فضاءات الجديدة (البلدية)

الجديدة (البلدية)

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
المصطفى بنوقاص
مسجــل منــــذ: 2012-08-02
مجموع النقط: 2379.84
إعلانات


حكايتنا مع الهواتف الذكية

محسن زردان

الهواتف الذكية النقالة بهذا المعنى هي أجهزة تكنولوجية متطورة، رمت بالإنسان في متاهة الصراع مع الزمن، فتاه في دوامتها، فتقلص بذلك الاحساس بالزمن، فمجرد فتحها على العيون تسافر العقول في عوالم الانشغالات فيذوب الزمن ويتقلص بسرعة فينتاب الفرد شعور بمرور الوقت بسرعة مذهلة.
الشيء الجدير ذكره، أن هذه الظاهرة غيرت في سلوكيات الأفراد، حيث حينما تيسرت أنماط الاتصال والتواصل عن بعد بين بني البشر ، فإنه في المقابل ازدادت عزلة الانسان عن أخيه الانسان وابتعاده عن الحميمية واللقاء والاجتماع المباشر، فأصبح المشهد المعاش على شاكلة الجزر الافتراضية التي تترك العنان للمخيلة أكثر من شيء آخر.
هذا الأمر لن يمر مرور الكرام، بل أحدث بروز ظواهر جديدة لم تكن من قبل، وسمح ذلك بولادة مضاعفة لمصحات الطب النفسي وبتناسل الدكاترة والمحللين النفسيين، ينهمكون في معالجة أمراض نفسية كثيرة سببها المباشر تزايد عزلة الانسان أكثر فأكثر عن محيطه الاجتماعي والعائلي، فأدبيات التحليل النفسي تؤكد أن ميول الإنسان إلى العزلة هي من العلامات التي تفيد على كونه يعاني نفسيا، زيادة على أنه أصبح من الصعب على الانسان الاستغناء على هذه التكنولوجيا مما يدخلنا في ظاهرة الإدمان.
من جانب آخر، يمكن القول بأن الهاتف الذكي أصبح اليوم هاجسا كبيرا يقض مضجع الناس خوفا من فقدانه أو سرقته، لكونه يحتوي على معلومات ومعطيات وصور شخصية مهمة لا يرغب أن يضطلع عليها الآخر، كما أنه مع مرور الوقت تحول إلى جهاز للتجسس و تحديد موقع الفرد بدقة متناهية مما ضرب مفهوم نعمة الحرية في الصميم، وهي نقمة تنضاف إلى أخرى من بينها المضاعفات الصحية على أجهزة الأذن والدماغ مع كثرة الاستعمال اليومي حسب التقارير الطبية.
الهواتف الذكية انتقلت من وظيفة الاتصال والتواصل إلى وظيفة التباهي بين الأفراد والجماعات، فغدا وسيلة للتميز الاجتماعي بل حتى للانتماء الطبقي، فتنهال الجموع بشراهة غير مسبوقة على اقتناء وشراء هذه المنتوجات التي تدخل في إطار آخر صيحات الابداع والاختراع التكنولوجي، حتى أن كثيرا من الناس يكلفون أنفسهم فوق طاقتهم من أجل اقتنائها بأثمنة لا تعبر صراحة عن وضعهم الاجتماعي الحقيقي، حيث تكتمل الصورة لتصل إلى منطق اقتصادي تجاري محموم تجعلنا مجرد مستهلكين لمنتوجات الآخر الذي يحرج عقولنا التي تأبى إلا هضم حقيقة كوننا خاضعين لتكنولوجيا لا يد لنا في صنعها.
منا من تشبت بهاتفه الذكي لأنه بوابة لعوالم مختلفة ساحرة ومنا من نأى بنفسه وابتعد عنه لغير رجعة خصوصا منهم الشيوخ لكونه مناقض لزمانهم و فيه مجلبة للمشاكل ، فضلا على أنه آلة منتجة للإرهاق والانهاك.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة