فضاءات الحاجب (البلدية)

الحاجب (البلدية)

فضاء الموروث الثقافي الشعبي

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
معاد وشطين
مسجــل منــــذ: 2013-04-13
مجموع النقط: 4
إعلانات


موســـم " الجــز " أو" تـلســا" عـرف أمازيغي عريــق :

في فصل الربيع، حيث ترتدي الطبيعة برنسها الأخصر، و تكسى الجبال و السهول و المروج بشتى صنوف الألوان و كأنها لوحة تشكيلية رسمتها أنامل فنان مبدع، ينطلق موسم " الجز " ( تلسا بالأمازيغية )؛ إنه ذلك العرف الأصيل من التقاليد الأمازيغية بامتياز، حيث يتم قص صوف الغنم من طرف مختصين في هذا المجال، إذ تبرع دقة المقص بين أناملهم و يرتاح الكبش أو الخروف... بين أحضانهم فيطرب كل من في الإصطبل بلحنهم؛ إنهم أناس يسمون بـ " إجــلامــن " حيث يرافق دقــات مقصاتهم صوت التهاليل و التكبير لله عز و جل، و إنشاد أناشيد الفرح و الرخاء التي تلقى بلحنهم المتمير الخاص، فسرعان ما تعلو الزغاريد و تهب الأفراح في كل آتجاه. ويسمى صوف كل كبش بعد قصه بـ " إليس " حيث يجمع و يربط كل واحد على حدى.

في صباح يوم " تلسا " ( الدزازا ) تعد نساء المنزل " ترفيست "؛ إنها قطع من الخبز المقلي رفقة أعشاب ذات نكهة أمازيغية أصيلة تأخذ شكل ( الكسكس )، فتتذوق و تتلذذ الملاعيق الطبق و تكاد تجن من حلاوته، فتتهامس كؤوس الشاي بين أيدي الحضور و تدور أطباق الحلوات بمختلف أنواعها و أشكالها.

بعد الفطور يبدأ " إجلامن " في عملهم، و ينهمك رجال المنزل في إقامة " أخام "؛ الخيمة التي ستستقبل الضيوف و الأحباب، كما يقومون بذبح بعض الأكباش و إعداد " توثلوين " أو (بولفاف). هنيهات قليلة فيحج الجيران و الأحباب و الضيوف إلى المنزل، فتفوح روائح الأطباق المشوية و يحمل سحرها كل القرية على جناح الحب و فوق بساط الأواصر الأخوية المتينة نحو منزل الحدث. وبعد الغذاء يسمع صوت ( البارود ) بآجتماع الأحباب و إحياء موروث أصيل بكل خصائصه و مميزاته.

فمن هنا تبدأ دورة الحياة و يحاك سيناريو الواقع الأمازيغي الجميل.

إنها أمور كثيرة ليست بالمستحدثة، فنحن وسط شعب السخاء و الكرم و حسن الضيافة...- الأمازيغ - .

يستمر حفل ( الدزازا ) ليوم كامل، وبعد لحظات يكثر الحشد قرب الخيمة، هذه المرة للإستمتاع بالصور الشعرية حيث يرقى الحرف الأمازيغي ويفتح أمام المستمعين أبواب الخيال الواسع بطريقته الكاريزمية الجذابة، فتصاغ الإنطباعات و العواطف كباقة ورود بمختلف الألوان و أزكى الروائح، كذلك هي الكلمات و المعاني بين روعة المعنى و جزالة اللفظ،؛ إنهم الشعراء الأمازيغ " إنشادن ".

هكذا يكون " إجلامن " قد انتهوا من قص صوف القطيع، وقبل أن يتجه هذا الأخير صوب المراعي، تقوم نساء المنزل برشه بماء ( الصابون )؛ ذاك الذي وضع " إجلامن " مقصاتهم فيه كي لا يؤثر المقص سلبا على جسم الكبش؛ تعبيرا عن الرغبة في النماء و حلول البركة و أملا في تزايد و تضاعف عدد القطيع، ثم تطلق رصاصتان في الهواء فيتناثر القطيع خوفا... كلها تقاليد أمازيغية متوارثة أبا عن جد لتبقى شامخة تشهد عليها كتب التاريخ الأمازيغي العريق، وتورث من جيل عبرجيل.

عند حلول المغرب، يسود السكون القرية فيغازل ضوء القمر الجلباب الأبيض الناصع الجديد الذي آرتداه جل القطيع، ليصحو في الغد بحلة أنيقة جميلة ويدعو بها عند التلاقي قطيع الجيران ليطرق باب " تلسا " ليحل " إجلامن " ضيوفا عليه و ليتخلص بدوره من حرارة الصوف باقتراب الصيف.

بقلمي الخاص.

معاد وشطيـــن


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة