فضاءات جديدة المنزلة

جديدة المنزلة

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
عطا درغام
مسجــل منــــذ: 2010-12-13
مجموع النقط: 39.96
إعلانات


عشت يوما في العالم الآخر...ّ (قصة قصيرة )

كثيرا ما تراودني فكرة الموت أينما ذهبت .... في البيت .. الشارع ، حتى عندما أذاكر ، فأشعر بالخوف من الموت الذي به تنقطع صلتي بالدنيا، و،أذهب إلى عالم آخر لا أمل في العودة منه ، فينتظرني من سيحاسبني على أفعالي في الدنيا ،والتي لاأرضى عنها و ستقربني من نار جهنم وأخشى ما اخشي أن أموت فعلا .....!!!
وذات مرة وأنا أذاكر ألحت على هذه الفكرة مرة أخرى ، وقلبت في صفحات الكتاب دون أن أفهم شيئا ووجدتني أذهب بعيدا فانفصلت روحي عن جسدي، وصعدت إلى بارئها ، ليمتلئ البيت صراخا ونحيبا.. يا حبيبي .. يا أخويا .. مت في عز شبابك ... يا ابني ، وأنا أصرخ فيهم بأن يكفوا عن ذلك كله .. فذلك لن يعيدني إلى الدنيا ولن يغفر لي ذنوبي .. كفوا .. كفوا ..فصراخكم لا جدوى منه ... لا فائدة .. لن يسمعني احد .. ولأمت بغيظي ....!
وأثناء ذلك اقتحم الحجرة رجل ضخم الجثة يرتدى جلبابا أسود، ومن هيئته ، عرفت أنه الحانوتي جاء يغسلني ويهيأنى لحياتي الجديدة ،وأخرج النسوةاللائى بالحجرة كي ينفرد بى، و وجردني من ملابسي، ونادي على من بالخارج أن يحضروا له الماء ... وكم تمنيت أن يكون الماء دافئا حتى لا يصيبني البرد، واندفعت أمي صوب الباب ومعها الطست والإبريق واللفائف التي يسمونها كفنا,ليهيئونني إلى مثواي الأخير ...! وتركت أمي هذه الأشياء وانصرفت مسرعة وهى تكفكف دموعها، ومرر الحانوتي يده الناعمة على جسدي النحيل ،وراح يبلله بالماء البارد وأنا أكتم صرخاتي لئلا ينزعج ،وأحضر اللفائف البيضاء التي سيكفونني بها حتى انتهى، وتركني ملفوفا كالمومياوات الفرعونية، وأصبح جسدي كله مشلولا لا حراك ... ودخل حاملو النعش ليضعونني داخله, وأغلقوه على فكدت أختنق وشعرت بالنعش يرفع إلى أعلى.. وأسمع كل ما يدور حولي من همسات وهمهمات، وهم لا يشعرون بى ...وصراخ .. عويل .. بكاء ..يا حبيبي ... يا حرام مات في عز شبابه ... وهم يغيطوننى .... فكل ذلك لن يفيد..أدعو لي أيها الأوغاد ...!! فصفحتي ليست بيضاء يكاد يغطيها السواد...!! ووصلوا بى إلى الخارج ... واجتمع الناس من كل فج ليشيعونني إلى مثواي الأخير، وردد الممطيبون... الدايم هو الدايم ولا دايم غير الله...وساعتها شعرت بالطمأنينة...ولكنني سمعت أحدهم يدعو على بعدم الرحمة... الله لا يرحمه ..لقد كان سيئ السمعة ،أيها الأحمق ماذا فعلت لك لتدعو على...؟ أحتاج إلى الرحمة.... لو بيدي لخرجت من النعش ودققت عظامك .....!!!
واقترب الموكب الجنائزي من المقابر، فلتدق الطبول ،ولتعلو الصيحات كي تستقبل سليل الفراعنة العظام، وأخذ يجوب بين المقابر ،وقلبي يدق وأسناني تصطك ببعضها البعض وأمواج بطني تتصارع، فيخيل للمشيعين بأن النعش يهتز حتى وصل إلى مقابر الأسرة ، وأنزل النعش على الأرض وأخرجوني من النعش وقذفوا بى داخل القبر ، وشعرت بمن يتحسس جسدي فعرفت انه اللحاد00 واندفع خارج القبر ليسده على تماما ،وحانت اللحظة الحاسمة وأصبحت وحيدا في بيت الوحشة ،وتركوني أواجه مصيري ....! وصرخت .....!!! لا... لا تتركوني .... أكاد أختنق .. سأموت...كيف سأموت... ؟وأنا بالفعل ميت ....أنتظر منكرا ونكيرا.... ماذا سيحدث... هل أستسلم لمصيري... إنه الموت ... ولا فكاك من هذا المصير......!!
وفجأة استيقظت وتنبهت لصوت أمي التي تناديني من الخارج لأتناول وجبة الغذاء .... وحمدت الله أنني حي ... وما مضى كان حلما ......!!!

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة