فضاءات الجديدة (البلدية)

الجديدة (البلدية)

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
المصطفى بنوقاص
مسجــل منــــذ: 2012-08-02
مجموع النقط: 2375.42
إعلانات


مازكان كتراث عالمي

زردان محسن

ليس من السهل ولا من المتاح لأي بقعة على ظهر الكون أن تدخل من الأبواب الواسعة لتصنف ضمن التراث العالمي، اليونسكو كمنظمة أممية تعنى بالتربية والثقافة والعلوم وَشَّحَت مدينة مازكان سنة 2004 لتكون تحفة تاريخية وثقافية مميزة، تحفر وتنقش حضورا لافتا وراسخا للهندسة المعمارية البرتغالية داخل فضاء رحب محاط بأسوار ضخمة ومنيعة، تُشير صلابتها إلى زمن الخوف والحيطة والحذر من هيمنة و غزو الآخر الذي قد يتسلل بغتة سواء من مَنَافِذِ البر أو البحر، حيث تُخبرنا مبانيها أسراراً ساحرة تسافر بالمخيلة إلى حدود القرن السادس عشر لِتَرصُدَ نمط عيش سكانها وما يَحملونه من زاد ثقافي يأخذ شكل كنيسة الصعود التي تؤرخ لعبور المسيحية على أمكنتها و تَعَبُّد وتَدَيُّن مستوطنيها من البرتغاليين على إنجيلها، في حين تُبهرنا المسقاة برونق تصميمها وبراعة شكلها وبنائها المميز الذي يحيلنا على سعي الإنسان إلى التشبث بالحياة وسُبل بحثه عن مَدَد الماء كعصب للحياة، من خلال إمْدَاد جوفها بمياه الأمطار المُنسكبة من عل، ومن العيون الأرضية المتواجدة بقرب أمكنتها.
دأبت الدول والشعوب على استثمار تحفها التاريخية خير استثمار، فالتاريخ غدى موردا ماديا مهما يتهافت السياح بالملايين على اكتشاف خباياه، والاستمتاع بآثاره ودروسه البليغة، فهذا قصر الحمراء بغرناطة وحده فقط بلغ عدد زواره بشكل سنوي حوالي المليونين، لكن ذلك ناتج عن سياسة سياحية تسويقية منظمة تبدأ بإشهار منتوجها عبر العالم من خلال وكلائها، إضافة إلى استغلال مواقعها الخاص عبر الأنترنت التي تَمُدُّ السائلين بخرائط تفاعلية وصور خاصة ودليل عملي بأهم مرافق المعالم الأثرية، فضلا عن الخدمات الموازية لذلك، حيث أن ثمن الزيارة يبلغ 10 أورو.
إذا كانت مدينة مازكان الأثرية قد صنفت من طرف اليونسكو ضمن التراث العالمي، فإن أبواب العالمية لم تتعدى مسألة الاعتراف، فعدد زوارها سنويا قد لا يتعدى بضعة آلاف مقارنة مع إمكانياتها الكبيرة وعبقها التاريخي الضارب في القدم، فالمدينة تعَد من المناطق المغرية للسياح خصوصا عندما يتعلق بالسياحة الداخلية، لكن مستوى جذبها وإثارتها يذهب أساسا إلى عامل البحر وجمال شواطئها.
على ضوء ذلك، فالسياحة الثقافية مازالت لم تكتمل شروطها بعد بالشكل الذي يجعل من مازكان قطبا سياحيا جاذبا لعدد كبير من السياح، نظرا لقلة الوعي لما يمكن أن يَدُرُّه الاستثمار في تاريخ وثقافة المدينة، وكذا لغياب استراتيجية جادة للنهوض بها، وقد انتبهت فعاليات المدينة لهذا القصور بالمبادرة إلى تشييد متحف خاص بالمدينة نتمنى أن يكون افتتاحه في مستوى التطلعات ، حتى يتسنى للسائحين إيجاد متنفس ثقافي يبرز تاريخ المدينة عبر الحقب والأزمنة.
في سياق آخر، فقلعة مازكان في حاجة ماسة إلى برنامج للتنقيب في حفريات أثارها من طرف فرق علمية متخصصة أملا في تحقيق اكتشافات أثرية قيمة يمكن أن تعزز أروقة المتحف الذي هو في طور البناء، فضلا عن استرجاع التحف الأثرية التي قد تكون ضاعت أو طواها النسيان، فحادثة المسقاة مع التاجر اليهودي كما تروي الروايات حينما هم بتوسيع دكانه، بهدم الجدار الخلفي للدكان، فإذا بالمياه تندفع بقوة في اتجاهه وكادت ان تودي بحياته، كما غمرت المياه الحي البرتغالي، فحينئذ تم اكتشاف مكان تواجدها وبداخلها بقايا أسلحة وذخائر حربية، مما يؤكد أن تلك القلعة الساحرة يمكن أن تحوي اسرارا ومفاجئات يبقى الزمن كفيل بتلمس خباياها.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة