فضاءات أولاد حمدان

أولاد حمدان

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
محمد الغوات
مسجــل منــــذ: 2012-10-18
مجموع النقط: 24.38
إعلانات


الرحل

محمد الغوات

الرحل بين المراعي و التزكيات السياسية

إذا كانت ظاهرة الرحل، تلك الفئة الاجتماعية البدوية الاصل، المتخصصة في تربية المواشي، التي تجبرها على الترحال من مكان الى آخر بحتا عن المراعي الشاسعة والغنية بالعشب والكلأ، من أجل تلبية حاجيات هذه المواشي ، قد فرضتها ظروف واقعية مختلفة، كالجفاف و قلة المراعي ومنابع المياه أو بعدها عن السكان وغيرها، وهي عوامل طبيعية، حولت هؤلاء الرحل الى ظاهرة اجتماعية / اقتصادية، جعلت الرحل يتأقلمون مع كل الظروف الجديدة، وفي ترحالهم حافظوا على تقاليدهم وعاداتهم، بل تشبتوا وتمسكوا بها، حيثما حلوا وارتحلوا، فظلوا لمبادئهم وقيمهم وأعرافهم أوفياء مخلصين.

فإنه مقابل هؤلاء الرحل العظماء الأوفياء ، الذين أعتبرهم جزءا من التراث الشعبي لكل بلد، نجد رحلا آخرين، ولدتهم ظروف ومصالح سياسية شخصية برغماتية محضة، جعلتهم يترحلون وينتقلون ليس بين المراعي، ولكن بين الأحزاب السياسية، وليس بحثا عن العشب و الكلأ العادي، بل عن كلأ من نوع آخر، يسمى مجازا بكلأ المقعد البرلماني، إنهم الرحل السياسيين، الذين أنتجوا ظاهرة سياسية سلبية تسمى بالترحال السياسي، تلك الظاهرة التي لوثت المشهد السياسي المغربي.

فعلى بعد ايام معدودة من موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، سالت لعاب الكثير من الكائنات الانتخابية، بسبب مرض عقدة الكرسي ، وخصوصا الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان، حيث حاصرهم قانون الأحزاب السياسية والقانون المنظم لمجلس النواب، من جهة، و تزكية أشخاص على رأس لائحة الأحزاب التي فازوا باسمها في الانتخابات التشريعية الجارية ،وهي على وشك النهاية، مقابل حرمانهم من التزكية لأسباب معينة ، فلم يجدوا بدا سوى التحايل على القوانين المنظمة، عبر تقديم استقالتهم من مجلس النواب، لكي يتمكنوا من الترحال الى أحزاب أخرى، والترشح تحت رايتها.

و هكذا استقبل مكتب مجلس النواب، خلال الاسابيع الماضية، عدة استقالات من برلمانيين، فضلوا الترحال السياسي، على الوفاء للأحزاب التي فازوا باسمها خلال الولاية التشريعية الحالية ، متنكرين غير معترفين بجميلها، المعنوي والمادي طيلة ولاية تشريعية كاملة على بعد شهر واحد، وغير مقتنعين بولاية واحدة، بل يريدون حماية كرسهم ، بأية وسيلة ، حتى وان كانت على حساب الناخب، ومنهم من يهيئ وريثا له لهذا الكرسي البرلماني.

وحسب القانون المنظم لمجلس النواب، فإنه قد تمت احالة تلك الاستقالات على أنظار المجلس الدستوري ، الذي وجد نفسه أمام واقع قانوني مر، ولم يتمكن من منع ظاهر الترحال السياسي، وأعلن عن شغور عدة مقاعد لنواب برلمانين.

وبحكم اختتام مجلس النواب للآخر دوراته العادية ، من جهة، واقتراب موعد الانتخابات التشريعية، التي ستجرى يوم 7 اكتوبر المقبل، من جهة أخرى، فإنه لن يعلن عن انتخابات تشريعية جزئية ، ولن يتخذ أي من الإجراءات الرامية إلى ملء هذه المقاعد الشاغرة.

والسؤال المصيري الذي سيظل يشغل بال المواطنين، الذين ينمحون اصواتهم لمثل هؤلاء النواب، هو الى متى ستسمتر ظاهرة الترحال السياسي، التي تساهم فيها الأحزاب نفسها، وخصوصا تلك التي تبحت عن أي مرشح يتمتع بحظوظ الفوز. ولا يهمها برنامجه الانتخابي، ولا نبض الشارع وغضبه، بقدر ما يهمها مقعده، الذي قد يؤهلها الى تشكيل تحالف حكومي، يشرف على شؤون البلاد. و الواقع أن هاجس أغلب الأحزاب السياسية هو ضمان تمثيلية في الحكومة المقبلة ، بل إن الأحزاب القديمة، والتي تعتبر نفسها كبيرة، لها هاجس واحد و أوحد وهو الحفاظ على المقاعد البرلمانية، والتنافس الشرس لضمان توسيعها اكثر تحسبا لأي طارئ، وهي تريد احتكار السوق عفوا المشهد السياسي ، وحمايته وتحصينه من الأحزاب الناشئة، و تتعامل بمنطق التجار القدامى / الكبار، الذين يرون في المحلات التجارية الجديدة منافسا يهددهم بالإفلاس السياسي ، عفوا، التجاري، خصوصا إذا كانت هذه المحلات التجارية/ السياسية تعرض منتوجا / برنامجا جديدا ، واصحابها من التجار / الساسة مقتنعون بأن البقاء للأصح وليس للأقوى.

وبين هذا وذاك يطرح صراع الأحزاب فيما بينها وظاهرة الترحال السياسي اشكالية الضحية، الذي هو الناخب المثقل بهموم، والمتطلع الى تحقيق احلام واقعية، لكن الرحل السياسيين حولوها الى سراب ، ولكي لا يكون المصوتون ضحايا من جديد، يجب ان يستوعبوا الدروس و العبر، و ان يتمسكوا بشعار صوتك أمانة، لأن هذه الأمانة هي التي يمكنها أن تقضي على الرحل السياسيين، وهي انجع الوسائل لدى الناخب، لتخليق الأحزاب قبل الحياة السياسية العامة.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة