فضاءات الرباط ( البلدية)

الرباط ( البلدية)

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
benaid0007
مسجــل منــــذ: 2011-03-14
مجموع النقط: 5
إعلانات


وزير وصحفية وموضوع اللباس

بقلم محسن زردان

يبدو أن الحدث الذي رسم الساحة السياسية يوم الأحد 13 ابريل 2014 بين الوزير الشوباني وصحفية قد غطى على المسيرة التي نظمتها إحدى الجمعيات النسائية احتجاجا على وضعية النساء ومطالبة بتفعيل الفصل 19 من الدستور لتحسين وضعهن داخل المجتمع.
استغلت صحفية بصحيفة العاصمة بوست هذه المناسبة لتشن اتهامات مباشرة لوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بطردها من البرلمان أثناء أداء مهامها الإعلامية بدعوى أن لباسها الذي ترتديه بعيد كل البعد عن الحشمة والوقار ويخدش حرمة البرلمان.
هذا الحدث بطبيعة الحال لن يمر مرور الكرام وخصوصا و أن الوزير المعني بالأمر محسوب على حزب العدالة والتنمية الذي يتبنى المرجعية الاسلامية الدينية في خطاباته وتوجهاته، حيث ستتحرك كل التيارات المعارضة لهذا الحزب في اتجاه استغلاله لتصفية الحسابات مع حزب عبد الإله بنكيران الذي نجح لحد الآن في مواجهة خصومه من خلال استمرارية حكومته في صيغتها الثانية، وتسرب الاحساس لمعارضيه في قدرته على المحافظة على شعبية الحزب على الرغم الخطوات الغير الشعبية التي اتخذها، فضلا عن فشل الأحزاب والنقابات المعارضة في حشد التأييد المكثف لمعارضة سياسته في آخر مسيرة شعبية.
التيار العلماني المتمثل في الأحزاب اليسارية والجمعيات الحقوقية ومعها وسائل الإعلام على اختلافها، و بما أن الأمر يتعلق بطبيعة الحال بزميلة صحفية سينزل بثقله لشن حملة غير مسبوقة لاتهام الوزير ومعه الحزب بممارسة الوصاية الدينية وخرق مبادئ الحرية الفردية واستغلال الدين في السياسة.
ما ينبغي قوله، أنه لحد الساعة لم يدلي السيد الوزير الشوباني بوجهة نظره في هذه النازلة ومدى صحتها من عدمها، فبغض النظر عن مكمن الحقيقة أيا كانت، فإن الشيء المؤكد أن التصعيد والضغط الإعلامي والسياسي في هذه القضية سيزيد من شعبية العدالة والتنمية بين شرائح كبيرة من المجتمع المغربي. كيف ذلك؟
الشيء الجدير ذكره، أن هذه الحملة الإعلامية والسياسية هي في منحصرة بين شريحة محدودة من المكونات العلمانية والحقوقية التي لا تتعدى محور الرباط و البيضاء والتي تسلط عليها وسائل الإعلام الأضواء لفسحه المجال لها للإدلاء بتصريحاتها وتعليقاتها، مما يعطي الانطباع بأنها أكثرية، في حين أن الأغلبية الساحقة من المجتمع المغربي المتواجد في القرى والمدن المتوسطة والأحياء الشعبية للمدن الكبرى ، لا يفهم هذه اللغة الحقوقية التحررية ،ويبقى محافظا في تفكيره خصوصا عندما يتعلق الأمر بالقيم الأخلاقية ومسألة اللباس والتبرج، وخير دليل على ذلك تفاعلات وتعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي تذهب جلها في سبيل دعم هذه الخطوة الشجاعة من السيد الوزير حسب اعتقادهم.
كقراءة أولية في السيناريوهات المحتملة لهذا الحدث، يتراءى على أنه من المستبعد جدا أن يقوم وزير مسؤول وله دراية كافية بالقوانين بسلوك مستفز في حق الصحفية ،يبلغ حد طردها من قبة البرلمان، اللهم إذا كان هذا السلوك مدروس بعناية فائقة والغاية من ورائه إثارة الرأي العام للعزف على وثر حماية القيم الأخلاقية، وبالتالي كسب نقط جديدة ترفع من أسهم الحزب في صفوف الشعب المغربي،أيضا ما يثير الانتباه حقا كما أسلفنا ذكره هو عدم خروج السيد الشوباني بتصريح لتكذيب هذا الحدث أو تأكيده، وهو بذلك يؤكد على سنة اعتاد أعضاء الحزب السير على خطاها تتمثل في التريث قليلا قبل اجتماع أعضاء الحزب للتشاور حول هذا الموضوع والخروج بموقف موحد يعطي الانطباع بقوة الحزب في تضامنه مع أعضائه وأطره ومدى مثانة تنظيمه الهيكلي.
على نحو آخر، فأغلب المعارك التي خاضها حزب العدالة والتنمية منذ وصوله للحكم، يمكن القول أنه خرج منها رابحا، عندما يتعلق الأمر بداية بتمرير الزيادة في ثمن المحروقات، إلغاؤه للتوظيف المباشر، تطبيق مسطرة اقتطاع أجور المضربين وبالتالي إضعاف النقابات من خلال شل تحركات منخرطيهم والمتعاطفين معهم قصد الانخراط في الإضرابات داخل مؤسسات الوظيفة العمومية، تمكنه من تعويض خروج حزب الاستقلال بحزب التجمع الوطني للأحرار، كما أن فحوى مضمون التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات زاد من دعم سياسة حكومة عبد الإله بن كيران فيما يخص إصلاح صندوق المقاصة، زيادة على المحافظة لحد الآن على وحدة الحزب من التصدعات و الانشقاقات، فضلا على أن سمعة الوزراء المنتمين للحزب على العموم جد طيبة مقارنة مع فضائح أقرانهم من الأحزاب الأخرى المشكلة للائتلاف الحكومي خصوصا رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزراء محسوبين على الحركة الشعبية.
هذا الحدث يعيد إلى الأذهان الدلالة من احترام حرمة البرلمان ومسألة التخليق وطبيعة السلوكيات التي أصبحنا نسمع عنها من دخول برلمانيين إلى قبة البرلمان في حالة سكر، إلى كشف أحدهم عن بطنه أمام الملأ، مرورا بغياباتهم المتكررة، إضافة إلى اتهام بعضهم بالمتاجرة بالمخدرات وصولا إلى تبادل الشتم والقذف، غير أن الشيء الوحيد الذي يتم الاجماع والتوافق بخصوصه بين جميع المكونات الحزبية والسياسية في البلاد، هو عندما يتعلق الأمر بحضور جلالة الملك لقبة البرلمان فإن حرمة البرلمان ومعها البروتوكول الملكي والانضباط التام الواجب في حضوره يتم احترامها بالكامل لا من حيث نوعية اللباس الرسمي ولا من حيث حسن التنظيم.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة