع رأسها الذنبا


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة