اليوم 20 أبريل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم
اليوم 20 أبريل 2017 م
وبالتأريخ الميلادي
في مثل هذا اليوم من عام 571 م وُلد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإن شئت فاقرأ شاهد ذلك :
******************
[[ ولـد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 ابريل سنة 571 م .
هذا هو نص خلاصة التقرير الموثق المحقق الذي سجله محمود باشا الفلكي رحمه الله تعالي في عام ( 1858 م ) ، أي منذ أكثر من مائة وخمسين عاما ، وذلك في بحث قيّم له ،، طبعته ونشرته الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ضمن إصداراتها :
( الكتاب الثالث في جمادي الأول سـنة 1389هـ الموافق يوليو سـنة 1969 م ) ، بعنوان :
( التقويم العربي قبل الإسلام وتاريخ ميلاد الرسول وهجرته صلى الله عليه وسلم ) .
وقد كان آنذاك الإمام الأكبر الشيخ الجليل الأستاذ دكتور/ عبد الحليم محمود ، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله تعالى هو الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ، وقدم لهذا الكتاب القيّم تقديما استوعب أربع صفحات ، واصفا إياه بأنه بحث رائع ، وإسلامي مبتكر ، فيه عمق وأصالة .
ومما قاله رحمة الله عليه :
[ والمتصفح لهذا البحث الرائع يحس مقدار الجهد المبذول فيه من المؤلف ، كما يرى سداد الفكرة وإلهام البصيرة ، ويلمس الروية والأناة في البحث عن الأسانيد الصحيحة فيما يرجح ويناقش من أخبار وآراء ،
وإذا كان ما يختاره المؤلف هو من قبيل الاستنتاج ، فإنما هو قد أصبح حقيقة بعد تواكب الأقوال وتوافقها ، والبحث في مجموعها واختيار الأرشد منها ،
وحرصا منه على العمل الأكاديمي لم يكرر آراء غيره ، ولم يكتف بالمسح الميداني ، وإنما نفذ إلى أعماق المشكلة ، ورجع إلى أمهات المراجع العربية والأجنبية ، وناقش علماء المسلمين وغيرهم ،، كشفا للمسألة ، وتقليبا للأمر ، وتوسيعا للرؤية ، فكانت النتيجة طيبة ، وكان السداد من الله ،
وحسب المغفور له محمود باشا الفلكي أن يحقق الحكمة القائلة بأن قيمة الإنسان الصحيحة ليست في الحقيقة التي يمتلكها أو يظن أنه يمتلكها ، بل في الجهد الدائب الذي وهب نفسه له في أن يسعى وراء الحقيقة ، فضلا عن إصابة كبدها ]
****************
من هو محمود باشا الفلكي ؟
ترجم الأستاذ الفاضل السفير/ محمود صالح الفلكي ، الوكيل الأسبق لوزارة المالية والاقتصاد ، وعضو المجمع العلمي المصري السابق لجده محمود باشا الفلكي ، فذكر أنه وُلد في عام ( 1815م ) ، في بلدة الحصة بمديرية الغربية بمصر
ثم ذكر نشأته ومراحل تعليمه ، وما اتسم به خلالها من نبوغ وحب للعلم ، حتى تخرجه من مدرسة المهندسخانة ( كلية الهندسة الآن ) ، إذ كان أول دفعته ، فعُيّن بها مدرسا للرياضيات
وفي أثناء ذلك ترجم كتابا في علم التفاضل والتكامل ، من الفرنسية التي كان يتقنها جيدا إلى العربية ، فكان أول كتاب من نوعه باللغة العربية .
وشغف بعلم الفلك ، فدرس فنونه وأعماقه حتى الإجادة ، ومن ثم عُين أستاذا للرياضيات والفلك ، كما عُهد إليه بإدارة المرصد الفلكي الملحق بالمدرسة .
ثم بُعث به إلى باريس ، حيث درس هناك على أيدي علماء الطبيعة والفلك ، وأتيحت له فرصة زيارة كثير من الدول الأوربية .
وعكف على عدة بحوث فلكية وجيوفيزيقية ذات قيمة عالية ، مما جعل المجلات الأوربية تسارع إلى نشر أبحاثه ، فلفت أنظارعلماء أوربا .
وفي هذه الفترة بالذات ، وتحديدا في عام ( 1854 م ) ، توجه إلى ألمانيا وبلجيكا لزيارة مراكز الأرصاد ، لأجل قياس شدة المجال للمركبة الأفقية للقوى المغناطيسية الأرضية في ثلاثين مدينة أوربية .
وقدم رسالة بنتيجة أبحاثه إلى أكاديمية العلوم البلجيكية ، فنشرتها له في مطبوعاتها ، ضمن الأبحاث المتوّجة للعلماء الأجانب .
ومن هنا زاعت شهرتُه ، وعلا صيتُه عالما فلكيا في الأوساط العلمية الأوربية .
ومن بعدها عهدت إليه الحكومة المصرية بمواصلة الأبحاث في بريطانيا ، فقام بعمله خير قيام ، وكتب نتائج أبحاثه ، فطبعتها أكاديمية العلوم البلجيكية تحت عنوان ( أبحاث ودراسات متوجة لعلماء أجانب ) .
وفي العام نفسه نشرت له مجلة ( أكاديمية العلوم ) بباريس بحثا يختص بمنطقة باريس وما حولها .
ثم حان وقت الاتجاه نحو خدمة دينه القويم ، متسلحا بما حازه وحصّله من علم غزير ، فوضع في عام ( 1858 م ) رسالة فلكية ، هي الأولى من نوعها في تحقيق ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذا موعد هجرته النبوية الشريفة
كما أرفق برسالته دراسة مستفيضة في التقويم العربي قبل الإسلام .
ونُشرت هذه البحوث الفلكية في العام نفسه باللغة الفرنسية في المجلة الآسيوية التي كانت تصدرها أكاديمية العلوم البلجيكية .
ثم عاد العلامة إلى وطنه مصر ، فمنح رتبة ( البيكوية ) ، وانتُخب عضوا في المجمع العلمي المصري ( الذي صار وكيلاً له ، ثم رئيسا فيما بعد ) ، كما انتُخب وكيلا للجمعية الجغرافية المصرية ، ثم رئيسا لها في أواخر حياته .
هذا وقد خلّف هذا العملاق المصري الكبير تراثا علميا عظيما ، تفخر به مصر والعروبة والإسلام في عصرنا الحالي ، وذلك بعد أن مثل بلده في المؤتمر الجغرافي الدولي بباريس في عام ( 1875 م )
ثم في المؤتمر الجغرافي الدولي في فينيسيا في عام ( 1881م) ،، وهو العام الذي منح فيه رتبة ( الباشوية )
ثم إنه قد تولى وزارة المعارف المصرية مرتين ، كانت أخراهما من يناير عام ( 1884 م ) إلى يوم وفاته في 19 يوليو من سنة ( 1885 م ) ، رحمة الله عليه .
وأما عن تقريره المحقق الموثق بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد ولد في يوم الاثنين ( 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سـنة 571 م ) ،، الذي هو بيت قصيدنا ، فقد استعرض في سبيل تحقيقه وتوثيقه عددا كبيرا من الروايات والأقوال والتفسيرات المتعددة المتعلقة بذلك ،
وغني عن الذكر أن منها كتب السيرة ، و كتب الحديث ، و كتب التاريخ ،، فضلا عن غيرها من الكتب ، من مثل :
السيرة الحلبية ، والجفر الكبير للإمام الخلال ، ومروج الذهب ، ومجمل التواريخ للمسعودي ، ومختصر التواريخ لابن أبي إلياس المعروف باسم العميد ، وكتاب القرانات لأحمد بن عبد الجليل ، وأسرار الكواكب ، وما كتبه المؤرخون ، فضلا عن المخطوطات العربية المتعددة ، وذلك بالإضافة إلى ما كتبه الفلكيون الغربيون ، مما جاءت الإشارات إليها في الكتاب .
ثم إنه استعرض الجداول الفلكية ، فبحث فيها ، وقارن بينها ، حتى انتهى إلى إثبات وتسجيل حساباته ونتائجها بالضبط الدقيق
واختتم بحثه ، مسجلا بكل ثبات ويقين التحديد الدقيق الموثق المحقق ليوم ميلاده صلى الله عليه وسلم .
وبيانه بالنص الآتي :
[[ إن الاجتماع الحقيقي للقمر قد حدث طبقا لجداول لارجو المختصرة في العاشر من أبريل سنة 571 م السـاعة 9 والدقيقة 41 تقريبا بعد منتصف الليل ، بحساب الزمن الوسط لمكة،
وما كان يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة إلا يوم 11 مساءاً ،،،
وإذن فإن الشهر القمري العربي الموافق ، لا بد أنه ابتدأ يوم الأحد 12 أبريل ،
وقد ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم طبقا للآراء الجديرة بالثقة يوم ( 8 أو 10 أو 12 ) من الشهر القمري ،،
وكان يوم ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين ، كما هو المتفق عليه بإجماع الآراء ،
ولما لم يكن بين يوم 8 ويوم 12 من هذا الشهر القمري يوم إثنين إلا يوم 9 منه ،
فإننا لا يمكننا أن نعتمد غير هذا اليوم ، يوما لميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ،
وإذن ،، فإني أختم هذا البحث مقررا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد ولد يوم الاثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سنة 571 م ]] . آهـ
فصلوات ربنا تبارك وتعالى وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله بما هو أهله وبما أنت أهله ، ما طلعت شمسُ الدنيا وغربت ، وسبّح لله تعالى كلُّ شيء خلقه .
هذا والله أعلى وأعلم ،
ويحسن في كل حال وحين الحمد لله رب العالمين .
انتهى وكتبه أستاذنا الفاضل : صلاح جاد سلام