متى يدخل الكتبي إلى المتاحف ؟
بقلم يوسف بورة
مع حلول كل موسم دراسي جديد ، يحد الكتبي نفسه أمام تلك التحديات القديمة /الجديدة ، المتعلقة بمدى قدرة هذه المهنة على الاستمرار أمام ما يفرضه عليها الواقع الحالي من متطلبات تتجاوز بكثير قدرة المشتغلين بها على التأقلم معها ، فبالأحرى تجاوزها والتغلب عليها . وهو الواقع الذي يطرح اليوم تساؤلا عريضا على جميع المشتغلين في حقل الكتاب ويضعهم أمام تحدي البقاء .
ولعل أول التحديات هو الرأسمال المادي للكتبي ، والذي لم يعد يسمح له بمسايرة الكم الهائل من عناوين المقررات الدراسية التي تتغير كل سنة ؛ مما يجعله يكتفي بعناوين معينة ويضيع عليه أغلب زبنائه وينعكس سلبا على مداخيله .هذا طبعا إذا لم يلتجئ إلى الاستدانة التي ترهن نشاطه التجاري بيد الدائنين سواء كانوا من الناشرين أو سواهم.فبعدما كان الدخول المدرسي مناسبة لخلق نوع من التوازن المالي للكتبي ، صارت هاته المناسبة تعمق من معاناته وتجره سنة بعد أخرى نحو حافة الإفلاس .
أما التحدي الثاني فهو الرأسمال المعنوي للكتبي الذي بدأ يتآكل منذ عقود بفعل الإهمال الذي يلاقيه من طرف الجهات الرسمية والمنتخبة ، وأيضا بفعل التراجع المهول لإقبال المواطنين على اقتناء الكتب .هذا علاوة على الشروط التي يمارس فيها الكتبي مهنته ، والتي أقل ما يقال عنها أنها كارثية بفعل تمركز هذه التجارة في أسواق ومناطق هامشية لا تليق بالوضع الاعتباري للكتاب .
ويتمثل التحدي الثالث في الثورة الرقمية وانتشار الشابكة على أوسع نطاق لدرجة أن البعض صار يتنبأ بنهاية وشيكة للكتاب الورقي ليحل محله الكتاب الاليكتروني .صحيح أن هذه الوضعية تهم الدول المتقدمة بالأساس ، لكن بوادرها بدأت تلوح لدينا في المغرب .فأغلب الباحثين عن المعلومة ، من التلاميذ والطلبة ، صاروا يلجؤون إلى الشبكة العنكبوتية لإنجاز أبحاثهم عوض الرجوع إلى الكتاب بكيفية مباشرة .
إن هذه التحديات مجتمعة ، تضرب في الصميم ، قدرة الكتبي على المقاومة والبقاء ، وتفرض التفات كل الغيورين على هذه المهنة العريقة من أجل الضغط على الجهات المعنية قصد مد يد العون للكتبي ، حتى لا تصير مهنته من المهن المنقرضة التي لن تراها الأجيال القادمة إلا في المتاحف .
